بقلم علي قيس:

في محافظة ذي قار جنوب العراق، تسابق وسام السعيدي (29 عاما) وعدد من الناشطين الذين يأملون بالمستقبل خيرا، إلى إقامة مشروع تطوعي مفعم بروح الابتكار. فكان لهم "مركز أمارجي للتنمية والتدريب"، في نيسان/أبريل 2016.

يُعنى هذا المركز، الذي يعني اسمه "الحرية" باللغة السومرية، بمجالات إدارة الموارد البشرية والتخطيط الاستراتيجي والعدالة والنظم الانتخابية ومواقع التواصل الاجتماعي والبرمجيات وتطوير مواهب الشباب الناشئ، فضلا عن مجال الفنون الذي يضم الرسم والمسرح.

ويقول السعدي، الذي يعمل مدربا في إدارة الموارد البشرية إضافة إلى ترؤسه للمركز، "إننا في أمارجي نشخّص المشاكل الاجتماعية، ونعمل على تثقيف الشباب بآليات حلها".

ويضيف في حديث لموقع (إرفع صوتك) أن المركز يقدم خدمات تدريبية للشباب على شكل دورات مجانية، تساعد في تنميتهم سياسيا وإداريا وقياديا، من أجل عكسها على المجتمع، "ونحن نعمل بجهودنا الذاتية".

المركز الآن أطلق مبادرة تعنى بثقافة الناخب، مع اقتراب موعد الانتخابات، بحسب السعيدي الذي أوضح قائلا "حاليا أطلقنا برنامج العدالة والنظم الانتخابية، الذي يوضح النظم السياسية، وكيفية تطوير واقع وثقافة المجتمع، من خلال الانتخاب بطريقة صحيحة وسليمة".

تقليل البطالة وانهاء عسكرة المجتمع؟

فكرة تأسيس المركز المعتمد على محور السياسة بشكل رئيسي، كانت وليدة حوار جمع السعيدي مع محمد ديوان، وهو شاب أنهى دراسته بكلية العلوم السياسية في جامعة بغداد، ويعمل مدربا في المركز ذاته.

ويقول ديوان لموقع (إرفع صوتك) "اليوم من النادر أن تجد شخصا يعمل في مجال تخصصه الدراسي، لذلك قررت استثمار ما تعلمته بالجامعة في تدريب وتنمية الشباب"، مضيفا "كتبنا برنامجنا في كيفية مشاركة الشباب بالعملية السياسية، وما هي فرصهم في تغيير الوضع بطريقة قانونية ومشروعة".

ويتابع محمد ديان "شخّصنا جهات عدة تحاول تثقيف الشباب عسكريا وكسبهم للانتماء إلى الجماعات المسلحة، وما لهذه الظاهرة من تأثيرات سلبية على الشباب"، موضحا "أي شاب تسأله لماذا انضممت إلى الجماعات المسلحة سيرد بأن نصرة المذهب هي السبب الأول، أما الثاني فهو الفقر والبطالة".

ويقرّ ديوان أن حلّ موضوع عسكرة المجتمع هو أكبر من إمكانيات منظمات المجتمع المدني، إلا أنه يشير إلى سلطة باتت تشكلها منظمات المجتمع المدني، مؤكدا أنّها " تعتبر اليوم السلطة الخامسة بعد السلطات الرسمية الثلاث وسلطة الإعلام، لذلك فإننا نحاول استثمار صوتها المسموع ومقبوليتها لدى الحكومة والمجتمع، في تطوير الشباب ومحاولة توفير فرص العمل".

ما العمل لإنقاذ الأطفال من العنف؟

"كنت إنسانا فوضويا، وليس لدي هدف في الحياة، لذلك قررت المشاركة بالعمل التطوعي، تقديم الخدمات بقدر ما أستطيع"، يقول الشاب مسلم رزاق (22 عاما) عن تجربته مع مركز أمارجي، مضيفا "لم أكن أعرف ماذا تعني كلمات التنمية، وبعد تلقي دورة في المركز، تعرفت إلى موضوع التفكير الإيجابي وهو الذي غير حياتي إلى أخرى سعيدة وجديدة، عرفت أنّني إذا فكرت بشكل صحيح واستخدمت مهاراتي، سأحقق أهدافي".

