الجزائر – بقلم أميل العمراوي:

على غرار الدول العربية، والمسلمين عموماً، يستقبل الجزائريون شهر رمضان وهم يسمعون أخبار الحرب في سورية والعراق وعيونهم على البلدان المتاخمة لبلدهم كتونس وليبيا ومالي حيث يتصاعد تهديد الإرهاب.

أخبار المنطقة العربية مقلقة

المهندس محمد باكير، موظف بشركة عمومية في العقد الخامس من العمر، لا يخفي تخوّفه من مستقبل المنطقة عموماً والجزائر على وجه أخص لما يسمعه من أخبار على الفضائيات ومواقع الإنترنت.

"كلما أفتح التلفزيون أشاهد مناظر مروعة لما يحدث في سورية والعراق ثم تونس وليبيا، ما نشاهده من صور وأخبار لا يبعث على التفاؤل".

ويتساءل محمد في حديثه لموقع (ارفع صوتك) إن كانت الجزائر فعلاً تمكنت من القضاء على خطر الإرهاب على أساس ما سمعه من حين لآخر عن توقيف مجموعة إرهابية أو القضاء على عدد من الإرهابيين خلال عمليات تفتيش أو مداهمات.

"لا يمكن أن أتفاءل وأنا أسمع دائما أخبار إجهاض عمليات إرهابية هنا والقضاء على مسلحين هناك وإفشال توغل مجموعة إرهابية إلى الجزائر من ليبيا على حدودنا الجنوبية. أعتقد أن الخطر لا يزال قائماً وأتمنى أن لا أكون على صواب".

تراجع السياحة دليل عزلة المغرب العربي

يجمع الجزائريون ممن تحدثوا لموقع (إرفع صوتك) على أن السنوات الأخيرة كانت من أصعب الحقب التي تمر بها الدول العربية جراء الأحداث التي تشهدها المنطقة منذ قيام الثورة التونسية مروراً بما حدث في ليبيا وسورية والعراق.

أنيسة مرابطي، أم لثلاثة أطفال موظفة في قطاع السياحة تؤكد لموقع (إرفع صوتك) أن ما يجري في المنطقة أثر كثيراً على توافد السياح لتونس والجزائر والمغرب بحكم كونها على اتصال دائم مع وكالات السياحة بالمغرب العربي، وترى أن الأمر قد يطول إن لم نتمكن من تجاوز هذه الفترة التي تتسم بتصاعد العنف والتطرف.

وتقول أنيسة، 46 عاماً "لا يمكن للوطن العربي أن يعيش في عزلة عن العالم أكثر مما مضى، لقد تراجع عدد السياح هنا بالجزائر ناهيك عن تونس والمغرب. لقد ضعفت نسبة الإقبال إلى أقل من 50 في المئة وهو أمر سيتركنا في عزلة تماماً كما حدث خلال التسعينيات عندما كنا نعاني من الإرهاب".

يجب النظر للإرهاب كنتيجة

من جانبه، يرى نسيم سيفاوي، 40 عاماً، وهو طبيب مختص في العظام، أن الارهاب والتطرف يشكلان مشكلة كبيرة يجب مواجهتها بصرامة في وطننا العربي، لكنه يفضل أن يُنظرَ للتطرف المسلح كنتيجة وليس كسبب.

ويقول نسيم لموقع (إرفع صوتك) "الإرهاب مشكلة وجب حلها إما أمنياً أو أخلاقياً وفكرياً، لكن لا يجب إغفال أمر مهم هو كونها نتيجة لسياسات الدول العربية لسنين خلت. وأضرب لك على سبيل المثال الحكام المستبدين الذين حكموا البلاد العربية من سبعينيات القرن الماضي وإلى غاية بداية الألفية الثالثة مثل مصر وليبيا وتونس. أعتقد أن تلك كانت المشكلة الحقيقية".

