صنعاء- بقلم غمدان الدقيمي:
“انتمائي إلى هذا الوطن (اليمن) تأثر سلباً كغيري من الناس، بسبب الصراع الدائر"، الكلام للشاب الثلاثيني، ماهر عثمان. "تغيرت مفاهيمي للوطن. بت أدرك بأن الوطن ليس جبال وتراب فقط بل هو مجتمع يحتويك وتشعر فيه بالأمان وتتقاسم معه الحاضر والمستقبل، وللأسف مجتمعنا يجيد فقط لغة القوة والعنف".
ويعود الموظف الحكومي في صنعاء ليؤكد "اليمن لن يكون وطناً مكتملاً إلا عندما يتوقف اليمنيون عن كره وقتل بعضهم، ويتفقون على أنظمة وقوانين حياة مرجعياتها احتياجاتهم المشتركة وليست أيديولوجياتهم المختلفة".
اقرأ أيضاً:
أزمة اللاجئين السوريين واليمين الأوروبي
محققو الأمم المتحدة يطالبون بمقابلة المزيد من اللاجئين السوريين
جرّب عثمان العيش خارج اليمن لأشهر، حينما كان طالبا في كوريا الجنوبية بين عامي 2014 و 2015. "كانت تلك أجمل أيام حياتي. شعرت بقيمتي كإنسان، وتعلمت الكثير عن تنمية الأوطان".
واليوم، يسعى لإيجاد فرصة لمغادرة اليمن إلى غير رجعة. فهو أب لطفلة واحدة، والهدف "تربية وتعليم أطفالنا بعيداً عن لغة الكراهية والقتل".
أملي الكبير
تعصف الحرب الدائرة في target="_blank">اليمن منذ أكثر من عام ونصف، بشعور كثير من اليمنين بالانتماء الوطني وغياب هذا الشعور عند آخرين، لكن ذلك لا يخلو من الأمل لدى البعض بتجاوز المحنة الراهنة.
ويؤكد نشوان العثماني أن الحرب كلفت غالبية المواطنين الكثير إن لم يكن كل شيء، وفي المقدمة الانتماء للوطن، الذي تم العبث به، على حد قوله.
وأضاف العثماني، وهو معيد في قسم الصحافة والإعلام بجامعة عدن، لموقع (إرفع صوتك) “أطراف الصراع باتت تتمترس خلف أجندتها دون أي تنازلات تبشر بانفراج حل سياسي... لقد حلت كارثة ببلدنا يتقطع لها القلب ألماً، تسببت بها كل أطراف الصراع. أصبحت الحياة معطلة شبه كلياً ولا يتوفر من مظاهرها إلا القليل”.
ورغم ذلك فإن شيئاً ايجابياً تغير بالنسبة للعثماني “بتُ أرى أن ثقل هذه الكلفة الفادحة ستعمل على ايقاظ الوعي الجمعي الذي بصحوه سيغدو متحملاً لدفة التغيير نحو الأفضل، بدءاً من التعليم، وهذا هو أملي الكبير”.
يؤذيني...
في المقابل يقول علاء دماج، الذي تخرج حديثاً من كلية الاعلام بجامعة صنعاء، “ما دمت أُريد أن يرتقي وطني فأنا أشعر بالانتماء له ولن تغير الحرب هذا الشعور”.
وأضاف، علاء، 22 عاما، لموقع (إرفع صوتك) “التغيير الأهم أن الحرب ضاعفت انتمائي لكل ما هو موجود بالوطن. وأصبح ما يؤذيه يؤذيني..”.
أحب وطني
يوافقه الرأي المواطن، صادق الصنعاني، 38 عاما، قائلاً لموقع (إرفع صوتك)، “بسبب الاعتداء السعودي صرت أحب وطني أكثر من السابق. الطائرات السعودية والتنظيمات الارهابية دمرت تراثنا وآثارنا، لم أكن من قبل أهتم لذلك، بعكس اليوم”.
سني أم شيعي
أما اليمني فتحي أبو نصر، فقال إن الانتماء الوطني في خطر كبير جراء تعاظم شرور وعي العصبية المناطقية والمذهبية ما قبل الوطنية.
ويضيف أبو النصر، لموقع (إرفع صوتك)، أن العصبية تكاد تتحكم بأسلوب التعاطي مع الحرب والسلام معاً. فتوصف مناطق الجنوب والوسط والغرب والشرق، السنية، بأنها داعشية من قبل أنصار الانقلاب (الحوثيين وحلفائهم)، كما توصف مناطق الشمال بأنها حوثية من قبل أنصار الشرعية، "وفي الأمر تجنٍ كبير ونظرة قاصرة وعدم إنصاف، من الطرفين، وأيضاً بلا سوية وطنية”.
وتابع “مؤلم هذا التفاخر بقتل بعضنا. وكارثة أن يسألك طفلك هل أنا سني أم شيعي! كارثة أن لا يجد الموظف راتبه أو أن يجده لكن بعد فترة رهيبة من الإذلال، وأن تجد سياسياً كنت تعتقده وطنياً يفكر بعقلية الغنيمة..”.
ثورة وعي
ويؤكد أبو النصر أن المطلوب انبثاق حركة سلام يمنية فاعلة على الأرض، وذات منطق وطني دؤوب، غايتها تعميق وعي التعايش والتسامح، وفضح منطق انسداد الأفق واتساع الجهالة والمكائد اللاوطنية المستشرية.
“نحتاج الآن إلى ثورة وعي شاملة ضد كل التشوهات اللاوطنية. ومشروع حقيقي لإعادة بناء الهوية الوطنية بما يضمن المساواة والمواطنة، وعدم التفكيك والتفتيت”، وفقاً لأبو النصر، الذي كان يعمل محرراً في صحيفة الثوري الصادرة عن الحزب الاشتراكي اليمني، والتي أغلقها الحوثيون إلى جانب صحف معارضة أخرى للجماعة بعد فترة وجيزة من اجتياحهم للعاصمة صنعاء في أيلول/سبتمبر 2014.
رعايا
ويقول فتحي أبو النصر إن ملف السلام أثقل من ملف الحرب، ومن أهم أولوياته كما يفترض حل هذه القضايا. ويشير إلى أن هذا هو التحدي الأكبر للجميع لأن الطبيعة الطائفية المتزايدة لهذا الصراع تدأب على تفكيك فكرة الدولة الوطنية التي تقوم على التنوع والديموقراطية والحقوق والواجبات المتساوية فضلاً عن احتكار الدولة للسلاح وسيادة القانون العادل فيها.
ويختتم أبو النصر حديثه “أما الآن فالميليشيات العنجهية جعلتنا مجرد رعايا بلا دولة بينما التدخل الخارجي أصاب كرامتنا الوطنية في الصميم”.
*الصورة: "يمني يقل خضار على متن دراجة نارية"/إرفع صوتك
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659