بقلم متين أمين:

وجد الشاب الكردي السوري دجوار إبراهيم، 34 عاماً، في الرسوم الكاريكاتيرية الساخرة سلاحا قويا ومؤثرا لمحاربة داعش إلى جانب الأسلحة التقليدية التي تستخدمها القوات العسكرية على الأرض ضد التنظيم، فلا يمر يوم إلا قد رسم فيه هذا الشاب كاريكاتيرا أو إثنين ليهاجم التنظيم ويفضح للناس أساليبه وأفكاره المناوئة للإنسانية.

البداية...

بداية دجوار مع رسم الكاريكاتير كانت في عام 2004. ونظّم أول معرض كاريكاتيري فردي بعد أربع سنوات في عام 2008 وتلا ذلك تنظيم عدد آخر من المعارض الفردية والمشتركة في دمشق. وبعد بدء الأزمة في سورية، اضطر الفنان إلى مغادرة بلده واللجوء إلى مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان. وعن أسباب المغادرة يقول دجوار لموقع (إرفع صوتك) "لم أكن استطيع البقاء في ظل ما كان يحدث وما يتعرض له الشعب من قبل نظام الأسد".

حرب كاريكتيرية

لكن الحرب الكاريكاتيرية التي أعلنها على تنظيم داعش بدأت قبل أكثر من عامين مع بدء المعركة ضد التنظيم في العراق ومن ضمنه إقليم كردستان. ويشير الفنان إلى أنّه بعد دخول إقليم كردستان والمنطقة في الحرب ضد داعش، وجد نفسه يرسم رسوما كاريكاتيرية عن التنظيم الإرهابي يوماً بعد يوم "حتى رأيت أنني أيضاً فتحت جبهة بقلمي على هذا التنظيم".

ويقول دجوار إنّه تعرّض للتهديد من قبل بعض الحسابات على موقع "تويتر" التي تحمل أسماء داعشية متعددة. "حينها تأكدت انني أصل بريشتي وقلمي لداعش وأشكل مصدر إزعاج لهم، فهم يضعونني في نفس خانة القوات العسكرية التي تحارب التنظيم".

اقرأ أيضاً:

شابة أردنية لداعش: الله بريء منك ومن أفعالك القذرة

تعرّف على “أغلى” 7 إرهابيين حول العالم

دجوار استطاع خلال أكثر من عامين من الحرب أن ينظم معرضا لرسومه الكاريكاتيرية التي يحارب بها التنظيم، وكان المعرض تحت عنوان (كردستان تحارب داعش)، وما زال مستمرا في حربه على التنظيم.

ويؤكد على تفاؤله بأن "النصر قادم لا محال على همج العصر وسأجد نفسي قد خدمت الإنسانية بمحاربة هذا التنظيم الإرهابي. وسأبقى أحارب جميع المنظمات الارهابية التي تنتهك الإنسانية وتحكم بالظلم على الفقراء والمحتاجين وسأضع ريشتي في خدمة الانسانية لتكون سهماً في عيون هؤلاء الطغيان".

انطباعات الناس...

إنتاجات دجوار الكاريكاتيرية استطاعت كما يقول المواطن سرمد علي أن توصل إلى المواطنين فكرة واضحة عن الإرهاب والأضرار التي ألحقها بشعوب المنطقة.

ويقول سرمد لموقع (إرفع صوتك) "الكاريكاتير فن قوي ويجذب المشاهد  مهما كان عمره ومستواه التعليمي، لذا هو من أفضل الطرق لتوعية المواطن البسيط بمخاطر الإرهاب والتطرف وتعريفه بداعش وفكره الظلامي".

ويؤكد أنّه يتابع دائما نتاجات الفنان دجوار ويتمنى أن يواصل عمله "لأن حربنا ضد داعش تحتاج إلى أن نحاربهم فكريا".

أما المواطنة جيمن حسين، فتدعو في حديثها لموقع (إرفع صوتك) الحكومة في إقليم كردستان والحكومة الاتحادية في بغداد إلى الاهتمام بالحرب الفكرية، "لأن اجتثاث داعش واقتلاع جذوره لن يكون إلا بالحرب الفكرية".

