بقلم خالد الغالي:

في كانون الثاني/يناير 2016، رفعت سيدة أميركية دعوى قضائية على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، تتهمه بتسهيل نشر دعاية تنظيم داعش.

وقالت تامارا فيلد، وهي زوجة جندي أميركي قتل في الأردن، إن تويتر سمح لداعش باستخدام منصته كأداة لنشر دعايته وجمع الأموال وجذب مجندين، وهو ما أدى في الأخير إلى مقتل زوجها "ليولد فيلد" على يد نقيب في الأمن العام الأردني داخل مركز تدريب للشرطة في العاصمة عمان، في تشرين الثاني/نوفمبر 2015 .

وورد في الدعوى، التي رفعت أمام محكمة بولاية كاليفورنيا، "من دون تويتر، لم يكن ممكنا النمو الهائل لداعش على مدى السنوات القليلة الماضية حتى أصبحت المجموعة الإرهابية الأكثر رعبا في العالم".

وأكدت تامارا أن داعش كان يتوفر، في الوقت الذي قتل فيه زوجها، على 70 ألف حساب في تويتر تنشر مجتمعة 90 تغريدة في الدقيقة.

تويتر يمنع داعش من التغريد

أطلق تويتر مع بداية عام 2016 حملة واسعة لمحاربة خطاب الكراهية والمحتويات المتطرفة على منصته. وشهرا واحد بعد الدعوى القضائية التي رفعتها تامارا فيلد ضده، أعلن موقع التواصل الاجتماعي الشهير أنه أغلق أكثر من 125 ألف حساب يشيد بالإرهاب خلال ستة أشهر.

https://twitter.com/policy/status/695702903269363712?ref_src=twsrc%5Etfw

أقر الموقع أنه لا يملك، مثله مثل باقي المواقع، عصا سحرية لمحاربة المحتويات المتطرفة. لكنه أكد أنه سيبذل مزيدا من الجهود.

وبعد ستة أشهر أعلن تويتر، في آب/أغسطس، أنه أغلق 235 ألف حساب إضافي ليرتفع العدد الإجمالي إلى 360 ألف حساب تم إغلاقها منذ منتصف 2015 بسبب الإشادة بالإرهاب.

https://twitter.com/USAbilAraby/status/766696387299926016

جاءت حملة تويتر بعد الانتقادات الشديدة التي وجهت له طوال السنوات الماضية، فقد اعتٌبر المنصة المفضلة لدى مؤيدي داعش، إذ بنهاية سنة 2014، كان أنصار التنظيم يمتلكون أكثر من 46 ألف حساب على هذا الموقع، حسب ما نشرته دراسة لمعهد “بروكينغز” الأميركي.

وقال تويتر إنه رفع عدد الفرق المكلفة بتتبع التبليغات حول المحتويات المشيدة بالإرهاب، كما أنه تمكن من اختزال المدة اللازمة للاستجابة لهذه التبليغات وإغلاق الحسابات المتطرفة، وكذا منعها من الظهور مجددا. وطور الموقع أيضا أدوات الرصد الأوتوماتيكي لديه.

وحسب تويتر، شهدت عمليات الوقف اليومي للحسابات المتطرفة ارتفاعا بنسبة 80 في المئة بين سنتي 2015 و2016، مع زيادة ملحوظة عقب الهجمات الإرهابية مباشرة.

فيسبوك والحرب الإلكترونية

يسعى موقع التواصل الاجتماعي الأكثر شعبية في العالم، فيسبوك، بدوره إلى المساهمة في الحرب الإلكترونية ضد الإرهاب.