دعم حوار الأجيال

ويذهب نسيم إلى ضرورة التشبث بمبادئ تداول السلطة السلمي والالتفاف حول القيم الإنسانية المشتركة لتجاوز هذه المحنة، ودعم حوار الأجيال للتخلص من العقد التي تراكمت نتيجة الهوة التي وضعها المستبدون بينهم وبين الشباب.

"لقد سئم الشباب من الوعود الكاذبة وهو الأمر الذي يفسر سخطهم على الحكام عموماً، لذلك وجب البحث في وسائل تعيد الثقة للشباب ولا يمكن تحقيق ذلك إلا بدعم الحوار بين الأجيال وإشراك الشباب في تسيير شؤون البلاد. ولا أتحدث هنا عن الجزائر فقط بل جميع البلدان العربية. لماذا لا نقتدي بالدول المتقدمة التي تعطي الأهمية للشباب؟".

مشاكل مشتركة مستقبل مبهم

في إجابتها عن سؤال لموقع (إرفع صوتك) حول ما إذا كانت متفائلة بمستقبل الدول العربية في ظل الأحداث الجارية، أوضحت السيدة حنيفة عقون وهي أستاذة بإحدى ثانويات العاصمة الجزائرية أن المستقبل مبهم في ظل غياب عديد المعطيات التي تضمنه.

"أرى أننا في الوطن العربي نعاني من مشاكل مشتركة كالبطالة وغياب العدالة الاجتماعية. نشترك في كل شيء حتى في أدق المسائل.. لقد استقبلنا شهر رمضان بالجزائر بفضيحة تسريبات أسئلة البكالوريا لنتفاجأ بذات المشكلة في كل من مصر والمغرب. كيف لي أن أطمح لمستقبل زاهر في وطن ضيع القيم والأخلاق؟ لا بد من إعادة النظر في منظومة القيم بوطننا العربي كي نتمكن من تطويق التعسف والاستبداد ومن ثم الفكر المتطرف".

*الصورة: "لقد سئم الشباب من الوعود الكاذبة"/Shutterstock

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك
الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك

بعد 23 عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، يواصل ناجون وعائلات الضحايا معركة قانونية طويلة لمساءلة السعودية التي يقولون إن مسؤوليها لعبوا دورا في التخطيط للهجمات الدامية.

وينتظر الناجون وعائلات الضحايا قرارا هاما لقاضٍ فيدرالي في نيويورك بشأن قضية اتهام السعودية بدعم خاطفي أربع طائرات شاركت بالهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون في 11 سبتمبر 2001.

وتنفي المملكة هذه المزاعم بقوة.

ويحيي مسؤولون سياسيون وعسكريون ومواطنون عاديون، الأربعاء، الذكرى الـ23 للهجمات بفعاليات خاصة في نيويورك والعاصمة واشنطن وعدد من المدن الأميركية الأخرى.

وفي جلسة استماع عقدت أمام المحكمة الجزئية في مانهاتن في نهاية يوليو الماضي، للنظر في طلب السعودية إسقاط القضية، عرض محامو الضحايا ما قالوا إنها أدلة عن شبكة الدعم التي تضم مسؤولين سعوديين عملوا في الولايات المتحدة، والتي سهلت تحركات خاطفي الطائرات التي اصطدمت ببرجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك، والبنتاغون في فيرجينيا، وسقطت واحدة في بنسلفانيا.

وقال محامي المدعين، جافين سيمبسون، خلال جلسة 31 يوليو إن الشبكة السرية "أنشأتها ومولتها وأدارتها ودعمتها السعودية والمنظمات التابعة لها والدبلوماسيون داخل الولايات المتحدة".

وبعد انتهاء الجلسة، طالب أكثر من ثلاثة آلاف شخص من عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر كلا من الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب، ونائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، بمعارضة أي اتفاق للسلام بالشرق الأوسط مع السعودية قبل أن تحاسِب الحكومة الأميركية المملكة على أي دور محتمل في هجمات عام 2001

وضمت المجموعة المسؤولة عن هجمات سبتمبر 19 شخصا من "تنظيم القاعدة"، بينهم 15 سعوديا، إلا أن الروابط المحتملة بين الحكومة السعودية والإرهابيين ظلت محل تساؤلات لسنوات.

