المغرب – بقلم زينون عبد العالي:

من ضواحي مدينة سيدي قاسم غرب المغرب إلى الدار البيضاء، ثم إلى فرنسا حيث درس الطب، ثم التجول في مناطق الحروب الساخنة بالشرق الأوسط وآسيا، فالمغرب مجدداً حيث سيفتتح عيادة خاصة لعلاج اللاجئين والفقراء مجاناً. هذه قصة الطبيب المغربي زهير لهنا الذي يسابق الزمن من أجل تحقيق حلمه.

هدف نبيل

"هدفي أن أوصل الطب للفقراء والمهمشين في أي بقعة منسية في العالم"، يقول الدكتور زهير الذي جال أرجاء العالم ليقدم المساعدة الطبية لمنكوبي الكوارث الطبيعية والحروب.

بدأ الطبيب المغربي مشواره في مجال العمل الخيري التطوعي مع منظمة أطباء بلا حدود خلال عام 1998، في طب النساء، ثم تخصّص في جراحة النساء. ويقول إنّه اختار العمل التطوعي انطلاقاً مما عايشه كطبيب في المغرب، حيث رأى مظاهر الظلم والتهميش في المشافي الحكومية، على حد تعبيره.

ويضيف لهنا في حديث لموقع (إرفع صوتك) "وإن كان الناس قد ألفوا الظلم والتمييز، فأنا لم أستسغ ذلك. لا بد من مستقبل أفضل".

"مهنة الطب مهنة نبيلة بامتياز، فيها مد يد العون للفقير والمحتاج، لكن تحولها إلى مهنة تجارية غطى بشكل كبير على هذا الهدف الذي فقد بريقه"، يقول لهنا متأسفا على حالة الطب الإنساني في الوقت الراهن.

مسيرة محفوفة بالمخاطر

لم يخف لهنا من غارات الطائرات الحربية، ولا أصوات البنادق الرشاشة في ساحة المعارك، ولا الأوبئة الفتاكة التي تضرب بعض الدول الأفريقية، وأصرّ على أن يتواجد بالميدان لتقديم الإغاثة الطبية للجرحى والمرضى.

تنقل الدكتور لهنا لمساعدة المرضى في أفريقيا، حيث زار كل من أثيوبيا والكونغو وجزر القمر بهدف تقليل وفيات الأمهات والأطفال، والحد من مضاعفات الولادة، وكان له الفضل في إنقاذ عشرات الأرواح من موت محقق بسبب نقص التدخلات الجراحية في الحالات المستعجلة.

من أفريقيا غرباً نحو فلسطين التي زارها سبع مرات، كان آخرها خلال الحرب التي اندلعت بين حركة حماس والجيش الإسرائيلي صيف العام 2014. "وبما أنني صادفت هذه الحرب فقد طورت فاعليتي لأصبح طبيباً عاماً يقدم الإسعافات للجميع بغض النظر عن تخصصي، لأن مثل هذه اللحظات تنتفي فيها التخصصات"، يقول المتحدث.

"أجري وراء الأزمات، ولا يهدأ لي بال حتى أصل إلى المشافي الميدانية أو مراكز الإسعافات"، هكذا صارت حياة الطبيب المغربي الذي غامر بحياته برفقة طاقم من منظمات إغاثية دولية، وحلوا بأفغانستان التي تشهد حرباً ضروساً ضد إرهاب القاعدة لتقديم يد العون والمساعدة لفائدة النازحين، والمهمشين في المناطق الوعرة بهذه البقعة الساخنة.

الحرب في سورية والمخاطر التي تشكلها الجماعات المقاتلة هناك على البعثات الإنسانية الدولية لم تحد كذلك من عزيمة الطبيب الذي عمل في مخيم الزعتري الذي يضم النازحين المهجرين السوريين.

كما عمل الجراح المغربي في لبنان خلال حرب تموز 2006، ثم ليبيا إبان الثورة التي أسقطت نظام العقيد معمر القذافي، وسورية، إضافة إلى انتقاله صوب الهند إبان الزلزال المدمر الذي أصابها وخلف آلاف القتلى والجرحى قبل سنوات.