وشرع فيسبوك، بالتوازي مع موقع يوتيوب، في اعتماد تكنولوجيا جديدة تمكن من التعرف التلقائي على المحتويات المتطرفة وحذفها، وفق ما نشرته وكالة رويترز، في حزيران/يونيو 2016. وستمكن هذه التقنية الجديدة من حجب مقاطع الفيديو الصادرة عن داعش والتنظيمات المماثلة بشكل أسرع وقبل أن تنتشر بشكل واسع.

https://www.facebook.com/Reuters/posts/1163674970319524

وتم تطوير هذه التقنية في الأصل للتعرف على المحتويات التي تنتهك قواعد الملكية الفكرية، قبل أن تبدأ الشركتان في اعتمادها في حملتهما لمكافحة التطرف.

وبخصوص محاربة الإرهاب أيضا، أعلن موقع فيسبوك في بداية العام 2016 عن حملة لمحاربة التطرف تشمل القارة الأوروبية، بغلاف مالي يتجاوز مليون دولار.

جاءت الحملة إثر انتقادات أوروبية واسعة، خاصة من ألمانيا، اتهمت فيسبوك بعدم اتخاذ خطوات كافية للحيلولة دون انتشار خطاب الكراهية على منصته. ووصل الأمر إلى حد إطلاق القضاء الألماني تحقيقا في الأمر.

وأعلن فيسبوك تعاقده مع وحدة تابعة لمجموعة "بيرتلسمان" الألمانية (إحدى أكبر المجموعات الإعلامية ودور النشر في العالم)، لمراقبة ومسح التدوينات التي تتضمن خطابات تحث على الكراهية أو تدعم التطرف.

وابتداء من شباط/فبراير 2016، أعلن فيسبوك أيضا عن خطة جديدة لمحاربة المحتويات المتطرفة، تقوم على منح زوايا وإعلانات مجانية للمستخدمين الذين ينشرون محتويات تحارب التطرف.

*الصورة: مع بداية العام 2016، شرعت كل من شركتي فيسبوك وتويتر في حملة واسعة ضد التطرف/Shutterstock

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك
الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك

بعد 23 عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، يواصل ناجون وعائلات الضحايا معركة قانونية طويلة لمساءلة السعودية التي يقولون إن مسؤوليها لعبوا دورا في التخطيط للهجمات الدامية.

وينتظر الناجون وعائلات الضحايا قرارا هاما لقاضٍ فيدرالي في نيويورك بشأن قضية اتهام السعودية بدعم خاطفي أربع طائرات شاركت بالهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون في 11 سبتمبر 2001.

وتنفي المملكة هذه المزاعم بقوة.

ويحيي مسؤولون سياسيون وعسكريون ومواطنون عاديون، الأربعاء، الذكرى الـ23 للهجمات بفعاليات خاصة في نيويورك والعاصمة واشنطن وعدد من المدن الأميركية الأخرى.

وفي جلسة استماع عقدت أمام المحكمة الجزئية في مانهاتن في نهاية يوليو الماضي، للنظر في طلب السعودية إسقاط القضية، عرض محامو الضحايا ما قالوا إنها أدلة عن شبكة الدعم التي تضم مسؤولين سعوديين عملوا في الولايات المتحدة، والتي سهلت تحركات خاطفي الطائرات التي اصطدمت ببرجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك، والبنتاغون في فيرجينيا، وسقطت واحدة في بنسلفانيا.

وقال محامي المدعين، جافين سيمبسون، خلال جلسة 31 يوليو إن الشبكة السرية "أنشأتها ومولتها وأدارتها ودعمتها السعودية والمنظمات التابعة لها والدبلوماسيون داخل الولايات المتحدة".

وبعد انتهاء الجلسة، طالب أكثر من ثلاثة آلاف شخص من عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر كلا من الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب، ونائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، بمعارضة أي اتفاق للسلام بالشرق الأوسط مع السعودية قبل أن تحاسِب الحكومة الأميركية المملكة على أي دور محتمل في هجمات عام 2001

وضمت المجموعة المسؤولة عن هجمات سبتمبر 19 شخصا من "تنظيم القاعدة"، بينهم 15 سعوديا، إلا أن الروابط المحتملة بين الحكومة السعودية والإرهابيين ظلت محل تساؤلات لسنوات.

