مدونات إرفع صوتك - إرفع صوتك - نورة شنار

بقلم نورة شنار:

يمكننا قياس المعرفة عند الشعوب في أي بقعة بهذا الكون وأنهم في تطور فكري من خلال إتمامهم للتعليم. لكن هل يعني ذلك أن تخصص الدولة أكثر ميزانيتها لكي تنفقها على التعليم؟ أم تعطي الرفاهية لطلابها أم للمعلمين؟

لا شك أنني أقع في حيرة وحرج حين أتحدث عن هذا التدني في مستوى التعليم لدينا، مع أننا من أمة "إقرأ" ونتعلم حسب المفاهيم الشرعية، لكننا لم نطبق حرفاً واحداًّ!

كل ما نتعلمه هو تلقين لا تطبيق. فلماذا نتعلم إذاَ؟

بالرغم من هذا التدني من التعليم، إلا أننا نجد في عطلة إجازة الصيف ينام عقل الطالب والمعلم فيها طويلاً عما تعلم، وكأننا نتقدم إلى الخلف.

 ليس الدين هو التعليم، فهناك عازل بينهما. فالدين هو اعتناق وعبادات يمارسها الإنسان لربه في كل ثانية ودقيقة. أما التعليم فهو تغذية العقل بكل العلوم. وقد يتخلى عنها البعض ويصبح فقيرا عنها. ومعظم التعليم في العالم لا يخلط الديانة بالتعليم، حتى تنضج هذه العقول الصغيرة وتصبح مدركة لكل ما وجد في الطبيعة.

أين تعلمينا من علوم الإنسانية وعلم الثقافة والفنون؟

نحتاج إلى مناهج تجعل الطالب يتلقى الدروس من دون ملل حتى يشعر بمتعة. فحتى في أدبنا شيء يجعل الطالب ينفر من حفظه وقراءته. وعندما نتصفح الكتب الأدبية القديمة نجد أن ما اختير لنا في هذه المناهج واقتبس لم يكن موفقا. فالست سنوات الأولى في مرحلة الدراسة ينمو الطالب على "قال الله ورسوله"، ورغم هذا لم نجد في كل دفعة تتخرج من هذه المرحلة أنها تربت على ما تم تلقينهم إياه. وهو ما يقودنا إلى التساؤل: إذن ما الفائدة؟ أليست هي وزارة التربية والتعليم!

عُرف عنا أننا بارعون في فصل التوائم. ليس بفضل تعليمنا، بل بفضل تعليم كندا التي خرّجت وزيراً للصحة "عبد الله الربيعة". فتم بحمد الله فصل التوأم الغير متشابه (التربية عن التعليم) حتى لا نوهم العالم أن من علمهم هو من رباهم؛ فالتربية تقع على عاتق الأبوين.

تعليمنا يتربع عليه الدين الذي يجهله عامة الناس ويعممه بالتقاليد. فالدين الذي يُدرّس في المدارس قد لا يطبق فقط للمعلومية. فلماذا لا تكون المناهج قريبة من الواقع والحقيقة؟ لماذا لا يكون هناك مناهج جديدة باسم الثقافة الإسلامية مضمونها الدين الإسلامي مع احترام كل الأديان والمذاهب؟ ومن هنا نستطيع أن نغرس في عقولهم التسامح بدلاً من تفعيل برامج تحرض على الكفار المسالمين.

ومقولة د. طاهر ميسرة في لقاء تلفزيوني أن "ثلاثة آلاف حصة دين في منهج كل طالب سعودي لم تنفعهم ولم تنتج إنسان له دور حضاري، فما الخلل؟" هي تساؤل في محله. ولا نزال نطمح أن نجد حلة جديدة من خادم للتعليم حقيقة بدلا من "معالي الوزير" الذي يصنع لنفسه كرسي و"بشت".

تفعيل الأنشطة اللامنهجية في المدارس قد يكون سندا في بناء المجتمع، لكنه استغل بشكل سلبي في جعل اللامنهجية تنحصر في محاضرات دينية، وكأنهم يريدوا أن يخرجوا كل الطلاب دعاة!

