بقلم خالد الغالي:
سارعت كثير من الدول العربية عقب هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001 وتصاعد موجة الهجمات الإرهابية إلى التزود بقوانين لمكافحة الإرهاب. وضعت أغلبها في ظروف استثنائية تلت عمليات إرهابية، مثلما حدث في المغرب (هجمات الدار البيضاء 2003) والأردن (تفجيرات عمان 2005) والعراق (بعد عام 2003)...إلخ. فانعكست المخاوف الأمنية على موادها، لتتهم بالتشدد والمس بحقوق الإنسان.
فيما يلي متقطفات لأكثر فصول قوانين الإرهاب العربية إثارة للجدل، إضافة إلى تعليقات المنظمات الحقوقية عليها:
*مصر
صادق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في آب/أغسطس 2015، على قانون مكافحة الإرهاب. تعرض القانون الجديد لانتقادات حادة، خاصة فيما يتعلق بتعريف الإرهاب وبالمس بحرية الصحافة.
المادة 2: "يقصد بالعمل الإرهابي كل استخدام للقوة أو العنف أو التهديد أو الترويع.. بغرض الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع أو مصالحه أو أمنه للخطر أو إيذاء الأفراد.. أو تعريض حياتهم أو حرياتهم أو حقوقهم..".
تعليق: "الإرهاب ورد في صياغة فضفاضة، قد تشمل العصيان المدني" (هيومان رايتش ووتش).
المادة 35: "يعاقب بغرامة.. كل من تعمد بأي وسيلة كانت نشر.. أخبار أو بيانات غير حقيقية عن أعمال إرهابية.. بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الدفاع.. وفي جميع الأحوال (يمكن) للمحكمة أن تقضى بمنع المحكوم عليه من مزاولة المهنة لمدة لا تزيد على سنة".
تعليق: "من الواضح أن السلطات تحاول أن تبتز أو ترهب الصحفيين الذين يأتون برواية تناقض الرواية الرسمية" (منظمة العفو الدولية).
*السعودية
دخل "النظام الجزائي لجرائم الإرهاب وتمويله" (قانون الإرهاب في السعودية) حيز التنفيذ في شباط/فبراير 2014. وتعرض لانتقادات شديدة، أهمها غموض تعريف الإرهاب، وعدم توفر ضمانات المحاكمة العادلة، ومنح سلطات واسعة لوزير الداخلية بشكل يخلط بين دوره ودور القضاء.
المادة 4: "لوزير الداخلية إصدار أمر بالقبض على من يشتبه في ارتكابه جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا النظام".
المادة 7: "لا يجوز الإفراج المؤقت عن أي متهم إلا بأمر من وزير الداخلية أو من يفوضه".
تعليق: "يمنح القانون الجديد سلطات واسعة لوزير الداخلية من شأنها تقويض حقوق المتهمين .. فالقانون الجديد يفوض وزير الداخلية الأمر بتوقيف مشتبهي الإرهاب دون المرور على النائب العام.. كما يمنح القانون وزير الداخلية الحق في تخفيف الحكم على أي شخص يدان بموجب قانون الإرهاب أو وقف الإجراءات الجنائية بحقه" (هيومان رايتس ووتش).
*العراق
أصدر مجلس الرئاسة العراقي، برئاسة جلال طالباني، قانون مكافحة الإرهاب رقم 13 (2005)، في غمرة موجة هجمات (سيارات ملغومة وتفجير قنابل وحوادث إطلاق النار) هزت العراق ابتداء من منتصف سنة 2005.
اقتصر القانون على ست مواد، بدأت بـ تعريف الارهاب: كل فعل اجرامي يقوم به فرد أو جماعة منظمة استهدف فردا أو مجموعة أفراد أو جماعات أو مؤسسات رسمية أو غير رسمية أوقع الأضرار بالممتلكات العامة أو الخاصة بغية الإخلال بالوضع الأمني أو الاستقرار والوحدة الوطنية أو إدخال الرعب أو الخوف والفزع بين الناس أو إثارة الفوضى تحقيقا لغايات إرهابية .