ورغم أن رزاق هو طالب في المرحلة الثالثة بالكلية التقنية الطبية، إلا أنه قرر العمل في مجال تنمية ثقافة الأطفال، وعن ذلك يتحدث قائلا "كانت فكرتي أن التنمية البشرية وتطوير المهارات يجب أن تبدأ من الطفل، وباشرت بهذه الفكرة التي تحمل اسم  المستقبل (The Future)، وأخذت جانب التحفيز، وحصلت على نتائج جيدة جدا مع الأطفال".

%d9%85%d8%b3%d9%84%d9%85-%d8%b1%d8%b2%d8%a7%d9%82-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d8%ad%d8%af%d9%89-%d9%86%d8%b4%d8%a7%d8%b7%d8%a7%d8%aa%d9%87-%d9%85%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b7%d9%81%d8%a7%d9%84

ويتابع الشاب مسلم رزاق "منذ فترة بسيطة بدأنا ندرس موضوع محو ثقافة القتل والجهاد المزيف لدى أطفال المناطق التي خضعت لتنظيم داعش، فهذا التنظيم ممكن أن يعود بعد سنوات، بسبب الأفكار التي زرعت في عقول الأطفال"، موضحا "يجب أن نزرع حب التسامح والسلام لدى المجتمع، وننشر الأشياء التي من الممكن أن تخدمه وتقلل من الضوضاء التي يعيشها".

صحافة الموبايل

الشاب يوسف رحيم، وهو من المستفيدين من مركز أمارجي، كان يرغب بالأعمال التطوعية، لكن أفكاره عن الأمر كانت بسيطة، ويوضح لموقعنا "بعد لقائي مع الشباب في أمارجي بدأت أفكاري تتبلور، وأنا اليوم أعمل على مشروعين، وسترى النور قريبا جدا".

رحيم (19 عاما) يكشف عن المشروعين، "الأول هو الإعلام التحفيزي لصحافة الموبايل، والذي يسمح لكل شخص يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي العمل كصحافي، من خلال نشر أخبار عن العراق، على أن تحمل صورا إيجابية، لتفنيد ما يشاع عن أن العراق هو أسوأ بلد للعيش"، مضيفا "أما المشروع الثاني فهو الترجمة، أي ترجمة المواد الموجودة على المواقع الإلكترونية من اللغة الإنجليزية إلى العربية والكردية".

وإضافة إلى مشروعيه التي يأمل انطلاقها قريبا فإن الشاب يوسف رحيم مشارك رئيس في برنامج "The Future" الذي يعمل عليه زميله مسلم  رزاق، آملا أن تكون الاستجابة التي تلمسها لدى الأطفال مبعث ثقة بالقدرة على تغيير الظواهر السلبية في المجتمع.

*الصور: من الصفحة الرسمية لمركز أمارجي/تنشر بإذن من إدارة المركز

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك
الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك

بعد 23 عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، يواصل ناجون وعائلات الضحايا معركة قانونية طويلة لمساءلة السعودية التي يقولون إن مسؤوليها لعبوا دورا في التخطيط للهجمات الدامية.

وينتظر الناجون وعائلات الضحايا قرارا هاما لقاضٍ فيدرالي في نيويورك بشأن قضية اتهام السعودية بدعم خاطفي أربع طائرات شاركت بالهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون في 11 سبتمبر 2001.

وتنفي المملكة هذه المزاعم بقوة.

ويحيي مسؤولون سياسيون وعسكريون ومواطنون عاديون، الأربعاء، الذكرى الـ23 للهجمات بفعاليات خاصة في نيويورك والعاصمة واشنطن وعدد من المدن الأميركية الأخرى.

وفي جلسة استماع عقدت أمام المحكمة الجزئية في مانهاتن في نهاية يوليو الماضي، للنظر في طلب السعودية إسقاط القضية، عرض محامو الضحايا ما قالوا إنها أدلة عن شبكة الدعم التي تضم مسؤولين سعوديين عملوا في الولايات المتحدة، والتي سهلت تحركات خاطفي الطائرات التي اصطدمت ببرجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك، والبنتاغون في فيرجينيا، وسقطت واحدة في بنسلفانيا.