فالمحاضرات هي لا توعوية، بل تشدد وغلو في الدين. وزرع المحاضرات -مثل التي نجد محتواها "كيفية تكفين الميت" ومحاضرات عن المجاهدين في الشيشان وأفغانستان- ماذا سوف تزرع في قلب الطالب بعد ما شاهد أن النفس رخيصة وسوف تدفن وتدفع قلبه للخوف بعد هذه المشاهد فيحاول أن يصبح بعد غد مجاهدا؟

العجيب في كل ذلك أن يستغل بعض المعلمين أوقات فراغهم في سماع محاضرات لوعاظ الترهيب في الدين.

الواجب علينا أن نحجب هذه الفعاليات في المدارس. فالطالب عليه أن يعي أمورا كثيرة، مثل أن يحب وطنه ويتعايش بعيداً عن التحريض والتعصب في الدين بمفعول التعليم، وحتى لا يصبح هؤلاء الأطفال بعد هذا التعليم شرا على أهلهم. هنا أكون قد وضعت النقطة.

عن الكاتبة: نورة شنار، ناشطة اجتماعية سعودية ومحررة في موقع (أنثى) الإلكتروني. حاصلة على شهادة ماجستير في إدارة الأعمال. تنشر مقالاتها في صحيفة إيلاف الإلكترونية. ظهرت في عدة لقاءات تلفزيونية على قنوات عربية وخليجية مختلفة. صدر لها: كتاب (قهوتي مرة) و(تويتات من قفص المغردين) بجزأين، والذي حمل جزؤه الثاني توقيع الأمير الوليد بن طلال.

لمتابعة نوره على تويتر إضغط هنا

 الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن رأي الكاتب ولا تعبر بالضرورة عن رأي موقع (إرفع صوتك) أو شبكة الشرق الأوسط للإرسال، ويتم نشرها إيماناً بحرية التعبير وضرورة فتح الباب أمام نقاش جاد للأسباب التي أدت إلى انتشار التطرف والإرهاب في المنطقة.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك
الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك

بعد 23 عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، يواصل ناجون وعائلات الضحايا معركة قانونية طويلة لمساءلة السعودية التي يقولون إن مسؤوليها لعبوا دورا في التخطيط للهجمات الدامية.

وينتظر الناجون وعائلات الضحايا قرارا هاما لقاضٍ فيدرالي في نيويورك بشأن قضية اتهام السعودية بدعم خاطفي أربع طائرات شاركت بالهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون في 11 سبتمبر 2001.

وتنفي المملكة هذه المزاعم بقوة.

ويحيي مسؤولون سياسيون وعسكريون ومواطنون عاديون، الأربعاء، الذكرى الـ23 للهجمات بفعاليات خاصة في نيويورك والعاصمة واشنطن وعدد من المدن الأميركية الأخرى.

وفي جلسة استماع عقدت أمام المحكمة الجزئية في مانهاتن في نهاية يوليو الماضي، للنظر في طلب السعودية إسقاط القضية، عرض محامو الضحايا ما قالوا إنها أدلة عن شبكة الدعم التي تضم مسؤولين سعوديين عملوا في الولايات المتحدة، والتي سهلت تحركات خاطفي الطائرات التي اصطدمت ببرجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك، والبنتاغون في فيرجينيا، وسقطت واحدة في بنسلفانيا.

وقال محامي المدعين، جافين سيمبسون، خلال جلسة 31 يوليو إن الشبكة السرية "أنشأتها ومولتها وأدارتها ودعمتها السعودية والمنظمات التابعة لها والدبلوماسيون داخل الولايات المتحدة".

