أربيل - بقلم متين أمين:

يرى ناشطون أنّ عدم انضمام العراق إلى عضوية المحكمة الجنائية الدولية ومعاهدة روما يُشكل العائق الأكبر أمام اعتبار المجتمع الدولي ما تعرضت له مكونات العراق من جرائم على يد إرهابيي داعش جرائم إبادة جماعية.

وقد تم اعتماد "نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية" عام 1998 بالعاصمة الإيطالية روما، بهدف إقامة كيان دولي مستمر يتولى مهمة المحاسبة على ما تشهده الحروب والنزاعات المختلفة من انتهاكات واضحة للحقوق الأساسية التي كفلها القانون الدولي للإنسان. وفي تموز/يوليو 2002 دخل نظام روما الأساسي حيّز التنفيذ، وتأسست بذلك أول محكمة جنائية دولية دائمة.

ويطالب الناشطون الحكومة في بغداد العمل على تشكيل محكمة دولية خاصة "بالجرائم التي اقترفها داعش والدول الداعمة له في العراق".

محكمة دولية خاصّة

ويقول رئيس المنظمة الأيزيدية للتوثيق، حسام عبدالله، لموقع (إرفع صوتك) إنّ الناشطين في مجال حقوق الإنسان كانوا سيتمكنون من تقديم ملف الانتهاكات بحق الأقليات من قبل داعش، وبالأخص ما تعرض له المكون الأيزيدي إلى المحكمة الجنائية الدولية عبر القنوات الرسمية التي حددتها الاتفاقية.

اقرأ أيضاً:

مقاتل جزائري: أُصبتُ أنا.. وأصدقاء الإرهابي يتمتعون بالمصالحة

البحرين: هل تستخدم السلطة قانون الإرهاب سلاحا ضد المعارضين؟

ويوضح أنّه في حال استمر العراق على موقفه في عدم الانضمام إلى عضوية المحكمة الجنائية الدولية، "فالخيار الأبرز هو بالذهاب باتجاه تشكيل محكمة جنائية دولية خاصة للنظر في جرائم داعش في العراق على غرار تجارب دولية أخرى سابقة في كوسوفو مثلا".

من جهته، يرى الناشط بهزاد فرحان مراد أن عدم انضمام العراق للمحكمة العليا الدولية سيؤدي إلى تشجيع الإرهاب في هذا البلد مستقبلا.

ويوضح لموقع (إرفع صوتك) أنّ الأمر قد يؤدي إلى تكرر الكوارث والمأساة التي حلت بأبناء هذا الشعب على يد الإرهابيين، وتنهي مستقبل الأقليات في العراق، "فليس هناك أي حصانة قانونية دولية لحمايتها وهذا ما يحدث حاليا ولا يوجد أي عقاب، لأن القانون العراقي لا يستطيع أن يحاسب الإرهابي ويتخذ اجراءات ايجابية لصالح الضحايا".

المحكمة الجنائية الدولية

عند تأسيسها، كانت المحكمة الجنائية الدولية أول محكمة قادرة على محاكمة الأفراد المتهمين بجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجرائم الاعتداء. وتعمل هذه المحكمة على إتمام الأجهزة القضائية الموجودة، فهي لا تستطيع أن تقوم بدورها القضائي ما لم تبد المحاكم الوطنية رغبتها أو كانت غير قادرة على التحقيق أو الادعاء ضد تلك القضايا، فهي بذلك تمثل الأمل الأخير. فالمسؤولية الأولية تتجه إلى الدول نفسها، كما تقتصر قدرة المحكمة على النظر في الجرائم المرتكبة بعد 1 تموز/ يوليو 2002 (تاريخ تأسيسها). ويقع المقر الرئيسي للمحكمة في هولندا لكنها قادرة على تنفيذ إجراءاتها في أي مكان.

انضمام العراق

ويؤكد عضو مجلس المفوضين في المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، مسرور أسود محي الدين، أنّه ليست هناك نية لدى الحكومة العراقية للانضمام إلى هذه المحكمة، رغم مطالبات المفوضية بذلك.

