أربيل - بقلم متين أمين:

لم يعد باستطاعة هناء الحمداني الفتاة الموصلية البالغة من العمر 24 عاما، اكمال دراستها في كلية الطب في جامعة الموصل بعد احتلال داعش لمدينة الموصل في صيف عام 2014.

اليوم، أصبحت هناء عاملة في إحدى المراكز التجارية في مدينة اسطنبول، التي لجأت إليها مع عائلتها العام الماضي.

مراسل (إرفع صوتك) تواصل مع هناء عبر "سكايب" ليسمتع إلى قصتها. وقالت الشابة إنّها كانت متفوقة ولم تتوقع في يوم من الأيام أنه سيأتي يوم تُحرم فيه من استكمال الدراسة.

أساليب إجرامية

بعد سيطرة تنظيم داعش على الموصل في صيف 2014، فرض التنظيم قوانينه على حياة الموصليين، وأجبرهم على الالتزام بها تحت تهديد السلاح والجلد، أما المخالف لها فيواجه أقسى العقوبات التي تبدأ من التغريم المالي والجلد والسجن إلى أن تصل إلى الذبح والإعدام رميا بالرصاص، والإسقاط من فوق المباني العالية والرجم والحرق وعقوبات إجرامية أخرى.

اقرأ أيضاً:

الاندماج في أوروبا: مسؤولية اللاجئ أم الدولة المضيفة؟

لاجئون إثيوبيون في اليمن يروون معاناتهم

أما نصيب التعليم والجامعات في الموصل من الخراب في ظل داعش، فلم يكن أقل من الخراب الذي لحق بمؤسسات المدينة الأخرى، فالتنظيم ألغى غالبية الاختصاصات الأكاديمية، وأحرق مكتبة جامعة الموصل، والمكتبة المركزية للمدينة، ومنع الإنترنت. فلا يمر يوم على الموصل دون أن تتعرض بيوت المواطنين فيها للتفتيش بحثا عن أجهزة الاتصال بالإنترنت.

قصة هناء

وتُشير هناء إلى أن التنظيم فرض على الطالبات الإناث النقاب، ومنع الفتيات من الذهاب للدراسة لوحدهن من دون أن يصطحبن معهن رجلا من عائلتهن.

"مسلحو التنظيم منتشرون داخل الجامعة وكلياتها، ويتحرشون بالفتيات جنسيا، ويختطفون أي فتاة تعجبهم"، تقول هناء، لافتة أيضاً إلى الاشتباكات التي قد تحدث بينهم بين الحين والآخر والتي قد تودي بحياة الطالبة. "لذا خشيت من العودة إلى الدراسة، واختبأت في المنزل لحين تمكننا من الهرب".

وتشير أيضاً إلى أن بعض الطلبة التحقوا بصفوف التنظيم وأصبحوا عيونا وجواسيس لداعش داخل الجامعة، ويبلغون عن الطلبة والأساتذة الذين ينوون الهروب من المدينة.

الخوف من التنظيم

الخوف من التنظيم الإرهابي غيّر حياة هناء التي كانت قبل اجتياح التنظيم لمدينتها تفكر بأنها ستكون في يوم من الأيام طبيبة تخدم أبناء بلدها، لكنها حُرمت من الدراسة ومن العيش في مدينتها التي تصفها بمدينة الأشباح والخوف والدم.

وتقول هناء إن قرار الفرار أتى "بعد أن يأسنا من أوضاع الموصل، التي أصبحت مدينة أشباح وكانت رائحة الدم والبارود هي الطاغية على كل الروائح".

قررت وعائلتها الفرار بمساعدة مهرب أخذ من كل فرد من أفراد العائلة المتكونة من ثمانية أفراد، 400 دولار أميركي أي مايعادل 500 ألف دينار عراقي، ليُخرجهم سرا من الموصل من دون أن يتعرضوا للاعتقال من قبل مسلحي داعش.

نقلهم المهرب عبر الطريق الصحراوي إلى الأراضي السورية، ومنها إلى تركيا، وفي الطريق ترجلوا من السيارة وأكملوا الطريق إلى داخل تركيا سيراً على الأقدام.

غالبية العائلات العراقية النازحة في تركيا تعاني من سوء الأوضاع المعيشية وعدم القدرة على الحصول على فرص العمل بسبب عدم إتقانهم اللغة الأمر الذي جعل الحصول على لقمة العيش صعبة، أما من يتقن بعض الإنجليزية فقد يجد عملا في إحدى الأسواق الكبيرة في مدنها، كما تقول هناء.

وتوضح الشابة "إخواني صغار السن، وكاهل والدي أصبح ثقيلا خاصة أننا تركنا كل ما كنا نملك في الموصل، وصرفنا الأموال التي بحوزتنا على الهروب من الموصل، وصرفنا الباقي منها خلال الشهور الأولى لتواجدنا في المدينة، لذا قررت البحث عن العمل لمساعدة العائلة".

وتعمل هناء حالياً في المركز التجاري لمدة ثماني ساعات يوميا.

