بغداد – بقلم دعاء يوسف:
"قبل بضعة أسابيع، شاهدت رجلاً يهاجم سيدة كانت تسير في مكان كان قد تعرض بوقتها لحادث تفجير إرهابي. صرخ بوجهها لأنها لم تضع الحجاب الإسلامي على رأسها، وقال إنّ ما يحدث لنا هو من غضب الله علينا"، حسب ما يروي الشاب عادل رشيد.
ويضيف عادل، الذي لم يتجاوز العقد الثالث من عمره، في حديث لموقع (إرفع صوتك) "عندما أفكر في عدد المرات التي كنت شاهداً فيها على مواقف ترتبط بالدين الإسلامي وكيف باتت تؤثر على كل شيء، لا أتصور للحظة واحدة أنّ هناك أمل في أن يتغير الحال وتعود الحياة المدنية لبغداد من جديد".
ويرى الشاب أنّ نظرته للدين صارت مرتبطة بالسياسة . ويتساءل " وإلا ما معنى أنّ حياتك ستكون آمنة إلى حد ما طالما ابتعدت عن نقد الشخصيات الدينية البارزة في البلاد، لأنك إذا لم تبتعد فسوف تتعرض للتهديد وربما القتل بتهمة الإرهاب".
استغلال الدين الإسلامي
أما المواطن العراقي مجيد القيسي الذي يعمل في وظيفة حكومية، فيقول لموقع (إرفع صوتك) "إنهم يخدعوننا، ليس هناك أكذب من عبارة الحث على اتباع أو تطبيق تعاليم الدين الإسلامي".
موضوعات متعلقة:
إمام جزائري: لم أسلِّم المنبر للمتطرفين رغم تهديدهم بقتلي
حلول لاحتواء التطرف الديني في اليمن
ويعتقد مجيد، 47 عاماً، أنّ بعض رجال الدين "يتبعون أساليب ليس لها علاقة بالدين الإسلامي بحجة محاربة ما يصفونه بالإقصاء الذي يعاني منه هذا المذهب أو ذاك".
ويضيف في حديث لموقع (إرفع صوتك) أنّ الدين الإسلامي صار مُستغلاً من قبل "الذين وجدوا أنّ فكرة التطرف تستوعب تنفيذ مخططاتهم وتحقيق مكاسبهم التي لا تبتعد عن السياسة".
مكاسب ومنافع شخصية
"أحيانا يلجأ اصحاب المكاسب الشخصية إلى التطرف"، يقول وميض كريم، 39 عاماً، ويتابع "تصوروا رجلاً غير متدين ولا يميل للدين لكنه يفكر أنّ هناك من يحارب مذهبه، ثم فجأة يصبح متطرفاً لمذهبه أكثر من غيره".
ويشير في حديثه لموقع (إرفع صوتك) إلى أنّه من الصعب لمثله تصديق هذه الخطوة في التدين "لأنني أعرف أنّ غايته تحقيق مكاسب شخصية وليس أكثر".
ويروي وميض أنّ رجلاً اتصل به في إحدى المرات ودعاه للانضمام إلى حزب إسلامي لغرض مساعدته مادياً، لكنه رفض العرض.
وميض الذي يعمل سائق سيارة أجرة وبالكاد يوفر قوت عائلته المكونة من زوجة وثلاثة أطفال يعتقد أنّ من ضمن أسباب انتشار التطرف الفكري هي البطالة المنتشرة في البلاد.
ويقول الرجل "يجب أن نعترف أنّ الكثير من المتطرفين اليوم شوهوا صورة الإسلام وجعلوا نظرة الناس تتغير عن هذا الدين، لأنّ علاقتهم ليست صادقة بالدين، وإنما صار الدين وسيلة لتحقيق المنافع الذاتية".
التدين في السابق حرية شخصية
في المقابل تسهب زاهدة رضا في الحديث عن ذكرياتها وطبيعة جيلها في مسألة الميول للدين الإسلامي مقارنة بالأجيال الحالية. تقول في حديث لموقع (إرفع صوتك) "كان التدين في السابق حرية شخصية، لا يتدخل فيها أقرب الناس، بينما الآن الجميع يحاسبك، في الشارع ومقر عملك وحتى في الأماكن العامة. صار البعض ينظر إليك، وخاصة للمرأة وكأنها غريبة أو ترتكب جريمة ما لأنها لم تلتزم بالزي الإسلامي على أقل تقدير".
وتضيف زاهدة وهي أستاذة جامعية متقاعدة في العقد الخامس من عمرها "في السابق كنت لا أضع الحجاب على رأسي وأرتدي ما يحلو لي، لكن الآن لا أستطيع أن أفعل ذلك".
"لقد ارتبط التطرف الديني في السنوات الأخيرة بالذين يتمسكون بالعادات والتقاليد البالية وخاصة العشائرية منها، وصارت المرأة تُعاقب ويُشهر بها باسم الدين الإسلامي، وبدأت حقوقها تضيع بشكل مخيف وأيضا باسم تطبيق الاحكام الإسلامية الشرعية. ولذا فإنني لا أجرؤ على الاعتراف حتى بداخلي بهؤلاء الذين شوهوا ديننا الحقيقي، ولا أستطيع تقبل تطرف دينهم الجديد، لأنه يختلف عن ديني الذي كنت أعرفه في السابق"، على حد قولها.
الأحزاب الدينية
"كل شيء يشير إلى التطرف الفكري بسبب الأحزاب الدينية التي تسيطر على مقاليد الأمور"، يقول محمد عبد الله ، 42 عاماً، في حديث لموقع (إرفع صوتك).
ويضيف محمد الذي يعمل في محل لبيع الملابس النسائية "لقد غيروا الملامح المدنية للعاصمة بغداد، وباتت الرايات والملصقات الدينية في الكثير من مدنها، وكأنها أصبحت ملكاً لمذهب ديني معين".
هذا الأمر بنظر محمد يعزز مخاوفه من المستقبل الذي ستكون عليه البلاد، وخاصة في مسألة "تطبيق الأحكام الشرعية".
ويرى الرجل أنّه "في أحيان كثيرة قد تشكّل هذه المظاهر تعبيراً للتقرب من الله بالنسبة للمسلمين، لكن الشيء يختلف عند غيرهم من الأديان". "لا أحد يفكر بجدية أنّ بغداد متكونة من مختلف الأقليات الدينية التي لن تكون قادرة على ممارسة معتقداتها. لأنها ستعتبر فرصة لمعاداة معتقد لأقلية أخرى".
*الصورة: "لا أستطيع تقبُل تطرف دينهم الجديد"/إرفع صوتك
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659