الأردن – بقلم صالح قشطة:

مصعب، شاب عشريني سوري، لجأت عائلته إلى تركيا هرباً من بطش التنظيمات الإرهابية والحرب الدائرة على الأراضي السورية منذ سنوات. لديه خمسة أشقاء، انضم اثنان منهما إلى تنظيم داعش، وتراجع أحدهما بعدها عن الانضمام للتنظيم، وكان يلقب بأبي القعقاع بين أفراده، بينما لقي الآخر مصرعه أثناء قتاله بين صفوفه في الرقة، وكان ملقباً بأبي ميمونة.

انتقل مصعب بعدها إلى المملكة العربية السعودية للعمل هناك. وفي ما يلي مقابلة مراسل (إرفع صوتك) مع الشاب السوري الذي فضل استخدام اسمه الأول فحسب.

أخبرنا بقصتكم مع تنظيم داعش..

خسرت شقيقي، وكنا على وشك خسارة شقيقي الآخر، وأصبحت حياتنا مليئة بالحزن، ولم نعد نعرف نكهة الفرح والسعادة. باختصار، حياتنا لم تعد كما كانت قبل ظهور هذا التنظيم.

كنا في سورية حتى بداية الأحداث، وكان لي إخوة مع جبهة النصرة. وكانت والدتي مريضة، ومع ازدياد القصف قرر أهلي الخروج من سورية إلى تركيا.

وماذا حصل مع شقيقك؟

شقيقي الصغير أحمد لم تعجبه الحياة في تركيا وقرر أن يعود إلى سورية وأن ينضم إلى داعش. وحاول إقناع والدي بذلك إلّا أنهما واجها طلبه بالرفض دائماً. وفي ذات صباح استيقظ أحمد وجمع أغراضه خلسة، ولم يكن لديه أي نقود، فأخذ النقود من زوجة ابن عمي، واتصل بنا لدى وصوله إلى الرقة وأخبرنا أنه سينضم إلى تنظيم داعش. بقي معهم لمدة ستة شهور، ثم قتل أثناء قصف قوات التحالف للرقة، وكان هذا قبل حادثة استشهاد الطيار الأردني معاذ الكساسبة بفترة وجيزة.

كيف علمتم بخبر مقتله؟

تلقى والدي اتصالاً من "أمير" المنطقة التي كان أخي متواجداً فيها. وكان قد حصل على رقم والدي من أحد الأشخاص الذين كان أخي يزورهم عادةً، وطلب من والدي القدوم إلى الرقة لاستلام بعض ممتلكات شقيقي، وقد خفت على أبي كثيراً حينما ذهب هناك.

لماذا لم تنضم إليهم كإخوتك؟

لم أحس براحة تجاه فكرتهم وأفعالهم. وما فعلوه بسورية جعلني أنفر منهم بشكل أكبر، وهم متشددون ومتطرفون بشكل مبالغ به. بالإضافة إلى ذلك، فأنا أطمح لحياة أفضل دائماً وأرغب بتحسين وضعي ووضع عائلتي.

وكيف اقتنع بهم شقيقك؟

تسللوا إليه بحجة الإسلام ورفع رايته. وأقنعوه بأنهم الحق وغيرهم الباطل، وكثير من الناس تم إقناعهم بنفس الطرق.

كيف تواصلوا معه؟

لهم عدة طرق للتسلل إلى الشباب، أبرزها وسائل التواصل الاجتماعي.

كيف تصف البيئة التي تعيشونها في منزلكم؟ هل هي متشددة؟

أسرتي محافظة وملتزمة، لكن معتدلة. ولسنا متشددين أبداً، طبيعة حياتنا كحياة معظم الناس.

هل كان شقيقك ملتزماً أو متشدداً؟

لا، لم يكن كذلك أبداً، لكنه بدأ يتجه للدين والصلاة مع بدء الحرب في سورية.

أخبرنا عن حياته وعن نشأته أكثر..

درس حتى الصف الخامس، وترك المدرسة بعدها وعمل في محل لصيانة أجهزة التكييف.

كان قاسي الطباع وجريئاً جداً منذ طفولته ولم يكن يعرف الخوف. ثم انضم للجيش الحر وهو في عامه السادس عشر، وفي عامه الثامن عشر كان انضمامه لتنظيم داعش.