وعما إذا كانت تفكر في العودة إلى الموصل واستكمال الدراسة فيها، تقول هناء "نحن ننتظر تحرير مدينتنا من داعش، فبعد تحريرها سنعود إليها وأتمنى أنني أستطيع العودة مرة أخرى إلى كليتي وأواصل تعليمي".

*الصورة: عائلة مسيحية فرّت من الموصل/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك
الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك

بعد 23 عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، يواصل ناجون وعائلات الضحايا معركة قانونية طويلة لمساءلة السعودية التي يقولون إن مسؤوليها لعبوا دورا في التخطيط للهجمات الدامية.

وينتظر الناجون وعائلات الضحايا قرارا هاما لقاضٍ فيدرالي في نيويورك بشأن قضية اتهام السعودية بدعم خاطفي أربع طائرات شاركت بالهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون في 11 سبتمبر 2001.

وتنفي المملكة هذه المزاعم بقوة.

ويحيي مسؤولون سياسيون وعسكريون ومواطنون عاديون، الأربعاء، الذكرى الـ23 للهجمات بفعاليات خاصة في نيويورك والعاصمة واشنطن وعدد من المدن الأميركية الأخرى.

وفي جلسة استماع عقدت أمام المحكمة الجزئية في مانهاتن في نهاية يوليو الماضي، للنظر في طلب السعودية إسقاط القضية، عرض محامو الضحايا ما قالوا إنها أدلة عن شبكة الدعم التي تضم مسؤولين سعوديين عملوا في الولايات المتحدة، والتي سهلت تحركات خاطفي الطائرات التي اصطدمت ببرجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك، والبنتاغون في فيرجينيا، وسقطت واحدة في بنسلفانيا.

وقال محامي المدعين، جافين سيمبسون، خلال جلسة 31 يوليو إن الشبكة السرية "أنشأتها ومولتها وأدارتها ودعمتها السعودية والمنظمات التابعة لها والدبلوماسيون داخل الولايات المتحدة".

وبعد انتهاء الجلسة، طالب أكثر من ثلاثة آلاف شخص من عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر كلا من الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب، ونائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، بمعارضة أي اتفاق للسلام بالشرق الأوسط مع السعودية قبل أن تحاسِب الحكومة الأميركية المملكة على أي دور محتمل في هجمات عام 2001

وضمت المجموعة المسؤولة عن هجمات سبتمبر 19 شخصا من "تنظيم القاعدة"، بينهم 15 سعوديا، إلا أن الروابط المحتملة بين الحكومة السعودية والإرهابيين ظلت محل تساؤلات لسنوات.

ونفت السعودية أي تورط حكومي في الهجمات.

ولطالما قالت الولايات المتحدة إن الرياض لم يكن له أي دور وإن "تنظيم القاعدة" تصرف بمفرده.

وفي 2016، أصدر الكونغرس تشريع "العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي سمح لأسر ضحايا الهجمات بمقاضاة السعودية، وهو ما مهد الطريق أمام مطالبات قضائية عدة من عائلات الضحايا بالحصول على تعويضات من المملكة.

وتنتظر عائلات الضحايا قرارا من قاضي المحكمة الجزئية في مانهاتن، جورج دانيلز، بشأن ما إذا كان بالإمكان المضي قدما في القضية، وهو ما قد يفتح المجال أمام ظهور المزيد من الأدلة، وفق "سي أن أن".

وفي جلسة يوليو، اتهم محامو أهالي الضحايا مواطنين سعوديين اثنين بأنها دعما اثنين من خاطفي الطائرات، وهما نواف الحازمي وخالد المحضار، بعد وصولهما إلى جنوب كاليفورنيا عام 2000.

وقالوا إن الدبلوماسي السعودي، فهد الثميري، الذي كان يعمل في القنصلية السعودية في لوس أنجلوس، كان جهة الاتصال الرئيسية بين "تنظيم القاعدة" والخاطفين الاثنين في لوس أنجلوس، وفقا لملفات المدعين أمام المحكمة.

وقالوا إن الثميري عمل مع سعودي آخر هو عمر البيومي، في دعم الخاطفين الاثنين أثناء وجودهما في كاليفورنيا، وفقا لملفات المحكمة.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد رفعت السرية عن مذكرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) في ديسمبر 2021، كشفت عن شكوك قوية بشأن ارتباط السعودية رسميا بالخاطفين الذين نفّذوا اعتداءات 11 سبتمبر، لكنها لم تتمكن من تقديم الإثبات الذي كانت تنتظره العائلات التي تقاضي الرياض.

وكشفت المذكرة عن وجود ارتباطات بين البيومي، الذي كان حينها طالبا، ونواف الحازمي وخالد المحضار.

وساعد البيومي، الذي كان طالبا وعمل أيضا مع مقاول سعودي، الخاطفين عند وصولهما إلى البلاد، وفقا لتقرير لجنة 11 سبتمبر 2004. وذكر التقرير في ذلك الوقت أنه ساعدهما في العثور على شقة في سان دييغو وفتح حساب مصرفي ووقع على عقد إيجارهما.

