الأردن – بقلم صالح قشطة:

تسعى التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم داعش إلى استهداف الشباب بشكل متواصل بهدف ضمهم إلى صفوفها بشتى السبل المتاحة، والتي تعتبر مواقع التواصل الاجتماعي أبرزها، كونهم الفئة الأكثر استخداماً لها، وهي المواقع التي غدت منصة ووسيلة هامة لاستمالة هؤلاء الشباب لغسل أدمغتهم ومن ثم تجنيدهم.

وكان لموقع (إرفع صوتك) حديث مع مجموعة من الشباب في الأردن الذين أطلعونا على رسائلهم التي يرغبون بتوجيهها إلى داعش الذين يدركون حقيقته، عبر ذات المنصات التي يتم الترويج للإرهاب من خلالها، والذين يتحدثون أيضاً عن أهمية الدور الملقى على عاتقهم كلٌ في موقعه لتشكيل موجة مضادة وصلبة تقف سداً منيعاً أمام هذا الفكر الإرهابي للقضاء عليه والحد من تمدده.

أنتم لا تنتمون لديننا!

د. موفق المومني، أستاذ جامعي في الـ39 من عمره، وفي رسالته إلى تنظيم داعش يقول "أنتم لا تنتمون لديننا بشيء، لأن الإسلام دين المحبة والتعاون والمودة والرحمة، وليس دين القتل والتطرف، أنتم تعكسون الفكر الضال والمتخلف الذي يسعى لتشويه صورة الإسلام الحقيقية".

اقرأ أيضاً:

فنان كردي سوري يحارب داعش بالكاريكاتير

تعرّف على “أغلى” 7 إرهابيين حول العالم

وأكد بصفته معلماً على دور التعليم والمعلم في توعية وإرشاد الشباب، وأن مهمة تحقيق الأمن الفكري للطلبة تقع على عاتق المدرسة والمعلم إلى جانب الأسرة، محذراً من أن الإنسان بمرحلة الشباب يسعى لاستكشاف كل شيء، فعلى المعلم توعيه الطلبة ومحاورتهم لمقاومة الأفكار المتطرفة التي تستهدفهم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة وأن تلك المواقع  منحتهم  خصوصية تامة وغيبت الرقابة الأسرية تماماً.

ولتعزيز تلك العلاقة بينه وبين الطلبة، يرى المومني أن على المعلم أن يقوم بعقد ورشات للعمل والحوار الهادف مع الطلاب، وتعزيز الأنشطة اللامنهجية التي تعطي للطالب الفرصة للحوار والتواصل مع الأستاذ والمدرسة واختيار الأفضل.

وباء يجب محاربته

أما الشابة زينة القاضي، في منتصف العشرينات وتعمل في مجال تنظيم المؤتمرات، فترى في داعش وباء لا بد من محاربته بشتى الوسائل سواء بالكلمة أو بالفعل، مشيرة إلى أن أفكار التنظيم نابعة من تخلف وضعف بعض النفوس.

وترى زينة أن أبسط الطرق لمقاومة داعش تتمثل "ببيان المعنى الحقيقي للدين الإسلامي لكل من يجهله أو من أساء فهمه وغيب عقله".

وتقول خلال حديثها لموقع (إرفع صوتك) إنها لو أتيحت لها الفرصة فستطلق مبادرة تجمع بين المسلم والمسيحي، يتشاركان فيها المسؤوليات تجاه المجتمع والوطن ليتم التقارب بينهما بشكل أكبر، ولتتقلص الثغرات التي قد يستغلها المتطرفون للوصول إلى مآربهم.

مكان رب السماء!

وتختم الشابة حديثها بتوجيه رسالة لكل "داعشي" أو مؤيد لفكرهم "الدين عبارة عن أخلاق قبل الأحكام، الأخلاق التي تجردت منها منذ أن بايعت هذا التنظيم المتخلف المتطرف والإرهابي، أصبحت تطلق الأحكام كيفما شئت وترى نفسك مكان رب السماء! تدعي أنك تدافع عن الله وهو بريء منك ومن أفعالك القذرة، تقتل هذا وتسلب ذاك وتمتع نفسك بتلك! أين هو الدين من أفعالكم؟".