وماذا عن شقيقك الآخر؟

هو في الخامسة والعشرين من عمره الآن، يحب العزلة، وكان متشدداً منذ صغره.

كيف انضم إليهم؟

كان في البداية مجنداً في الجيش النظامي السوري، وانقلب لاحقاً لينضم إلى جبهة النصرة. وبعد خروج عائلتي إلى تركيا بدأ بالتواصل مع داعش عبر فيسبوك ووسائل أخرى، وأقنعوه بنفس الطرح المعتاد لديهم، الحق والدولة الإسلامية التي يزعمونها.

ماذا حصل بعد ذلك؟

غافلنا هو أيضاً وانضم للتنظيم في سورية، ولدى التحاقه بصفوفهم أخضعوه لدورة شرعية لمدة شهر ونصف لأنه كان مع الجيش النظامي والنصرة سابقاً.

هل أخبرك شيئاً عن تلك الدورة؟

نعم.. شهر ونصف في مكان مغلق، لم يروا نور الشمس خلالها، كانوا يخضعونهم لجلسات مكثفة مليئة بالتحريض والتطرف باستخدام أدلة يدعون أنها شرعية ومن الدين، ودروس أشبهها بالصداع، هي باختصار عملية غسل عقول على أيدي شيوخهم ومراجعهم. وأخبرني أيضاً أنهم أخذوه هو ورفاقه إلى موقع الدورة معصوبي الأعين، لم يكن يعرف أين هو موجود آنذاك.

وماذا حصل بعد تلقيه للدورة؟

سألوه أن يخضع لدورة عسكرية، وهنا قام بالتراجع والعودة إلى تركيا، وهو حالياً يعمل هناك.

ماذا تقول للشباب الذين يحاول داعش الإيقاع بهم واستدراجهم؟

أقول لهم أن يبتعدوا عنهم فوراً، فهؤلاء لا نعلم من خلفهم، وأشك أن نيتهم قائمة على الإسلام، فديننا اليسر، ويعالج الخطأ بعدة طرق منطقية. أما الدواعش فخطأ واحد بحسب طريقة تفكيرهم كفيل بإنهاء حياتك. وأطلب من الشباب ألا يستمعوا إليهم وأن ينشغلوا برزقهم وبعائلاتهم وأهاليهم، فهذا هو الأهم.

وماذا تقول لمن انضم لهم؟

أتمنى أن تتركوهم، لأن مصيركم مجهول. ولو تركهم الجميع فسيضعفون كثيراً، وسيصبح بإمكاننا التخلص منهم بشكل أسرع.

ما الحل للتخلص منهم برأيك؟

أتمنى من دول العالم التدخل بشكل جاد عسكرياً، من البحر والبر والجو، لأننا متنا مليون مرة ويكفينا ما شهدناه من ذل.

*الصورة: من الحرب الدائرة في سورية/رويترز

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك
الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك

بعد 23 عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، يواصل ناجون وعائلات الضحايا معركة قانونية طويلة لمساءلة السعودية التي يقولون إن مسؤوليها لعبوا دورا في التخطيط للهجمات الدامية.

وينتظر الناجون وعائلات الضحايا قرارا هاما لقاضٍ فيدرالي في نيويورك بشأن قضية اتهام السعودية بدعم خاطفي أربع طائرات شاركت بالهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون في 11 سبتمبر 2001.

وتنفي المملكة هذه المزاعم بقوة.

ويحيي مسؤولون سياسيون وعسكريون ومواطنون عاديون، الأربعاء، الذكرى الـ23 للهجمات بفعاليات خاصة في نيويورك والعاصمة واشنطن وعدد من المدن الأميركية الأخرى.

وفي جلسة استماع عقدت أمام المحكمة الجزئية في مانهاتن في نهاية يوليو الماضي، للنظر في طلب السعودية إسقاط القضية، عرض محامو الضحايا ما قالوا إنها أدلة عن شبكة الدعم التي تضم مسؤولين سعوديين عملوا في الولايات المتحدة، والتي سهلت تحركات خاطفي الطائرات التي اصطدمت ببرجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك، والبنتاغون في فيرجينيا، وسقطت واحدة في بنسلفانيا.

