المغرب – بقلم زينون عبد العالي:
"خسرنا الكثير من السياح بسبب الخوف من استهدافهم من قبل المتطرفين"، يقول الحسن الشقري صاحب فندق سياحي بمدينة فاس السياحية، مستذكراً كيف كان السياح يتقاطرون على المغرب قبل سنوات من ظهور داعش وتهديداته.
ويشتكي الشقري من تراجع مداخيل السياحة بسبب تراجع السياح، الذين فضلوا وجهات أخرى آمنة غير الدول العربية التي يغرق بعضها في الصراعات السياسية والفوضى الأمنية.
أجانب مطمئنون
تعبّر إيلين التي تزور المغرب برفقة زوجها وابنتيها لقضاء عطلة الصيف في المغرب عن إحساسها بالاطمئنان وعدم الشعور بأي تهديد إرهابي، مشيرة في حديث مع موقع (إرفع صوتك) إلى أن المغرب بلد يضمن أمن زائريه.
وتبدي المواطنة الفرنسية تحسرها من الخوف الذي تزرعه تهديدات المتطرفين ضد المغرب، خاصة فيما يتعلق باستهداف الأجانب كما وقع في مراكش قبل خمس سنوات، حيث استهدف الإرهاب سياحاً أبرياء اختاروا المغرب لقضاء عطلتهم، فعادوا إلى أوطانهم في النعوش.
"كنا نخاف في الماضي حين نرى العمليات الارهابية أو التهديدات التي توجه ضد المغرب من طرف المتطرفين، وفضلنا عدم السفر حتى تهدأ الأمور بعدما نصحتنا دولتنا بعدم السفر إلى المغرب"، يقول جيروم، وهو مواطن فرنسي يزور المغرب.
ويعبر جيروم، وهو سائح فرنسي من أصول جزائرية، عن ارتياحه بسبب جهود المغرب في محاربة التطرف والإرهاب، مضيفاً أن تفكيك الخلايا الإرهابية بشكل دوري وإن كان يثير الخوف في الأجانب الراغبين في زيارة المغرب، إلا أنه من جهة أخرى يطمئن المتواجدين فيه.
ويعود الحسن الشقري ليؤكد أن المغرب فقد آلاف السياح بعد هجمات تونس الدامية التي استهدفت سياحاً أجانب خلال العام 2015، كما أن التحذيرات التي أصدرتها عدة دول لرعاياها كان لها تأثير مباشر على تراجع السياحة نحو المغرب.
إقرار رسمي
وأقر وزير السياحة الحسين حداد في تصريحات صحافية لجريدة لوبوان الفرنسية مؤخراً بتراجع القطاع السياحي بنسبة واحد في المئة خلال السنة الماضية بفعل المتغيرات الدولية، وعلى رأسها الخطر الإرهابي الذي يهدّد منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط.
وأشار حداد إلى أن القطاع السياحي تراجع بشكل كبير في بعض البلدان العربية الأخرى التي تعاني من ويلات التطرف، حيث بلغ معدل التراجع نحو اثنين في المئة.
ويراهن المغرب على استقطاب 20 مليون سائح مطلع 2020، غير أن هذا الحلم اصطدم بمعوقات حالت دون ذلك، مما حدا بالدولة إلى وضع استراتيجية أخرى لتشجيع السياحة.
ويشكل قطاع السياحة إحدى أهم ركائز الاقتصاد المغربي، حيث يشكل هذا القطاع الحيوي حوالي 10 في المئة من الناتج الداخلي الاجمالي.
مخططات مرعبة
محمد مقراط، دليل سياحي يرافق وفود السياح القادمين لاكتشاف مدينة فاس التاريخية، يرى أن تراجع إقبال السياح على زيارة المغرب يعود بالأساس إلى الخوف من استهدافهم.
"المخططات التخريبية التي تعلن الأجهزة الأمنية عن إحباطها، تكون موجهة لاستهداف الأماكن السياحية والأجانب، الأمر الذي يثير الرعب في كل سائح أو راغب في ذلك"، يضيف مقراط.
الحل، بحسب مقراط، في تشجيع السياحة الداخلية لتفادي الخسارة التي يسببها غياب السائح الأجنبي، إضافة إلى تسويق صورة جيدة عن المغرب من خلال وسائل الإعلام وعدم تضخيم التهديدات الإرهابية أو إعطائها أكبر من حجمها.
الاقتصاد يتضرر
وفيما يأخذ الاقتصاد المغربي طريقاً متذبذباً نحو الحفاظ على نسبة نمو متواضعة، فإن ذلك لا يعني عدم تأثره بما يشهده محيط المغرب شرقاً وغرباً، حيث لم يخف وزير الاقتصاد والمالية المغربي محمد بوسعيد في حديث مع (إرفع صوتك) تأثر الاقتصادات المرتبطة بأوروبا التي أفجعتها ضربات إرهابية متتالية خلال السنوات الأخيرة.
وتحاشى الوزير المغربي التأكيد على أن اقتصاد بلاده تضرر بفعل التطرف، غير أن الباحث المغربي محمد العلمي أشار إلى أن "كبريات الشركات العالمية تتحاشى الاستثمار في البيئات المهددة من طرف التنظيمات الإرهابية، خاصة في منطقة شمال أفريقيا التي أصبحت وجهة داعش الجديدة".
مناطق مهددة
"الإنذارات التي تصدرها بعض الدول لمواطنيها بتجنب السفر إلى المغرب وبلدان شمال أفريقيا والعالم العربي تعطي الانطباع بأن هذه المناطق لا تصلح للاستثمار"، يبرز العلمي مشيراً في حديث لموقع (إرفع صوتك) إلى أن المستثمرين يخافون على مصالحهم وبالتالي يتضرر اقتصاد الدولة في المستقبل.
ويضيف العلمي أن "السياح بدورهم يفضلون البيئات الآمنة عوض بلدان يحفها الخطر الإرهابي، خاصة وأن تنظيم داعش انتقل من مناطق سيطرته في الشرق الأوسط إلى ليبيا في شمال أفريقيا".
وشكلت الأحداث الإرهابية التي شهدتها تونس خلال العام 2015 ضربة قوية للسياحة بالمنطقة، حيث أثرت بشكل مباشر على توافد السياح نحو بلدان شمال أفريقيا.
*الصورة: "السياح بدورهم يفضلون البيئات الآمنة"/Shutterstock
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659