بغداد – بقلم ملاك أحمد:

"أنا أعرف معنى أن يفقد المرء عضواً من أعضاء جسده. فقد أصبت بجروح خطيرة بحادث انفجار سيارة مفخخة واضطر الأطباء بعد ذلك إلى بتر ساقي"، هذا ما يقوله حسين علي الذي كانت إصابته حافزاً له لمساعدة الآخرين.

ومع تزايد الحوادث الإرهابية بعد العام 2003 واتساعها، بدأ حسين مع مجموعة من الشباب بتأسيس "مؤسسة قناديل الرحمة" التي تعنى برعاية جرحى الإرهاب والمعوقين ومتابعة قضايا حقوقهم الإنسانية وأوضاعهم الصحية والاجتماعية.

إعادة تأهيل

"بدأ عمل المؤسسة التي اتخذت من مدينة الشعلة ببغداد مقراً لها بمشاركة 11 شخصاً من ضحايا الإرهاب بجهود مضنية وإمكانيات محدودة"، على حد تعبير علي.

كانت مهمة هؤلاء الأشخاص العثور على ضحايا الإرهاب في عموم البلاد وزيارتهم لتقديم بعض المساعدات الطبية البسيطة. وواصلت المؤسسة مساعيها لتحصل في العام 2006 على الموافقات الرسمية لإعادة تأهيل ضحايا الإرهاب.

ويضيف علي في حديث لموقع (إرفع صوتك) "كثيراً ما يتحدث الناس في العراق عن الإرهاب، لكن نادراً ما يذكرون الضحايا. لذا كان الهدف من تأسيس المؤسسة هو إدماج هذه الشريحة بأفراد المجتمع العراقي".

مهمة المؤسسة لا تتوقف عند ذلك فقط، بل تتعداه إلى دعم غير مباشر لمحاسبة المتورطين في عدم تطبيق التعديلات الدستورية والقانونية لحقوق ضحايا الإرهاب، بحسب رئيسها.

معاناة جسدية ونفسية

لا يعرف علي على وجه الدقة كم عدد الذين أسفرت الحوادث الإرهابية عن إعاقتهم أو تشويههم منذ العام 2003 وحتى الآن. ويقول رئيس المؤسسة "نحن هنا لمساعدة ثمانية آلاف ضحية إرهاب مدونة في سجلات المؤسسة على التخلص من معاناتهم الجسدية والنفسية".

كما تعمل المؤسسة على توفير الأطراف الصناعية "وحث الجهات المعنية على مساعدتنا في إجراء عمليات تجميلية – ترميمية للضحايا ، فضلًا عن معالجة الآثار التي ترتبت على فقدان وظائفهم ومصادر رزقهم بنهج تعويض كل شخص أصابه ضرر جراء الإرهاب".

لاعبة القوس والسهم

ومن مشاريع المؤسسة سعيها الدؤوب إلى اقناع الفتيات والشبان من ضحايا الارهاب وتحفيزهم للانضمام إلى النوادي الرياضية للتغلب على المعاناة النفسية، حتى أن المؤسسة أقدمت على شراء مساحة من الأرض لإنشاء نادٍ خاص للذين أصيبوا بإعاقات جسدية من ضحايا الإرهاب. ونجحت في دفع أغلب هؤلاء المتضررين إلى مزاولة العديد من الألعاب الرياضية.

ورود باسم، واحدة من الذين تضرروا بسبب الإرهاب، حيث صار المشي صعبا عليها في العام 2006 نتيجة انفجارات ناجمة عن قصف بقذائف الهاون استهدف أحد أسواق العاصمة بغداد.

وعلى مدى سنوات عديدة، ظلت ورود حبيسة المنزل بسبب حالتها حتى زارها أعضاء من مؤسسة قناديل الرحمة في محاولة منهم لتقديم الدعم المعنوي والمادي.

تقول ورود التي لم تتجاوز العقد الثاني من عمرها لموقع (إرفع صوتك) "كان قرار خروجي من عزلتي صعباً بالنسبة لفتاة أصيبت في أطرافها السفلى. لكن مؤسسة قناديل الرحمة جعلتني أؤمن بالتحدي وإمكانية التغلب على حالتي وشجعتني لمواصلة التدريبات".