ويضيف لموقع (إرفع صوتك) أنّه بعد مرور أكثر من عامين وشهرين على احتلال داعش لمحافظات العراق (موصل وصلاح الدين والأنبار)، بالإضافة الى الجرائم الكبيرة التي نفذها التنظيم في أطراف كركوك، كان لا بد للحكومة العراقية اتخاذ تدابير وإجراءات في هذا السياق خلال المدة الماضية.

لكن عند التدقيق مع وزارة الخارجية ومجلس الوزراء العراقي ووزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى، يقول محي الدين "لم نلاحظ أي تحرك جدي اتجاه الانضمام إلى المحكمة".

ويوضح محي الدين أنّه التقى مع أحد مؤسسي المحكمة الجنائية الدولية هو الدكتور محمد شريف بسيوني الذي أكّد له على أهمية انضمام العراق لهذه المعاهدة بهدف إحالة المتهمين الذين نفذوا جرائم  ضد الإنسانية بحق المكون الأيزيدي من سبي وخطف وأيضا المسؤولين عن جرائم المقابر الجماعية بحق مكونات الشعب العراقي، سواء العرب أو الكرد أو التركمان والمسيحيين إلى المحكمة الدولية، وملاحقة كافة الدول والمنظمات التي تدعم داعش والمنظمات الإرهابية الأخرى.

ويرى محي الدين أن عدم انضمام العراق إلى المحكمة الدولية يعود إلى أن هذه المحكمة تنظر في كافة الجرائم التي ترتكب من قبل الحكومات والدول والمنظمات الإرهابية بحق أبناء أي مكون أو أبناء أي دولة.

"لا توجد رغبة لدى الحكومة العراقية بالانضمام إلى المحكمة لأنها لا تريد أن تضع نفسها تحت رحمة المحكمة الجنائية الدولية"، حسب محي الدين.

وتفرض المحكمة الجنائية رقابة على القضاء وسير المحاكمات في الدول الأعضاء، الأمر الذي ترفضه الكثير من الدول ومنها العراق.

وكان الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة الحكومة العراقية، السيد يان كوبيش، قد ناشد مجددا ضمان المساءلة فيما يخص هذه الجرائم الفظيعة وبإنصاف الضحايا والناجين من خلال منح المحاكم العراقية الولاية القضائية على الجرائم الدولية، فضلا عن النظر بالانضمام إلى الدول الموقعة على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية أو إحالة النزاع الدائر إلى ولاية المحكمة الدولية بموجب نظامها الأساسي.

*الصورة: نازحون من سنجار في مدرسة في مدينة دهوك الكردية/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك
الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك

بعد 23 عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، يواصل ناجون وعائلات الضحايا معركة قانونية طويلة لمساءلة السعودية التي يقولون إن مسؤوليها لعبوا دورا في التخطيط للهجمات الدامية.

وينتظر الناجون وعائلات الضحايا قرارا هاما لقاضٍ فيدرالي في نيويورك بشأن قضية اتهام السعودية بدعم خاطفي أربع طائرات شاركت بالهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون في 11 سبتمبر 2001.

وتنفي المملكة هذه المزاعم بقوة.

ويحيي مسؤولون سياسيون وعسكريون ومواطنون عاديون، الأربعاء، الذكرى الـ23 للهجمات بفعاليات خاصة في نيويورك والعاصمة واشنطن وعدد من المدن الأميركية الأخرى.

وفي جلسة استماع عقدت أمام المحكمة الجزئية في مانهاتن في نهاية يوليو الماضي، للنظر في طلب السعودية إسقاط القضية، عرض محامو الضحايا ما قالوا إنها أدلة عن شبكة الدعم التي تضم مسؤولين سعوديين عملوا في الولايات المتحدة، والتي سهلت تحركات خاطفي الطائرات التي اصطدمت ببرجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك، والبنتاغون في فيرجينيا، وسقطت واحدة في بنسلفانيا.

وقال محامي المدعين، جافين سيمبسون، خلال جلسة 31 يوليو إن الشبكة السرية "أنشأتها ومولتها وأدارتها ودعمتها السعودية والمنظمات التابعة لها والدبلوماسيون داخل الولايات المتحدة".

