بغداد – بقلم دعاء يوسف:

ماذا تختار: الطائفة الدينية أو الوطن، وهل تحبذ العيش في دولة دينية؟ أسئلة طرحها موقع (إرفع صوتك) على بعض العراقيين الذين تحدثوا بهذا الشأن.

مزايدات سياسية

 "أختار الوطن على الطائفة، ولا أحبذ العيش في دولة دينية"، يقول المواطن حيدر عبد الكريم. ويعزو الشاب السبب وراء اختياره للوطن وليس للطائفة الدينية للأحداث التى شهدتها البلاد ومنها أنّ "الدين صار متهماً بقتلنا وتصفيتنا".

اقرأ أيضاً:

“هناك مسؤولية تقع على علماء الدين”

العراقيون وسؤال الولاء: الشيعة لإيران والسنة للسعودية!

ويضيف حيدر، 34 عاماً، أنّ الأوضاع الأمنية غير المستقرة في البلد علمته شخصياً أنّ هناك طريقة واحدة للعيش وهي "إبعاد الدين عن السياسة والحكم حتى لا ننزلق في طريق كارثي كما يحدث لنا الآن".

لا بد من اعتماد الدين كخيار شخصي في حياة لا تخضع لأي نوع من المزايدات السياسية، يقول حيدر الذي يؤكد أن العيش في دولة دينية يعني أنها ستحكم وفق المذهب الذي تنتمي إليه السلطة الحاكمة "وهذا بحد ذاته قد يمثل انتهاكاً خطيراً لحريات الأطياف والمذاهب الدينية الأخرى، لأنهم سيتعرضون للتهجير أو الإبادة".

ويشير إلى أنّ المدن الدينية في العراق تحد من حريات من يعيش بداخلها، "فكيف بمن يختلف عن معتقداتها!".

فصل الوطن عن الطائفة

 أما قاسم الربيعي، فيعتقد أن مسألة فصل الوطن عن الدين أو بمعنى أدق الطائفة الدينية والاختيار بين أحدهما "أمر غير ممكن".

ويضيف قاسم، 45 عاماً، أنّه بات من الصعب العودة إلى ما قبل الاقتتال الطائفي في العراق، "ومن ثم فإن اتباع الطائفة صار أمراً يتعلق بوجودك، بمعنى أنك لن تستطيع العيش بأمان في وطنك إذا لم تتبع وتساند جماعتك من نفس الطائفة الدينية التي تنتمي إليها".

ويشير إلى أنه من الطبيعي أن يعيش في مدينة دينية عندما تكون وطناً للطائفة التي يتبعها.

التعصب الديني

 أما حيدر الحسناوي فيرى أنّ البلاد تتجه بسبب الصراعات الطائفية والمذهبية إلى المزيد من القتل والحروب وإلى المزيد من العنف وعدم التعايش السلمي.

ويضيف حيدر، 39 عاماً، في حديثه لموقع (إرفع صوتك) "بسبب التحيز الطائفي صرنا عرضة لانتهاكات خطيرة".

"المشكلة أننا شعب لا يملك رؤية موحدة حول مفهوم الدين الحقيقي وأن التحيز للطائفة أو المذهب يشجع على التعصب الديني. لذا لا أستطيع أنّ أتخيل نفسي وأنا أعيش بمدينة دينية"، حسب قوله.

الحريات الشخصية

 ويعتقد وائل النعيمي أنّ الممارسات العنيفة التي يتبعها تنظيم داعش الإرهابي لا تمثل الإسلام بل تستهدفه وتعمل على تدمير المجتمع الإسلامي بكل مذاهبه.

ويرى وائل، 31 عاماً، في حديثه لموقع (إرفع صوتك) أنّه لن يلحق به أي ضرر أو إساءة في حال العيش بمدينة دينية بشرط، والكلام ما زال للشاب، أن "تحترم الحريات الشخصية".

