المغرب – بقلم زينون عبد العالي:
عائلة مكلومة لا يجف لها دمع، زوج مصدوم، وثلاثة أطفال يسألون "متى ستعود ماما؟".
هذا ما خلفته وراءها لبنى الفقيري، شابة مغربية في ربيع شبابها، راحت ضحية الاعتداءات التي نفذها مسلحون موالون لتنظيم داعش الإرهابي مؤخراً في العاصمة البلجيكية بروكسل.
آخر وصية
في منزلها بمدينة سلا وبعد أيّام من تشييعها لمثواها الأخير، تحكي أسرة الفقيدة التي زارها مراسل موقع (إرفع صوتك) بحرقة كيف اختطف الإرهابيون لبنى التي ما زالت روحها حاضرة معهم.
عمها المصدوم المستسلم للحزن اعتذر عن الحديث من شدّة تأثّره بفقدان ابنة أخيه. جار عائلتها يقول بحسرة "عندما يضرب الإرهاب، فإنّه إما يقتل أو يترك جرحاً لا يندمل ولا تمحو آثاره السنين".
زوجة عمها، التي فضلت استخدام اسم مستعار هو أم محمد، تروي لموقع (إرفع صوتك) "كانت لبنى إنسانة نشيطة، محبة للخير ولعائلتها ولدينها. صباح يوم الثلاثاء، 22 آذار/مارس الماضي، أوصلت أبناءها إلى المدرسة، وفي طريقها إلى محطة المترو، أثارت انتباهها حالة الفوضى والهلع قرب المطار وأوصت أبناءها بأخذ الحيطة والحذر في المدرسة".
تسكت المتحدثة لبرهة وعيناها مغرورقتان بالدموع، ثم تتابع "اتصلت بعائلتها وأخبرتهم بما يقع في مطار بروكسل، ثم دخلت إلى محطة المترو من دون أن تدري أن وصيتها لأبنائها ستكون آخر اتصال لها بالدنيا".
"عاودنا الاتصال بها مساء لكننا لم نتلقَ أي اجابة، انتظرنا كثيراً قبل أن نصدم بالخبر المفجع. ماتت لبنى. اغتالتها يد الإرهاب في محطة المترو من دون أي سبب. تألمنا لموتها بتلك الطريقة، وتألمنا لموت باقي الضحايا، رحمهم الله جميعاً".
فرحة لم تكتمل
وتردف المتحدثة المكلومة أن الفقيدة لبنى كانت تخطط لأخذ إجازة فصل الربيع لتزور عائلتها في المغرب برفقة أطفالها وزوجها. "جاءت أمها وأختها قبل أسبوع لتجهيز مقر إقامتها الى حين التحاقها مع أطفالها، وكنا كلنا في شوق لمعانقتها. لم نكن ندري أنّنا سنعانقها جثة هامدة".
وناشدت زوجة عم الفقيدة أصحاب الفكر المتطرف الذين يتخذون من الدين الإسلامي "ظلماً وعدواناً مطية لتنفيذ اعتداءاتهم ضد الأبرياء" بالكف عن هذه الأفعال، راجية لهم التوبة والهداية من خالقهم "لأن الدين الإسلامي لم يكن يوماً دين إرهاب وعنف، بل دين تسامح وسلام".
أما جيران عائلة الضحية، فلا زالوا تحت تأثير صدمة فقدان لبنى، أيقونة عائلة الفقيري التي لم يروا منها إلا خيراً، كما تقول السيدة فاطمة، التي انهمرت دموعها وهي تحكي لوعة الفراق، وكيف ستصبر على عدم رؤية لبنى مجدداً. "لقد فقدت ابنتي التي لم ألدها"، قالت فاطمة.
زوج الفقيدة
محمد البشيري، زوج لبنى، تحدّث أيضاً عبر target="_blank">البرنامج الإخباري الرئيسي التي تبثه القناة البريطانية الرابعة. عند سؤاله "كيف كانت زوجته؟"، قال المتحدث "الإجابة على هذا السؤال موجودة في صورها التي تداولتها وسائل الإعلام. ابتسامتها التي لا تنسى، وجهها الملائكي. كانت هذه فعلاً لبنى".
وأضاف زوج الفقيدة "كانت مسلمة منفتحة على الآخر ومتسامحة ومحبة للناس". وعن شعوره تجاه المأساة التي ألمت به، علّق "يغمرني الحزن وليس الكراهية".
شغوفة بالإسلام
من جهة أخرى، أجرت صحيفة "باري ماتش" الفرنسية حواراً مع صديقة للراحلة لبنى تدعى إليزابيث أوريب، حيث كانتا تعملان معاً في مدرسة إسلامية بضواحي بروكسل، وكانت لبنى مدرسة لمادة التربية البدنية، جاء فيه "لقد كانت إنسانة تحب الحياة، جميلة داخلياً وخارجياً. لقد صدمت حينما رأيت اسمها ضمن قائمة المفقودين".
وتحكي إليزابيث، صديقة الراحلة منذ مرحلة الدراسة "لقد كانت شغوفة بالإسلام، وكان له مكانة مهمة في حياتها. كما كانت تدخل الفرحة على المحيطين بها وتعمل على إسعاد أسرتها وأصدقائها وخاصة الأطفال الصغار. لقد أخذتها الموت بغتة وتركت ثلاثة أطفال كانوا كل ما في حياتها".
*الصورة: من الفيديو الذي بثته القناة البريطانية الرابعة/يوتيوب
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659