بقلم حسن عبّاس:
عام 2014، أعدّت الحكومة الأردنية خطة وطنية لمواجهة التطرف وحددت فيها مسؤولية الوزارات والمؤسسات العامة في معالجة مظاهر الغلو والتطرف التي بدأت تغزو المنطقة.
وقد بقيت هذه الخطة سرية إلى أن نشرتها صحيفة "الغد" في عددها الصادر في 16 حزيران/يونيو الماضي.
الخطوط العامة
وحدّدت الخطة خطوطاً عامة يجب أن تسترشد بها المؤسسات الحكومية للتصدي لموجات الغلو والتطرف، معتبرةً أن "الدفاع عن صورة الإسلام ومفاهيمه الأصيلة واجب من واجبات الدولة الأردنية والقيادة الأردنية التي تتشرّف بالانتساب إلى بيت النبوة".
موضوعات متعلقة:
رسالة شاب جزائري للانتحاريين
حفيدته فقدت والدتها بسبب الإرهاب… ماذا سيقول لها عن الإسلام؟
واقترحت ثلاثة مجالات ينبغي التركيز عليها لأنها تقدّم "حلولاً ناجعة" في مواجهة التطرف، وهي:
أولاً، ثقافة دينية إسلامية منطلقة من مقاصد الشريعة الإسلامية التي جاء الدين لتحقيقها. فالخطة تعتبر "أن جانباً مهماً من أسباب التطرّف الديني يكمن في التفسير الخاطئ للدين"، وأنه "من الواجب التنوير بثقافة دينية منفتحة ومتسامحة من شأنها أن تسمح بالتعددية وقبول الآخر".
ثانياً، "إشاعة ثقافة مجتمعية سياسية ومدنية ديموقراطية، فحيثما تضعف هذه الثقافة تزدهر ثقافة العنف والتطرف".
ثالثاً، "تأصيل قيم التسامح والتعددية وثقافة احترام حقوق الإنسان وقبول الآخر وترسيخها".
وتقترح الخطة خطوطاً عامة لعمل مجموعة من مؤسسات الدولة وتحدّد أدوارها. ومن بين هذه المؤسسات وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية ودائرة الإفتاء العام. وسنعرض ما تضمنته الخطة من مهام لهما كونهما الأكثر صلة بالدين وشؤونه.
دور وزارة الأوقاف
تحدّد الخطة بشكل موسّع في 49 نقطة مهمات وزارة الأوقاف، وهذا ملخّص لأبرز ما تضمنته:
ـ توفير الكوادر الموكلة بدور الوعظ والإرشاد والتوجيه الوطني "وصولاً إلى منظومة أكثر قدرة على التعامل مع الواقع واستشراف المستقبل".
ـ معالجة النقص في الخطباء والأئمة والمؤذنين "من أجل ضمان التوجيه السليم وعدم السماح بتحويل المساجد مرتعاً للفكر المتطرف".
ـ تحسين الأوضاع المعيشية للعاملين في المساجد لسد الطريق على المتطرفين.
ـ متابعة المساجد وأنشطتها على مدار الساعة.
ـ تدريب وتأهيل الأئمة والوعاظ والعاملين في المساجد لتحصينهم من التأثر بالفكر المتطرف.
ـ اختيار خطب مناسبة تتلاءم مع المستجدات والحوادث وحاجة المجتمع، وتضمن إيصال أفكار معتدلة للجمهور.
ـ توجيه الأئمة والخطباء، بعد تأهيلهم، للتحدث إلى الناس، عبر عظاتهم وخطبهم ولقاءاتهم، عن خطورة الأفكار المتطرفة.
ـ إطلاق حوار مع المعتدلين من أتباع التيار السلفي المعتدل وجماعة الدعوة والتبليغ والمتصوفة لغايات كسب تأييدهم وضمان عدم انحيازهم إلى الصف المقابل.