مدينة لا تحوي على دين رسمي

"أشعر بالرعب كلما خطر ببالي العيش في دولة دينية"، يقول أحمد فلحي.

ويضيف في حديث لموقع (إرفع صوتك) أنّه كونه غير متديّن، "فحتماً سأُعامل كمواطن من الدرجة الثانية".

ويشير إلى أنّه في معظم مدن المسلمين تجد بروز طائفة ما، وتقوم ببناء المساجد الخاصة بأبناء طائفتها وتدرس مذهبها الديني في المدارس وتفرض معتقداتها على الجميع، وهذا يعني الانفصال والانعزال التام عن أبناء الطوائف المختلفة.

ويختار أحمد، 28 عاماً، الوطن على الطائفة. "أفضل العيش في مدينة تعيش فيها مختلف الأديان والأقليات لا على طائفة دينية رسمية واحدة"، على حد قوله.

واجبات دينية

 ويقول ضياء قيس إنّ الانقسامات السياسية الحالية لم تحقق أي نتائج ملموسة في استقرار طائفة دينية واحدة في البلاد.

ويتمنى ضياء في حديثه لموقع (إرفع صوتك) أن يفكّر كل فرد عراقي بوطنيته ويبتعد عن حشر الطائفة الدينية بأمن واستقرار البلاد "فقد تعبنا من المعتقدات الدينية والطائفية التي دفعت بحياتنا نحو الدمار بسبب المكاسب".

ويعتقد ضياء، 41 عاماً، أنّه لا يمكن للعراقي الذي يؤمن بالحرية المدنية أن يعيش بسهولة في مدينة دينية، لأن رجال الدين سبتحكمون بالسياسة ويغذون التطرف الطائفي ويطلقون دعواتهم للناس لغرض المشاركة والتصويت لهم أو القبول بكل قرار يخدم مصالح سلطتهم باعتبارها واجبات دينية لا يجوز مقاطعتها.

*الصورة: الطائفة أو الوطن.. ماذا يختار العراقي؟/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك
الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك

بعد 23 عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، يواصل ناجون وعائلات الضحايا معركة قانونية طويلة لمساءلة السعودية التي يقولون إن مسؤوليها لعبوا دورا في التخطيط للهجمات الدامية.

وينتظر الناجون وعائلات الضحايا قرارا هاما لقاضٍ فيدرالي في نيويورك بشأن قضية اتهام السعودية بدعم خاطفي أربع طائرات شاركت بالهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون في 11 سبتمبر 2001.

وتنفي المملكة هذه المزاعم بقوة.

ويحيي مسؤولون سياسيون وعسكريون ومواطنون عاديون، الأربعاء، الذكرى الـ23 للهجمات بفعاليات خاصة في نيويورك والعاصمة واشنطن وعدد من المدن الأميركية الأخرى.

وفي جلسة استماع عقدت أمام المحكمة الجزئية في مانهاتن في نهاية يوليو الماضي، للنظر في طلب السعودية إسقاط القضية، عرض محامو الضحايا ما قالوا إنها أدلة عن شبكة الدعم التي تضم مسؤولين سعوديين عملوا في الولايات المتحدة، والتي سهلت تحركات خاطفي الطائرات التي اصطدمت ببرجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك، والبنتاغون في فيرجينيا، وسقطت واحدة في بنسلفانيا.

وقال محامي المدعين، جافين سيمبسون، خلال جلسة 31 يوليو إن الشبكة السرية "أنشأتها ومولتها وأدارتها ودعمتها السعودية والمنظمات التابعة لها والدبلوماسيون داخل الولايات المتحدة".

وبعد انتهاء الجلسة، طالب أكثر من ثلاثة آلاف شخص من عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر كلا من الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب، ونائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، بمعارضة أي اتفاق للسلام بالشرق الأوسط مع السعودية قبل أن تحاسِب الحكومة الأميركية المملكة على أي دور محتمل في هجمات عام 2001

وضمت المجموعة المسؤولة عن هجمات سبتمبر 19 شخصا من "تنظيم القاعدة"، بينهم 15 سعوديا، إلا أن الروابط المحتملة بين الحكومة السعودية والإرهابيين ظلت محل تساؤلات لسنوات.