دليل واحد

بدوره يخاطب الشاب غيث الشقيري،٣٥ عاما، ويعمل في مجال حقوق الإنسان، داعش قائلاً "أعطوني دليلا واحدا من القرآن أو الأحاديث يبيح لكم قتل المدنيين العزل، أو سبباً وحجة مقنعة لقتلكم الأطفال ونشر الفساد في الأرض".

ويرى الشقيري في حديثه لموقع (إرفع صوتك) أن الأنسب لمقاومتهم هو تجاهلهم وعدم إعطائهم أية أهمية، وأن يتم تركيز الحديث على كشف وتعرية كل من يدعمهم ويمد يد العون لهم ويساعد على بقائهم وانتشار أفكارهم.

الموسيقى والعزف

أما الموسيقى والفنون التي يحاربها داعش، بل ويقمع كل مؤدٍ أو عازفٍ أو حتى متابعٍ لها، كانت حاضرة بين أفكار الشباب. وفي حديث إلى موقع (إرفع صوتك) يقول الموسيقي يوسف بلتاجي، 30 عاماً، "ببساطة سأستمر في العزف وتأليف الموسيقى، وسأدعم من خلال عملي جميع المواهب التي يحاربها داعش ويمنعها، سأستمر في نشر رسالة الحب والسلام من خلال الموسيقى، فأنا أدرك تماماً مدى كراهيتهم لما أقوم به، وهذا هو سلاحي، وأكثر ما يخشاه الدواعش هو سلاح الحياة والسلام".

مقاطعة منشورات داعش

من ناحيتها تؤكد الناشطة على مواقع التواصل الاجتماعي إيمان أبو زيد، 27 عاماً وتعمل كذلك في مجال الشبكات والتواصل المجتمعي، على ضرورة مقاطعة منشورات داعش وعدم نشر أفكارهم حتى بالطرق غير المباشرة، وتنصح بالتبليغ عن الحسابات التي تنشر العنف والإجرام.

"علينا تركيز جهودنا في نشر قيم التسامح وقبول الآخر سواء في مواقع التواصل الاجتماعي أو في المدارس والمنزل والشارع وكل مكان نستطيع أن نكون مؤثرين فيه".

وتختم حديثها بتوجيه رسالة إلى ما وصفته بالتنظيم الظلامي قائلة "تنظيمكم الدموي لا يستند إلى الدين ولا يمثله، ولا يوجد لديه أدنى صفة إنسانية، إنما يقوم على غسل أدمغة كل من يعاني من النزعات الإجرامية وإنتاج وسائل دموية جديدة في كل مرة.. عليكم إعادة النظر في أهدافكم وممارساتكم".

*الصورة: أردنيون يتوجهون برسائل لتنظيم داعش/Shutterstock

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك
الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك

بعد 23 عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، يواصل ناجون وعائلات الضحايا معركة قانونية طويلة لمساءلة السعودية التي يقولون إن مسؤوليها لعبوا دورا في التخطيط للهجمات الدامية.

وينتظر الناجون وعائلات الضحايا قرارا هاما لقاضٍ فيدرالي في نيويورك بشأن قضية اتهام السعودية بدعم خاطفي أربع طائرات شاركت بالهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون في 11 سبتمبر 2001.

وتنفي المملكة هذه المزاعم بقوة.

ويحيي مسؤولون سياسيون وعسكريون ومواطنون عاديون، الأربعاء، الذكرى الـ23 للهجمات بفعاليات خاصة في نيويورك والعاصمة واشنطن وعدد من المدن الأميركية الأخرى.

وفي جلسة استماع عقدت أمام المحكمة الجزئية في مانهاتن في نهاية يوليو الماضي، للنظر في طلب السعودية إسقاط القضية، عرض محامو الضحايا ما قالوا إنها أدلة عن شبكة الدعم التي تضم مسؤولين سعوديين عملوا في الولايات المتحدة، والتي سهلت تحركات خاطفي الطائرات التي اصطدمت ببرجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك، والبنتاغون في فيرجينيا، وسقطت واحدة في بنسلفانيا.