ونفت السعودية أي تورط حكومي في الهجمات.

ولطالما قالت الولايات المتحدة إن الرياض لم يكن له أي دور وإن "تنظيم القاعدة" تصرف بمفرده.

وفي 2016، أصدر الكونغرس تشريع "العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي سمح لأسر ضحايا الهجمات بمقاضاة السعودية، وهو ما مهد الطريق أمام مطالبات قضائية عدة من عائلات الضحايا بالحصول على تعويضات من المملكة.

وتنتظر عائلات الضحايا قرارا من قاضي المحكمة الجزئية في مانهاتن، جورج دانيلز، بشأن ما إذا كان بالإمكان المضي قدما في القضية، وهو ما قد يفتح المجال أمام ظهور المزيد من الأدلة، وفق "سي أن أن".

وفي جلسة يوليو، اتهم محامو أهالي الضحايا مواطنين سعوديين اثنين بأنها دعما اثنين من خاطفي الطائرات، وهما نواف الحازمي وخالد المحضار، بعد وصولهما إلى جنوب كاليفورنيا عام 2000.

وقالوا إن الدبلوماسي السعودي، فهد الثميري، الذي كان يعمل في القنصلية السعودية في لوس أنجلوس، كان جهة الاتصال الرئيسية بين "تنظيم القاعدة" والخاطفين الاثنين في لوس أنجلوس، وفقا لملفات المدعين أمام المحكمة.

وقالوا إن الثميري عمل مع سعودي آخر هو عمر البيومي، في دعم الخاطفين الاثنين أثناء وجودهما في كاليفورنيا، وفقا لملفات المحكمة.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد رفعت السرية عن مذكرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) في ديسمبر 2021، كشفت عن شكوك قوية بشأن ارتباط السعودية رسميا بالخاطفين الذين نفّذوا اعتداءات 11 سبتمبر، لكنها لم تتمكن من تقديم الإثبات الذي كانت تنتظره العائلات التي تقاضي الرياض.

وكشفت المذكرة عن وجود ارتباطات بين البيومي، الذي كان حينها طالبا، ونواف الحازمي وخالد المحضار.

وساعد البيومي، الذي كان طالبا وعمل أيضا مع مقاول سعودي، الخاطفين عند وصولهما إلى البلاد، وفقا لتقرير لجنة 11 سبتمبر 2004. وذكر التقرير في ذلك الوقت أنه ساعدهما في العثور على شقة في سان دييغو وفتح حساب مصرفي ووقع على عقد إيجارهما.

وقد دعمت المعلومات التي أصدرها "أف بي آي" في وقت لاحق ادعاء المدعين بأن البيومي والثميري قاما بتنسيق شبكة الدعم في جنوب كاليفورنيا بتوجيه من مسؤولين سعوديين.

لكن تقرير عام 2004 قال إنه لم يجد أي دليل في ذلك الوقت على أن البيومي ساعد الخاطفين عن علم.

وأكدت المملكة أن البيومي كان طالبا وكان يتردد على مسجد في سان دييغو، وساعد بدون علم الخاطفين باعتبارهم قادمين جدد لا يجيدون الإنكليزية.

وفي جلسة الاستماع في يوليو، أثناء مناقشة اقتراح إسقاط الدعوى، ركز مايكل كيلوج، محامي السعودية، بشكل كبير على البيومي، قائلا إن أي مساعدة قدمها للخاطفين كانت "محدودة وبريئة تماما".

وتشير الأدلة التي أعدها محامو المدعين إلى أن البيومي التقى بمسؤول دبلوماسي سعودي في القنصلية قبل لقاء الخاطفين لأول مرة في مطعم في لوس أنجلوس، بعد أسبوعين من وصولهما إلى كاليفورنيا. وساعد البيومي في تسهيل انتقال الخاطفين من لوس أنجلوس إلى سان دييغو في غضون أيام من ذلك الاجتماع.

