بقلم خالد الغالي:

أعلنت الحكومة العراقية فجر الإثنين، 23 أيار/مايو، بدء عملية تحرير الفلوجة من قبضة تنظيم داعش.

وتحظى الفلوجة بأولوية لدى حكومة حيدر العبادي، إذ لا تبعد سوى 60 كيلومتراً عن العاصمة العراقية بغداد، وهي المعقل الرئيسي لتنظيم داعش في محافظة الأنبار.

ويوضح المحلل السياسي العراقي واثق الهاشمي في تصريح لموقع (إرفع صوتك) أهمية معركة الفلوجة، قائلاً "الفلوجة أكبر مركز قيادة تبقى لداعش في محافظة الأنبار، وتحريرها يعني تحرير المحافظة بالكامل تقريباً".

الأمر ذاته يؤكده رئيس مجلس عشائر الأنبار، التي تقاتل داعش، رافع عبد الكريم الفهداوي، لـ(إرفع صوتك) "خسارة الفلوجة تعني لداعش خسارة الأنبار تقريباً، وتعني أيضاً توحد كل الجهود العراقية من أجل معركة الموصل".

لكن سرعان ما دار سجال طائفي حاد حول معركة تحرير الفلوجة، وسط مخاوف سنية من حصول تجاوزات في حق سكان المدينة، لاعتبارات طائفية.

https://twitter.com/malarab1/status/734517057971228673?ref_src=twsrc%5Etfw

مخاوف طائفية

يشارك في عملية تحرير الفلوجة أكثر من 20 ألف مقاتل من الجيش العراقي وجهاز مكافحة الإرهاب والشرطة الاتحادية وفصائل الحشد الشعبي (شيعة) والحشد العشائري (سنة).

وتتركز المخاوف السنية بالضبط من مشاركة فصائل الحشد الشعبي الشيعية في اقتحام المدينة، ذات الأغلبية السنية.

وسبق أن اتهمت منظمات حقوقية، على رأسها منظمة العفو الدولية، الحشد الشعبي بارتكاب تجاوزات بحق "مجتمعات سنية" في المناطق التي تمّ تحريرها من قبضة داعش، في محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين.

وفي غمرة هذا السجال الطائفي، انتشرت مقاطع فيديو لأوس الخفاجي، الأمين العام لقوات "أبو الفضل العباس"، إحدى فصائل الحشد الشعبي، يصف فيها الفلوجة بـ"منبع الإرهاب"، ويدعو إلى استئصالها.

لكن رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي رفض هذه التصريحات، ورد بالقول "الحشد الشعبي مؤسسة تابعة للدولة وتحت قيادة القائد العام للقوات المسلحة وتمويلها من الحكومة. والحشد الشعبي براء من كل من يتحدث بلغة طائفية، وهو أمر مدان من قبلنا".

وأوضح مدير مكتبه سعد الحديثي أن أوس الخفاجي لا يمثل الحشد الشعبي، كما أنه غير موجود أصلاً في مواقع القتال في الفلوجة.

وبدوره، قال رئيس مجلس عشائر الأنبار، رافع الفهداوي "صدرت تصريحات سيئة من بعض أطراف الحشد الشعبي بتهديد الفلوجة، التي تضم آلاف المدنيين، وهي رسالة سلبية جداً للسكان، في حين أن المعركة في الأصل جاءت لتحريرهم".

وتابع الفهداوي "طلبنا من قيادة الحشد الشعبي إبعاد هؤلاء المنحرفين طائفياً، وبعث رسالة اطمئنان. وقد استنكرت قيادات الحشد هذه التصريحات، كما استنكرتها الحكومة والعشائر".

وزادت التوتر الطائفي حدة بعد نشر صور للجنرال في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، في غرفة عمليات تحرير الفلوجة، رفقة قادة من الحشد الشعبي.

https://www.facebook.com/alnujaba.media/photos/a.635211969957374.1073741828.633906936754544/878246642320571/?type=3&theater

وانتشر على الفور هاشتاغ  في مواقع التواصل الاجتماعي.

