بقلم علي عبد الأمير:
تقدم target="_blank">قرية البو ناهض في منطقة الفرات الأوسط بالعراق، مثالاً لحياة ممكنة بلا تطرف أو فساد وسط بيئة تكاد تغرق بهما البلاد شمالاً وجنوباً، شرقاً وغرباً، فهي توصي أبناءها بتجنب الحديث في السياسة والدين وترفع علامات توجب احترام القانون والبيئة، وتحض على ممارسات صحية للجسد عبر الرياضة، وللعقل عبر تشجيع القراءة وصداقة الكتاب.
وسر هذا المثال على حياة "نظيفة" حقاً من أمراض المجتمع العراقي المتفشية هذه الأيام، يوجزه ابن القرية، المهندس والناشط كاظم حسون، بأنّ "فكرة تجنب الجدل الديني التي طرحتها في القرية منذ أكثر من عام، جاءت من قناعة تامة بأن سبب تخلف الإنسان العربي هو نوعية الدين الذي يتعاطاه، وجعلته يعيش في واحة من الخزعبلات والتي يدرجها تحت مسمى الدين أو التدين".
ويواصل المهندس حسون حديثه إلى موقع (إرفع صوتك) بالقول "من هذا المبدأ ومن خلال الصور اليومية التي أراها هنا وهناك، واستخدام الأطفال وتطويعهم لطقوس دينية متخلفة وفق كل القياسات والمعايير العقلانية والإنسانية، يبدو المشهد لا يسر صديقاً، بل هو سلبي للغاية. وبالتأكيد أنت كإنسان تعيش وسط هذا الركام المتفاعل مع بعضه في الخفاء، يتناسل ويلد ويتكاثر، فلا بد أن تواجه سؤالاً: ما الذي يمكن أن تقوله أو تفعله؟ وانطلاقاً من كوني شديد الإيمان بأن الإنسان يجب أن يحاول كي يستمر وعلى الأقل في محيطه أو أمام نفسه، ومن هذا المبدأ طرحنا فكرة نبذ الجدل الديني باعتباره الأداة الفاعلة التي تخدم كل من يقف وراء هذا الظلام".
الخروج من منطقة تحت الصفر!
وبشأن ما يبدو وقوعاً في المحظور، يقول الناشط كاظم حسون "أنا اعرف أن من يتناول هذا الموضوع هو ربما يقترب قليلاً من النار، لكني أحاول أن أطرح أفكاري بطريقة لا تتقاطع مع الآخر، فمتى ما تخلصنا من هيمنة الفكر الديني غير الناضج، حينها نستطيع أن نقول إننا بدأنا من الصفر. وهذا الكلام يعني أننا تحت الصفر بدرجات، هذا هو ربط بين الأفكار التي طرحتها مسبقاً وبين ما أحاول ترسيخه في المجتمع المحيط بي".
لنحاسب أنفسنا أولاً؟
ويقدم المهندس كاظم حسون فكرة لافتة عمل على تطبيقها في محيطه الاجتماعي بالقرية الواقعة في محافظة الديوانية (نحو 200 كيلومتراً جنوب بغداد)، وهي رفض توجيه الاتهامات إلى الآخرين والاكتفاء بإلقاء اللوم عليهم في ما وصلت إليه حال البلاد، موضحاً "أحاول إقناع الناس حول أي قضية أطرحها، بألا يستخدموا الشماعات كي يلقوا بمشاكلهم ومصائبهم على الآخر، والكل يعرف حين تتحدث مع أي عربي (حتى المثقف)، فهو يأخذك إلى فكرة تتكرر دائماً وهي الاستعمار والإمبريالية وغيرها، أي فكرة المؤامرة وتلك هي الشمّاعة التي نستخدمها دائماً كي نتملص من مسؤوليتنا تجاه أنفسنا، لذلك هذه الأفكار جعلتنا أناساً انهزاميين نلقي باللوم على غيرنا ولا نحاسب أنفسنا. أعتقد أن كل إنسان يعيش في هذه الدنيا بالطريقة التي يريد، إما أن يعيش حراً أو عبداً تابعاً لأفكاره البالية ومعتقداته".
السلم محور العيش الرغيد
ويلفت حسون إلى أن "السلم هو محور أساسي، يمكن من خلاله أن يتعايش الإنسان مع الجار والشارع والمدينة والبلدان المجاورة، وأنا أخذت هذا التسلسل بنظر الاعتبار لأن جميع هذه المسميات التي ذكرتها بدأت تشكل مفردات يومية مهمة في حياة الناس الذين يعيشون قسوة التطرف ووحشيته وفي حياة الآخرين الذين يعرفون ويدركون جيداً أن هذه النار سوف تصل إليهم. وأيّ إنسان له أدنى اطلاع على حوادث التاريخ يعرف أن حروب التطرف الديني هي أكثر الحروب وحشية، ودائماً تتفق على شيء واحد وهو عدم وجود أسرى فيها. وإن وجدوا فبالتأكيد هم يعرفون أن الموت هو أفضل لهم، ولذا أعتقد أن كل إنسان في بلادنا ومنطقتنا بات يدرك جيداً أنّه لن يكون بعيداً عن نار التطرف الهمجي. ومن دون التصدي للتطرف بأشكاله المتعددة، لا أمل بحياة ممكنة، ولا فرصة لعيش آمن ورغيد".
*الصور: أنشطة متعددة في قرية البو ناهض/تنشر بإذن خاص من المهندس كاظم حسون
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659