وتضيف "استهوتني لعبة القوس والسهم، وبدأت ازاولها حتى أصبحت الآن لاعبة المنتخب الوطني للقوس والسهم لذوي الاحتياجات الخاصة، وبطلة البارالمبية وحائزة على القلادة الذهبية لأكثر من بطولة عالمية ".

توفير لقمة العيش

أما أم هاني، إحدى النساء الأرامل اللواتي أصيب ازواجهن بعاهات مستديمة تمنعهم من مزاولة العمل بسبب الحوادث الإرهابية، تقول في حديث لموقع (إرفع صوتك) إنّ "مؤسسة قناديل الرحمة وفرت لنا مبلغاً من المال لشراء ماكينة خياطة حديثة تساعدني على توفير لقمة العيش".

وتضيف "مساعدات المؤسسة لم تتوقف عند هذا الحد، بل تعدتها إلى توفير الإعانات الطبية والمواد الغذائية".

ورش تدريب وندوات تعريفية

وينقسم الذين يترددون على مؤسسة قناديل الرحمة إلى أقسام عدة، بعضهم تعرض لحادث انفجار مركبة مفخخة أو عبوة ناسفة أو إطلاق ناري أو اختطاف خلال الأعوام الماضية، والبعض الآخر من الذين أصابهم الضرر جراء العمليات الحربية على تنظيم داعش ، أما القسم الآخر فهم من أفراد عائلات الضحايا.

ويشير علي إلى أنّ  "المؤسسة أخذت على عاتقها تنظيم ندوات تعريفية حول تشريعات وقوانين ضحايا الإرهاب والخطوات المتبعة لترويج معاملات تعويض الجرحى والمصابين ومتضرري الممتلكات كالسيارات والمحلات التجارية، وكذلك تنظيم ورش عمل للمتضررين من الشباب وتدريبهم لمساعدتهم في النهوض من جديد لتحقيق طموحاتهم".

*الصورة الرئيسية: تنشر بإذن من ورود باسم

*الصور الأخرى: "كثيراً ما يتحدث الناس في العراق عن الإرهاب، لكن نادراً ما يذكرون الضحايا"/إرفع صوتك

 يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

تنظيم داعش أعلن المسؤولية عن 153 هجوما في العراق وسوريا خلال النصف الأول من عام 2024
تنظيم داعش أعلن المسؤولية عن 153 هجوما في العراق وسوريا خلال النصف الأول من عام 2024

كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" تفاصيل جديدة بشأن العملية المشتركة التي نفذتها قوات أميركية وعراقية مؤخرا ضد داعش، وأسفرت عن مقتل 15 من عناصر التنظيم المتشدد غربي العراق، في واحدة من أكبر العمليات لمكافحة الإرهاب في البلاد في السنوات الأخيرة.

وقالت الصحيفة، نقلا عن مسؤولين أميركيين وعراقيين، إن سبعة جنود أميركيين تعرضوا لإصابات خلال العملية التي شارك بها أكثر من 200 جندي من كلا البلدين.

وأضافت أن العملية شملت مطاردة مسلحي داعش داخل أوكار تنتشر في مساحات واسعة وسط تضاريس نائية.

وذكر المسؤولون الأميركيون والعراقيون أن حجم ونطاق وتركيز العملية يسلط الضوء على عودة ظهور التنظيم المتشدد خلال الأشهر الأخيرة.

وفقا للصحيفة فقد كان الهدف الرئيسي للعملية هو الوصول لقائد ميداني كبير يشرف على عمليات تنظيم داعش في الشرق الأوسط وأوروبا.

وأفادت القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) التي يقع الشرق الأوسط ضمن نطاق عملياتها، بأنها نفذت وقوات عراقية "غارة مشتركة في غرب العراق في الساعات الأولى من صباح يوم 29 أغسطس"، مما أسفر "عن مقتل 15 من عناصر داعش".

