مصر - بقلم الجندي داع الإنصاف:
لا يقتصر الضرر الذي يلحقه الإرهاب بالبلدان التي يضرب فيها أو حتى الدول المجاورة المتأثرة بالجانب الأمني، بل يتعداه ليهدّد استقرار المواطن النفسي والاقتصادي والاجتماعي والعملية السياسية في البلاد.
وفي هذا السياق، يشير الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة في حديثه لموقع (إرفع صوتك) إلى أن العلاقة بين استمرار الإرهاب وبين عمليات التحول الديموقراطي في مصر هي علاقة طردية "فكلما تواصل مسلسل العمليات الإرهابية تأخر في المقابل نمط التحول السياسي وتعذر تنفيذ وتفعيل الاتفاقيات الخاصة بعمليات التحول الديموقراطي".
عاشت مصر في السنوات الأخيرة تغيرات جذرية في العملية السياسية بالبلاد. ويرى البعض أن ثورة كانون الثاني/يناير التي قامت في مصر عام 2011 لم تحقق بعض أهدافها حتى الآن. وذلك لا يعود إلى الإرهاب على قدر ما يعزوه عضو مجلس حقوق الإنسان جورج إسحاق في مقال سابق لموقع (إرفع صوتك) إلى خلل في الحكومة المصرية التي يعتقد أنّها ركزت على الجانب التنفيذي "من دون امتلاك رؤية وقصور في إشراك السياسيين فيها".
لكن لا يمكن التغاضي عن أن المواجهات بين الأمن المصري والتنظيمات المتطرفة تتواصل بشكل متقطع منذ حوالي ثلاث سنوات وحتى الآن، مما يضع البلاد في حاجة لإيجاد حلول لمكافحة الإرهاب.
التوازن بين الديموقراطية ومواجهة الإرهاب
بحسب فهمي، فإن النظم – في كل دول العالم وليس في مصر وحدها – حين تطالها يد الإرهاب والتطرف يصبح لديها المبرر لاتخاذ بعض الإجراءات التي قد تكون من وجهة نظر الكثيرين مقيدة للحريات وتستخدم بعض الأساليب والأنماط غير الديموقراطية وبما يخدم توجهات الدول وسياساتها لترتهن بهذه الإجراءات والأساليب عملية التحول السياسي والديموقراطي.
ويتابع فهمي "وإذا كانت هذه المعادلة تبدو منطقية، إلا أنه ومع التسليم بفرضية أن المعركة ضد الإرهاب ستأخذ وقتا طويلاً، فيصبح من الواجب والضروري أن تتبنى الدولة المصرية نمطاً متوازناً يمكّنها من مواجهة الإرهاب وأن تضع نصب أعينها في الوقت نفسه مراعاة قضايا الحقوق والحريات وألا تؤخر مسار العملية السياسية والديموقراطية".
وطالب فهمي الدولة بالشفافية ونقل الحقائق للرأي العام وإجراء حوارات مجتمعية مع كل الأطراف السياسية دون إقصاء مع التركيز على محاولة إدماج الشرائح التي تزداد لديها حالات الإحباط نتيجة عدم مسايرة الوضع السياسي في مصر.
تكلفة باهظة
أما الدكتور هشام ابراهيم أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة، فيشير في حديثه لموقع (إرفع صوتك) إلى أن مصر تتحمل تكلفة باهظة اقتصادياً وبشرياً جراء العمليات التي تقوم بها التنظيمات المتطرفة.
ويلخص هذا التأثير في محورين:
أولاً: إن جزءاً ليس بالقليل من الدخل القومي يوجه لتمويل مواجهة الإرهاب، وبالتالي يقتطع من التمويل المخصص للعملية الإنتاجية التي تعود بالنفع المباشر على الخدمات المقدمة للمواطنين.
ثانياً: التأثير المباشر للإرهاب نراه واضحاً في ضعف الاستثمارات الخارجية سواء العربية أو الأجنبية وكذلك في قطاع السياحة الذي يعد أهم مصادر الحصول على العملة الأجنبية الداعمة للاقتصاد المصري. كما أن انخفاض حركة السائحين أسهمت في تحول أعداد من العاملين في مجال السياحة إلى عاطلين، وبالتالي فإن استمرار العمليات الإرهابية يشكل حملاً ثقيلاً على الإقتصاد ويؤثر سلباً بالتبعية على معيشة المواطنين.
شلل الحياة اليومية
هذا وترى الدكتورة نادية رضوان، أستاذة الاجتماع السياسي في جامعة بور سعيد، في حوارها لموقع (إرفع صوتك) أن للإرهاب آثاراً مدمرة على المجتمع ومخاطر وأضرار في شتى مجالات الحياة ومن ضمنها البيئة والممتلكات العامة والخاصة وشل الحركة الحياتية للناس.
وتقول رضوان "المشاكل المتولدة عن الأوضاع السياسية والاقتصادية أثرت على العلاقات الاجتماعية من حيث تدني معيشة المواطنين والفقر والبطالة والإحساس بالحرمان، وكلها عوامل تشكل بيئة مناسبة لانتشار الأفكار المتشددة التي تقوم على رفض الآخر"، مشيرة إلى أن "مصر عانت كثيراً من الارهاب بأشكال مختلفة ومتفاوتة على مدار تاريخها ودفعت تكلفة فاتورته متمثلة في انهيار التعليم وانخفاض مستوى الوعي والزيادة السكانية وانتشار المناطق العشوائية وتدني الدخول وتردي الخطاب الديني".
*الصورة: عناصر من الشرطة المصرية/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659