صنعاء- بقلم غمدان الدقيمي:
"والدته وزوجته وكافة أفراد الأسرة لم يفارقهم البكاء والحزن“، هكذا يصف مجيب الشيباني واقع عائلته بعد مقتل شقيقه الصحافي أحمد الشيباني، 30 عاماً، يوم 16 شباط/ فبراير 2016 برصاص قناص تابع للمسلحين الحوثيين والرئيس اليمني السابق، أثناء تغطيته للمعارك في مدينة تعز، جنوبي غرب اليمن.
ويقول مجيب، عبر الهاتف من تعز لموقع (إرفع صوتك) "نعيش أسوأ أيامنا منذ مقتله، تاركاً وراءه طفلاً (ثلاث سنوات) وآخر في أحشاء زوجته. نتمنى أن تفي الحكومة الشرعية بوعدها باعتماد درجة وظيفية لأسرته. هو كان يصور لقناة اليمن الفضائية، قبيل الحادثة".
والشيباني واحد من 15 صحفياً على الأقل، قتلوا منذ تصاعد النزاع الدامي في اليمن مطلع العام الماضي، في أخطر عمليات انتهاك لحرية الصحافة.
ومنذ نحو عام ونصف، شهدت الصحافة اليمنية انتكاسة غير مسبوقة على الصعيدين المهني والحقوقي، فاقمها اندلاع القتال المستمر منذ نهاية آذار/مارس 2015.
معتقلون قسرياً
"لا يمر يوم إلا وأطفاله (أكبرهم ست سنوات) ينتظرون خروجه، أحياناً أعجز عن الرد عليهم. والدته أيضاً حالتها الصحية سيئة جداً منذ اختفائه"، يقول عبدالله المنصوري، شقيق الصحافي (توفيق) المعتقل قسرياً وثمانية من زملائه لدى جماعة الحوثيين في العاصمة صنعاء، منذ 9 حزيران/يونيو 2015.
وإضافة لأولئك، هناك أربعة آخرون مخفيون في معتقلات الجماعة، وثلاثة يحتجزهم تنظيم القاعدة بمدينة المكلا عاصمة حضرموت شرقي البلاد. وتواجه أسر بعضهم صعوبة في معرفة مكان وظروف اعتقالهم.
وقال المنصوري لموقع (إرفع صوتك) "بعد خمسة أشهر من الاعتقال، عرفنا أن توفيق محتجز في سجن الثورة الاحتياطي. وفي آذار/مارس الماضي، نُقل وزملاؤه إلى سجن هبرة (شرقي صنعاء). يُسمح لنا بزيارتهم مرة أسبوعياً لمدة لا تتجاوز ساعة.. يتم التعامل معهم ومع أسرهم بكراهية".
يتابع "ما يسمى بالهيئة القانونية التابعة للحوثيين وجهت قبل أشهر بإطلاق سراحهم لعدم ثبوت إدانتهم، لكن قيادياً حوثياً رفض، وقال إنّه لا يعترف بالهيئة ولا بنيابة العاصمة".
سلطة الأمر الواقع
وتُحمل نقابة الصحفيين اليمنيين جهات مختلفة مسؤولية انتهاك حرية الصحافة، أبرزها جماعة الحوثيين، وقوات التحالف الذي تقوده السعودية، وتنظيم القاعدة.
ويعتبر أمين عام نقابة الصحفيين، محمد شبيطه أن "سلطة الأمر الواقع بصنعاء (الحوثيين) هي السبب الرئيس في إجهاض الصحافة اليمنية، وتقويض أساس العيش والحرية لمئات الصحفيين وعوائلهم".
وأضاف شبيطه لموقع (ارفع صوتك) "منذ سيطرتها (جماعة الحوثي) على صنعاء في أيلول/سبتمبر 2014، أوقفت كافة الصحف الحزبية والمستقلة، واقتحمت مكاتب بعضها وصادرت ما بداخلها، وسيطرت على المؤسسات الإعلامية الرسمية، وحجبت كافة المواقع الاخبارية التابعة لخصومها".
ولم يبق اليوم في أكشاك بيع الجرائد بصنعاء سوى صحيفة “المسيرة“ الناطقة باسم الحوثيين و“اليمن اليوم“ المملوكة للرئيس السابق، وصحيفة “الثورة“ الرسمية التي يديرونها، فضلاً عن صحيفة أو اثنتين موالية لهم.
وإلى جانب الإقصاء، تم إيقاف رواتب ومستحقات مئات العاملين في وسائل الإعلام خاصة الرسمية، والصحف المغلقة، إضافة إلى الحرمان من الرعاية الصحية، فيما حُرمت عشرات الأسر مصادر رزقها تبعاً لمقتل أو اصابة أو اعتقال عائليها الصحفيين.
أرقام مخيفة
ورصدت نقابة الصحفيين أكثر من 50 حالة انتهاك طالت حرية الصحافة في اليمن، خلال الربع الأول من العام الجاري، بينها خمس حالات قتل، ثلاث منها بغارات جوية للتحالف.
وكشفت النقابة، عن 319 حالة انتهاك خلال 2015، تورط الحوثيون في ارتكاب (250 حالة)، وجهات مجهولة (23 حالة)، والأجهزة الأمنية الشرعية والمسلحون الموالون لها (17 حالة)، وتنظيم القاعدة (10 حالات)، والتحالف العربي (تسع حالات)، قوى المقاومة الشعبية في عدن (خمس حالات) وقوى سياسية ومتنفذين محسوبين على الرئيس اليمني السابق (خمس حالات).
وحسب التقرير، الذي حصل موقع (ارفع صوتك) على نسخة منه، قتل نحو 10 صحافيين العام الماضي، وتوزعت الانتهاكات الأخرى بين اختطافات واعتقالات وشروع بالقتل واعتداءات وحملات تحريض وتشهير.
مطالب عاجلة
وطالب أمين عام نقابة الصحفيين أطراف الصراع المحلية والتحالف العربي بضمان سلامة وحماية الصحفيين، وإبعادهم عن الصراع، وإطلاق سراح المعتقلين منهم".
وتواصل مراسل (إرفع صوتك) مع أعضاء في اللجنة الإعلامية التابعة للحوثيين، للرد على الاتهامات الموجهة للجماعة، لكنهم رفضوا التعليق فوراً، ومن ثم الرد على اتصالاته.
*الصورة: يمني يقرأ عناوين صحف الثورة والمسيرة واليمن اليوم في أحد محلات بيع الصحف بصنعاء/إرفع صوتك
*الصورة 2: صحف في اليمن/إرفع صوتك
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659