وبعد انتهاء الجلسة، طالب أكثر من ثلاثة آلاف شخص من عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر كلا من الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب، ونائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، بمعارضة أي اتفاق للسلام بالشرق الأوسط مع السعودية قبل أن تحاسِب الحكومة الأميركية المملكة على أي دور محتمل في هجمات عام 2001

وضمت المجموعة المسؤولة عن هجمات سبتمبر 19 شخصا من "تنظيم القاعدة"، بينهم 15 سعوديا، إلا أن الروابط المحتملة بين الحكومة السعودية والإرهابيين ظلت محل تساؤلات لسنوات.

ونفت السعودية أي تورط حكومي في الهجمات.

ولطالما قالت الولايات المتحدة إن الرياض لم يكن له أي دور وإن "تنظيم القاعدة" تصرف بمفرده.

وفي 2016، أصدر الكونغرس تشريع "العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي سمح لأسر ضحايا الهجمات بمقاضاة السعودية، وهو ما مهد الطريق أمام مطالبات قضائية عدة من عائلات الضحايا بالحصول على تعويضات من المملكة.

وتنتظر عائلات الضحايا قرارا من قاضي المحكمة الجزئية في مانهاتن، جورج دانيلز، بشأن ما إذا كان بالإمكان المضي قدما في القضية، وهو ما قد يفتح المجال أمام ظهور المزيد من الأدلة، وفق "سي أن أن".

وفي جلسة يوليو، اتهم محامو أهالي الضحايا مواطنين سعوديين اثنين بأنها دعما اثنين من خاطفي الطائرات، وهما نواف الحازمي وخالد المحضار، بعد وصولهما إلى جنوب كاليفورنيا عام 2000.

وقالوا إن الدبلوماسي السعودي، فهد الثميري، الذي كان يعمل في القنصلية السعودية في لوس أنجلوس، كان جهة الاتصال الرئيسية بين "تنظيم القاعدة" والخاطفين الاثنين في لوس أنجلوس، وفقا لملفات المدعين أمام المحكمة.

وقالوا إن الثميري عمل مع سعودي آخر هو عمر البيومي، في دعم الخاطفين الاثنين أثناء وجودهما في كاليفورنيا، وفقا لملفات المحكمة.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد رفعت السرية عن مذكرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) في ديسمبر 2021، كشفت عن شكوك قوية بشأن ارتباط السعودية رسميا بالخاطفين الذين نفّذوا اعتداءات 11 سبتمبر، لكنها لم تتمكن من تقديم الإثبات الذي كانت تنتظره العائلات التي تقاضي الرياض.

وكشفت المذكرة عن وجود ارتباطات بين البيومي، الذي كان حينها طالبا، ونواف الحازمي وخالد المحضار.

وساعد البيومي، الذي كان طالبا وعمل أيضا مع مقاول سعودي، الخاطفين عند وصولهما إلى البلاد، وفقا لتقرير لجنة 11 سبتمبر 2004. وذكر التقرير في ذلك الوقت أنه ساعدهما في العثور على شقة في سان دييغو وفتح حساب مصرفي ووقع على عقد إيجارهما.

وقد دعمت المعلومات التي أصدرها "أف بي آي" في وقت لاحق ادعاء المدعين بأن البيومي والثميري قاما بتنسيق شبكة الدعم في جنوب كاليفورنيا بتوجيه من مسؤولين سعوديين.

لكن تقرير عام 2004 قال إنه لم يجد أي دليل في ذلك الوقت على أن البيومي ساعد الخاطفين عن علم.

وأكدت المملكة أن البيومي كان طالبا وكان يتردد على مسجد في سان دييغو، وساعد بدون علم الخاطفين باعتبارهم قادمين جدد لا يجيدون الإنكليزية.

وفي جلسة الاستماع في يوليو، أثناء مناقشة اقتراح إسقاط الدعوى، ركز مايكل كيلوج، محامي السعودية، بشكل كبير على البيومي، قائلا إن أي مساعدة قدمها للخاطفين كانت "محدودة وبريئة تماما".