وقال محامي المدعين، جافين سيمبسون، خلال جلسة 31 يوليو إن الشبكة السرية "أنشأتها ومولتها وأدارتها ودعمتها السعودية والمنظمات التابعة لها والدبلوماسيون داخل الولايات المتحدة".

وبعد انتهاء الجلسة، طالب أكثر من ثلاثة آلاف شخص من عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر كلا من الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب، ونائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، بمعارضة أي اتفاق للسلام بالشرق الأوسط مع السعودية قبل أن تحاسِب الحكومة الأميركية المملكة على أي دور محتمل في هجمات عام 2001

وضمت المجموعة المسؤولة عن هجمات سبتمبر 19 شخصا من "تنظيم القاعدة"، بينهم 15 سعوديا، إلا أن الروابط المحتملة بين الحكومة السعودية والإرهابيين ظلت محل تساؤلات لسنوات.

ونفت السعودية أي تورط حكومي في الهجمات.

ولطالما قالت الولايات المتحدة إن الرياض لم يكن له أي دور وإن "تنظيم القاعدة" تصرف بمفرده.

وفي 2016، أصدر الكونغرس تشريع "العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي سمح لأسر ضحايا الهجمات بمقاضاة السعودية، وهو ما مهد الطريق أمام مطالبات قضائية عدة من عائلات الضحايا بالحصول على تعويضات من المملكة.

وتنتظر عائلات الضحايا قرارا من قاضي المحكمة الجزئية في مانهاتن، جورج دانيلز، بشأن ما إذا كان بالإمكان المضي قدما في القضية، وهو ما قد يفتح المجال أمام ظهور المزيد من الأدلة، وفق "سي أن أن".

وفي جلسة يوليو، اتهم محامو أهالي الضحايا مواطنين سعوديين اثنين بأنها دعما اثنين من خاطفي الطائرات، وهما نواف الحازمي وخالد المحضار، بعد وصولهما إلى جنوب كاليفورنيا عام 2000.

وقالوا إن الدبلوماسي السعودي، فهد الثميري، الذي كان يعمل في القنصلية السعودية في لوس أنجلوس، كان جهة الاتصال الرئيسية بين "تنظيم القاعدة" والخاطفين الاثنين في لوس أنجلوس، وفقا لملفات المدعين أمام المحكمة.

وقالوا إن الثميري عمل مع سعودي آخر هو عمر البيومي، في دعم الخاطفين الاثنين أثناء وجودهما في كاليفورنيا، وفقا لملفات المحكمة.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد رفعت السرية عن مذكرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) في ديسمبر 2021، كشفت عن شكوك قوية بشأن ارتباط السعودية رسميا بالخاطفين الذين نفّذوا اعتداءات 11 سبتمبر، لكنها لم تتمكن من تقديم الإثبات الذي كانت تنتظره العائلات التي تقاضي الرياض.

وكشفت المذكرة عن وجود ارتباطات بين البيومي، الذي كان حينها طالبا، ونواف الحازمي وخالد المحضار.

وساعد البيومي، الذي كان طالبا وعمل أيضا مع مقاول سعودي، الخاطفين عند وصولهما إلى البلاد، وفقا لتقرير لجنة 11 سبتمبر 2004. وذكر التقرير في ذلك الوقت أنه ساعدهما في العثور على شقة في سان دييغو وفتح حساب مصرفي ووقع على عقد إيجارهما.

وقد دعمت المعلومات التي أصدرها "أف بي آي" في وقت لاحق ادعاء المدعين بأن البيومي والثميري قاما بتنسيق شبكة الدعم في جنوب كاليفورنيا بتوجيه من مسؤولين سعوديين.

لكن تقرير عام 2004 قال إنه لم يجد أي دليل في ذلك الوقت على أن البيومي ساعد الخاطفين عن علم.

وأكدت المملكة أن البيومي كان طالبا وكان يتردد على مسجد في سان دييغو، وساعد بدون علم الخاطفين باعتبارهم قادمين جدد لا يجيدون الإنكليزية.

وفي جلسة الاستماع في يوليو، أثناء مناقشة اقتراح إسقاط الدعوى، ركز مايكل كيلوج، محامي السعودية، بشكل كبير على البيومي، قائلا إن أي مساعدة قدمها للخاطفين كانت "محدودة وبريئة تماما".

