صنعاء- بقلم غمدان الدقيمي:

يشعر شهاب أحمد، وهو شاب يمني في منتصف العقد الثالث من العمر، بقدر كبير من الإحباط بسبب استمرار الفوضى والصراع وتردي الأوضاع في بلاده منذ سنوات. ولا يخفي رغبته في الهجرة للحصول على “حياة كريمة”، على حد تعبيره.

“عن أي انتماء وطني تتحدث؟"، يسأل شهاب، الذي يعمل موظفاً متعاقداً لدى وزارة الزراعة اليمنية، لموقع (إرفع صوتك). " نحن لا نحصل على أبسط الحقوق المعيشية، راتبي الشهري أقل من 100 دولار (أميركي)، أستلمه أحياناً بعد شهرين؟”.

إثارة

وعلى الرغم من انخراط أطراف الصراع اليمني بجولات ماراثونية من مشاورات السلام برعاية الأمم المتحدة، في مسعى حثيث لإنهاء الحرب الدامية التي خلفت أكثر من 10 آلاف قتيل على الأقل وأكثر من ثلاثة ملايين نازح –حسب تقديرات الأمم المتحدة،  target="_blank">لا يثق شهاب في جدية الأطراف المتحاربة بإنجاز اتفاق من هذا النوع على المدى القريب، قائلاً إن “النخب السياسية لا تضع أي اعتبار للمواطن البسيط وحالته المعيشية، بقدر مصالحها وحصصها في السلطة والثروة”.

اقرأ أيضاً:

مواطنون عراقيون: الصراعات الدينية مرآة للسياسة

بالصور… آثار سنجار التي دمرها داعش

وأضاف “هي السبب في تمزيق المجتمع، وإثارة الطائفية والمناطقية، بدلاً من تعزيز الانتماء الوطني”.

ستكتمل وطنيتي

من جانبه يقول محمد الصلوي، 31 عاما، “منذ أن سيطر الحوثيون على العاصمة اليمنية صنعاء (في أيلول/سبتمبر 2014) بقوة السلاح، كرهتُ الوطن وصرت أخجل من كوني يمني”.

ومع ذلك يؤكد الصلوي، وهو موظف حكومي في صنعاء، لموقع (إرفع صوتك) "أشعر بالسعادة" مع تقدم قوات الحكومة الشرعية المدعومة من التحالف الذي تقوده السعودية، باتجاه العاصمة صنعاء.

“أحس بأن هناك من ينقذ وطنيتي ويترسخ بداخلي ذلك الوطن الجميل الذي طالما حلمت بالانتماء له، وهو يكافح ليخلق من جديد”.

ويضيف أنّه بات يشعر بالانتماء لكل منطقة تتحرر ويتوق إلى يوم التحرير الشامل. "عندها ستكتمل وطنيتي وأفخر بانتمائي كوني يمنياً”.

ماهية الانتماء؟

في ميدان التحرير وسط صنعاء، يجلس عبد الرزاق ناصر، 22 عاما، حيث كانت تبدو على وجهه ملامح الحزن والقلق على حد سواء.

يقول “الحرب نقلتنا إلى مرحلة أسوأ، تعطلت عن عملي منذ ثمانية أشهر، حيث كنت أعمل في محل إنترنت بصنعاء”.

ويوضح أنه ترك المدرسة في صف الثامن ابتدائي. "تعقّدتُ من الدراسة. وتركتها أيضاً بسبب ظروف أسرية. لم أسمع قبل اليوم بهذا الانتماء الوطني، حتى خلال دراستي لم أتلقَ شيئاً في هذا الجانب”.

التدمير

وفي السياق يقول عمران مصباح، وهو شاب في العشرينيات من العمر، إن الوطن بالنسبة له “هو الأسرة، والأصدقاء، وعامة الناس بأشكالهم القريبة من قلبك، هو الطقوس البسيطة والمعتادة، والحي القديم الذي تسكنه”.