وقال محامي المدعين، جافين سيمبسون، خلال جلسة 31 يوليو إن الشبكة السرية "أنشأتها ومولتها وأدارتها ودعمتها السعودية والمنظمات التابعة لها والدبلوماسيون داخل الولايات المتحدة".

وبعد انتهاء الجلسة، طالب أكثر من ثلاثة آلاف شخص من عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر كلا من الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب، ونائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، بمعارضة أي اتفاق للسلام بالشرق الأوسط مع السعودية قبل أن تحاسِب الحكومة الأميركية المملكة على أي دور محتمل في هجمات عام 2001

وضمت المجموعة المسؤولة عن هجمات سبتمبر 19 شخصا من "تنظيم القاعدة"، بينهم 15 سعوديا، إلا أن الروابط المحتملة بين الحكومة السعودية والإرهابيين ظلت محل تساؤلات لسنوات.

ونفت السعودية أي تورط حكومي في الهجمات.

ولطالما قالت الولايات المتحدة إن الرياض لم يكن له أي دور وإن "تنظيم القاعدة" تصرف بمفرده.

وفي 2016، أصدر الكونغرس تشريع "العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي سمح لأسر ضحايا الهجمات بمقاضاة السعودية، وهو ما مهد الطريق أمام مطالبات قضائية عدة من عائلات الضحايا بالحصول على تعويضات من المملكة.

وتنتظر عائلات الضحايا قرارا من قاضي المحكمة الجزئية في مانهاتن، جورج دانيلز، بشأن ما إذا كان بالإمكان المضي قدما في القضية، وهو ما قد يفتح المجال أمام ظهور المزيد من الأدلة، وفق "سي أن أن".

وفي جلسة يوليو، اتهم محامو أهالي الضحايا مواطنين سعوديين اثنين بأنها دعما اثنين من خاطفي الطائرات، وهما نواف الحازمي وخالد المحضار، بعد وصولهما إلى جنوب كاليفورنيا عام 2000.

وقالوا إن الدبلوماسي السعودي، فهد الثميري، الذي كان يعمل في القنصلية السعودية في لوس أنجلوس، كان جهة الاتصال الرئيسية بين "تنظيم القاعدة" والخاطفين الاثنين في لوس أنجلوس، وفقا لملفات المدعين أمام المحكمة.

وقالوا إن الثميري عمل مع سعودي آخر هو عمر البيومي، في دعم الخاطفين الاثنين أثناء وجودهما في كاليفورنيا، وفقا لملفات المحكمة.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد رفعت السرية عن مذكرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) في ديسمبر 2021، كشفت عن شكوك قوية بشأن ارتباط السعودية رسميا بالخاطفين الذين نفّذوا اعتداءات 11 سبتمبر، لكنها لم تتمكن من تقديم الإثبات الذي كانت تنتظره العائلات التي تقاضي الرياض.

وكشفت المذكرة عن وجود ارتباطات بين البيومي، الذي كان حينها طالبا، ونواف الحازمي وخالد المحضار.

وساعد البيومي، الذي كان طالبا وعمل أيضا مع مقاول سعودي، الخاطفين عند وصولهما إلى البلاد، وفقا لتقرير لجنة 11 سبتمبر 2004. وذكر التقرير في ذلك الوقت أنه ساعدهما في العثور على شقة في سان دييغو وفتح حساب مصرفي ووقع على عقد إيجارهما.

وقد دعمت المعلومات التي أصدرها "أف بي آي" في وقت لاحق ادعاء المدعين بأن البيومي والثميري قاما بتنسيق شبكة الدعم في جنوب كاليفورنيا بتوجيه من مسؤولين سعوديين.

لكن تقرير عام 2004 قال إنه لم يجد أي دليل في ذلك الوقت على أن البيومي ساعد الخاطفين عن علم.

وأكدت المملكة أن البيومي كان طالبا وكان يتردد على مسجد في سان دييغو، وساعد بدون علم الخاطفين باعتبارهم قادمين جدد لا يجيدون الإنكليزية.

وفي جلسة الاستماع في يوليو، أثناء مناقشة اقتراح إسقاط الدعوى، ركز مايكل كيلوج، محامي السعودية، بشكل كبير على البيومي، قائلا إن أي مساعدة قدمها للخاطفين كانت "محدودة وبريئة تماما".

