بقلم إلسي مِلكونيان:

كانت الفلوجة مسرحاً للمواجهات وخاصة في العام 2004، حيث شهدت المدينة معركتين كبيرتين بين الجيش الأميركي وعناصر من الجيش العراقي من جهة وعناصر من مجموعات مسلحة ومجموعات إرهابية، من بينها تنظيم القاعدة بزعامة أبو مصعب الزرقاوي، من جهة أخرى. ووثق جنود أميركيون مجريات تلك المواجهات بواسطة كاميرات بسيطة كانوا يحملونها لتصبح أفلاماً وثائقية تحكي للعالم ما شاهدوه وعاشوه.

نذكر أبرز بعض هذه الوثائقيات الناطقة باللغة الإنكليزية:

target="_blank">معركة الفلوجة الثانية

منذ عام 2004، لم تكن الفلوجة مدينة عادية، بل صارت مسرحاً لنشاط الزرقاوي، وغيره من أكثر المتطرفين ضراوة. وبعد قيام مسلحين، في 31 آذار/مارس 2004، بقتل أربعة من عناصر شركة “بلاك ووتر” الأمنية الأميركية والتمثيل بجثثهم وحرقها وتعليقها على الجسر القديم وسط المدينة، اندلعت معركة الفلوجة الأولى، وتلتها المعركة الثانية للاستيلاء على المدينة.

هذا كان موضوع الوثائقي "حرب فلوجة الثانية" الذي يحكي عن أكثر الحروب دموية، شنها الجيش الأميركي في الفترة التي امتدت من 7 تشرين الثاني/نوفمبر، إلى 24 كانون الأول/ديسمبر 2004، وكانت موثقة بمشاهد حية من ساحة المعارك وشهادات من جنود أميركيين شاركوا في المعركة.

كان العديد من المقاتلين داخل المدينة من المتشددين الأجانب أو من المقاتلين من عناصر الجيش العراقي السابق. وكان التحدي الأكبر أن لدى هؤلاء المقاتلين رغبة بالموت تفوق كمية الأسلحة التي يمتلكونها ولكن هناك عامل آخر ساعدهم في القتال. يقول الكاتب بينغ ويست إن "كمية المنشطات التي كان تعاطاها المتطرفون منحتهم طاقة غير عادية في القتال، فهم كانوا يستمرون بالحركة حتى بعد إطلاق النار عليهم".

بلغ عدد قتلى القوات الأميركية  82 جندياً من أصل 12 ألفاً شاركوا في المعركة، بينما جرح 600 آخرون. كما قتل ستة من القوات العراقية وجرح أكثر من 52 جندياً.  أما عن المتطرفين، يقدر أنه قتل حوالي ألفان وأسر 1200 آخرون. وكان في المدينة حوالي أربعة آلاف مقاتل أثناء الهجوم، حسب الواشنطن بوست.

كنتيجة، أعيدت الفلوجة إلى سيطرة الحكومة العراقية إلى أن سقطت تحت قبضة داعش، في كانون الثاني/يناير 2014.

الفيلم من إنتاج تراديشنز ميليتيري فيديوز.

حرب نوفمبر

يسرد هذا الفيلم وقائع غيّرت حياة الكثير من المقاتلين الأميركيين أثناء محاولتهم تمشيط أحد المنازل من المقاتلين. وقد قام بتصوير مشاهد هذا الفيلم الجنود المشاركون في القتال باستخدام كاميراتهم الشخصية، وتحدثوا أيضاً عن مشاركتهم في المعركة ليقدموا للمشاهد صورة أوضح عن مجريات  المعركة.

لكن الفيلم يركز بشكل خاص على مقتل العريف مايكل كوهين، في 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2004 (23 عاماً)، ويقدم شهادات من رفقائه عبروا فيها عن حزنهم وصراعاتهم وذكرياتهم في ذلك اليوم.

أرسل جنود مشاة البحرية الأميركية إلى الفلوجة، ووجدوا أنفسهم في أعنف حرب تجري في المناطق الحضرية منذ حرب فيتنام. وكان السكان قد أخلوا المدينة فباتت ساحة معركة ومدينة أشباح.