يتابع مصباح الذي يدرس إدارة أعمال في كلية التجارة بجامعة صنعاء، لموقع (إرفع صوتك) “حرصتُ رغم كل المنغصات على ألا أنجر نحو النعرات الطائفية والمناطقية، التي تصاعدت بشكل مخيف مؤخراً".

ويتابع الشاب "أصبحت أرى أن اليمن، هذه الجغرافيا الجميلة والمتنوعة، لا يستحق الحرب، كما لا يستحق هذا الشعب المكافح الموت، وبالمثل فإن تاريخنا العريق الممتد لآلاف السنوات، لا يستحق التدمير”.

الحرب الأخيرة

أما فوزي محمد علي، 38 عاماً، فيقول “الحرب جعلتني أتمسك بانتمائي الوطني أكثر، ودفعتني لتنشئة أطفالي على حب الوطن، ونبذ العنف، وأن يكون السلام شعارهم الدائم”.

وأضاف الأب لطفلين لموقع (إرفع صوتك) “يجب على الأطراف المتصارعة إعلاء المصلحة العامة فوق مصالحها الخاصة، أولاً لإنهاء الصراع القائم، ثم البدء ببناء دولة نظام وقانون حقيقية تضمن للأجيال القادمة حياة مستقرة”.

وشدد فوزي، الذي فضل عدم الإفصاح عن مكان وطبيعة عمله، على ضرورة “أن تكون هذه الحرب هي الأخيرة في تاريخ اليمن”.

*الصورة: يمنيون قرب أنقاض منزل سكني لمزارع يمني دمرته مقاتلات التحالف الذي تقوده السعودية، في محيط دار الرئاسة جنوبي العاصمة صنعاء، يوم 3 أيلول 2016/إرفع صوتك

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك
الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك

بعد 23 عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، يواصل ناجون وعائلات الضحايا معركة قانونية طويلة لمساءلة السعودية التي يقولون إن مسؤوليها لعبوا دورا في التخطيط للهجمات الدامية.

وينتظر الناجون وعائلات الضحايا قرارا هاما لقاضٍ فيدرالي في نيويورك بشأن قضية اتهام السعودية بدعم خاطفي أربع طائرات شاركت بالهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون في 11 سبتمبر 2001.

وتنفي المملكة هذه المزاعم بقوة.

ويحيي مسؤولون سياسيون وعسكريون ومواطنون عاديون، الأربعاء، الذكرى الـ23 للهجمات بفعاليات خاصة في نيويورك والعاصمة واشنطن وعدد من المدن الأميركية الأخرى.

وفي جلسة استماع عقدت أمام المحكمة الجزئية في مانهاتن في نهاية يوليو الماضي، للنظر في طلب السعودية إسقاط القضية، عرض محامو الضحايا ما قالوا إنها أدلة عن شبكة الدعم التي تضم مسؤولين سعوديين عملوا في الولايات المتحدة، والتي سهلت تحركات خاطفي الطائرات التي اصطدمت ببرجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك، والبنتاغون في فيرجينيا، وسقطت واحدة في بنسلفانيا.

وقال محامي المدعين، جافين سيمبسون، خلال جلسة 31 يوليو إن الشبكة السرية "أنشأتها ومولتها وأدارتها ودعمتها السعودية والمنظمات التابعة لها والدبلوماسيون داخل الولايات المتحدة".

وبعد انتهاء الجلسة، طالب أكثر من ثلاثة آلاف شخص من عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر كلا من الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب، ونائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، بمعارضة أي اتفاق للسلام بالشرق الأوسط مع السعودية قبل أن تحاسِب الحكومة الأميركية المملكة على أي دور محتمل في هجمات عام 2001

وضمت المجموعة المسؤولة عن هجمات سبتمبر 19 شخصا من "تنظيم القاعدة"، بينهم 15 سعوديا، إلا أن الروابط المحتملة بين الحكومة السعودية والإرهابيين ظلت محل تساؤلات لسنوات.

