بقلم علي قيس:
يشبه علماء النفس الطفل في سنواته الخمس الأولى بوكالة "ناسا"، كونه يلتقط كل إشارة ويخزنها. ويشبهه آخرون بصندوق أسود يضم اللاوعي، الذي يمتلئ بمعلومات يأخذها منذ ميلاده، ويتلقاها من والديه والبيئة المحيطة به.
ويرى مختصون في علم النفس أن رحلة تربية الطفل ليست سهلة. وكثيرا ما يخطئ الوالدان خلالها بسبب الجهل أو اليأس أحياناً.
وفي ذلك يقول أستاذ علم النفس في جامعة بغداد محمد عبد الحسن لموقع (إرفع صوتك) إن "للتربية أصولا وقواعد تحكمها. وأكثر ما يحتاجه الأطفال هي حياة هادئة طبيعية خالية من المنغصات، التي تتسبب بها ممارسة العنف غير المقصود أحيانا من أفراد الأسرة".
ويضيف "لذلك لا بد من أن نحذر من بعض التصرفات الخاطئة أثناء رحلة التربية، لأنها ستشكل في النهاية إدراك الأطفال وكينونتهم وشخصيتهم مستقبلاً".
ويسلط عبد الحسن الضوء على أبرز الأخطاء التي قد يقع بها الوالدان بالتالي:
مرحلة الجنين:
ويقول إن هناك عادات خاطئة تبدأ منذ مرحلة الجنين، من خلال تعنيف الأم وتعريضها للأزمات النفسية والاجتماعية. وهذا يؤثر على حالة الجنين، الذي قد يخرج إلى الحياة ولديه جملة مشاكل نفسية تنعكس على قضية تفاعله مع المجتمع.
ويشير إلى أن محاسبة الأم إذا كان الجنين أنثى ستترك أثرها أيضا على نفسية الطفل، فهو يتأثر بشكل مباشر بما تتعرض له الأم.
يحدد عبد الحسن 10 أساليب تربوية خاطئة من شأنها زعزعة علاقة الطفل بأسرته وهي:
1- من الظواهر الخطيرة جدا أن الكثير من الأمهات يمارسن القسوة البشعة مع الأطفال، وهن يعتقدن أنها نوع من أساليب التربية.
2- في بعض الأحيان يُضرب الطفل من قبل الوالدين بمواد صلبة أو جارحة أو يتم حرق جزء من جسمه، أو حرمانه من أشياء يحبها. هذا يعرض الطفل إلى مضاعفات خطيرة تتسبب في خلل بأداء وظائف جسمه. كما يؤثر على شخصيته على مدى عمره.
3- من الأخطاء التي ترتكبها الأسر ترك الطفل أمام التلفاز من دون دراسة أو متابعة لمحتوى المواد التي تعرض. قد يرى مشاهد عنف وقتل تختزن في ذاكرته وتنعكس على طريقة تعامله مع الآخرين.
4- إعطاء الطفل جهاز الآيباد أو الموبايل، تفاعله مع هذه الأجهزة لساعات طويلة يولد لديه مشاكل اجتماعية، منها الانعزال والإنطواء، ويبدأ بالعيش في عالم من الخيال والأوهام.
5- دفع الأطفال إلى الشارع من أجل اللعب أمر خاطئ، كونه بيئة غير صالحة للتربية والتنشئة السليمة في ظل المعطيات الموجودة فيه، كزيادة مظاهر العنف وانتشار المجموعات المسلحة في الشوارع العامة.
6- من أخطر المؤثرات السلبية على شخصية الطفل هي ألعاب الأسلحة، لأنها تنمي الجوانب العدائية لدى الطفل.
7- تفضيل الذكور على الإناث، والتمييز بين الأطفال على أساس العمر، ومنح صلاحية اتخاذ القرارات للإبن الأكبر، والاعتناء بالطفل الحديث الولادة على حساب أخوته.
8- من الأخطاء الاجتماعية عدم مراعاة بعض الفئات التي يكون تأثير العنف عليها مضاعفا، كالأيتام، لأن فقد الوالدين يسبب لهم الكثير من الضغط النفسي، كما أنه يتأثر بنوع تعامل ولي الأمر البديل معه.
9- بعض العوائل وبحكم سطوة الأعراف العشائرية تتحدث بمفردات وعادات تحث على العنف أو تؤسس له، مثل "الفصل العشائري" (وهو الدية التي تمنح بسبب حادثة يتعرض لها شخص)، و"النهوة" (حق محفوظ عشائرياً لابن عم الفتاة لمنعها من الزواج من غيره)، و"القتل" و"الكوامة" (هي كالإعلان الرسمي عن وجود مشكلة بين عشيرتين عبر أطلاق العيارات النارية). هذه المفردات تشكل إطار ثقافة الطفل الذي سينظر من خلاله للحياة، وسينمو بفكر يعتمد مبدأ التغالب والتقاتل مع الآخرين.
10- زيادة النسل غير المدروس وغير المبرمج أو المخطط له من قبل الآباء، بالتالي يتأثر الأبناء بالأوضاع البيئية التي سينشأون فيها، والتي تعتمد على الوضع الاقتصادي والاجتماعي والأمني وحتى الخدمي.
ويوجه أستاذ علم النفس رسالة إلى أولياء الأمور، مفادها:
1- ضرورة تحدث الوالدين باستمرار مع الأبناء، وإشعارهم بانهم يفقهون ما يريدون. الحوار معهم يمنحهم الثقة بأنفسهم، وينمي لديهم الحدس الاجتماعي العالي في القدرة على التعامل مع الآخرين.
2- منح الأبناء الحرية. فالوالدان يقيّدان الأطفال في كل شيء أحيانا، وهو ما يترك أثرا سلبيا وضعفا في الثقة بالنفس.
3- ضرورة تلبية متطلبات الأطفال، وتقديم الهدايا التي تزرع الفرحة فيهم.
4- مراقبة أصدقاء الأبناء في المدارس، ومحاولة بناء علاقات صداقة معهم. هذا الأمر يخلق نوعاً من الأمان لدى الطفل، كما يمنع انجراره نحو الأفعال المشبوهة.
5- إتاحة فرصة التنزه للطفل بشكل مستمر، سواء في أماكن الترفيه والحدائق العامة، أو زيارة الأقارب والأصدقاء.
6- الاستعانة بالأخصائيين النفسيين عند مواجهة أي حالة لدى الطفل غير إيجابية، أو غير طبيعية.
*الصورة: تعنيف الأطفال/Shutterstock
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659