وقال محامي المدعين، جافين سيمبسون، خلال جلسة 31 يوليو إن الشبكة السرية "أنشأتها ومولتها وأدارتها ودعمتها السعودية والمنظمات التابعة لها والدبلوماسيون داخل الولايات المتحدة".

وبعد انتهاء الجلسة، طالب أكثر من ثلاثة آلاف شخص من عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر كلا من الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب، ونائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، بمعارضة أي اتفاق للسلام بالشرق الأوسط مع السعودية قبل أن تحاسِب الحكومة الأميركية المملكة على أي دور محتمل في هجمات عام 2001

وضمت المجموعة المسؤولة عن هجمات سبتمبر 19 شخصا من "تنظيم القاعدة"، بينهم 15 سعوديا، إلا أن الروابط المحتملة بين الحكومة السعودية والإرهابيين ظلت محل تساؤلات لسنوات.

ونفت السعودية أي تورط حكومي في الهجمات.

ولطالما قالت الولايات المتحدة إن الرياض لم يكن له أي دور وإن "تنظيم القاعدة" تصرف بمفرده.

وفي 2016، أصدر الكونغرس تشريع "العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي سمح لأسر ضحايا الهجمات بمقاضاة السعودية، وهو ما مهد الطريق أمام مطالبات قضائية عدة من عائلات الضحايا بالحصول على تعويضات من المملكة.

وتنتظر عائلات الضحايا قرارا من قاضي المحكمة الجزئية في مانهاتن، جورج دانيلز، بشأن ما إذا كان بالإمكان المضي قدما في القضية، وهو ما قد يفتح المجال أمام ظهور المزيد من الأدلة، وفق "سي أن أن".

وفي جلسة يوليو، اتهم محامو أهالي الضحايا مواطنين سعوديين اثنين بأنها دعما اثنين من خاطفي الطائرات، وهما نواف الحازمي وخالد المحضار، بعد وصولهما إلى جنوب كاليفورنيا عام 2000.

وقالوا إن الدبلوماسي السعودي، فهد الثميري، الذي كان يعمل في القنصلية السعودية في لوس أنجلوس، كان جهة الاتصال الرئيسية بين "تنظيم القاعدة" والخاطفين الاثنين في لوس أنجلوس، وفقا لملفات المدعين أمام المحكمة.

وقالوا إن الثميري عمل مع سعودي آخر هو عمر البيومي، في دعم الخاطفين الاثنين أثناء وجودهما في كاليفورنيا، وفقا لملفات المحكمة.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد رفعت السرية عن مذكرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) في ديسمبر 2021، كشفت عن شكوك قوية بشأن ارتباط السعودية رسميا بالخاطفين الذين نفّذوا اعتداءات 11 سبتمبر، لكنها لم تتمكن من تقديم الإثبات الذي كانت تنتظره العائلات التي تقاضي الرياض.

وكشفت المذكرة عن وجود ارتباطات بين البيومي، الذي كان حينها طالبا، ونواف الحازمي وخالد المحضار.

وساعد البيومي، الذي كان طالبا وعمل أيضا مع مقاول سعودي، الخاطفين عند وصولهما إلى البلاد، وفقا لتقرير لجنة 11 سبتمبر 2004. وذكر التقرير في ذلك الوقت أنه ساعدهما في العثور على شقة في سان دييغو وفتح حساب مصرفي ووقع على عقد إيجارهما.

وقد دعمت المعلومات التي أصدرها "أف بي آي" في وقت لاحق ادعاء المدعين بأن البيومي والثميري قاما بتنسيق شبكة الدعم في جنوب كاليفورنيا بتوجيه من مسؤولين سعوديين.

لكن تقرير عام 2004 قال إنه لم يجد أي دليل في ذلك الوقت على أن البيومي ساعد الخاطفين عن علم.

وأكدت المملكة أن البيومي كان طالبا وكان يتردد على مسجد في سان دييغو، وساعد بدون علم الخاطفين باعتبارهم قادمين جدد لا يجيدون الإنكليزية.

وفي جلسة الاستماع في يوليو، أثناء مناقشة اقتراح إسقاط الدعوى، ركز مايكل كيلوج، محامي السعودية، بشكل كبير على البيومي، قائلا إن أي مساعدة قدمها للخاطفين كانت "محدودة وبريئة تماما".