وتشير الأدلة التي أعدها محامو المدعين إلى أن البيومي التقى بمسؤول دبلوماسي سعودي في القنصلية قبل لقاء الخاطفين لأول مرة في مطعم في لوس أنجلوس، بعد أسبوعين من وصولهما إلى كاليفورنيا. وساعد البيومي في تسهيل انتقال الخاطفين من لوس أنجلوس إلى سان دييغو في غضون أيام من ذلك الاجتماع.

ويقول محامو المملكة إن البيومي التقى بالخاطفين بالصدفة في مطعم حلال بالقرب من مسجد معروف وكانت اتصالاته بهما "محدودة".

وقال محامي المملكة أيضا إنه لا يوجد دليل على أن الثميري فعل أي شيء لمساعدتهما، لكن محامي عائلات 11 سبتمبر قدم نتائج مكتب التحقيقات الفيدرالي التي تفيد بأن الثميري كلف أحد المصلين في المسجد باستلام الخاطفين من المطار، وإحضارهما إليه عندما وصلا لأول مرة إلى لوس أنجلوس، في منتصف يناير 2000.

وفي إفادة عن بعد تم إجراؤها في هذه الدعوى القضائية في عام 2021، أقر البيومي بأنه ساعد الخاطفين على الاستقرار في سان دييغو بدون علم بنواياهم، وقال إنه لم يكن متورطا في الهجمات.

وتضمنت الأدلة المعروضة البيومي وهو يلتقط صورا في واشنطن العاصمة، على مدار عدة أيام في عام 1999، وقال المدعون إنها قام بالتقاط الصور بغية معرفة مداخل وخارج مبنى الكابيتول.

ولطالما اعتقد المسؤولون أن الكابيتول ربما كان الهدف الأصلي للطائرة التي تحطمت في بنسلفانيا.

من جانبهم، قال محامو المملكة ان البيومي كان مجرد سائح في إجازة عندما صور جولته في الكابيتول وزيارته لمسؤولي السفارة السعودية.

وفي الجلسة، شاهد القاضي دانييلز فيديو لجولته، ويسمع في الفيديو البيومي وهو يقول: "هؤلاء هم شياطين البيت الأبيض". ووصف محامي السعودية اللغة التي استخدمها بأنها "مؤسفة"، لكنه قال إنها أُخرجت عن سياقها. ورد القاضي بأن العبارة لا تتوافق مع سائح يزور "مبنى جميلا".

وتحدث أهالي الضحايا عن اتصالات هاتفية متكررة بين البيومي ومسؤولين سعوديين، خاصة خلال فترة مساعدته الحازمي والمحضار، وتحدثوا عن دفتر مكتوب يحتوي على معلومات اتصال لأكثر من 100 مسؤول حكومي سعودي.

وقال محامو المملكة إن وجود جهات الاتصالات هذه مرتبطة بدوره التطوعي في المسجد.

وبعد انتهاء جلسة الاستماع، أعلنت وزارة الدفاع عن صفقة إقرار بالذنب مع العقل المدبر المزعوم للهجمات، خالد شيخ محمد، واثنين آخرين من المعتقلين الآخرين معه في سجن غوانتانامو. ووافق هؤلاء على الاعتراف بالذنب بتهم التآمر مقابل الحكم عليهم بالسجن المؤبد.

وأثار إعلان صفقة الإقرار بالذنب ردود فعل قوية من أسر الضحايا بعد خروجهم من جلسة الاستماع.

وبعد يومين فقط، ألغى وزير الدفاع، لويد أوستن، صفقة الإقرار بالذنب في مذكرة مفاجئة وكتب أن "المسؤولية عن مثل هذا القرار يجب أن تقع على عاتقي".

وإلغاء الصفقة يعني إعادة "عقوبة الإعدام" لتصبح مطروحة مرة أخرى بحق هؤلاء.

لكن القضية أثارت جدلا قانونيا. ويقول محامون إن قرار أوستن غير قانوني.

ووسط هذا الجدل، تأمل أسر الضحايا أن تجلب لهم الدعوى القضائية المرفوعة على السعودية "العدالة التي كانوا يسعون إليها لأكثر من 20 عاما".