صعوبات جمة

وعن الصعوبات التي واجهها لهنا في عمله الإنساني، يدرج الطبيب ضعف التنسيق بين المنظمات الإغاثية في العالم العربي وأوروبا، حيث الجميع يهاب الاقتراب من المناطق الساخنة، يقول لهنا، راجياً تكثيف الجهود لمساعدة المحتاجين في جميع أنحاء العالم وأداء المهمة النبيلة.

"أعمل لوحدي، وأبحث عن جمعيات ومنظمات إنسانية لأشتغل ولا أراني حققت نحاجاً باهراً، ولو كنت كذلك لغيرت وضعية مهنة الطب في المغرب أو العالم العربي".

لدى عودته إلى المغرب، فكر لهنا في افتتاح عيادة تقدم العلاجات بشكل مجاني للفقراء والمحتاجين، وخاصة المهاجرين الأفارقة بالمغرب والنازحين السوريين الذين حلوا بالبلاد منذ اندلاع الازمة السورية، ممن يجدون صعوبة في ولوج الخدمات الصحية العمومية.

لكن السلطات المغربية منعته من تحقيق حلمه، حيث تم إغلاق العيادة بالقوة، فاتجه إلى فرنسا لافتتاح مشروعه هناك، إلا أن أملاً لاح في الافق، وعاد إلى المغرب ليعيد افتتاحها من جديد بعدما تلقى وعداً بذلك.

يقول لهنا إنه لا يبتغي شهرة من وراء عمله ولا ربحاً مادياً، وإنما تقديم المساعدة والمعلومة الطبية لمن هم في حاجة إليها، وتقريب مهنة الطب من الفقراء الذين يكتوون من أسعار الخدمات الصحية الخاصة، وبؤس تلك التي تقدمها المستشفيات العمومية.

ولم تحدد السلطات المغربية موعد السماح للطبيب المغربي بفتح عيادته المجانية، إلا أنه عبر عن أمله في أن يكون ذلك قريباً، حتى لا يذهب حلم آلاف الفقراء واللاجئين مهب الرياح.

*الصور: لهنا أثناء مزاولة مهنته/تنشر بإذن خاص منه

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك
الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك

بعد 23 عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، يواصل ناجون وعائلات الضحايا معركة قانونية طويلة لمساءلة السعودية التي يقولون إن مسؤوليها لعبوا دورا في التخطيط للهجمات الدامية.

وينتظر الناجون وعائلات الضحايا قرارا هاما لقاضٍ فيدرالي في نيويورك بشأن قضية اتهام السعودية بدعم خاطفي أربع طائرات شاركت بالهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون في 11 سبتمبر 2001.

وتنفي المملكة هذه المزاعم بقوة.

ويحيي مسؤولون سياسيون وعسكريون ومواطنون عاديون، الأربعاء، الذكرى الـ23 للهجمات بفعاليات خاصة في نيويورك والعاصمة واشنطن وعدد من المدن الأميركية الأخرى.

وفي جلسة استماع عقدت أمام المحكمة الجزئية في مانهاتن في نهاية يوليو الماضي، للنظر في طلب السعودية إسقاط القضية، عرض محامو الضحايا ما قالوا إنها أدلة عن شبكة الدعم التي تضم مسؤولين سعوديين عملوا في الولايات المتحدة، والتي سهلت تحركات خاطفي الطائرات التي اصطدمت ببرجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك، والبنتاغون في فيرجينيا، وسقطت واحدة في بنسلفانيا.

وقال محامي المدعين، جافين سيمبسون، خلال جلسة 31 يوليو إن الشبكة السرية "أنشأتها ومولتها وأدارتها ودعمتها السعودية والمنظمات التابعة لها والدبلوماسيون داخل الولايات المتحدة".