ونفت السعودية أي تورط حكومي في الهجمات.

ولطالما قالت الولايات المتحدة إن الرياض لم يكن له أي دور وإن "تنظيم القاعدة" تصرف بمفرده.

وفي 2016، أصدر الكونغرس تشريع "العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي سمح لأسر ضحايا الهجمات بمقاضاة السعودية، وهو ما مهد الطريق أمام مطالبات قضائية عدة من عائلات الضحايا بالحصول على تعويضات من المملكة.

وتنتظر عائلات الضحايا قرارا من قاضي المحكمة الجزئية في مانهاتن، جورج دانيلز، بشأن ما إذا كان بالإمكان المضي قدما في القضية، وهو ما قد يفتح المجال أمام ظهور المزيد من الأدلة، وفق "سي أن أن".

وفي جلسة يوليو، اتهم محامو أهالي الضحايا مواطنين سعوديين اثنين بأنها دعما اثنين من خاطفي الطائرات، وهما نواف الحازمي وخالد المحضار، بعد وصولهما إلى جنوب كاليفورنيا عام 2000.

وقالوا إن الدبلوماسي السعودي، فهد الثميري، الذي كان يعمل في القنصلية السعودية في لوس أنجلوس، كان جهة الاتصال الرئيسية بين "تنظيم القاعدة" والخاطفين الاثنين في لوس أنجلوس، وفقا لملفات المدعين أمام المحكمة.

وقالوا إن الثميري عمل مع سعودي آخر هو عمر البيومي، في دعم الخاطفين الاثنين أثناء وجودهما في كاليفورنيا، وفقا لملفات المحكمة.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد رفعت السرية عن مذكرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) في ديسمبر 2021، كشفت عن شكوك قوية بشأن ارتباط السعودية رسميا بالخاطفين الذين نفّذوا اعتداءات 11 سبتمبر، لكنها لم تتمكن من تقديم الإثبات الذي كانت تنتظره العائلات التي تقاضي الرياض.

وكشفت المذكرة عن وجود ارتباطات بين البيومي، الذي كان حينها طالبا، ونواف الحازمي وخالد المحضار.

وساعد البيومي، الذي كان طالبا وعمل أيضا مع مقاول سعودي، الخاطفين عند وصولهما إلى البلاد، وفقا لتقرير لجنة 11 سبتمبر 2004. وذكر التقرير في ذلك الوقت أنه ساعدهما في العثور على شقة في سان دييغو وفتح حساب مصرفي ووقع على عقد إيجارهما.

وقد دعمت المعلومات التي أصدرها "أف بي آي" في وقت لاحق ادعاء المدعين بأن البيومي والثميري قاما بتنسيق شبكة الدعم في جنوب كاليفورنيا بتوجيه من مسؤولين سعوديين.

لكن تقرير عام 2004 قال إنه لم يجد أي دليل في ذلك الوقت على أن البيومي ساعد الخاطفين عن علم.

وأكدت المملكة أن البيومي كان طالبا وكان يتردد على مسجد في سان دييغو، وساعد بدون علم الخاطفين باعتبارهم قادمين جدد لا يجيدون الإنكليزية.

وفي جلسة الاستماع في يوليو، أثناء مناقشة اقتراح إسقاط الدعوى، ركز مايكل كيلوج، محامي السعودية، بشكل كبير على البيومي، قائلا إن أي مساعدة قدمها للخاطفين كانت "محدودة وبريئة تماما".

وتشير الأدلة التي أعدها محامو المدعين إلى أن البيومي التقى بمسؤول دبلوماسي سعودي في القنصلية قبل لقاء الخاطفين لأول مرة في مطعم في لوس أنجلوس، بعد أسبوعين من وصولهما إلى كاليفورنيا. وساعد البيومي في تسهيل انتقال الخاطفين من لوس أنجلوس إلى سان دييغو في غضون أيام من ذلك الاجتماع.