ونفت السعودية أي تورط حكومي في الهجمات.

ولطالما قالت الولايات المتحدة إن الرياض لم يكن له أي دور وإن "تنظيم القاعدة" تصرف بمفرده.

وفي 2016، أصدر الكونغرس تشريع "العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي سمح لأسر ضحايا الهجمات بمقاضاة السعودية، وهو ما مهد الطريق أمام مطالبات قضائية عدة من عائلات الضحايا بالحصول على تعويضات من المملكة.

وتنتظر عائلات الضحايا قرارا من قاضي المحكمة الجزئية في مانهاتن، جورج دانيلز، بشأن ما إذا كان بالإمكان المضي قدما في القضية، وهو ما قد يفتح المجال أمام ظهور المزيد من الأدلة، وفق "سي أن أن".

وفي جلسة يوليو، اتهم محامو أهالي الضحايا مواطنين سعوديين اثنين بأنها دعما اثنين من خاطفي الطائرات، وهما نواف الحازمي وخالد المحضار، بعد وصولهما إلى جنوب كاليفورنيا عام 2000.

وقالوا إن الدبلوماسي السعودي، فهد الثميري، الذي كان يعمل في القنصلية السعودية في لوس أنجلوس، كان جهة الاتصال الرئيسية بين "تنظيم القاعدة" والخاطفين الاثنين في لوس أنجلوس، وفقا لملفات المدعين أمام المحكمة.

وقالوا إن الثميري عمل مع سعودي آخر هو عمر البيومي، في دعم الخاطفين الاثنين أثناء وجودهما في كاليفورنيا، وفقا لملفات المحكمة.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد رفعت السرية عن مذكرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) في ديسمبر 2021، كشفت عن شكوك قوية بشأن ارتباط السعودية رسميا بالخاطفين الذين نفّذوا اعتداءات 11 سبتمبر، لكنها لم تتمكن من تقديم الإثبات الذي كانت تنتظره العائلات التي تقاضي الرياض.

وكشفت المذكرة عن وجود ارتباطات بين البيومي، الذي كان حينها طالبا، ونواف الحازمي وخالد المحضار.

وساعد البيومي، الذي كان طالبا وعمل أيضا مع مقاول سعودي، الخاطفين عند وصولهما إلى البلاد، وفقا لتقرير لجنة 11 سبتمبر 2004. وذكر التقرير في ذلك الوقت أنه ساعدهما في العثور على شقة في سان دييغو وفتح حساب مصرفي ووقع على عقد إيجارهما.

وقد دعمت المعلومات التي أصدرها "أف بي آي" في وقت لاحق ادعاء المدعين بأن البيومي والثميري قاما بتنسيق شبكة الدعم في جنوب كاليفورنيا بتوجيه من مسؤولين سعوديين.

لكن تقرير عام 2004 قال إنه لم يجد أي دليل في ذلك الوقت على أن البيومي ساعد الخاطفين عن علم.

وأكدت المملكة أن البيومي كان طالبا وكان يتردد على مسجد في سان دييغو، وساعد بدون علم الخاطفين باعتبارهم قادمين جدد لا يجيدون الإنكليزية.

وفي جلسة الاستماع في يوليو، أثناء مناقشة اقتراح إسقاط الدعوى، ركز مايكل كيلوج، محامي السعودية، بشكل كبير على البيومي، قائلا إن أي مساعدة قدمها للخاطفين كانت "محدودة وبريئة تماما".

وتشير الأدلة التي أعدها محامو المدعين إلى أن البيومي التقى بمسؤول دبلوماسي سعودي في القنصلية قبل لقاء الخاطفين لأول مرة في مطعم في لوس أنجلوس، بعد أسبوعين من وصولهما إلى كاليفورنيا. وساعد البيومي في تسهيل انتقال الخاطفين من لوس أنجلوس إلى سان دييغو في غضون أيام من ذلك الاجتماع.