صدر الفيلم على يوتيوب في عام 2013 من إخراج غاريت أندرسن وأنطوان دي لا توري.

الطريق إلى الفلوجة

في يناير 2005، قرر رجل أميركي وامرأة عراقية التعاون  لتوثيق ما يجري في "المثلث السني العراقي". ويقع هذا المثلث بين مدينة بعقوبة في الشرق والرمادي في الغرب وتكريت في الشمال ويضم المثلث مدينتي سامراء والفلوجة.

يحكي فيلم "الطريق إلى الفلوجة" قصة الغريبين الوحيدين في المدينة الذين عايشا أهلها، بعد معركة نوفمبر/تشرين الثاني 2004، التي تركت خلفها الدمار والخراب، حيث وثقا قصصهم وقدماها للعالم. تنشد قصتهما البحث عن السلام.

يعالج الفيلم القضايا العراقية بنظرة إنسانية باحثاً عن سبل لإحلال السلم بعد أهوال الحرب. ويمثل الفيلم أيضاً نموذجاً مصغراً لطريقة صنع القرار الأميركي المتعلق بالعراق.

يطرح الفيلم منظوراً جديداً لحل أزمة العراق الحالية ودليلاً ليساعد على اتخاذ قرارات السياسة الخارجية.

أنتج هذا الفيلم بجهود عراقية وأميركية ويتضمن مقابلات مع مدنيين عراقيين ولاجئين ومقاتلين أجانب وعناصر من الجيش الأميركي وأعضاء في الكونغرس وباحثين إسلاميين ومحللين إعلاميين.

صدر بالتعاون بين صانعي أفلام عراقيين وأميركيين وهو من إخراج مارك ماننينغ.

عرض هذا الفيلم في العديد من المهرجانات العالمية مثل مهرجان أتلانتا السنمائي ومهرجان جمعية الأمم المتحدة للأفلام السنمائية.

*الصورة: يعالج الفيلم القضايا العراقية بنظرة إنسانية باحثاً عن سبل لإحلال السلم بعد أهوال الحرب/Shutterstock

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك
الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك

بعد 23 عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، يواصل ناجون وعائلات الضحايا معركة قانونية طويلة لمساءلة السعودية التي يقولون إن مسؤوليها لعبوا دورا في التخطيط للهجمات الدامية.

وينتظر الناجون وعائلات الضحايا قرارا هاما لقاضٍ فيدرالي في نيويورك بشأن قضية اتهام السعودية بدعم خاطفي أربع طائرات شاركت بالهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون في 11 سبتمبر 2001.

وتنفي المملكة هذه المزاعم بقوة.

ويحيي مسؤولون سياسيون وعسكريون ومواطنون عاديون، الأربعاء، الذكرى الـ23 للهجمات بفعاليات خاصة في نيويورك والعاصمة واشنطن وعدد من المدن الأميركية الأخرى.

وفي جلسة استماع عقدت أمام المحكمة الجزئية في مانهاتن في نهاية يوليو الماضي، للنظر في طلب السعودية إسقاط القضية، عرض محامو الضحايا ما قالوا إنها أدلة عن شبكة الدعم التي تضم مسؤولين سعوديين عملوا في الولايات المتحدة، والتي سهلت تحركات خاطفي الطائرات التي اصطدمت ببرجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك، والبنتاغون في فيرجينيا، وسقطت واحدة في بنسلفانيا.

وقال محامي المدعين، جافين سيمبسون، خلال جلسة 31 يوليو إن الشبكة السرية "أنشأتها ومولتها وأدارتها ودعمتها السعودية والمنظمات التابعة لها والدبلوماسيون داخل الولايات المتحدة".