ونفت السعودية أي تورط حكومي في الهجمات.

ولطالما قالت الولايات المتحدة إن الرياض لم يكن له أي دور وإن "تنظيم القاعدة" تصرف بمفرده.

وفي 2016، أصدر الكونغرس تشريع "العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي سمح لأسر ضحايا الهجمات بمقاضاة السعودية، وهو ما مهد الطريق أمام مطالبات قضائية عدة من عائلات الضحايا بالحصول على تعويضات من المملكة.

وتنتظر عائلات الضحايا قرارا من قاضي المحكمة الجزئية في مانهاتن، جورج دانيلز، بشأن ما إذا كان بالإمكان المضي قدما في القضية، وهو ما قد يفتح المجال أمام ظهور المزيد من الأدلة، وفق "سي أن أن".

وفي جلسة يوليو، اتهم محامو أهالي الضحايا مواطنين سعوديين اثنين بأنها دعما اثنين من خاطفي الطائرات، وهما نواف الحازمي وخالد المحضار، بعد وصولهما إلى جنوب كاليفورنيا عام 2000.

وقالوا إن الدبلوماسي السعودي، فهد الثميري، الذي كان يعمل في القنصلية السعودية في لوس أنجلوس، كان جهة الاتصال الرئيسية بين "تنظيم القاعدة" والخاطفين الاثنين في لوس أنجلوس، وفقا لملفات المدعين أمام المحكمة.

وقالوا إن الثميري عمل مع سعودي آخر هو عمر البيومي، في دعم الخاطفين الاثنين أثناء وجودهما في كاليفورنيا، وفقا لملفات المحكمة.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد رفعت السرية عن مذكرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) في ديسمبر 2021، كشفت عن شكوك قوية بشأن ارتباط السعودية رسميا بالخاطفين الذين نفّذوا اعتداءات 11 سبتمبر، لكنها لم تتمكن من تقديم الإثبات الذي كانت تنتظره العائلات التي تقاضي الرياض.

وكشفت المذكرة عن وجود ارتباطات بين البيومي، الذي كان حينها طالبا، ونواف الحازمي وخالد المحضار.

وساعد البيومي، الذي كان طالبا وعمل أيضا مع مقاول سعودي، الخاطفين عند وصولهما إلى البلاد، وفقا لتقرير لجنة 11 سبتمبر 2004. وذكر التقرير في ذلك الوقت أنه ساعدهما في العثور على شقة في سان دييغو وفتح حساب مصرفي ووقع على عقد إيجارهما.

وقد دعمت المعلومات التي أصدرها "أف بي آي" في وقت لاحق ادعاء المدعين بأن البيومي والثميري قاما بتنسيق شبكة الدعم في جنوب كاليفورنيا بتوجيه من مسؤولين سعوديين.

لكن تقرير عام 2004 قال إنه لم يجد أي دليل في ذلك الوقت على أن البيومي ساعد الخاطفين عن علم.

وأكدت المملكة أن البيومي كان طالبا وكان يتردد على مسجد في سان دييغو، وساعد بدون علم الخاطفين باعتبارهم قادمين جدد لا يجيدون الإنكليزية.

وفي جلسة الاستماع في يوليو، أثناء مناقشة اقتراح إسقاط الدعوى، ركز مايكل كيلوج، محامي السعودية، بشكل كبير على البيومي، قائلا إن أي مساعدة قدمها للخاطفين كانت "محدودة وبريئة تماما".

وتشير الأدلة التي أعدها محامو المدعين إلى أن البيومي التقى بمسؤول دبلوماسي سعودي في القنصلية قبل لقاء الخاطفين لأول مرة في مطعم في لوس أنجلوس، بعد أسبوعين من وصولهما إلى كاليفورنيا. وساعد البيومي في تسهيل انتقال الخاطفين من لوس أنجلوس إلى سان دييغو في غضون أيام من ذلك الاجتماع.

