بقلم إلسي مِلكونيان:
غيّر ازدياد الاعتداءات الإرهابية حول العالم صورة النساء ودورهن في مختلف المجتمعات. فقد عرف العالم أعداداً متزايدة من الشابات اللواتي اشتركن بالعمل المسلح، منهن من قاتل في صفوف الجماعات الإرهابية كداعش وفروع تنظيم القاعدة وغيرها، بينما قاتلت أخريات ضد هؤلاء المتشددين للقضاء عليهم.
التصدّي للإرهاب
للتصدّي للإرهاب، برزت قوات عسكرية نسائية في سورية والعراق. فتشكلت كتائب نسائية (من نساء البشمركة والأيزيديات) للقضاء على داعش. وبذلك غيّر الإرهاب دور أولئك النسوة في مجتمعاتهن، بعدما كان يقتصر غالبا على الأعمال المنزلية أو الزراعية إلى جانب أزواجهن.
واعتبرت "كتائب نساء البشمركة" المكونة من 600 امرأة لاعباً أساسياً في الحرب ضد تنظيم داعش، حسب مجلة نيوزويك الأميركية. وفي العراق مثلاً، قاتلت النساء إلى جانب كتائب الرجال منذ 2014 في كل من جلولاء ودهوك.
اقرأ أيضاً:
صحافي ليبي يروي ويلات التعذيب على يد المتطرفين
استمعوا إلى عراقيين من كل الطوائف
وفي سورية، قاتلت النساء إلى جانب الرجال واستعادوا معا مدينة كوباني من قبضة داعش. وكان هذا الإنجاز الفرصة الذي منحت النساء نوعاً من المساواة في مجتمع يتصف بالذكورية.
وإضافة إلى نساء البشمركة، برزت مقاتلات أيزيديات أيضاً سعين للثأر من داعش بسبب تهجير هذه الأقلية العراقية واغتصاب نسائها.
كما اشتركت نساء من دول عربية أخرى في القتال ضد داعش. فكانت مريم المنصوري أول امرأة إماراتية تقود مقاتلة عسكرية من طراز "إف 16" لقتال داعش في سورية. وأثبتت بذلك أن النساء باتت تتساوى مع الرجال للقضاء على التنظيمات المتطرفة التي تهدد أمن العالم.
الإرهاب داخل أوروبا
على عكس الدور الذي لعبته النساء في تصدّيهن للإرهاب، برزت ظاهرة أخرى وهي انضمام النساء للتنظيمات المتطرفة. وشهدت الدول الأوروبية في الآونة الأخيرة اعتداءات إرهابية في مدن عدة، أودت بحياة الكثيرين. آخر هذه الأحداث كان خلال شهر أيلول/سبتمبر الماضي حين أعلن مدعي باريس فرانسوا مولينيز عن اعتقال ثلاث شابات، في 8 أيلول/سبتمبر 2016، تبين أنهن أعضاء في مجموعة إرهابية مؤلفة من شابات تشبعن بأيديولوجيا داعش. فبعد أن لاحظن ملاحقة الأجهزة الأمنية لهن، قامت اثنتان منهن بمهاجمة عناصر الشرطة الذين كانوا يرتدون ثيابا مدنية، بسكاكين المطبخ.
كما عثرت السلطات على سيارة محملة بأسطوانات غاز قرب كاتدرائية نوتردام في العاصمة باريس، وضعت من قبل نساء جهاديات بعد أن حصلن على توجيه من متشددي التنظيم وكن مقتنعات تماما بالقضية، حسب وكالة رويترز للأنباء.
الانضمام إلى الجهاديين في الخارج
وبلغ عدد النساء الأوروبيات اللواتي غادرن بلادهن للانضمام إلى داعش أكثر من 600 مقاتلة حسب مجلة التايم الأميركية، جميعهن اقتنعن بأيديولوجيا التطرف وبمغادرة بلادهن- التي حصلن فيها على حقوق وفرص تجعل منهن مواطنات فاعلات في المجتمع، للحياة في "الخلافة" التي ابتدعها التنظيم.
لكن ظاهرة السفر من أجل الانضمام إلى الجماعات المتشددة لم يبدأ مع تنظيم داعش. فقد بدأت هذه الظاهرة مع البلجيكية مورييل ديغوك عندما قامت بعملية انتحارية في مدينة بعقوبة العراق، في تشرين الثاني/نوفمبر 2005، وفجرت سترتها المحملة بالمتفجرات، فجرحت جنديا أميركيا واحدا وخمسة من عناصر الشرطة العراقيين، وأصبحت بذلك الأوروبية المسلمة الأولى التي قامت بأعمال انتحارية.
ومع ظهور داعش في 2014، استمر الإرهاب بتغيير دور النساء في المجتمع الأوروبي، إذ تم تجنيد بعضهن عبر وسائل التواصل الاجتماعي للقيام بالأمور اللوجستية وأخريات للقتال كالرجال. واعتبرت كتيبتا الخنساء وأم الريحان من أبرز من جند الشابات الغربيات، حيث تتلقى النساء تدريباً عسكرياً لمدة شهر استعاداً للقتال.
لكن الإرهاب لم يستطع أن يقنع كل النساء الأوروبيات بالمفهوم التي تقوم عليه الخلافة. ومثال على ذلك هو البلجيكية لاورا باسوني. فبعد أن تزوجت من تونسي وقبلت بالرحيل معه إلى سورية للحياة في الدولة الإسلامية سرعان ما اكتشفت حقيقة التنظيم ولم ترغب لطفليها أن يصحبوا إرهابيين في المستقبل. فهربت إلى بلادها، لتحذر كل امرأة أجنبية من الانسياق وراء التطرف.
*الصورة: اعتبرت "كتائب نساء البشمركة" المكونة من 600 امرأة لاعباً أساسياً في الحرب ضد تنظيم داعش/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659