وأضافت في بيان أن "العملية استهدفت قادة داعش بهدف تعطيل وتقويض قدرات التنظيم على التخطيط والتنظيم وتنفيذ الهجمات ضد المدنيين العراقيين، وكذلك ضد الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها في جميع أنحاء المنطقة وخارجها".

ورفض المسؤولون الأميركيون تحديد القادة المستهدفين من داعش، بما في ذلك القيادي الكبير، لحين إجراء تحليل الحمض النووي لجثثهم.

وأشارت الصحيفة إلى أن العملية جاءت في وقت أعلن رئيس الوزراء العراق محمد شياع السوداني وقادة الجيش العراقي أن بإمكان البلاد السيطرة على تهديدات داعش من دون مساعدة الولايات المتحدة.

وتتفاوض بغداد وواشنطن منذ عدة أشهر على اتفاق من شأنه إنهاء مهمة التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة في العراق، حيث يتواجد حوالي 2500 جندي أميركي.

ومع ذلك، أعلنت القيادة المركزية الأميركية في يوليو أن عدد الهجمات التي تبنى داعش المسؤولية عنها في العراق وسوريا تزايد بشكل ملحوظ ويكاد يقترب من ضعف الهجمات التي حصلت العام الماضي.

وأعلن تنظيم داعش المسؤولية عن 153 هجوما في البلدين خلال النصف الأول من عام 2024، حسبما قالت القيادة المركزية الأميركية، من دون أن تقدم تفاصيل دقيقة عن أرقام الهجمات حسب كل بلد.

وتنقل الصحيفة عن مدير برامج سوريا ومكافحة الإرهاب في معهد الشرق الأوسط تشارلز ليستر القول إن العراق نجح في احتواء تحديات داعش في السنوات الأخيرة، مع انخفاض وتيرة العمليات إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق"، مضيفا أن "التعافي الواضح لداعش في سوريا المجاورة يثير قلقا كبيرا.

وأضاف ليستر: "لذا، فإن هذه الملاذات الآمنة القديمة لداعش، في صحراء الأنبار، ستحتاج إلى المتابعة بشكل مستمر، إذا كنا نريد تجنب تسرب داعش من سوريا إلى العراق في النهاية."

وأفاد مسؤول عسكري أميركي رفيع المستوى بأن الولايات المتحدة والقوات الحليفة الأخرى ساعدت القوات العراقية في تنفيذ أكثر من 250 عملية لمكافحة الإرهاب منذ أكتوبر الماضي.

لكن الصحيفة ذكرت أن هذه الغارة "لم تكن عادية" خاصة في ظل مشاركة  عدد كبير من القوات الأميركية الخاصة التي قادت الهجوم الأولي.

وتضيف الصحيفة أن أكثر من 100 عنصر من قوات العمليات الخاصة الأميركية وجنود آخرين بالإضافة لعدد أقل من الجنود العراقيين شاركوا في الهجوم الرئيسي الذي نفذ بواسطة طائرات الهليكوبتر.

وقالت السلطات العراقية في بيان إن العملية بدأت شرقي مجرى مائي يمر عبر صحراء الأنبار، في منطقة جنوب غرب الفلوجة.

وأكد جهاز المخابرات العراقي أن من القتلى "قيادات خطيرة كانوا يتخذون من صحراء الأنبار ملاذا لهم". وأشار إلى أنها بدأت بـ"ضربات جوية متتالية" لأربع مضافات يتواجد فيها الجهاديون، أعقبتها "عملية إنزال جوي في الموقع ثم اشتباك مع الإرهابيين".

وبحسب ليستر ومسؤولين أميركيين فقد استمرت العملية في اليوم التالي، مع مراقبة الطائرات المسيرة الأميركية للمنطقة، مؤكدين أن أكثر من 100 عنصر من القوات العراقية تايعوا الهجوم واعتقلوا اثنين من مسلحي داعش الذين فروا من الموقع في الليلة السابقة مع وثائق مالية ومعلومات عن التنظيم.

وتشير الصحيفة إلى أن محللين عسكريين أميركيين يدرسون المواد التي تم الاستيلاء عليها، والتي قال المسؤولون إنها قد تؤدي إلى غارات مستقبلية.