ويقول محامو المملكة إن البيومي التقى بالخاطفين بالصدفة في مطعم حلال بالقرب من مسجد معروف وكانت اتصالاته بهما "محدودة".

وقال محامي المملكة أيضا إنه لا يوجد دليل على أن الثميري فعل أي شيء لمساعدتهما، لكن محامي عائلات 11 سبتمبر قدم نتائج مكتب التحقيقات الفيدرالي التي تفيد بأن الثميري كلف أحد المصلين في المسجد باستلام الخاطفين من المطار، وإحضارهما إليه عندما وصلا لأول مرة إلى لوس أنجلوس، في منتصف يناير 2000.

وفي إفادة عن بعد تم إجراؤها في هذه الدعوى القضائية في عام 2021، أقر البيومي بأنه ساعد الخاطفين على الاستقرار في سان دييغو بدون علم بنواياهم، وقال إنه لم يكن متورطا في الهجمات.

وتضمنت الأدلة المعروضة البيومي وهو يلتقط صورا في واشنطن العاصمة، على مدار عدة أيام في عام 1999، وقال المدعون إنها قام بالتقاط الصور بغية معرفة مداخل وخارج مبنى الكابيتول.

ولطالما اعتقد المسؤولون أن الكابيتول ربما كان الهدف الأصلي للطائرة التي تحطمت في بنسلفانيا.

من جانبهم، قال محامو المملكة ان البيومي كان مجرد سائح في إجازة عندما صور جولته في الكابيتول وزيارته لمسؤولي السفارة السعودية.

وفي الجلسة، شاهد القاضي دانييلز فيديو لجولته، ويسمع في الفيديو البيومي وهو يقول: "هؤلاء هم شياطين البيت الأبيض". ووصف محامي السعودية اللغة التي استخدمها بأنها "مؤسفة"، لكنه قال إنها أُخرجت عن سياقها. ورد القاضي بأن العبارة لا تتوافق مع سائح يزور "مبنى جميلا".

وتحدث أهالي الضحايا عن اتصالات هاتفية متكررة بين البيومي ومسؤولين سعوديين، خاصة خلال فترة مساعدته الحازمي والمحضار، وتحدثوا عن دفتر مكتوب يحتوي على معلومات اتصال لأكثر من 100 مسؤول حكومي سعودي.

وقال محامو المملكة إن وجود جهات الاتصالات هذه مرتبطة بدوره التطوعي في المسجد.

وبعد انتهاء جلسة الاستماع، أعلنت وزارة الدفاع عن صفقة إقرار بالذنب مع العقل المدبر المزعوم للهجمات، خالد شيخ محمد، واثنين آخرين من المعتقلين الآخرين معه في سجن غوانتانامو. ووافق هؤلاء على الاعتراف بالذنب بتهم التآمر مقابل الحكم عليهم بالسجن المؤبد.

وأثار إعلان صفقة الإقرار بالذنب ردود فعل قوية من أسر الضحايا بعد خروجهم من جلسة الاستماع.

وبعد يومين فقط، ألغى وزير الدفاع، لويد أوستن، صفقة الإقرار بالذنب في مذكرة مفاجئة وكتب أن "المسؤولية عن مثل هذا القرار يجب أن تقع على عاتقي".

وإلغاء الصفقة يعني إعادة "عقوبة الإعدام" لتصبح مطروحة مرة أخرى بحق هؤلاء.

لكن القضية أثارت جدلا قانونيا. ويقول محامون إن قرار أوستن غير قانوني.

ووسط هذا الجدل، تأمل أسر الضحايا أن تجلب لهم الدعوى القضائية المرفوعة على السعودية "العدالة التي كانوا يسعون إليها لأكثر من 20 عاما".