المغرب – بقلم زينون عبد العالي:
"خلال فترة سجني، لم تكن هناك أي محاولة للتوجيه حول محاربة التطرف في صفوف السجناء"، يقول أبو يوسف وهو معتقل سابق مفرج عنه فضل عدم استخدام اسمه الحقيقي. "الكل كان يعتمد على نفسه في محاربة الفكر الضال الذي أدى إلى سلبه أغلى ما يملك، وبالتالي وجب التفكير في كيفية الخروج من السجن لإصلاح ما أفسده الفكر المتشدد".
ويضيف أبو يوسف الذي اعتقل بتهمة الإرهاب عقب تفجيرات مدينة الدار البيضاء في 16 أيار/مايو 2003 "كنا نسمع أن هناك برامج للتكوين تخص السجناء، لكننا لم نستفد منها ولم نرها على أرض الواقع، لقد كنا بحاجة إليها لتنير طريقنا".
دليل محاربة التطرف
يتواجد في سجون المغرب آلاف السجناء من بينهم عشرات المتابعين بقانون محاربة الإرهاب، ممن تم اعتقالهم بعد الأحداث الإرهابية التي شهدها المغرب في أيار/مايو 2003 و2007 في مدينة الدار البيضاء، وأحداث أركانة بمراكش في نيسان/أبريل 2011، أو المعتقلين على خلفة تفكيك السلطات المغربية للخلايا المرتبطة بتنظيم داعش.
وتعمل المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج في المغرب، وهي مؤسسة تعنى بتدبير المؤسسات السجنية وتأهيل النزلاء قصد إدماجهم من جديد في المجتمع بعد قضاء عقوبتهم، على محاربة التطرف والفساد في السجون، عن طريق دليل تدريسي يستفيد منه موظفو السجون كوسيلة للحد من انتشار هذه الظاهرة في أوساط السجناء.
ويطالب السجناء الإسلاميون في المغرب بتحسين ظروف سجنهم، ولطالما خاضوا إضرابات مفتوحة عن الطعام في عدد من السجون المغربية لهذا الغرض.
كما أفرجت السلطات عن دفعات من السجناء الذين توبعوا في قضايا إرهابية وذلك بعد مراجعات قاموا بها، أبانوا عن صفاء نيتهم وعدم عودتهم للتطرف.
"حبر على ورق"
وكما يصف أبو يوسف هذه الجهود بـ"حبرٍ على ورق"، يشير المعتقل الإسلامي السابق عبد الرحيم الغزالي إلى أنّه لم يستفد من أي مبادرة لمحاربة الفكر المتشدد في السجون.
ويقول لموقع (إرفع صوتك) "ما يقال يبقى مجرد شعارات.. لا يوجد أي شيء على مستوى التأطير أو التكوين الشرعي تحت إشراف المؤسسة السجنية، بل نحن كمعتقلين قدمنا عدة نداءات سابقة للمجلس العلمي بأن يزورنا في السجن لنناقشه في معتقداتنا ليوضحوا لنا مكامن الخلل فيها، لكن الأخير لم يقم بذلك".
وعما إذا كان دليل محاربة التطرف الذي أعلنت عنه مندوبية السجون بالمغرب سيحد من ظاهرة انتشار الفكر المتشدد في أوساط السجناء، يشكك الغزالي في ذلك بالقول "هذا أمر صعب، فالمستوى الشرعي للموظفين لا يؤهلهم للتأثير على المعتقلين الإسلاميين. فمن فشل في ترجمة آليات حقوق الإنسان على مستوى السجون في التعامل مع السجناء، كيف له أن ينجح في ترجمة آليات شرعية بوسائل غير مؤهلة؟ فاقد الشيء لا يعطيه".
رغبة في التغيير
"المعتقلون الإسلاميون في المغرب لا يجدون حرجاً في الجلوس إلى الجهة المؤهلة علمياً لمخاطبتهم كالمجلس العلمي الأعلى لمناقشتهم في ما يعتقدون، وليوضحوا لهم أين حادوا عن الصواب إن وجدوا فعلاً شيئاً حادوا فيه عن الصواب"، يقول السجين السابق.
ويقترح الغزالي المتحدث باسم "اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين بالمغرب" أن يفتح باب التواصل بين المجلس العلمي الأعلى و المعتقلين الإسلاميين مع رفع القيود على الطرفين لمناقشة جميع المواضيع دون مؤاخذات أو ترهيب لهما".
برامج لموظفي السجون
وكانت مندوبية السجون قد أعلنت في شهر آذار/مارس الماضي بشراكة مع المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي، عن إطلاق ثلاثة برامج لفائدة موظفي السجون وهي النهج حقوق الإنسان في إدارة السجون ومعايير ومؤشرات محاربة الفساد في السجون، إضافة إلى "دليل محاربة التطرف"، وهي برامج سيستفيد منها موظفو المؤسسات السجنية بالمغرب.
كما سيمكن "دليل محاربة التطرف في السجون" بحسب ما صرحت به المديرة الإقليمية للمنظمة الدولية للإصلاح الجنائي، تغريد جبر، موظفي السجون من معرفة وتتبع تحوّل السجين نحو الفكر المتطرف، ومدى تأثير معتنقي هذا الفكر على الآخرين، إضافة إلى "معرفة ماهية برامج الحوار والخطاب الديني الذي يجب أن يستعمل داخل السجن وفي التواصل مع السجناء".
وحاول موقع (إرفع صوتك) الحصول على تعليق من المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، لكنه تحفظ عن المشاركة في الموضوع.
*الصورة: اعتصام سابق لأهالي المعتقلين الإسلاميين/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659