وتشير الأدلة التي أعدها محامو المدعين إلى أن البيومي التقى بمسؤول دبلوماسي سعودي في القنصلية قبل لقاء الخاطفين لأول مرة في مطعم في لوس أنجلوس، بعد أسبوعين من وصولهما إلى كاليفورنيا. وساعد البيومي في تسهيل انتقال الخاطفين من لوس أنجلوس إلى سان دييغو في غضون أيام من ذلك الاجتماع.

ويقول محامو المملكة إن البيومي التقى بالخاطفين بالصدفة في مطعم حلال بالقرب من مسجد معروف وكانت اتصالاته بهما "محدودة".

وقال محامي المملكة أيضا إنه لا يوجد دليل على أن الثميري فعل أي شيء لمساعدتهما، لكن محامي عائلات 11 سبتمبر قدم نتائج مكتب التحقيقات الفيدرالي التي تفيد بأن الثميري كلف أحد المصلين في المسجد باستلام الخاطفين من المطار، وإحضارهما إليه عندما وصلا لأول مرة إلى لوس أنجلوس، في منتصف يناير 2000.

وفي إفادة عن بعد تم إجراؤها في هذه الدعوى القضائية في عام 2021، أقر البيومي بأنه ساعد الخاطفين على الاستقرار في سان دييغو بدون علم بنواياهم، وقال إنه لم يكن متورطا في الهجمات.

وتضمنت الأدلة المعروضة البيومي وهو يلتقط صورا في واشنطن العاصمة، على مدار عدة أيام في عام 1999، وقال المدعون إنها قام بالتقاط الصور بغية معرفة مداخل وخارج مبنى الكابيتول.

ولطالما اعتقد المسؤولون أن الكابيتول ربما كان الهدف الأصلي للطائرة التي تحطمت في بنسلفانيا.

من جانبهم، قال محامو المملكة ان البيومي كان مجرد سائح في إجازة عندما صور جولته في الكابيتول وزيارته لمسؤولي السفارة السعودية.

وفي الجلسة، شاهد القاضي دانييلز فيديو لجولته، ويسمع في الفيديو البيومي وهو يقول: "هؤلاء هم شياطين البيت الأبيض". ووصف محامي السعودية اللغة التي استخدمها بأنها "مؤسفة"، لكنه قال إنها أُخرجت عن سياقها. ورد القاضي بأن العبارة لا تتوافق مع سائح يزور "مبنى جميلا".

وتحدث أهالي الضحايا عن اتصالات هاتفية متكررة بين البيومي ومسؤولين سعوديين، خاصة خلال فترة مساعدته الحازمي والمحضار، وتحدثوا عن دفتر مكتوب يحتوي على معلومات اتصال لأكثر من 100 مسؤول حكومي سعودي.

وقال محامو المملكة إن وجود جهات الاتصالات هذه مرتبطة بدوره التطوعي في المسجد.

وبعد انتهاء جلسة الاستماع، أعلنت وزارة الدفاع عن صفقة إقرار بالذنب مع العقل المدبر المزعوم للهجمات، خالد شيخ محمد، واثنين آخرين من المعتقلين الآخرين معه في سجن غوانتانامو. ووافق هؤلاء على الاعتراف بالذنب بتهم التآمر مقابل الحكم عليهم بالسجن المؤبد.

وأثار إعلان صفقة الإقرار بالذنب ردود فعل قوية من أسر الضحايا بعد خروجهم من جلسة الاستماع.

وبعد يومين فقط، ألغى وزير الدفاع، لويد أوستن، صفقة الإقرار بالذنب في مذكرة مفاجئة وكتب أن "المسؤولية عن مثل هذا القرار يجب أن تقع على عاتقي".

وإلغاء الصفقة يعني إعادة "عقوبة الإعدام" لتصبح مطروحة مرة أخرى بحق هؤلاء.

لكن القضية أثارت جدلا قانونيا. ويقول محامون إن قرار أوستن غير قانوني.

ووسط هذا الجدل، تأمل أسر الضحايا أن تجلب لهم الدعوى القضائية المرفوعة على السعودية "العدالة التي كانوا يسعون إليها لأكثر من 20 عاما".