بقلم خالد الغالي:
تؤكد أحدث دراسة عن المقاتلين الأجانب في سورية، صدرت الجمعة، 1 نيسان/أبريل 2016، أن قرابة 4300 أوروبي يقاتلون في صفوف الجماعات المسلحة في سورية.
وكشف المركز الدولي لمحاربة الإرهاب، ومركزه مدينة لاهاي بهولندا، أن ما يصل إلى 4294 أوروبياً سافروا للقتال في سورية، عاد 30 في المئة منهم إلى القارة العجوز.
https://twitter.com/ICCT_TheHague/status/715902607705944064وتسبب بعض هؤلاء العائدين بعمليات دامية في بلدانهم، آخرها هجمات باريس وبروكسل التي أودت بحياة أكثر من 164 شخصاً.
وضعت الهجمات الإرهابية الأجهزة الأمنية في أوروبا على المحك، وجرى الحديث عن فشل استخباراتي أوروبي، خاصة أن أغلب منفذي الهجمات كانوا معروفين لدى الأجهزة الأمنية.
فشل أمني
كشفت تفجيرات باريس وبروكسل عن خلل في التنسيق الأمني الأوروبي. فعبد الحميد أباعود، الذي يعتقد أنه العقل المدبر لهجمات باريس، استطاع أن يعود من سورية إلى أوروبا وينتقل بين أكثر من دولة، من دون أن تنجح الأجهزة الأمنية في القبض عليه، رغم وجود مذكرة بحث دولية في حقه.
وتفاخر أباعود، في مجلة "دابق" التي يصدرها داعش، بسهولة تنقله بين سورية وأوروبا وعجز الشرطة الأوروبية عن القبض عليه.
فرنسا نفسها لم تعلم بوجوده على أراضيها، إلا بعد يومين من تفجيرات باريس، وعبر جهاز المخابرات المغربي، وليس أي جهاز أمني أوروبي.
وبدورهم، كان كل من الشقيقين إبراهيم وصلاح عبد السلام والشقيقين خالد وإبراهيم البكراوي، معروفين للشرطة، بل إن الأخيرين كانا على قوائم الإرهاب الأميركية.
يؤكد الأكاديمي اللبناني وأستاذ العلوم السياسية في جامعة باريس خطار أبو دياب أن ما حدث في باريس وبروكسل يظهر قصوراً في التنسيق الأمني الأوروبي، فقد "بقيت الحدود الخارجية والداخلية من دون آليات رقابة فعالة. ولا يقتصر سبب التراخي على تطبيقات تأشيرة شينغن، بل بسبب تخيّل بقاء أوروبا واحة استقرار وأمن في جوار مضطرب"، يقول أبو دياب في مقال له.
https://twitter.com/abou_diab/status/713620441810776064?lang=enويؤيد أبو دياب مقترحاً، طرح بعد الهجمات، يتمثل في إنشاء جهاز مخابرات مشترك يتولى مهمة مكافحة الإرهاب داخل الاتحاد الأوروبي.
ضعف استخباراتي
يعتقد الباحث المتخصص في قضايا التطرف بفرنسا محمد شيراني، أنه "من الصعب الحديث عن فشل مطلق للأجهزة الأمنية الأوروبية".
لكنه يرى، في المقابل، أن هذه الأجهزة تعانى نقطة ضعف كبيرة تتمثل "في عدم القدرة على الاختراق الاستخباراتي للجماعات المتطرفة"، كما قال في تصريح لموقع (إرفع صوتك).
في بلجيكا، تحول حي مولينبيك في العاصمة بروكسل إلى حاضنة للتطرف، منذ سنوات. وظهر أن لأفراد من هذا الحي صلة بأكثر من هجوم إرهابي: تفجير المتحف اليهودي في بروكسل في أيار/مايو 2015، الهجوم المجهض على القطار السريع الرابط بين أمستردام وباريس في آب/أغسطس 2015. وحتى هجمات مدريد سنة 2004، وعملية اغتيال القائد الأفغاني المعارض لطالبان، أحمد شاه مسعود، شارك أفراد من مولينبيك في تنفيذها.
"لو تم الاختراق المخابراتي في مولينبيك منذ 10 سنوات، لأمكن وقف الإرهابيين من تنفيذ هجمات باريس وبروكسل"، يعلق الباحث الجزائري المقيم في فرنسا.
مقاربات خاطئة
يرى خطار أبو دياب أن أحد معالم الفشل الأوروبي في محاربة الإرهاب يتمثل في سقوط الدول الأوروبية في مقاربات خاطئة للأزمات الدولية، خاصة التي تنعكس عليها أمنياً واستراتيجياً، وفي طليعتها الأزمة السورية، والتي تبين أن الدول الأوروبية لا تملك بخصوصها استراتيجية واضحة.
فوق هذا، تعاني أوروبا ضعفا في أساليبها لمكافحة الإرهاب في صفوف شبابها المسلم. فرغم أن منفذي الهجمات الأخيرة ينحدرون من أصول مغاربية، إلا أنهم ولدوا في أوروبا وترعرعوا فيها، وتحولوا إلى التطرف داخل أحيائهم الهامشية في القارة العجوز.
يقول أبو دياب، هنا "يظهر الفشل الاجتماعي في المدن الأوروبية وضواحيها بالنسبة إلى شريحة من الشباب المسلم المهمّش وغير المندمج والذي يأخذ بعضه التدين كوسيلة لطمس الماضي الإجرامي أو العبثي. وهكذا يحصل المرور أحياناً من شبكات الجريمة والمخدرات إلى شبكات الإرهاب".
https://twitter.com/alamodiali/status/667644856479580160في الواقع، كل من عبد الحميد أباعود، وصلاح عبد السلام، وخالد وإبراهيم البكراوي، حكموا في السابق بالسجن من أجل تهم جنائية: سرقة، حمل سلاح، مخدرات. كما أن إبراهيم عبد السلام، الذي فجر نفسه أحد أحياء في باريس، كان يملك حانة باسم (لي بيغوين) وأغلقتها السلطات البلجيكية بعد أن تحولت إلى وكر لتعاطي المخدرات.
* الصورة: خلفت تفجيرات مدريد سنة 2004 مقتل أكثر من 190 شخصاً/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659