وتشير الأدلة التي أعدها محامو المدعين إلى أن البيومي التقى بمسؤول دبلوماسي سعودي في القنصلية قبل لقاء الخاطفين لأول مرة في مطعم في لوس أنجلوس، بعد أسبوعين من وصولهما إلى كاليفورنيا. وساعد البيومي في تسهيل انتقال الخاطفين من لوس أنجلوس إلى سان دييغو في غضون أيام من ذلك الاجتماع.

ويقول محامو المملكة إن البيومي التقى بالخاطفين بالصدفة في مطعم حلال بالقرب من مسجد معروف وكانت اتصالاته بهما "محدودة".

وقال محامي المملكة أيضا إنه لا يوجد دليل على أن الثميري فعل أي شيء لمساعدتهما، لكن محامي عائلات 11 سبتمبر قدم نتائج مكتب التحقيقات الفيدرالي التي تفيد بأن الثميري كلف أحد المصلين في المسجد باستلام الخاطفين من المطار، وإحضارهما إليه عندما وصلا لأول مرة إلى لوس أنجلوس، في منتصف يناير 2000.

وفي إفادة عن بعد تم إجراؤها في هذه الدعوى القضائية في عام 2021، أقر البيومي بأنه ساعد الخاطفين على الاستقرار في سان دييغو بدون علم بنواياهم، وقال إنه لم يكن متورطا في الهجمات.

وتضمنت الأدلة المعروضة البيومي وهو يلتقط صورا في واشنطن العاصمة، على مدار عدة أيام في عام 1999، وقال المدعون إنها قام بالتقاط الصور بغية معرفة مداخل وخارج مبنى الكابيتول.

ولطالما اعتقد المسؤولون أن الكابيتول ربما كان الهدف الأصلي للطائرة التي تحطمت في بنسلفانيا.

من جانبهم، قال محامو المملكة ان البيومي كان مجرد سائح في إجازة عندما صور جولته في الكابيتول وزيارته لمسؤولي السفارة السعودية.

وفي الجلسة، شاهد القاضي دانييلز فيديو لجولته، ويسمع في الفيديو البيومي وهو يقول: "هؤلاء هم شياطين البيت الأبيض". ووصف محامي السعودية اللغة التي استخدمها بأنها "مؤسفة"، لكنه قال إنها أُخرجت عن سياقها. ورد القاضي بأن العبارة لا تتوافق مع سائح يزور "مبنى جميلا".

وتحدث أهالي الضحايا عن اتصالات هاتفية متكررة بين البيومي ومسؤولين سعوديين، خاصة خلال فترة مساعدته الحازمي والمحضار، وتحدثوا عن دفتر مكتوب يحتوي على معلومات اتصال لأكثر من 100 مسؤول حكومي سعودي.

وقال محامو المملكة إن وجود جهات الاتصالات هذه مرتبطة بدوره التطوعي في المسجد.

وبعد انتهاء جلسة الاستماع، أعلنت وزارة الدفاع عن صفقة إقرار بالذنب مع العقل المدبر المزعوم للهجمات، خالد شيخ محمد، واثنين آخرين من المعتقلين الآخرين معه في سجن غوانتانامو. ووافق هؤلاء على الاعتراف بالذنب بتهم التآمر مقابل الحكم عليهم بالسجن المؤبد.

وأثار إعلان صفقة الإقرار بالذنب ردود فعل قوية من أسر الضحايا بعد خروجهم من جلسة الاستماع.

وبعد يومين فقط، ألغى وزير الدفاع، لويد أوستن، صفقة الإقرار بالذنب في مذكرة مفاجئة وكتب أن "المسؤولية عن مثل هذا القرار يجب أن تقع على عاتقي".

وإلغاء الصفقة يعني إعادة "عقوبة الإعدام" لتصبح مطروحة مرة أخرى بحق هؤلاء.

لكن القضية أثارت جدلا قانونيا. ويقول محامون إن قرار أوستن غير قانوني.

ووسط هذا الجدل، تأمل أسر الضحايا أن تجلب لهم الدعوى القضائية المرفوعة على السعودية "العدالة التي كانوا يسعون إليها لأكثر من 20 عاما".