وبعد انتهاء الجلسة، طالب أكثر من ثلاثة آلاف شخص من عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر كلا من الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب، ونائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، بمعارضة أي اتفاق للسلام بالشرق الأوسط مع السعودية قبل أن تحاسِب الحكومة الأميركية المملكة على أي دور محتمل في هجمات عام 2001

وضمت المجموعة المسؤولة عن هجمات سبتمبر 19 شخصا من "تنظيم القاعدة"، بينهم 15 سعوديا، إلا أن الروابط المحتملة بين الحكومة السعودية والإرهابيين ظلت محل تساؤلات لسنوات.

ونفت السعودية أي تورط حكومي في الهجمات.

ولطالما قالت الولايات المتحدة إن الرياض لم يكن له أي دور وإن "تنظيم القاعدة" تصرف بمفرده.

وفي 2016، أصدر الكونغرس تشريع "العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي سمح لأسر ضحايا الهجمات بمقاضاة السعودية، وهو ما مهد الطريق أمام مطالبات قضائية عدة من عائلات الضحايا بالحصول على تعويضات من المملكة.

وتنتظر عائلات الضحايا قرارا من قاضي المحكمة الجزئية في مانهاتن، جورج دانيلز، بشأن ما إذا كان بالإمكان المضي قدما في القضية، وهو ما قد يفتح المجال أمام ظهور المزيد من الأدلة، وفق "سي أن أن".

وفي جلسة يوليو، اتهم محامو أهالي الضحايا مواطنين سعوديين اثنين بأنها دعما اثنين من خاطفي الطائرات، وهما نواف الحازمي وخالد المحضار، بعد وصولهما إلى جنوب كاليفورنيا عام 2000.

وقالوا إن الدبلوماسي السعودي، فهد الثميري، الذي كان يعمل في القنصلية السعودية في لوس أنجلوس، كان جهة الاتصال الرئيسية بين "تنظيم القاعدة" والخاطفين الاثنين في لوس أنجلوس، وفقا لملفات المدعين أمام المحكمة.

وقالوا إن الثميري عمل مع سعودي آخر هو عمر البيومي، في دعم الخاطفين الاثنين أثناء وجودهما في كاليفورنيا، وفقا لملفات المحكمة.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد رفعت السرية عن مذكرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) في ديسمبر 2021، كشفت عن شكوك قوية بشأن ارتباط السعودية رسميا بالخاطفين الذين نفّذوا اعتداءات 11 سبتمبر، لكنها لم تتمكن من تقديم الإثبات الذي كانت تنتظره العائلات التي تقاضي الرياض.

وكشفت المذكرة عن وجود ارتباطات بين البيومي، الذي كان حينها طالبا، ونواف الحازمي وخالد المحضار.

وساعد البيومي، الذي كان طالبا وعمل أيضا مع مقاول سعودي، الخاطفين عند وصولهما إلى البلاد، وفقا لتقرير لجنة 11 سبتمبر 2004. وذكر التقرير في ذلك الوقت أنه ساعدهما في العثور على شقة في سان دييغو وفتح حساب مصرفي ووقع على عقد إيجارهما.

وقد دعمت المعلومات التي أصدرها "أف بي آي" في وقت لاحق ادعاء المدعين بأن البيومي والثميري قاما بتنسيق شبكة الدعم في جنوب كاليفورنيا بتوجيه من مسؤولين سعوديين.

لكن تقرير عام 2004 قال إنه لم يجد أي دليل في ذلك الوقت على أن البيومي ساعد الخاطفين عن علم.

وأكدت المملكة أن البيومي كان طالبا وكان يتردد على مسجد في سان دييغو، وساعد بدون علم الخاطفين باعتبارهم قادمين جدد لا يجيدون الإنكليزية.

وفي جلسة الاستماع في يوليو، أثناء مناقشة اقتراح إسقاط الدعوى، ركز مايكل كيلوج، محامي السعودية، بشكل كبير على البيومي، قائلا إن أي مساعدة قدمها للخاطفين كانت "محدودة وبريئة تماما".