تعليق: "يتضمن (القانون) قانون مكافحة الإرهاب تعريفاً فضفاضاً وغامضاً للإرهاب.. إن هذا التعريف الغامض مثير للقلق بشكل خاص، لأن القانون ينص على فرض عقوبة الإعدام على الأفعال الإرهابية" (منظمة العفو الدولية).
*المغرب
في أعقاب تفجيرات الدار البيضاء، في 16 أيار/مايو 2003، صادق البرلمان المغربي على قانون الإرهاب، وسط انتقادات حادة ركزت على تعريف الإرهاب وعيوب المساطر القضائية.
المادة 62: "إذا تعلق الأمر بجريمة إرهابية.. يمكن الشروع في تفتيش المنازل أو معاينتها بصفة استثنائية قبل الساعة السادسة صباحاً أو بعد التاسعة..".
المادة 66: "إذا تعلق الأمر بجريمة إرهابية فإن مدة الحراسة النظرية تكون 96 ساعة قابلة للتمديد مرتين..".
تعليق: نقلت جريدة الشرق الأوسط عن النائب عن حزب العدالة والتنمية مصطفى الرميد (وزير العدل الحالي) قوله إن قانون الإرهاب عمد "إلى تعويم مفهوم الإرهاب إلى حد وصف جرائم عادية بأنها أعمال إرهابية بمعنى أننا يمكن أن نجد أنفسنا أمام قضايا لا علاقة لها بالإرهاب يعتبر القانون أنها إرهابية".. كما أن "الإجراءات المسطرية التي ينص عليها التعديل عشوائية ووحشية تكفي وحدها لنشر الإرهاب في أوساط أقارب وجيران كل مشتبه فيه".
*تونس
صادق البرلمان التونسي في تموز/يوليو 2015 على قانون الإرهاب الجديد. همت الانتقادات ضعف ضمانات المحاكمة العادلة وتوسيع دور الشرطة.
الفصـل 46: "يمكن لقاضي التحقيق في حالات استثنائية تقتضيها حماية الشاهد عدم مكافحة (مواجهة) هذا الأخير بذي الشبهة أو بغيره من الشهود".
الفصل 73: ".. في الحالات الاستثنائية وعند وجود خطر حقيقي.. يمكن للجهة القضائية.. أن تقرر.. إجراء الجلسات بصورة سرية"
تعليق: "يشكل (القانون) خطرا على حقوق الانسان ويفتقر إلى الضمانات الضرورية ضد الانتهاكات. يمنح القانون الجديد قوات الأمن سلطات واسعة للقيام بالرقابة علي الاشخاص.. يسمح للمحاكم بعقد جلسات مغلقة لا يحضرها جمهور، وللشهود بعدم الكشف عن هويتهم للمتهم في حالات غير معرفة بدقة (ثمان منظمات دولية، بينها الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان والمنظمة 19).
*ليبيا:
صوت مجلس النواب الليبي، في أيلول/سبتمبر 2014، على قانون مكافحة الإرهاب. ورغم أنه لم ينص على عقوبة الإعدام، إلا أنه تعرض لانتقادات شديدة بخصوص مفاهيمه الفضفاضة، خاصة في مادته 14 (الفقرة 3).
المادة 14 (اعتبرت الأخطر): "يعاقب بالسجن المؤبد كل من تعمد ارتكاب أحد الأفعال التالية: 3- تبنى دعوات انفصالية والإضرار بالوحدة الوطنية".
تعليق: نحن نرى أن المادة 14 في العبارة رقم 3 هي أكثر أجزاء القانون الجديد إثارة للانزعاج، فهي تنص على السجن المؤبد لكل من تعمد "الإضرار بالوحدة الوطنية"، وهي عبارة غامضة وفضفاضة الصياغة وتخلو من الإشارة إلى اشتراط أن يكون "الإضرار" منطوياً على العنف. (هيومان رايتس ووتش).
* الصورة: صدرت أغلب قوانين مكافحة الإرهاب في الدول العربية عقب هجمات إرهابية/Shutterstock
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659