بغداد – بقلم دعاء يوسف:
ما أن تتصفح جهاز هاتف نقال حسام محمد، 13 عاما، حتى تتفاجأ بأن أبرز محتوياته هي لمقاطع فيديو تعود إلى عمليات وتفجيرات إرهابية وصور لقتلى تنظيم داعش.
التباهي بعدم الخوف
يقول الطفل في حديث لموقع (إرفع صوتك) إنّه يحرص على جمع الصور في هاتفه النقال من شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي أو حتى صور يلتقطها هو.
ويشير حسام، وهو الآن طالب في صف الأول متوسط، إلى أنه كلما يحدث تفجير إرهابي بالقرب من المنطقة التي يقطن فيها، يصعد إلى سطح المنزل مع أصدقائه ليصوروا الدخان وهو يتصاعد من مكان الحادث.
اقرأ أيضاً:
أعمال إرهابية خوّفت الأوروبيين من اللاجئين السوريين
أب يمني: لم أجد جثة ابني حتى بعد منتصف الليل
"رغم إحساسي بالخوف. إلا انني أحرص على ألا أفوت هذه المشاهد لأتباهى بعدم خوفي من التفجيرات أمام أصدقائي"، قال حسام.
ويضيف "كنا نتحدث عن الكثير من القصص عن الإرهاب والذين يذهبون ضحايا التفجيرات الإرهابية. ونتسابق في عرض كل جديد منها".
ويتابع أنه وأصدقاءه يأخذون الإذن من أهاليهم للتجول في شوارع بغداد، وخاصة التي كانت قد تعرضت لحادث تفجير إرهابي لتفقد أحوال المكان وأيضا ليقوموا بالتصوير.
اضطروا في إحدى المرات لأن يمشوا لساعات طويلة إلى أن وصلوا إلى مكان الحادث بسبب إغلاق الشوارع. "وعندما وصلنا رأينا الدماء على الرصيف وواجهات المباني التي كانت أغلبها قد دمرت، يومها كنت أتظاهر بأنني لا أخاف"، حسب حسام.
“لكنني الآن أشعر بالخوف من تلك الأماكن. وكلما سمعت بوقوع تفجير إرهابي، أتذكر بكاء الناس وحزنهم الشديد، فلا أستطيع النوم لأيام عديدة، وأخاف الخروج من المنزل"، على حد قوله.
مشاعر الخوف تتضاعف
وينطلق مروان سعد في حديثه لموقع (إرفع صوتك) من حادثة مقتل والده بتفجير سيارة مفخخة بسوق شعبي في العام 2014. ويتهم والدته بالمسؤولية عن فقدانه لأبيه كونها طلبت منه أن يخرج للتسوق في ذاك اليوم. "لو لم تطلب منه التسوق لما كان ضحية الانفجار. ولما فقدته إلى الأبد".
ويشير مروان، 15 عاماً، الى أن هذه الحادثة جعلته يتحاشى الخروج من المنزل. "كلما أنوي الخروج من المنزل أتذكر أبي وهو مغطى بالدماء".
ويلخص خوفه بالقول إن هذا الحادث يضعه أمام خطر الخروج للشارع، ويقول إنّه يحاول التخلص من معاناته هذه، لكن دون فائدة. "تركت المدرسة ونادراً ما أخرج من المنزل".
ويشير إلى أن سيارة والده المحترقة ما تزال مركونة أمام باب المنزل، لذا فإن مشاعر الخوف تتضاعف بداخله إذا ما قرر المرور من أمامها.
ربما سأُقتَل في يوم ما!
ويكرس هيثم عمر، 14 عاماً، معظم وقته بالجلوس أمام بيت متهالك مع عدد من الذين بعمره يتبادلون أطراف الحديث الذي دائما ما يتعلق بمصيرهم كنازحين.
يقول لموقع (إرفع صوتك) "لا شيء نفعله غير الجلوس هنا لساعات طويلة، لأن لا أحد يحبنا أو يرغب بوجودنا، وكثيرا ما يتم التعامل معنا بطريقة سيئة".
هيثم الذي أجبر مع عائلته المتكونة من والديه وشقيقاته الأربع على النزوح من منزلهم في محافظة الأنبار عام 2014، لم يتوقع الصعوبات والخوف والعنف الذي كان ينتظرهم. "كنت أشعر بالتفاؤل لأني كنت أرى في النزوح نهاية لمعاناتنا من داعش، كنت أتوقع أنني سأعود للدراسة، لكنني كنت مخطئاً".
ويردف هيثم في وصف مشاعره بالقول "أصبح خوفي الأساسي أنني قد اتهم بالعار بسبب النزوح من المدن التي سيطر عليها داعش الإرهابي، وأنني عندما أكبر قد أتعرض للقتل. هكذا يتحدث الذين أكبر منا عمراً، نسمعهم دائما يرددون: أننا سنُقتَل".
ويتابع "أشعر بالخوف لاعتقادي أنني ربما سأقتل في يوم ما".
ويشير إلى أنه وغيره من النازحين الذين بعمره يشعرون بالضياع. "أتمنى أن تعود حياتنا كما كانت قبل دخول داعش".
*الصورة:"أشعر بالخوف لاعتقادي أنني ربما سأقتل في يوم ما"/Shutterstock
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659