وبعد انتهاء الجلسة، طالب أكثر من ثلاثة آلاف شخص من عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر كلا من الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب، ونائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، بمعارضة أي اتفاق للسلام بالشرق الأوسط مع السعودية قبل أن تحاسِب الحكومة الأميركية المملكة على أي دور محتمل في هجمات عام 2001

وضمت المجموعة المسؤولة عن هجمات سبتمبر 19 شخصا من "تنظيم القاعدة"، بينهم 15 سعوديا، إلا أن الروابط المحتملة بين الحكومة السعودية والإرهابيين ظلت محل تساؤلات لسنوات.

ونفت السعودية أي تورط حكومي في الهجمات.

ولطالما قالت الولايات المتحدة إن الرياض لم يكن له أي دور وإن "تنظيم القاعدة" تصرف بمفرده.

وفي 2016، أصدر الكونغرس تشريع "العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي سمح لأسر ضحايا الهجمات بمقاضاة السعودية، وهو ما مهد الطريق أمام مطالبات قضائية عدة من عائلات الضحايا بالحصول على تعويضات من المملكة.

وتنتظر عائلات الضحايا قرارا من قاضي المحكمة الجزئية في مانهاتن، جورج دانيلز، بشأن ما إذا كان بالإمكان المضي قدما في القضية، وهو ما قد يفتح المجال أمام ظهور المزيد من الأدلة، وفق "سي أن أن".

وفي جلسة يوليو، اتهم محامو أهالي الضحايا مواطنين سعوديين اثنين بأنها دعما اثنين من خاطفي الطائرات، وهما نواف الحازمي وخالد المحضار، بعد وصولهما إلى جنوب كاليفورنيا عام 2000.

وقالوا إن الدبلوماسي السعودي، فهد الثميري، الذي كان يعمل في القنصلية السعودية في لوس أنجلوس، كان جهة الاتصال الرئيسية بين "تنظيم القاعدة" والخاطفين الاثنين في لوس أنجلوس، وفقا لملفات المدعين أمام المحكمة.

وقالوا إن الثميري عمل مع سعودي آخر هو عمر البيومي، في دعم الخاطفين الاثنين أثناء وجودهما في كاليفورنيا، وفقا لملفات المحكمة.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد رفعت السرية عن مذكرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) في ديسمبر 2021، كشفت عن شكوك قوية بشأن ارتباط السعودية رسميا بالخاطفين الذين نفّذوا اعتداءات 11 سبتمبر، لكنها لم تتمكن من تقديم الإثبات الذي كانت تنتظره العائلات التي تقاضي الرياض.

وكشفت المذكرة عن وجود ارتباطات بين البيومي، الذي كان حينها طالبا، ونواف الحازمي وخالد المحضار.

وساعد البيومي، الذي كان طالبا وعمل أيضا مع مقاول سعودي، الخاطفين عند وصولهما إلى البلاد، وفقا لتقرير لجنة 11 سبتمبر 2004. وذكر التقرير في ذلك الوقت أنه ساعدهما في العثور على شقة في سان دييغو وفتح حساب مصرفي ووقع على عقد إيجارهما.

وقد دعمت المعلومات التي أصدرها "أف بي آي" في وقت لاحق ادعاء المدعين بأن البيومي والثميري قاما بتنسيق شبكة الدعم في جنوب كاليفورنيا بتوجيه من مسؤولين سعوديين.

لكن تقرير عام 2004 قال إنه لم يجد أي دليل في ذلك الوقت على أن البيومي ساعد الخاطفين عن علم.

وأكدت المملكة أن البيومي كان طالبا وكان يتردد على مسجد في سان دييغو، وساعد بدون علم الخاطفين باعتبارهم قادمين جدد لا يجيدون الإنكليزية.

وفي جلسة الاستماع في يوليو، أثناء مناقشة اقتراح إسقاط الدعوى، ركز مايكل كيلوج، محامي السعودية، بشكل كبير على البيومي، قائلا إن أي مساعدة قدمها للخاطفين كانت "محدودة وبريئة تماما".