وقد دعمت المعلومات التي أصدرها "أف بي آي" في وقت لاحق ادعاء المدعين بأن البيومي والثميري قاما بتنسيق شبكة الدعم في جنوب كاليفورنيا بتوجيه من مسؤولين سعوديين.

لكن تقرير عام 2004 قال إنه لم يجد أي دليل في ذلك الوقت على أن البيومي ساعد الخاطفين عن علم.

وأكدت المملكة أن البيومي كان طالبا وكان يتردد على مسجد في سان دييغو، وساعد بدون علم الخاطفين باعتبارهم قادمين جدد لا يجيدون الإنكليزية.

وفي جلسة الاستماع في يوليو، أثناء مناقشة اقتراح إسقاط الدعوى، ركز مايكل كيلوج، محامي السعودية، بشكل كبير على البيومي، قائلا إن أي مساعدة قدمها للخاطفين كانت "محدودة وبريئة تماما".

وتشير الأدلة التي أعدها محامو المدعين إلى أن البيومي التقى بمسؤول دبلوماسي سعودي في القنصلية قبل لقاء الخاطفين لأول مرة في مطعم في لوس أنجلوس، بعد أسبوعين من وصولهما إلى كاليفورنيا. وساعد البيومي في تسهيل انتقال الخاطفين من لوس أنجلوس إلى سان دييغو في غضون أيام من ذلك الاجتماع.

ويقول محامو المملكة إن البيومي التقى بالخاطفين بالصدفة في مطعم حلال بالقرب من مسجد معروف وكانت اتصالاته بهما "محدودة".

وقال محامي المملكة أيضا إنه لا يوجد دليل على أن الثميري فعل أي شيء لمساعدتهما، لكن محامي عائلات 11 سبتمبر قدم نتائج مكتب التحقيقات الفيدرالي التي تفيد بأن الثميري كلف أحد المصلين في المسجد باستلام الخاطفين من المطار، وإحضارهما إليه عندما وصلا لأول مرة إلى لوس أنجلوس، في منتصف يناير 2000.

وفي إفادة عن بعد تم إجراؤها في هذه الدعوى القضائية في عام 2021، أقر البيومي بأنه ساعد الخاطفين على الاستقرار في سان دييغو بدون علم بنواياهم، وقال إنه لم يكن متورطا في الهجمات.

وتضمنت الأدلة المعروضة البيومي وهو يلتقط صورا في واشنطن العاصمة، على مدار عدة أيام في عام 1999، وقال المدعون إنها قام بالتقاط الصور بغية معرفة مداخل وخارج مبنى الكابيتول.

ولطالما اعتقد المسؤولون أن الكابيتول ربما كان الهدف الأصلي للطائرة التي تحطمت في بنسلفانيا.

من جانبهم، قال محامو المملكة ان البيومي كان مجرد سائح في إجازة عندما صور جولته في الكابيتول وزيارته لمسؤولي السفارة السعودية.

وفي الجلسة، شاهد القاضي دانييلز فيديو لجولته، ويسمع في الفيديو البيومي وهو يقول: "هؤلاء هم شياطين البيت الأبيض". ووصف محامي السعودية اللغة التي استخدمها بأنها "مؤسفة"، لكنه قال إنها أُخرجت عن سياقها. ورد القاضي بأن العبارة لا تتوافق مع سائح يزور "مبنى جميلا".

وتحدث أهالي الضحايا عن اتصالات هاتفية متكررة بين البيومي ومسؤولين سعوديين، خاصة خلال فترة مساعدته الحازمي والمحضار، وتحدثوا عن دفتر مكتوب يحتوي على معلومات اتصال لأكثر من 100 مسؤول حكومي سعودي.

وقال محامو المملكة إن وجود جهات الاتصالات هذه مرتبطة بدوره التطوعي في المسجد.

وبعد انتهاء جلسة الاستماع، أعلنت وزارة الدفاع عن صفقة إقرار بالذنب مع العقل المدبر المزعوم للهجمات، خالد شيخ محمد، واثنين آخرين من المعتقلين الآخرين معه في سجن غوانتانامو. ووافق هؤلاء على الاعتراف بالذنب بتهم التآمر مقابل الحكم عليهم بالسجن المؤبد.

وأثار إعلان صفقة الإقرار بالذنب ردود فعل قوية من أسر الضحايا بعد خروجهم من جلسة الاستماع.

وبعد يومين فقط، ألغى وزير الدفاع، لويد أوستن، صفقة الإقرار بالذنب في مذكرة مفاجئة وكتب أن "المسؤولية عن مثل هذا القرار يجب أن تقع على عاتقي".

وإلغاء الصفقة يعني إعادة "عقوبة الإعدام" لتصبح مطروحة مرة أخرى بحق هؤلاء.

لكن القضية أثارت جدلا قانونيا. ويقول محامون إن قرار أوستن غير قانوني.

ووسط هذا الجدل، تأمل أسر الضحايا أن تجلب لهم الدعوى القضائية المرفوعة على السعودية "العدالة التي كانوا يسعون إليها لأكثر من 20 عاما".