ويقول محامو المملكة إن البيومي التقى بالخاطفين بالصدفة في مطعم حلال بالقرب من مسجد معروف وكانت اتصالاته بهما "محدودة".

وقال محامي المملكة أيضا إنه لا يوجد دليل على أن الثميري فعل أي شيء لمساعدتهما، لكن محامي عائلات 11 سبتمبر قدم نتائج مكتب التحقيقات الفيدرالي التي تفيد بأن الثميري كلف أحد المصلين في المسجد باستلام الخاطفين من المطار، وإحضارهما إليه عندما وصلا لأول مرة إلى لوس أنجلوس، في منتصف يناير 2000.

وفي إفادة عن بعد تم إجراؤها في هذه الدعوى القضائية في عام 2021، أقر البيومي بأنه ساعد الخاطفين على الاستقرار في سان دييغو بدون علم بنواياهم، وقال إنه لم يكن متورطا في الهجمات.

وتضمنت الأدلة المعروضة البيومي وهو يلتقط صورا في واشنطن العاصمة، على مدار عدة أيام في عام 1999، وقال المدعون إنها قام بالتقاط الصور بغية معرفة مداخل وخارج مبنى الكابيتول.

ولطالما اعتقد المسؤولون أن الكابيتول ربما كان الهدف الأصلي للطائرة التي تحطمت في بنسلفانيا.

من جانبهم، قال محامو المملكة ان البيومي كان مجرد سائح في إجازة عندما صور جولته في الكابيتول وزيارته لمسؤولي السفارة السعودية.

وفي الجلسة، شاهد القاضي دانييلز فيديو لجولته، ويسمع في الفيديو البيومي وهو يقول: "هؤلاء هم شياطين البيت الأبيض". ووصف محامي السعودية اللغة التي استخدمها بأنها "مؤسفة"، لكنه قال إنها أُخرجت عن سياقها. ورد القاضي بأن العبارة لا تتوافق مع سائح يزور "مبنى جميلا".

وتحدث أهالي الضحايا عن اتصالات هاتفية متكررة بين البيومي ومسؤولين سعوديين، خاصة خلال فترة مساعدته الحازمي والمحضار، وتحدثوا عن دفتر مكتوب يحتوي على معلومات اتصال لأكثر من 100 مسؤول حكومي سعودي.

وقال محامو المملكة إن وجود جهات الاتصالات هذه مرتبطة بدوره التطوعي في المسجد.

وبعد انتهاء جلسة الاستماع، أعلنت وزارة الدفاع عن صفقة إقرار بالذنب مع العقل المدبر المزعوم للهجمات، خالد شيخ محمد، واثنين آخرين من المعتقلين الآخرين معه في سجن غوانتانامو. ووافق هؤلاء على الاعتراف بالذنب بتهم التآمر مقابل الحكم عليهم بالسجن المؤبد.

وأثار إعلان صفقة الإقرار بالذنب ردود فعل قوية من أسر الضحايا بعد خروجهم من جلسة الاستماع.

وبعد يومين فقط، ألغى وزير الدفاع، لويد أوستن، صفقة الإقرار بالذنب في مذكرة مفاجئة وكتب أن "المسؤولية عن مثل هذا القرار يجب أن تقع على عاتقي".

وإلغاء الصفقة يعني إعادة "عقوبة الإعدام" لتصبح مطروحة مرة أخرى بحق هؤلاء.

لكن القضية أثارت جدلا قانونيا. ويقول محامون إن قرار أوستن غير قانوني.

ووسط هذا الجدل، تأمل أسر الضحايا أن تجلب لهم الدعوى القضائية المرفوعة على السعودية "العدالة التي كانوا يسعون إليها لأكثر من 20 عاما".