ـ إطلاق برنامج حوار مع المتطرفين في مراكز الإصلاح.
ـ وضع برنامج للإشراف على الأنشطة الدينية في مخيمات اللاجئين السوريين.
ـ تفعيل دور الوعظ النسائي ووضع الخطط لتصبح الواعظة مؤثرة إيجابياً في مجتمعها.
ـ حصر صلاحية الموافقة على إقامة الفعاليات أو المهرجانات أو المحاضرات الدينية بوزارة الأوقاف.
ـ ضبط عمليات جمع التبرعات المالية والعينية في المساجد بشكل تام.
ـ تفعيل الرقابة على شركات الحج والعمرة.
ـ دعم إصدار المؤلفات التي تضمن تعزيز الفكر الإسلامي المعتدل.
ـ إطلاق حملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تستهدف فئات الشباب وغيرهم لتبصيرهم بوسطية الإسلام وبيان أضرار التطرف.
ـ إعداد الدراسات اللازمة لإنشاء قناة فضائية تشرف الوزارة على برامجها بما يضمن نشر الفكر المعتدل.
دور دائرة الإفتاء العام
كما حدّدت الخطة مهمات دائرة الإفتاء العام في 10 نقاط بعضها يتقاطع مع مهمات وزارة الأوقاف، وهذا ملخّص لأبرزها:
ـ الإسهام في رصد مواطن الفكر المتطرف ودراسة الأسباب التي تشكل روافد له وتسبب انتشاره.
ـ التأكيد على تحصين جميع العاملين في دائرة الإفتاء العام من الفكر المتطرف، ووضع البرامج التي تضمن ذلك.
ـ الرد على الفتاوى التي تخالف النصوص الشرعية.
ـ المشاركة الفاعلة في الإعلام الديني لبيان خطر الفكر المتطرف وزيفه.
ـ تشجيع الباحثين والمفكرين الإسلاميين على إيجاد الحلول العلمية لمشكلة التطرف والعمل على تعميم أبحاثهم وكتاباتهم ومقترحاتهم لتطبيقها على أرض الواقع.
ـ عقد الندوات والملتقيات العلمية والمؤتمرات، والمشاركة في الندوات الداعية إلى الوحدة ونبذ العنف والتطرف وجميع مظاهر الإرهاب بأشكاله المختلفة.
انتقادات للخطة
في تقرير لوزارة الخارجية الأميركية حول الإرهاب، وهو تقرير يصدر سنوياً، ويُعرض أمام الكونغرس، ويتناول شؤون الإرهاب في معظم دول العالم، جاء فيه أن الخطة الأردنية لمكافحة التطرّف عانت من قلة الموارد وبقيت بدون موظفين.
كما سجل التقرير "تحفّظ" المسؤولين الأردنيين حول الاعتراف بالتطرف المحلي، وتحدّث عن التنسيق غير الكافي بين الوكالات الحكومية لمكافحة التطرّف في المدارس والمساجد.
من جانب آخر، أشار الباحث الأردني ذوقان عبيدات إلى أن التطرف في المجتمع يزداد باستمرار، وأن التشوه في مناهج التعليم ازداد فعلاً.
وإذا كان قد ركّز على مسألة المناهج التربوية والتعليم وأساليبه كونه خبيراً تربوياً، إلا أنه انتقد عدم تعريف التطرّف والاعتدال ما يجعل من الخطة كلاماً إنشائياً.
فقد دعا عبيدات إلى ضرورة "أن نتفق على سلوكات التطرف، والسلوكات العادية، فالوهابية تعتبر نفسها وسطية، وحتى أنصار "داعش" يعتبرونها إسلاماً وسطياً... (ويُقال إن) الداعية فلان وسطي، في الوقت الذي ينشر فيه كراهية وعنفاً".
*الصورة: القوات الخاصة الأردنية أثناء مهاجمة مسلحين في إربد/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659