وبعد انتهاء الجلسة، طالب أكثر من ثلاثة آلاف شخص من عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر كلا من الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب، ونائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، بمعارضة أي اتفاق للسلام بالشرق الأوسط مع السعودية قبل أن تحاسِب الحكومة الأميركية المملكة على أي دور محتمل في هجمات عام 2001

وضمت المجموعة المسؤولة عن هجمات سبتمبر 19 شخصا من "تنظيم القاعدة"، بينهم 15 سعوديا، إلا أن الروابط المحتملة بين الحكومة السعودية والإرهابيين ظلت محل تساؤلات لسنوات.

ونفت السعودية أي تورط حكومي في الهجمات.

ولطالما قالت الولايات المتحدة إن الرياض لم يكن له أي دور وإن "تنظيم القاعدة" تصرف بمفرده.

وفي 2016، أصدر الكونغرس تشريع "العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي سمح لأسر ضحايا الهجمات بمقاضاة السعودية، وهو ما مهد الطريق أمام مطالبات قضائية عدة من عائلات الضحايا بالحصول على تعويضات من المملكة.

وتنتظر عائلات الضحايا قرارا من قاضي المحكمة الجزئية في مانهاتن، جورج دانيلز، بشأن ما إذا كان بالإمكان المضي قدما في القضية، وهو ما قد يفتح المجال أمام ظهور المزيد من الأدلة، وفق "سي أن أن".

وفي جلسة يوليو، اتهم محامو أهالي الضحايا مواطنين سعوديين اثنين بأنها دعما اثنين من خاطفي الطائرات، وهما نواف الحازمي وخالد المحضار، بعد وصولهما إلى جنوب كاليفورنيا عام 2000.

وقالوا إن الدبلوماسي السعودي، فهد الثميري، الذي كان يعمل في القنصلية السعودية في لوس أنجلوس، كان جهة الاتصال الرئيسية بين "تنظيم القاعدة" والخاطفين الاثنين في لوس أنجلوس، وفقا لملفات المدعين أمام المحكمة.

وقالوا إن الثميري عمل مع سعودي آخر هو عمر البيومي، في دعم الخاطفين الاثنين أثناء وجودهما في كاليفورنيا، وفقا لملفات المحكمة.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد رفعت السرية عن مذكرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) في ديسمبر 2021، كشفت عن شكوك قوية بشأن ارتباط السعودية رسميا بالخاطفين الذين نفّذوا اعتداءات 11 سبتمبر، لكنها لم تتمكن من تقديم الإثبات الذي كانت تنتظره العائلات التي تقاضي الرياض.

وكشفت المذكرة عن وجود ارتباطات بين البيومي، الذي كان حينها طالبا، ونواف الحازمي وخالد المحضار.

وساعد البيومي، الذي كان طالبا وعمل أيضا مع مقاول سعودي، الخاطفين عند وصولهما إلى البلاد، وفقا لتقرير لجنة 11 سبتمبر 2004. وذكر التقرير في ذلك الوقت أنه ساعدهما في العثور على شقة في سان دييغو وفتح حساب مصرفي ووقع على عقد إيجارهما.

وقد دعمت المعلومات التي أصدرها "أف بي آي" في وقت لاحق ادعاء المدعين بأن البيومي والثميري قاما بتنسيق شبكة الدعم في جنوب كاليفورنيا بتوجيه من مسؤولين سعوديين.

لكن تقرير عام 2004 قال إنه لم يجد أي دليل في ذلك الوقت على أن البيومي ساعد الخاطفين عن علم.

وأكدت المملكة أن البيومي كان طالبا وكان يتردد على مسجد في سان دييغو، وساعد بدون علم الخاطفين باعتبارهم قادمين جدد لا يجيدون الإنكليزية.

وفي جلسة الاستماع في يوليو، أثناء مناقشة اقتراح إسقاط الدعوى، ركز مايكل كيلوج، محامي السعودية، بشكل كبير على البيومي، قائلا إن أي مساعدة قدمها للخاطفين كانت "محدودة وبريئة تماما".

