الجزائر – بقلم أميل عمراوي:
"لن أكون جزائريا أكثر من كوني مسلما"، يقول سليم المفتي، طالب جامعي. "أمتنا لا تعترف بالحدود الجغرافية، كما أنني لا أعترف بالخرائط السياسية".
يضع مختصون الهوية في الجزائر ضمن ثلاثة أبعاد أساسية، وهي الإسلام والعروبة، بالإضافة إلى الأمازيغية من حيث كونها بعدا أصيلا يعود إليه الساسة وقادة الرأي لإرضاء شريحة من المجتمع تطالب دائما بالرجوع إلى الجذور الأمازيغية ضمن فضاء شمال أفريقيا كما هو الحال مع الجارين تونس والمغرب.
اقرأ أيضاً:
مواطنون عراقيون: الصراعات الدينية مرآة للسياسة
بالصور… آثار سنجار التي دمرها داعش
في هذا المقال ننقل رؤية الشارع الجزائري لهويته وكيف يفهم المواطن البسيط انتماءه بين أصوله الإثنية والإسلام وانتمائه للوطن العربي.
الأمازيغية
بشير موهوبي، 36 عاما، ينتظر أن يرزق بولد نهاية الشهر، ويتمنى ألا يتعرض ابنه المقبل لما أسماه "مسحا" بالمدرسة.
"أتمنى أن يعي القائمون على هذا الوطن كيف زرعوا الفرقة بين أبناء الوطن الواحد عندما يتحدثون عن العروبة في أرض الأمازيغ".
ويلفت الشاب إلى أنه لم يكن يعترف يوما بالهوية كما لقنته إياها المدرسة. ويتذكر كيف كان يناقش الأستاذة في السنة الثانية متوسط بسبب درس حول الهوية الوطنية التي اختزلتها المناهج القديمة في اللغة والدين والوطن.
"لقد حاولوا مسخ الشخصية الوطنية بحجة الدين الإسلامي واللغة العربية"، يقول الرجل.
ذات الرأي يذهب إليه محمد خليفي المهندس في شركة وطنية بقوله "لسنا عرباً يا أخي، كفانا تنكرا لأصولنا".
ويؤكد خليفي، 42 عاما، أنه كان يشمئز لسماع عبارة الجزائر وطننا والعربية لغتنا، لما تحمل من عنصرية، بحسب رأيه.
"أنا أمازيغي مسلم فلماذا تفرض علي اللغة العربية، صدقني القول في بداية الدراسة لم أكن أفهم سوى الأمازيغية فكيف لي أن أحفظ تلك العبارة؟".
الناجون يوم القيامة
من جانبها، ترفض السيدة حبيبة قارة من أصل أمازيغي أن يكون هناك تناقض في كونها مسلمة عربية من أصول أمازيغية. وتقول لموقع (إرفع صوتك) إنها تجاوزت هذا الاشكال لأنها اعترفت بما أسمته بشمولية الدين.
"لا يمكن أن ترفض العروبة وأنت مسلم، لأن ديننا يشمل العربية في طياته ولا يعترض ذلك مع كونك من أصول أمازيغية".
الرأي ذاته، يعبر عنه كل من جميل، فؤاد ومحمد من كلية الإعلام بجامعة الجزائر، حيث أجمع الشباب على كون الإسلام "دين استطاع أن يشمل جميع خصوصيات المعتنقين له بنقاط المعمورة الأربع. فيكف لا يستطيع ذلك هنا بالجزائر؟"، على حد تعبير محمد براشدي طالب في السنة الثانية.
فمحمد يرى كونه مسلما يغنيه عن السؤال حول حقيقة هويته، على الرغم من أصوله الأمازيغية، كما يؤكد لموقع (إرفع صوتك).
أما جميل فيرى أن الانتماء إلى الدين الإسلامي "يفرض عليك التخلي عن خصوصياتك وأصولك الإثنية لأنه يدخلك في دائرة أشمل وهي دائرة الناجين يوم القيامة".
انا إخواني..
ويضرب فؤاد طالب في السنة الثالثة في الكلية ذاتها مثالا عن جماعة الإخوان المسلمين من حيث كونها منظمة استطاعت أن تنتشر في جميع أرجاء الوطن العربي منذ سنين، ولعل رفعها لشعار أمة واحدة هو الذي مكنها من ذلك كما يقول.
"أعتقد أن الاسلام شامل وفيه تنصهر كل الخصوصيات، وهو تماما ما طبقته جماعة الإخوان، وهو ذاته ما جعلها تصمد منذ سنين وتكون نوعا من القوة".
ولم يلبث الشاب حتى اعترف أن انتماءه لحزب سياسي إسلامي ضمن جماعة الاخوان العالمية يغنيه عن الانتصار للوطن، لأن الأمر يتعلق بأمة، على حد تعبيره.
وتحاول السلطات احتواء فسيفساء المشارب بالمجتمع الجزائري عبر حملات توعية لنبذ الانتصار للقبلية مثل target="_blank">الأغاني التي تدعو لنبذ الجهوية إبان أيام الاحتقان السياسي بالجزائر سنوات التسعينيات.
كما يحاول كبار السن دعوة الشباب للعودة للإسلام الوسطي، تماما كما كان يلقن بالزوايا والطرق الصوفية التي "تركت الحرية لاختلاف الألسن"، يؤكد عمي زوبير، شيخ متقاعد كان يستمع لحديثنا والشباب.
وينصح عمي الزبير الجميع بالقول "لسنا بمسلمين لو انسلخنا عن جزائريتنا"، في إشارة منه أن الجزائر من حيث كونها الوطن تكفي لاحتضان جميع أبنائها من عرب وأمازيغ، ومسلمين أم لا.
*الصورة: "أنا أمازيغي مسلم فلماذا تفرض علي اللغة العربية"/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659