بقلم حسن عبّاس:
يستفيد داعش من الصراع السعودي الإيراني، لأنه يحول دون تنسيق جهود هاتين الدولتين في الحرب عليه، ما يترك له فسحة أكبر للتحرّك. لكن ألا يمكن تجميد الملفات الخلافية بينهما إلى ما بعد القضاء على هذا التنظيم؟
إجماع على تأثير الصراع
في مقابلته الطويلة مع مجلة "ذي أتلانتيك"، في منتصف آذار/مارس الماضي، اعتبر الرئيس الأميركي باراك أوباما أن المنافسة بين السعودية وإيران "ساهمت في الحرب بالوكالة وفي الفوضى في سورية والعراق واليمن"، طالباً من الدولتين إقامة "نوع من السلام الفاتر".
ومن تأثيرات الصراع بين الدولتين الإقليميتين الأبرز إضراره بالجهود الهادفة إلى القضاء على داعش.
"هذا الصراع يضع داعش في موقع قوّة لأن الجهتين الإقليميتين اللتين ينبغي أن تقضيا عليه هما في صراع"، قال الرئيس الإقليمي للمركز البريطاني لدراسات الشرق الأوسط أمجد طه، عازياً ذلك إلى "اختلاف الأهداف والمصالح بينهما".
من جانبه، أكّد الخبير في الشؤون الإيرانية حميد غول شريفي أنه "بدون تعاون إيران والسعودية في مكافحة الإرهاب لن تكون الحرب ضد داعش حاسمة".
صعوبة حلّ الخلافات
يتساءل البعض لماذا لا تجمّد السعودية وإيران خلافاتهما إلى حين القضاء على داعش، خاصةً أن هذا التنظيم يناصب كلتي الدولتين العداء.
هذه الخلافات لا يمكن تجميدها، قال طه لموقع (إرفع صوتك)، وذلك "لأن أحد جوانب الصراع هو على هوية القوى التي ستسيطر على الأرض التي ستُحرَّر".
أما شريفي، فيرى أن "السعودية غير مقتنعة بالجلوس مع إيران لأن في ذلك اعتراف بالنفوذ الإيراني في الدول العربية وهذا ما لا تريده"، مضيفاً لموقع (إرفع صوتك) أن "إعدام الشيخ نمر النمر أوقف مساعٍ لبدء مفاوضات معمّقة حول الأمر".
ينعكس الخلاف بين السعودية وإيران على فهمهما للوقائع التي تجري في المناطق الساخنة. ففي سورية، يعتبر طه "أن وجود داعش يخدم حلفاء إيران لأن الصراع القائم بين التنظيم وبين باقي فصائل المعارضة يعطي استراحة للنظام السوري وحلفائه ويسمح لهما بإعادة تنظيم صفوفهم".
لا بل يتحدّث طه عن تنسيق بين النظام السوري وداعش، مستشهداً بالوثائق التي نشرتها قناة "سكاي نيوز عربية" وفحواها أن خروج داعش من تدمر سبقه تنسيق سمح لعناصره بنقل أسلحتهم الثقيلة معهم.
أما في المقلب الآخر، كما شرح شريفي، فإن "إيران تعتقد أن أطرافاً خليجية تقف وراء داعش ولو بشكل غير رسمي. وبحسب تقديراتها، لولا وجود نوع من غضّ النظر الخليجي الرسمي عن حركة الأموال والأسلحة لما كان لداعش أن يستمر".
خوف من هيمنة إيران
ومن الأمور التي تمنع تفاهم السعودية مع إيران خشية المملكة من أن يستغل خصومها الوضع من أجل تمدّد نفوذهم.
"مَن سيُسقط داعش سيحكم المنطقة"، قال طه، قاصداً أن الاتفاق على محاربته هو أمر في غاية الصعوبة.
وبرأيه، إيران تريد أن ينتج عن هزيمة داعش في سورية المزيد من سيطرة النظام السوري بينما تريد السعودية إفادة قوى المعارضة التي تدعمها، كما أنها ترفض أن "يصنع حزب الله نصراً معنوياً من ذلك"، بحسب تعبيره.
ويعتبر طه أن التجارب السابقة لا تشجع على ثقة السعودية بالمجموعات الموالية لإيران. وقال إن "ما يقوم به الحشد الشعبي في العراق هو نفس ما قام به حزب الله في لبنان. يدّعون حقاً يريدون به باطلاً. فحزب الله استغل حربه مع إسرائيل للهيمنة على لبنان، والحشد الشعبي يستغلّ شعار محاربة الإرهاب للهيمنة على العراق".
لا تقنع فكرة الخوف من هيمنة إيران شريفي. وقال إن "القلق من تمدّد النفوذ الإيراني موجود. لكن مَن يرفضهم السعوديون موجودون في العراق ولهم وزنهم بغض النظر عمّا إذا شاركوا في طرد داعش من بعض المناطق أو لا".
ما المطلوب من السعودية؟
يدور الحديث في أروقة ديبلوماسيات الدول الكبرى عن ضرورة قيام قوات سنّية بإنهاء سيطرة داعش كي لا تُستثار الحساسيات الطائفية. ويرى البعض أن بإمكان السعودية القيام بالمزيد.
وبرأي شريفي، "لو كانت السعودية تريد ضرب داعش لكانت ذهبت للتنسيق مع الأطراف الأخرى وخاصة إيران. فإيران موجودة في سورية والعراق لمحاربة داعش ولا تخفي الأمر، وتعلن ترحيبها بالتعاون مع أطراف أخرى".
لا بل يضيف أنه "لو اقترحت السعودية على إيران إرسال قواتها مباشرة لقتال داعش لقبلت إيران".
إذن لماذا لا تقوم السعودية بدور أكبر؟ يجيب طه بأن المملكة أولاً "تحارب الإرهاب على حدودها في اليمن وفي داخلها. وبالنسبة إليها، انتقلت المعركة مع داعش إلى أرضها وصارت في حالة دفاع عن النفس"؛ وثانياً، "تضع السعودية كل جهودها في محاربة داعش وأعربت عن استعدادها لإرسال قوات برية تقاتله في سورية".
لكن ما حال دون تحقّق الخطوة الأخيرة، برأيه، هو الشروط الدولية، فـ"الدول الكبرى تخشى من وقوع صدام بين القوات السعودية وقوات النظام السوري ما قد يستدرج تدخلاً روسياً ويهدد باندلاع حرب واسعة وبوقوع كارثة".
الصورة: إيران والسعودية... توجّهات مختلفة/Shutterstock
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659