ويقول محامو المملكة إن البيومي التقى بالخاطفين بالصدفة في مطعم حلال بالقرب من مسجد معروف وكانت اتصالاته بهما "محدودة".

وقال محامي المملكة أيضا إنه لا يوجد دليل على أن الثميري فعل أي شيء لمساعدتهما، لكن محامي عائلات 11 سبتمبر قدم نتائج مكتب التحقيقات الفيدرالي التي تفيد بأن الثميري كلف أحد المصلين في المسجد باستلام الخاطفين من المطار، وإحضارهما إليه عندما وصلا لأول مرة إلى لوس أنجلوس، في منتصف يناير 2000.

وفي إفادة عن بعد تم إجراؤها في هذه الدعوى القضائية في عام 2021، أقر البيومي بأنه ساعد الخاطفين على الاستقرار في سان دييغو بدون علم بنواياهم، وقال إنه لم يكن متورطا في الهجمات.

وتضمنت الأدلة المعروضة البيومي وهو يلتقط صورا في واشنطن العاصمة، على مدار عدة أيام في عام 1999، وقال المدعون إنها قام بالتقاط الصور بغية معرفة مداخل وخارج مبنى الكابيتول.

ولطالما اعتقد المسؤولون أن الكابيتول ربما كان الهدف الأصلي للطائرة التي تحطمت في بنسلفانيا.

من جانبهم، قال محامو المملكة ان البيومي كان مجرد سائح في إجازة عندما صور جولته في الكابيتول وزيارته لمسؤولي السفارة السعودية.

وفي الجلسة، شاهد القاضي دانييلز فيديو لجولته، ويسمع في الفيديو البيومي وهو يقول: "هؤلاء هم شياطين البيت الأبيض". ووصف محامي السعودية اللغة التي استخدمها بأنها "مؤسفة"، لكنه قال إنها أُخرجت عن سياقها. ورد القاضي بأن العبارة لا تتوافق مع سائح يزور "مبنى جميلا".

وتحدث أهالي الضحايا عن اتصالات هاتفية متكررة بين البيومي ومسؤولين سعوديين، خاصة خلال فترة مساعدته الحازمي والمحضار، وتحدثوا عن دفتر مكتوب يحتوي على معلومات اتصال لأكثر من 100 مسؤول حكومي سعودي.

وقال محامو المملكة إن وجود جهات الاتصالات هذه مرتبطة بدوره التطوعي في المسجد.

وبعد انتهاء جلسة الاستماع، أعلنت وزارة الدفاع عن صفقة إقرار بالذنب مع العقل المدبر المزعوم للهجمات، خالد شيخ محمد، واثنين آخرين من المعتقلين الآخرين معه في سجن غوانتانامو. ووافق هؤلاء على الاعتراف بالذنب بتهم التآمر مقابل الحكم عليهم بالسجن المؤبد.

وأثار إعلان صفقة الإقرار بالذنب ردود فعل قوية من أسر الضحايا بعد خروجهم من جلسة الاستماع.

وبعد يومين فقط، ألغى وزير الدفاع، لويد أوستن، صفقة الإقرار بالذنب في مذكرة مفاجئة وكتب أن "المسؤولية عن مثل هذا القرار يجب أن تقع على عاتقي".

وإلغاء الصفقة يعني إعادة "عقوبة الإعدام" لتصبح مطروحة مرة أخرى بحق هؤلاء.

لكن القضية أثارت جدلا قانونيا. ويقول محامون إن قرار أوستن غير قانوني.

ووسط هذا الجدل، تأمل أسر الضحايا أن تجلب لهم الدعوى القضائية المرفوعة على السعودية "العدالة التي كانوا يسعون إليها لأكثر من 20 عاما".