وتشير الأدلة التي أعدها محامو المدعين إلى أن البيومي التقى بمسؤول دبلوماسي سعودي في القنصلية قبل لقاء الخاطفين لأول مرة في مطعم في لوس أنجلوس، بعد أسبوعين من وصولهما إلى كاليفورنيا. وساعد البيومي في تسهيل انتقال الخاطفين من لوس أنجلوس إلى سان دييغو في غضون أيام من ذلك الاجتماع.

ويقول محامو المملكة إن البيومي التقى بالخاطفين بالصدفة في مطعم حلال بالقرب من مسجد معروف وكانت اتصالاته بهما "محدودة".

وقال محامي المملكة أيضا إنه لا يوجد دليل على أن الثميري فعل أي شيء لمساعدتهما، لكن محامي عائلات 11 سبتمبر قدم نتائج مكتب التحقيقات الفيدرالي التي تفيد بأن الثميري كلف أحد المصلين في المسجد باستلام الخاطفين من المطار، وإحضارهما إليه عندما وصلا لأول مرة إلى لوس أنجلوس، في منتصف يناير 2000.

وفي إفادة عن بعد تم إجراؤها في هذه الدعوى القضائية في عام 2021، أقر البيومي بأنه ساعد الخاطفين على الاستقرار في سان دييغو بدون علم بنواياهم، وقال إنه لم يكن متورطا في الهجمات.

وتضمنت الأدلة المعروضة البيومي وهو يلتقط صورا في واشنطن العاصمة، على مدار عدة أيام في عام 1999، وقال المدعون إنها قام بالتقاط الصور بغية معرفة مداخل وخارج مبنى الكابيتول.

ولطالما اعتقد المسؤولون أن الكابيتول ربما كان الهدف الأصلي للطائرة التي تحطمت في بنسلفانيا.

من جانبهم، قال محامو المملكة ان البيومي كان مجرد سائح في إجازة عندما صور جولته في الكابيتول وزيارته لمسؤولي السفارة السعودية.

وفي الجلسة، شاهد القاضي دانييلز فيديو لجولته، ويسمع في الفيديو البيومي وهو يقول: "هؤلاء هم شياطين البيت الأبيض". ووصف محامي السعودية اللغة التي استخدمها بأنها "مؤسفة"، لكنه قال إنها أُخرجت عن سياقها. ورد القاضي بأن العبارة لا تتوافق مع سائح يزور "مبنى جميلا".

وتحدث أهالي الضحايا عن اتصالات هاتفية متكررة بين البيومي ومسؤولين سعوديين، خاصة خلال فترة مساعدته الحازمي والمحضار، وتحدثوا عن دفتر مكتوب يحتوي على معلومات اتصال لأكثر من 100 مسؤول حكومي سعودي.

وقال محامو المملكة إن وجود جهات الاتصالات هذه مرتبطة بدوره التطوعي في المسجد.

وبعد انتهاء جلسة الاستماع، أعلنت وزارة الدفاع عن صفقة إقرار بالذنب مع العقل المدبر المزعوم للهجمات، خالد شيخ محمد، واثنين آخرين من المعتقلين الآخرين معه في سجن غوانتانامو. ووافق هؤلاء على الاعتراف بالذنب بتهم التآمر مقابل الحكم عليهم بالسجن المؤبد.

وأثار إعلان صفقة الإقرار بالذنب ردود فعل قوية من أسر الضحايا بعد خروجهم من جلسة الاستماع.

وبعد يومين فقط، ألغى وزير الدفاع، لويد أوستن، صفقة الإقرار بالذنب في مذكرة مفاجئة وكتب أن "المسؤولية عن مثل هذا القرار يجب أن تقع على عاتقي".

وإلغاء الصفقة يعني إعادة "عقوبة الإعدام" لتصبح مطروحة مرة أخرى بحق هؤلاء.

لكن القضية أثارت جدلا قانونيا. ويقول محامون إن قرار أوستن غير قانوني.

ووسط هذا الجدل، تأمل أسر الضحايا أن تجلب لهم الدعوى القضائية المرفوعة على السعودية "العدالة التي كانوا يسعون إليها لأكثر من 20 عاما".