ويقول محامو المملكة إن البيومي التقى بالخاطفين بالصدفة في مطعم حلال بالقرب من مسجد معروف وكانت اتصالاته بهما "محدودة".

وقال محامي المملكة أيضا إنه لا يوجد دليل على أن الثميري فعل أي شيء لمساعدتهما، لكن محامي عائلات 11 سبتمبر قدم نتائج مكتب التحقيقات الفيدرالي التي تفيد بأن الثميري كلف أحد المصلين في المسجد باستلام الخاطفين من المطار، وإحضارهما إليه عندما وصلا لأول مرة إلى لوس أنجلوس، في منتصف يناير 2000.

وفي إفادة عن بعد تم إجراؤها في هذه الدعوى القضائية في عام 2021، أقر البيومي بأنه ساعد الخاطفين على الاستقرار في سان دييغو بدون علم بنواياهم، وقال إنه لم يكن متورطا في الهجمات.

وتضمنت الأدلة المعروضة البيومي وهو يلتقط صورا في واشنطن العاصمة، على مدار عدة أيام في عام 1999، وقال المدعون إنها قام بالتقاط الصور بغية معرفة مداخل وخارج مبنى الكابيتول.

ولطالما اعتقد المسؤولون أن الكابيتول ربما كان الهدف الأصلي للطائرة التي تحطمت في بنسلفانيا.

من جانبهم، قال محامو المملكة ان البيومي كان مجرد سائح في إجازة عندما صور جولته في الكابيتول وزيارته لمسؤولي السفارة السعودية.

وفي الجلسة، شاهد القاضي دانييلز فيديو لجولته، ويسمع في الفيديو البيومي وهو يقول: "هؤلاء هم شياطين البيت الأبيض". ووصف محامي السعودية اللغة التي استخدمها بأنها "مؤسفة"، لكنه قال إنها أُخرجت عن سياقها. ورد القاضي بأن العبارة لا تتوافق مع سائح يزور "مبنى جميلا".

وتحدث أهالي الضحايا عن اتصالات هاتفية متكررة بين البيومي ومسؤولين سعوديين، خاصة خلال فترة مساعدته الحازمي والمحضار، وتحدثوا عن دفتر مكتوب يحتوي على معلومات اتصال لأكثر من 100 مسؤول حكومي سعودي.

وقال محامو المملكة إن وجود جهات الاتصالات هذه مرتبطة بدوره التطوعي في المسجد.

وبعد انتهاء جلسة الاستماع، أعلنت وزارة الدفاع عن صفقة إقرار بالذنب مع العقل المدبر المزعوم للهجمات، خالد شيخ محمد، واثنين آخرين من المعتقلين الآخرين معه في سجن غوانتانامو. ووافق هؤلاء على الاعتراف بالذنب بتهم التآمر مقابل الحكم عليهم بالسجن المؤبد.

وأثار إعلان صفقة الإقرار بالذنب ردود فعل قوية من أسر الضحايا بعد خروجهم من جلسة الاستماع.

وبعد يومين فقط، ألغى وزير الدفاع، لويد أوستن، صفقة الإقرار بالذنب في مذكرة مفاجئة وكتب أن "المسؤولية عن مثل هذا القرار يجب أن تقع على عاتقي".

وإلغاء الصفقة يعني إعادة "عقوبة الإعدام" لتصبح مطروحة مرة أخرى بحق هؤلاء.

لكن القضية أثارت جدلا قانونيا. ويقول محامون إن قرار أوستن غير قانوني.

ووسط هذا الجدل، تأمل أسر الضحايا أن تجلب لهم الدعوى القضائية المرفوعة على السعودية "العدالة التي كانوا يسعون إليها لأكثر من 20 عاما".