المغرب – بقلم زينون عبد العالي:
بكاء ونحيب، غضب وإعراض عن الحديث مع الصحافة، تلك هي صفات الأسر المغربية التي اكتوت بنار الإرهاب الذي اختطف فلذات أكبادها وأحرقهم في بؤر التوتر بسورية بعد انضمامهم لتنظيم داعش.
في حي شعبي وسط مدينة تطوان، لا حديث إلا عن خيرة شباب الحي الذين انضموا لـ داعش، ليُقتلوا غرباء خارج وطنهم، تاركين وراءهم عائلات لا يجف لها دمع، وصدمة في نفوس أًصدقاء الأمس الذين لم يصدقوا بعد كيف وقع ذلك.
عائلات مصدومة
"أمين" اسم مستعار لشاب رفضت عائلته ذكر اسمه الحقيقي أو لقبه لدواعٍ تخصها. شاب مغربي هاجر إلى تركيا في زيارة سياحية، بحسب ما تروي أمّه وهي خطة تمويه يستغلها أغلب المغاربة الملتحقين بصفوف داعش في سورية للحيلولة دون السقوط في يد الأمن عند مغادرة التراب الوطني.
بوجه شاحب وعيون تنهمر دمعا، تنتفض في وجهنا "أم أمين" الذي قتل قبل أشهر في مواجهات مسلحة بسورية. "لا تسألوني عن المسؤول، هم من تركوه يرحل إلى سورية، حسبي الله ونعم الوكيل فيهم" من دون أن تحدد المقصود من خطابها، غير أن أحد أفراد العائلة أسر لنا بأنه تقصد الدولة التي لا تراقب المسافرين نحو تركيا والذين غالبا ما يتخذون ذلك ذريعة للحاق بداعش.
خطة اللحاق
ويضيف المتحدث أنه من الصعب معرفة نوايا المواطن الذي يسافر نحو تركيا، إذ لا يمكن فحص النوايا أو التنبؤ بما سيقدم عليه هذا الشاب الذي لا تبدو عليه علامات التدين أو التأثر بالخطاب المتطرف.
ولا يزال بيت الشاب الذي رفضت عائلته ذكر اسمه أو لقبه مفتوحا لتلقي العزاء بعد وصول خبر مقتله في مواجهات مع المعارضة السورية، وهي المعارك التي أودت بحياة حوالي 48 شابا من مدن شمال المغرب حسب إحصائيات حديثة.
وتضيف أم الشاب بصوت يغالبه البكاء والنحيب، "نحن وطنيون، نريد حماية أولادنا من حملات الاستقطاب التي تتبناها بعض الجماعات التحريضية المنتشرة سرا في كل مكان، إننا نريد حماية أطفالنا وشبابنا من الموت في سبيل داعش".
نظرة ارتياب
"ذهب أخي وتركنا في صدمة لم نستفق منها بعد، أصبحنا هدفا لنظرة لا ترحم تستهدف أسرتنا، حيث هناك من يتهمنا بإنتاج مقاتلين بسبب التزامنا بالدين الإسلامي، وهذا غير صحيح بتاتا. والأمر يؤثر على نفسيتنا"، يقول أبو خليل الذي فقد أخاه الأصغر منه بعدما التحق بصفوف داعش قبل أشهر.
ويقول "نحن أبناء وطن واحد وكلنا جنود مجندة وراء استهداف أمننا وسلامة وطننا".
يدعو أبو خليل من يشككون في وطنتيه ووطنية عائلته ومن يتهمونهم بالإرهاب إلى مناظرة علنية، "كي يعرفوا كيف نحارب هذا الفكر الذي ألصق بكل من ظهرت عليه آثار الالتزام الديني"، يضيف الرجل الذي رغب في عدم ذكر اسمه الحقيقي لدواع أمنية.
يقول أب خليل إن أعضاء تنظيم داعش غرّروا بأخيه وغسلوا دماغه بكلام يخاطب العاطفة، ووعدوه بالحور العين والنعيم في الدنيا والآخرة، ويعتقد أن أخاه لم يدرك أن "تلك خطتهم لملء صفوف مقاتلي داعش التي أصبحت في تناقص بفعل الحرب المستعرة ضده".
ويضيف المتحدث الذي بدا حذرا في حديثه "نظرة الارتياب الموجهة نحونا، وإن كنا نعلم أننا تحت المراقبة الأمنية، فهذا لا يدل على أننا مصدر خطر، بل نحن نساعد في التصدي لهذا الخطر، من خلال التوعية بمخاطر التطرف، وآثاره على البلاد والعباد".
نهاية اللحاق بداعش
وتشير الإحصاءات التي أعدها المركز المغربي لدراسة الإرهاب والتطرف وحصل موقع (إرفع صوتك) على نسخة منها إلى أن ما يقارب 700 مقاتل مغربي التحقوا بمناطق التوتر في سورية والعراق أغلبهم من مناطق الشمال.
وتضيف المعلومات المتعلقة بالمقاتلين المغاربة في صفوف داعش أن عددهم يناهز 1600 مقاتل، قضى ربعهم في عمليات انتحارية في سورية. كما سجل التقرير تراجعا ملحوظا في موجات الالتحاق بصفوف داعش انطلاق من المغرب، معزيا ذلك إلى الإجراءات الأمنية المشددة التي يعتمدها المغرب، فضلا عن خفوت صيت داعش وتراجعه في بعض المناطق كالعراق وسورية.
*الصورة: "نظرة الارتياب الموجهة نحونا"/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659