الحشد خارج المدينة

وتأسس الحشد الشعبي سنة 2014، عقب فتوى "الجهاد الكفائي" من أجل قتال داعش، التي أصدرها المرجع الشيعي علي السيستاني.

وبادر المرجع الشيعي علي السيستاني الأربعاء، 25 أيار/مايو، إلى دعوة القوات التي تحارب لاستعادة الفلوجة إلى حماية المدنيين المحاصرين داخلها، والذين يقدر عددهم حاليا بنحو 50 ألفاً، حسب تقديرات الأمم المتحدة.

ويتمتع السيستاني بنفوذ كبير وسط شيعة العراق.

وبدوره، طمأن الأمين العام لمنظمة بدر، والقيادي في الحشد الشعبي، هادي العامري إلى أن الحشد لن يكون ضمن القوات التي ستدخل الفلوجة، وأن مهمته تقتصر على تطويها من الخارج.

وصرّح العامري، في حديث للصحافيين الثلاثاء، 24 أيار/مايو، أن قوات الحشد لا تدخل المدن التي يتم تحريرها، موضحاً "هذه سياستنا في عمليات كل المناطق".

وتابع أن دخول قوات الحشد الشعبي إلى المدن يكون "عند الحاجة والاضطرار"،  فـ"عندما تعجز الأجهزة الأمنية عن تطهير المدينة ندخل إليها. وقرارنا بالفلوجة أن لا ندخل" إليها.

ومن جهته، قال رافع الفهداوي "الحشد سيبقى خارج المدينة، التي سيدخلها الجيش وقوات مكافحة الإرهاب والشرطة المحلية وأبناء العشائر".

ويعيش المدنيون في مدينة الفلوجة أوضاعا صعبة، في ظل منع داعش لهم من مغادرتها بوضع قناصة على الممرات الآمنة التي حاول الجيش العراقي توفيرها.

ووجهت الأمم المتحدة الثلاثاء، 24 أيار/مايو، نداءً دعت فيه إلى حماية المدنيين الفارين من القتال.

*الصورة: قوات عراقية تطلق صاروخا على إحدى المناطق في الأنبار في إطار عملية تحرير الفلوجة/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك
الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك

بعد 23 عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، يواصل ناجون وعائلات الضحايا معركة قانونية طويلة لمساءلة السعودية التي يقولون إن مسؤوليها لعبوا دورا في التخطيط للهجمات الدامية.

وينتظر الناجون وعائلات الضحايا قرارا هاما لقاضٍ فيدرالي في نيويورك بشأن قضية اتهام السعودية بدعم خاطفي أربع طائرات شاركت بالهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون في 11 سبتمبر 2001.

وتنفي المملكة هذه المزاعم بقوة.

ويحيي مسؤولون سياسيون وعسكريون ومواطنون عاديون، الأربعاء، الذكرى الـ23 للهجمات بفعاليات خاصة في نيويورك والعاصمة واشنطن وعدد من المدن الأميركية الأخرى.

وفي جلسة استماع عقدت أمام المحكمة الجزئية في مانهاتن في نهاية يوليو الماضي، للنظر في طلب السعودية إسقاط القضية، عرض محامو الضحايا ما قالوا إنها أدلة عن شبكة الدعم التي تضم مسؤولين سعوديين عملوا في الولايات المتحدة، والتي سهلت تحركات خاطفي الطائرات التي اصطدمت ببرجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك، والبنتاغون في فيرجينيا، وسقطت واحدة في بنسلفانيا.

وقال محامي المدعين، جافين سيمبسون، خلال جلسة 31 يوليو إن الشبكة السرية "أنشأتها ومولتها وأدارتها ودعمتها السعودية والمنظمات التابعة لها والدبلوماسيون داخل الولايات المتحدة".

