صنعاء – بقلم غمدان الدقيمي:
في ظل توسع التنظيمات المتطرّفة كالقاعدة وداعش في عديد مدن جنوبي اليمن، وانضمام المزيد من الأعضاء إلى صفوفهما، أجرى موقع (إرفع صوتك) استطلاعاً شمل أكاديميين وخبراء متخصصين حول الطريق إلى حرب فاعلة ضد الإرهاب في اليمن (خارطة طريق من الداخل).
استراتيجية شاملة
يؤكد طاهر المقطري محلل سياسي يمني مهتم بدراسة الجماعات المتطرفة، أن الإرهاب قضية معقدة متعددة الأبعاد (اجتماعية واقتصادية وثقافية وتعليمية)، وأن المعالجات الأمنية وحدها غير مجدية.
"لكي نكافح الإرهاب بجوانبه المختلفة، نحتاج استراتيجية وطنية شاملة، وجهداً مجتمعياً منظماً يساند ويعاضد الجهد الرسمي، وهذا بحاجة إلى وجود الحد الأدنى من الدولة الوطنية، غير المتوفرة لدينا"، يقول لموقع (إرفع صوتك).
وهناك العديد من الخطوات التي يمكن اتخاذها، برأي المقطري، في مقدمتها “تغيير المناهج الدراسية لخطورتها، تحديداً كتب التربية الإسلامية لأنها كحال المدارس تُعلم إيديولوجية دينية وليس ديناً. وبالتالي عندما يتلقى ألف طالب هذا المنهج، يتحول عشرة منهم على الأقل إلى إرهابيين، لتوفّر الجهازية النفسية لديهم، إضافة إلى الظروف الاجتماعية المحيطة بهم".
معالجة فكرية
لم تكن المعالجات المتبعة في هذا الملف مجدية كما يقول المقطري "عندما تنفذ هذه الجماعات عملاً إرهابياً معيناً، تستدعي السلطة رجال الدين وهم، للأسف غير مؤهلين، ولا يمكن أن نعالج القضية بمنطق ديني. لا بد من معالجة فكرية جادة".
"النظام اليمني السابق كان يستخدم الإرهاب في الصراع السياسي مع الآخرين، وثمة أطراف أخرى تغذي الإرهاب ثقافياً. يجب أخذ ذلك في الاعتبار"، وفقاً لطاهر المقطري.
الخروج من الوضع الراهن
عبد العزيز العسالي، أستاذ في جامعة تعز، طالب بدوره الدول الغربية بتحمل مسؤوليتها تجاه اليمن. "يجب أن تدعم الحكومة الشرعية للإسراع نحو تطبيق مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، ورسم خطة ثقافية جادة، وقبل ذلك إخراج البلد من حالة التدمير الراهنة، التي تساعد على نمو الإرهاب”.
وأضاف في حديثه لموقع (إرفع صوتك) "تخفيف نسبة البطالة والفقر ودعم الفكر الوسطي، وإعلام جاد يعالج القضايا بموضوعية، عناصر كفيلة بالقضاء على الإرهاب”.
ووفقاً للأمم المتحدة، هناك 21 مليون يمني (ما يعادل 80 في المئة من إجمالي عدد السكان) بحاجة للمساعدة العاجلة، فيما يعاني أكثر من 14 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي، بينهم سبعة ملايين و600 ألف يواجهون انعداماً حاداً في الأمن الغذائي.
ثقافة التبعية
"أي جهود دولية لمواجهة الجماعات الجهادية لن تنجح في مجتمعاتنا المحلية، من دون توجه مستمر وجاد تشترك فيه مؤسسات محلية”، وفقاً للأكاديمي في جامعة صنعاء الدكتور عبد الله قاسم الصنوي.
وأوضح الصنوي لموقع (إرفع صوتك) ارتباط المجتمعات المحلية في دائرة الثقة المطلقة للأفراد بشخصية المركز "ما يجعل أي جهد محل شك إن لم يزكيه وصي المعرفة (شيخ الدين وشيخ القبيلة وشيخ ...) الذي يفكر عنها ويوهمها برعاية مصالحها ويملك وسائل تعطيل ما يعده خروجاً عن مسلمات دائرته".
مشاريع تنموية وتغيير وجاد
"لذا ستظل هذه الجماعات تتناسخ إذا لم يكن هناك توجه شامل يبدأ بتحمل الدول الكبرى مسؤوليتها الإنسانية والكف عن استخدامها كأوراق في صراعاتها السياسية والاقتصادية، ومحاصرة منابعها من الحكومات العربية والإسلامية لتجفيف العوامل الحاضنة لها والوسائل التي تتحرك عبرها"، والحديث للدكتور الصنوي الذي يشدد على ضرورة الحضور الكامل لمؤسسات الدولة وتبني مشاريع تنموية اجتماعية شاملة وإحداث تغيير جوهري وجاد في وسائل التعليم ومناهجه.
وفي كل الأحوال، بحسب الصنوي "نحتاج أن يتخلى خطابنا السياسي عن أوهام الأفضلية والترويج لحق الحاكم المطلق في استخدام الإنسان، واستبداله بمفاهيم التكامل مع الآخر بما يخدم المواطن كونه محمي بقيم القوانين وليس العصبيات".
*الصورة: "هذا بحاجة إلى وجود الحد الأدنى من الدولة الوطنية، غير المتوفرة لدينا"/Shutterstock
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659