وتشير الأدلة التي أعدها محامو المدعين إلى أن البيومي التقى بمسؤول دبلوماسي سعودي في القنصلية قبل لقاء الخاطفين لأول مرة في مطعم في لوس أنجلوس، بعد أسبوعين من وصولهما إلى كاليفورنيا. وساعد البيومي في تسهيل انتقال الخاطفين من لوس أنجلوس إلى سان دييغو في غضون أيام من ذلك الاجتماع.

ويقول محامو المملكة إن البيومي التقى بالخاطفين بالصدفة في مطعم حلال بالقرب من مسجد معروف وكانت اتصالاته بهما "محدودة".

وقال محامي المملكة أيضا إنه لا يوجد دليل على أن الثميري فعل أي شيء لمساعدتهما، لكن محامي عائلات 11 سبتمبر قدم نتائج مكتب التحقيقات الفيدرالي التي تفيد بأن الثميري كلف أحد المصلين في المسجد باستلام الخاطفين من المطار، وإحضارهما إليه عندما وصلا لأول مرة إلى لوس أنجلوس، في منتصف يناير 2000.

وفي إفادة عن بعد تم إجراؤها في هذه الدعوى القضائية في عام 2021، أقر البيومي بأنه ساعد الخاطفين على الاستقرار في سان دييغو بدون علم بنواياهم، وقال إنه لم يكن متورطا في الهجمات.

وتضمنت الأدلة المعروضة البيومي وهو يلتقط صورا في واشنطن العاصمة، على مدار عدة أيام في عام 1999، وقال المدعون إنها قام بالتقاط الصور بغية معرفة مداخل وخارج مبنى الكابيتول.

ولطالما اعتقد المسؤولون أن الكابيتول ربما كان الهدف الأصلي للطائرة التي تحطمت في بنسلفانيا.

من جانبهم، قال محامو المملكة ان البيومي كان مجرد سائح في إجازة عندما صور جولته في الكابيتول وزيارته لمسؤولي السفارة السعودية.

وفي الجلسة، شاهد القاضي دانييلز فيديو لجولته، ويسمع في الفيديو البيومي وهو يقول: "هؤلاء هم شياطين البيت الأبيض". ووصف محامي السعودية اللغة التي استخدمها بأنها "مؤسفة"، لكنه قال إنها أُخرجت عن سياقها. ورد القاضي بأن العبارة لا تتوافق مع سائح يزور "مبنى جميلا".

وتحدث أهالي الضحايا عن اتصالات هاتفية متكررة بين البيومي ومسؤولين سعوديين، خاصة خلال فترة مساعدته الحازمي والمحضار، وتحدثوا عن دفتر مكتوب يحتوي على معلومات اتصال لأكثر من 100 مسؤول حكومي سعودي.

وقال محامو المملكة إن وجود جهات الاتصالات هذه مرتبطة بدوره التطوعي في المسجد.

وبعد انتهاء جلسة الاستماع، أعلنت وزارة الدفاع عن صفقة إقرار بالذنب مع العقل المدبر المزعوم للهجمات، خالد شيخ محمد، واثنين آخرين من المعتقلين الآخرين معه في سجن غوانتانامو. ووافق هؤلاء على الاعتراف بالذنب بتهم التآمر مقابل الحكم عليهم بالسجن المؤبد.

وأثار إعلان صفقة الإقرار بالذنب ردود فعل قوية من أسر الضحايا بعد خروجهم من جلسة الاستماع.

وبعد يومين فقط، ألغى وزير الدفاع، لويد أوستن، صفقة الإقرار بالذنب في مذكرة مفاجئة وكتب أن "المسؤولية عن مثل هذا القرار يجب أن تقع على عاتقي".

وإلغاء الصفقة يعني إعادة "عقوبة الإعدام" لتصبح مطروحة مرة أخرى بحق هؤلاء.

لكن القضية أثارت جدلا قانونيا. ويقول محامون إن قرار أوستن غير قانوني.

ووسط هذا الجدل، تأمل أسر الضحايا أن تجلب لهم الدعوى القضائية المرفوعة على السعودية "العدالة التي كانوا يسعون إليها لأكثر من 20 عاما".