وتشير الأدلة التي أعدها محامو المدعين إلى أن البيومي التقى بمسؤول دبلوماسي سعودي في القنصلية قبل لقاء الخاطفين لأول مرة في مطعم في لوس أنجلوس، بعد أسبوعين من وصولهما إلى كاليفورنيا. وساعد البيومي في تسهيل انتقال الخاطفين من لوس أنجلوس إلى سان دييغو في غضون أيام من ذلك الاجتماع.

ويقول محامو المملكة إن البيومي التقى بالخاطفين بالصدفة في مطعم حلال بالقرب من مسجد معروف وكانت اتصالاته بهما "محدودة".

وقال محامي المملكة أيضا إنه لا يوجد دليل على أن الثميري فعل أي شيء لمساعدتهما، لكن محامي عائلات 11 سبتمبر قدم نتائج مكتب التحقيقات الفيدرالي التي تفيد بأن الثميري كلف أحد المصلين في المسجد باستلام الخاطفين من المطار، وإحضارهما إليه عندما وصلا لأول مرة إلى لوس أنجلوس، في منتصف يناير 2000.

وفي إفادة عن بعد تم إجراؤها في هذه الدعوى القضائية في عام 2021، أقر البيومي بأنه ساعد الخاطفين على الاستقرار في سان دييغو بدون علم بنواياهم، وقال إنه لم يكن متورطا في الهجمات.

وتضمنت الأدلة المعروضة البيومي وهو يلتقط صورا في واشنطن العاصمة، على مدار عدة أيام في عام 1999، وقال المدعون إنها قام بالتقاط الصور بغية معرفة مداخل وخارج مبنى الكابيتول.

ولطالما اعتقد المسؤولون أن الكابيتول ربما كان الهدف الأصلي للطائرة التي تحطمت في بنسلفانيا.

من جانبهم، قال محامو المملكة ان البيومي كان مجرد سائح في إجازة عندما صور جولته في الكابيتول وزيارته لمسؤولي السفارة السعودية.

وفي الجلسة، شاهد القاضي دانييلز فيديو لجولته، ويسمع في الفيديو البيومي وهو يقول: "هؤلاء هم شياطين البيت الأبيض". ووصف محامي السعودية اللغة التي استخدمها بأنها "مؤسفة"، لكنه قال إنها أُخرجت عن سياقها. ورد القاضي بأن العبارة لا تتوافق مع سائح يزور "مبنى جميلا".

وتحدث أهالي الضحايا عن اتصالات هاتفية متكررة بين البيومي ومسؤولين سعوديين، خاصة خلال فترة مساعدته الحازمي والمحضار، وتحدثوا عن دفتر مكتوب يحتوي على معلومات اتصال لأكثر من 100 مسؤول حكومي سعودي.

وقال محامو المملكة إن وجود جهات الاتصالات هذه مرتبطة بدوره التطوعي في المسجد.

وبعد انتهاء جلسة الاستماع، أعلنت وزارة الدفاع عن صفقة إقرار بالذنب مع العقل المدبر المزعوم للهجمات، خالد شيخ محمد، واثنين آخرين من المعتقلين الآخرين معه في سجن غوانتانامو. ووافق هؤلاء على الاعتراف بالذنب بتهم التآمر مقابل الحكم عليهم بالسجن المؤبد.

وأثار إعلان صفقة الإقرار بالذنب ردود فعل قوية من أسر الضحايا بعد خروجهم من جلسة الاستماع.

وبعد يومين فقط، ألغى وزير الدفاع، لويد أوستن، صفقة الإقرار بالذنب في مذكرة مفاجئة وكتب أن "المسؤولية عن مثل هذا القرار يجب أن تقع على عاتقي".

وإلغاء الصفقة يعني إعادة "عقوبة الإعدام" لتصبح مطروحة مرة أخرى بحق هؤلاء.

لكن القضية أثارت جدلا قانونيا. ويقول محامون إن قرار أوستن غير قانوني.

ووسط هذا الجدل، تأمل أسر الضحايا أن تجلب لهم الدعوى القضائية المرفوعة على السعودية "العدالة التي كانوا يسعون إليها لأكثر من 20 عاما".