وتشير الأدلة التي أعدها محامو المدعين إلى أن البيومي التقى بمسؤول دبلوماسي سعودي في القنصلية قبل لقاء الخاطفين لأول مرة في مطعم في لوس أنجلوس، بعد أسبوعين من وصولهما إلى كاليفورنيا. وساعد البيومي في تسهيل انتقال الخاطفين من لوس أنجلوس إلى سان دييغو في غضون أيام من ذلك الاجتماع.

ويقول محامو المملكة إن البيومي التقى بالخاطفين بالصدفة في مطعم حلال بالقرب من مسجد معروف وكانت اتصالاته بهما "محدودة".

وقال محامي المملكة أيضا إنه لا يوجد دليل على أن الثميري فعل أي شيء لمساعدتهما، لكن محامي عائلات 11 سبتمبر قدم نتائج مكتب التحقيقات الفيدرالي التي تفيد بأن الثميري كلف أحد المصلين في المسجد باستلام الخاطفين من المطار، وإحضارهما إليه عندما وصلا لأول مرة إلى لوس أنجلوس، في منتصف يناير 2000.

وفي إفادة عن بعد تم إجراؤها في هذه الدعوى القضائية في عام 2021، أقر البيومي بأنه ساعد الخاطفين على الاستقرار في سان دييغو بدون علم بنواياهم، وقال إنه لم يكن متورطا في الهجمات.

وتضمنت الأدلة المعروضة البيومي وهو يلتقط صورا في واشنطن العاصمة، على مدار عدة أيام في عام 1999، وقال المدعون إنها قام بالتقاط الصور بغية معرفة مداخل وخارج مبنى الكابيتول.

ولطالما اعتقد المسؤولون أن الكابيتول ربما كان الهدف الأصلي للطائرة التي تحطمت في بنسلفانيا.

من جانبهم، قال محامو المملكة ان البيومي كان مجرد سائح في إجازة عندما صور جولته في الكابيتول وزيارته لمسؤولي السفارة السعودية.

وفي الجلسة، شاهد القاضي دانييلز فيديو لجولته، ويسمع في الفيديو البيومي وهو يقول: "هؤلاء هم شياطين البيت الأبيض". ووصف محامي السعودية اللغة التي استخدمها بأنها "مؤسفة"، لكنه قال إنها أُخرجت عن سياقها. ورد القاضي بأن العبارة لا تتوافق مع سائح يزور "مبنى جميلا".

وتحدث أهالي الضحايا عن اتصالات هاتفية متكررة بين البيومي ومسؤولين سعوديين، خاصة خلال فترة مساعدته الحازمي والمحضار، وتحدثوا عن دفتر مكتوب يحتوي على معلومات اتصال لأكثر من 100 مسؤول حكومي سعودي.

وقال محامو المملكة إن وجود جهات الاتصالات هذه مرتبطة بدوره التطوعي في المسجد.

وبعد انتهاء جلسة الاستماع، أعلنت وزارة الدفاع عن صفقة إقرار بالذنب مع العقل المدبر المزعوم للهجمات، خالد شيخ محمد، واثنين آخرين من المعتقلين الآخرين معه في سجن غوانتانامو. ووافق هؤلاء على الاعتراف بالذنب بتهم التآمر مقابل الحكم عليهم بالسجن المؤبد.

وأثار إعلان صفقة الإقرار بالذنب ردود فعل قوية من أسر الضحايا بعد خروجهم من جلسة الاستماع.

وبعد يومين فقط، ألغى وزير الدفاع، لويد أوستن، صفقة الإقرار بالذنب في مذكرة مفاجئة وكتب أن "المسؤولية عن مثل هذا القرار يجب أن تقع على عاتقي".

وإلغاء الصفقة يعني إعادة "عقوبة الإعدام" لتصبح مطروحة مرة أخرى بحق هؤلاء.

لكن القضية أثارت جدلا قانونيا. ويقول محامون إن قرار أوستن غير قانوني.

ووسط هذا الجدل، تأمل أسر الضحايا أن تجلب لهم الدعوى القضائية المرفوعة على السعودية "العدالة التي كانوا يسعون إليها لأكثر من 20 عاما".