وبعد انتهاء الجلسة، طالب أكثر من ثلاثة آلاف شخص من عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر كلا من الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب، ونائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، بمعارضة أي اتفاق للسلام بالشرق الأوسط مع السعودية قبل أن تحاسِب الحكومة الأميركية المملكة على أي دور محتمل في هجمات عام 2001

وضمت المجموعة المسؤولة عن هجمات سبتمبر 19 شخصا من "تنظيم القاعدة"، بينهم 15 سعوديا، إلا أن الروابط المحتملة بين الحكومة السعودية والإرهابيين ظلت محل تساؤلات لسنوات.

ونفت السعودية أي تورط حكومي في الهجمات.

ولطالما قالت الولايات المتحدة إن الرياض لم يكن له أي دور وإن "تنظيم القاعدة" تصرف بمفرده.

وفي 2016، أصدر الكونغرس تشريع "العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي سمح لأسر ضحايا الهجمات بمقاضاة السعودية، وهو ما مهد الطريق أمام مطالبات قضائية عدة من عائلات الضحايا بالحصول على تعويضات من المملكة.

وتنتظر عائلات الضحايا قرارا من قاضي المحكمة الجزئية في مانهاتن، جورج دانيلز، بشأن ما إذا كان بالإمكان المضي قدما في القضية، وهو ما قد يفتح المجال أمام ظهور المزيد من الأدلة، وفق "سي أن أن".

وفي جلسة يوليو، اتهم محامو أهالي الضحايا مواطنين سعوديين اثنين بأنها دعما اثنين من خاطفي الطائرات، وهما نواف الحازمي وخالد المحضار، بعد وصولهما إلى جنوب كاليفورنيا عام 2000.

وقالوا إن الدبلوماسي السعودي، فهد الثميري، الذي كان يعمل في القنصلية السعودية في لوس أنجلوس، كان جهة الاتصال الرئيسية بين "تنظيم القاعدة" والخاطفين الاثنين في لوس أنجلوس، وفقا لملفات المدعين أمام المحكمة.

وقالوا إن الثميري عمل مع سعودي آخر هو عمر البيومي، في دعم الخاطفين الاثنين أثناء وجودهما في كاليفورنيا، وفقا لملفات المحكمة.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد رفعت السرية عن مذكرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) في ديسمبر 2021، كشفت عن شكوك قوية بشأن ارتباط السعودية رسميا بالخاطفين الذين نفّذوا اعتداءات 11 سبتمبر، لكنها لم تتمكن من تقديم الإثبات الذي كانت تنتظره العائلات التي تقاضي الرياض.

وكشفت المذكرة عن وجود ارتباطات بين البيومي، الذي كان حينها طالبا، ونواف الحازمي وخالد المحضار.

وساعد البيومي، الذي كان طالبا وعمل أيضا مع مقاول سعودي، الخاطفين عند وصولهما إلى البلاد، وفقا لتقرير لجنة 11 سبتمبر 2004. وذكر التقرير في ذلك الوقت أنه ساعدهما في العثور على شقة في سان دييغو وفتح حساب مصرفي ووقع على عقد إيجارهما.

وقد دعمت المعلومات التي أصدرها "أف بي آي" في وقت لاحق ادعاء المدعين بأن البيومي والثميري قاما بتنسيق شبكة الدعم في جنوب كاليفورنيا بتوجيه من مسؤولين سعوديين.

لكن تقرير عام 2004 قال إنه لم يجد أي دليل في ذلك الوقت على أن البيومي ساعد الخاطفين عن علم.

وأكدت المملكة أن البيومي كان طالبا وكان يتردد على مسجد في سان دييغو، وساعد بدون علم الخاطفين باعتبارهم قادمين جدد لا يجيدون الإنكليزية.

وفي جلسة الاستماع في يوليو، أثناء مناقشة اقتراح إسقاط الدعوى، ركز مايكل كيلوج، محامي السعودية، بشكل كبير على البيومي، قائلا إن أي مساعدة قدمها للخاطفين كانت "محدودة وبريئة تماما".

