صنعاء- بقلم غمدان الدقيمي:
لم يغب يوماً عن خَلد علي محمد الحاج، ذلك المشهد المروع لجثامين وأشلاء عشرات القتلى التي كان يغص بها مستشفى الشرطة بالعاصمة اليمنية صنعاء، في أعقاب الهجوم الانتحاري الذي استهدف بروفات لعرض عسكري، في ميدان السبعين جنوبي العاصمة، عشية العيد الوطني في 21 أيار/مايو 2012.
“كان جثمان أخي عبد العزيز مضرجاً بالدماء، وبجواره جثث متفحمة وأخرى ممزقة إلى أشلاء، هذا المشهد لا يمكن أن أنساه ما حييت”، يقول علي الحاج، الذي خسر شقيقه الأصغر بالتفجير الانتحاري الذي أدى إلى مقتل أكثر من 90 جندياً على الفور، فضلاً عن إصابة نحو 222 آخرين.
خالٍ من الإرهابيين
ويقول الحاج، 35 عاماً، لموقع (إرفع صوتك)، “لم يمضِ على التحاق أخي بقوات الأمن المركزي سوى عام واحد. كان يخبرني بأنه يحلم بوطن خالٍ من الإرهابيين”.
اقرأ أيضاً:
لماذا يحتفظ هذا الطفل العراقي بصور التفجيرات الإرهابية؟
أعمال إرهابية خوّفت الأوروبيين من اللاجئين السوريين
وأضاف أن ما حدث جريمة بشعة لا يرضى بها دين ولا عرف، "الفاجعة أدمت قلب كل أم يمنية وليس أمهات الشهداء فقط”.
واستهدف الهجوم الذي تبناه تنظيم القاعدة، إحدى الكتائب التابعة لوحدات الأمن المركزي الذي كان يقودها آنذاك العميد يحيي محمد عبدالله صالح نجل شقيق الرئيس السابق، أثناء إجراء تمرين لاستعراض عسكري في الذكرى 22 لإعلان الوحدة بين شمالي وجنوبي اليمن.
نفسيات منهارة
ويذكر علي الحاج أنه بحكم تواصله مع كثير من أسر الضحايا تعرف على قصص حزينة لنساء وأطفال فقدوا عائلهم الوحيد في هذا الهجوم، من بينها أسرة “الجندي محمد عُمر المكونة من زوجة وثلاثة أطفال”.
“نفسياتهم منهارة، فارقتهم السعادة وبات الحُزن رفيقهم الدائم”، قال علي الحاج.
يوم كارثي
من جانبه يعتبر عمار الفقيه، الذي فقد أيضاً شقيقه بهذا الهجوم “كان يوماً كارثياً قلب حال أسرتنا رأساً على عقب”.
يقول عمار، 29 عاماً، لموقع (إرفع صوتك)، “أعجز عن وصف مصابنا وخسارتنا، لأخي سعد، أبي وأمي تدهورت حالتهما الصحية والنفسية بشكل كبير، وأنا وأشقائي الثلاثة مصابون بالإحباط”.
ويوضح “شقيقي عبد الستار (24 عاماً) كانت صدمته أكبر، أصبح عصبياً، وتراوده أحلام غريبة عند النوم منذ الحادثة”.
أب مكلوم
أما أحمد العوامي، وهو والد الجندي صديق (21 عاماً)، فيؤكد أنه لم ولن ينسى ذلك اليوم، “الحزن لم يفارق منزلنا. ما يقوم به الإرهابيون يسيء لديننا الإسلامي”.
ويقول الأب السبعيني المكلوم لموقع (إرفع صوتك) “سمعتُ بخبر العملية الانتحارية من أحد الركاب داخل حافلة وسط صنعاء، صرختُ من دون شعور بالقول ابني بينهم! كنتُ حينها عائداً من المستشفى بعد شراء علاج لشقيقتي المصابة بمرض السرطان”.
لكن صدمته كانت كبيرة عندما وصل إلى منزله حيث كان الصراخ يملأ المكان “تأكدت أن ابني أحد الضحايا”.
ولم ينس العوامي، وهو أب لعشرة أبناء آخرين، معاناته في ذلك اليوم، “لم أجد جثته إلا بعد منتصف الليل، كانت في ثلاجة المستشفى العسكري، بينما نحن نبحث في مستشفى الشرطة”.
ويتابع الأب، الذي قال إنه يتضامن مع كل ضحايا الإرهاب في العالم، “على كافة أفراد المجتمع توعية الأطفال تحديداً بمخاطر الالتحاق بالجماعات الإرهابية، وبأن أفكارهم ليست إلا خرافات. شخصياً صرتُ أقوم بذلك (التوعية)”.
تسييس القضية
وبالرغم من صدور حكم قضائي أواخر نيسان/ابريل الماضي بإعدام ثلاثة عناصر من القاعدة وسجن خمسة آخرين لفترة تتراوح بين خمس و10 سنوات لعلاقتهم بهذا التفجير الانتحاري، لا يخفي علي الحاج شعوره بخيبة أمل كبيرة إزاء تعامل السلطات القضائية مع هذا الملف.
“تم تسييس القضية، هناك متهمون خارج سلطة القضاء”، يقول الحاج.
وهذ ما يؤكده المحامي محمد المسوري، ممثل الادعاء عن غالبية أسر الضحايا، الذي أشار إلى أنه لم يتسلم نسخة من الحكم القضائي حتى الآن.
المسوري قال لموقع (إرفع صوتك) إنه “تم تمييع القضية وإخفاء الجناة الحقيقيين”، الذين يقفون وراء التفجير الذي يعد أحد أكثر الهجمات الإرهابية دموية في تاريخ اليمن.
*الصورة: نُصب تذكاري في صنعاء لتخليد ذكرى الجنود اليمنيين الذين قتلوا بهجوم إرهابي يوم 21 آيار 2012/إرفع صوتك
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659