وتشير الأدلة التي أعدها محامو المدعين إلى أن البيومي التقى بمسؤول دبلوماسي سعودي في القنصلية قبل لقاء الخاطفين لأول مرة في مطعم في لوس أنجلوس، بعد أسبوعين من وصولهما إلى كاليفورنيا. وساعد البيومي في تسهيل انتقال الخاطفين من لوس أنجلوس إلى سان دييغو في غضون أيام من ذلك الاجتماع.

ويقول محامو المملكة إن البيومي التقى بالخاطفين بالصدفة في مطعم حلال بالقرب من مسجد معروف وكانت اتصالاته بهما "محدودة".

وقال محامي المملكة أيضا إنه لا يوجد دليل على أن الثميري فعل أي شيء لمساعدتهما، لكن محامي عائلات 11 سبتمبر قدم نتائج مكتب التحقيقات الفيدرالي التي تفيد بأن الثميري كلف أحد المصلين في المسجد باستلام الخاطفين من المطار، وإحضارهما إليه عندما وصلا لأول مرة إلى لوس أنجلوس، في منتصف يناير 2000.

وفي إفادة عن بعد تم إجراؤها في هذه الدعوى القضائية في عام 2021، أقر البيومي بأنه ساعد الخاطفين على الاستقرار في سان دييغو بدون علم بنواياهم، وقال إنه لم يكن متورطا في الهجمات.

وتضمنت الأدلة المعروضة البيومي وهو يلتقط صورا في واشنطن العاصمة، على مدار عدة أيام في عام 1999، وقال المدعون إنها قام بالتقاط الصور بغية معرفة مداخل وخارج مبنى الكابيتول.

ولطالما اعتقد المسؤولون أن الكابيتول ربما كان الهدف الأصلي للطائرة التي تحطمت في بنسلفانيا.

من جانبهم، قال محامو المملكة ان البيومي كان مجرد سائح في إجازة عندما صور جولته في الكابيتول وزيارته لمسؤولي السفارة السعودية.

وفي الجلسة، شاهد القاضي دانييلز فيديو لجولته، ويسمع في الفيديو البيومي وهو يقول: "هؤلاء هم شياطين البيت الأبيض". ووصف محامي السعودية اللغة التي استخدمها بأنها "مؤسفة"، لكنه قال إنها أُخرجت عن سياقها. ورد القاضي بأن العبارة لا تتوافق مع سائح يزور "مبنى جميلا".

وتحدث أهالي الضحايا عن اتصالات هاتفية متكررة بين البيومي ومسؤولين سعوديين، خاصة خلال فترة مساعدته الحازمي والمحضار، وتحدثوا عن دفتر مكتوب يحتوي على معلومات اتصال لأكثر من 100 مسؤول حكومي سعودي.

وقال محامو المملكة إن وجود جهات الاتصالات هذه مرتبطة بدوره التطوعي في المسجد.

وبعد انتهاء جلسة الاستماع، أعلنت وزارة الدفاع عن صفقة إقرار بالذنب مع العقل المدبر المزعوم للهجمات، خالد شيخ محمد، واثنين آخرين من المعتقلين الآخرين معه في سجن غوانتانامو. ووافق هؤلاء على الاعتراف بالذنب بتهم التآمر مقابل الحكم عليهم بالسجن المؤبد.

وأثار إعلان صفقة الإقرار بالذنب ردود فعل قوية من أسر الضحايا بعد خروجهم من جلسة الاستماع.

وبعد يومين فقط، ألغى وزير الدفاع، لويد أوستن، صفقة الإقرار بالذنب في مذكرة مفاجئة وكتب أن "المسؤولية عن مثل هذا القرار يجب أن تقع على عاتقي".

وإلغاء الصفقة يعني إعادة "عقوبة الإعدام" لتصبح مطروحة مرة أخرى بحق هؤلاء.

لكن القضية أثارت جدلا قانونيا. ويقول محامون إن قرار أوستن غير قانوني.

ووسط هذا الجدل، تأمل أسر الضحايا أن تجلب لهم الدعوى القضائية المرفوعة على السعودية "العدالة التي كانوا يسعون إليها لأكثر من 20 عاما".