وتشير إلى أن هذه الحرب تتمثل في محاربة التنظيم بالإعلام والكاريكاتير "الذي أعتبره سلاحا قويا والموسيقى والأفلام الوثائقية القصيرة، وهذه الوسائل مهمة لمجتمعاتنا التي ما زالت تحتاج إلى الكثير من التوعية. ومن هنا أرى أهمية ما يقوم به الفنان دجوار".

التفاعل الذي يبديه الناس مع رسومه يعني الكثير للفنان الكاريكاتيري الذي يقول إنّه يفرح حين تؤثر رسوماته بعامة الناس وأيضاً "حين ترفع من معنويات البيشمركة والقوات الأمنية التي تحارب التنظيم، لانني لاحظت أكثر من مقاتل اتخذوا من رسوماتي الكاريكاتيرية صورا لصفحاتهم الشخصية على مواقع التواصل الإجتماعي".

*الصور: من رسومات الفنان الكاريكاتيري دجوار إبراهيم/تنشر بإذن خاص منه

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Red Cross volunteers bury the remains of civilians killed in the Democratic Republic of Congo North Kivu province village of…
متطوعون من الصليب الأحمر يدفنون ضحايا هجوم مسلح مرتبط بداعش في جمهورية الكونجو- أرشيفية

بينما تبذل جهات إنفاذ القانون، ومؤسسات الرقابة المالية في العالم جهوداً مضنية لعزل أنشطة تنظيم "داعش" الاقتصادية عن النظام المصرفي العالمي، كان التنظيم ينسج في الظل شبكته المالية الخاصة، مستفيدا مما راكمته التنظيمات الإرهابية وعصابات الجريمة المنظمة من تجارب، ومستغلاً الثغرات المتاحة في المنظومة المالية العالمية، لتوسيع وإنعاش أنشطته المدرّة للدخل، وتحقيق فعالية أكبر في حركة الأموال بين "ولاياته" وخلاياه المنتشرة في مناطق مختلفة من العالم.

استطاع تنظيم "داعش" من خلال خططه الاقتصادية، وشبكاته المالية المعقدة  تحقيق اكتفاء ذاتي لأخطر فروعه النشطة في وسط إفريقيا، (فرعي الكونغو والموزمبيق)، وعبر وصلهما بخطوط شبكة دعمه الممتدة بين أوروبا  وجنوب إفريقيا والصومال والخليج والشرق الأوسط. وهي شبكة محمية بطبقات من الوسطاء والشركات الاستثمارية ومكاتب تحويل الأموال، لكن جزءاً منها جرى تفكيكه وتعطيل فعاليته.

تحويلات مالية من جنوب افريقيا

في 7 من نوفمبر الماضي أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية بياناً ثانياً بشأن الانشطة المالية لداعش في جنوب افريقيا، وفرضت بموجبه عقوبات على خلية من 4 أفراد و 8 شركات استثمارية. الشخصيات الخاضعة للعقوبات وهي نوفل أكبر، ويونس محمد أكبر، ومحمد أكبر، وعمر أكبر، تعمل تحت إشراف فرهاد هومر وهو جهادي كانت الخزانة الأمريكية قد فرضت عقوبات عليه في مارس من العام الماضي، واستهدفت العقوبات شركاتهم العاملة في مجالات تعدين الذهب والبناء، ويضطلعون بدور حيوي في الاسناد اللوجستي لفروع "داعش" في وسط إفريقيا والموزمبيق، وتحويل الأموال إليها عبر نظام "الحوالة".

ومن خلال نظام "الحوالة" تم تحويل حوالي 342 مليون دولار من جنوب إفريقيا إلى فروع وخلايا داعش في الصومال وكينيا ونيجيريا وبنغلادش باستخدام آلاف الشرائح الهاتفية غير المسلجة للتملص من الرقابة، وتمويه هوية القائمين بالمعاملة، وكل ذلك حدث بين عامي 2020 و 2021 بحسب صحيفة "صنداي تايمز" الصادرة في جنوب إفريقيا. ويتم تحويلات الأموال على دفعات صغيرة حتى لا تثير الشكوك.

وكشفت دراسة نشرتها جامعة جورج واشنطن في يونيو الماضي عن جانب من المعاملات المالية التي تتم بين خلايا داعش في جنوب إفريقيا وبين "ولاياتها" في الصومال والموزمبيق وشرق الكونغو. وفنّدت الدراسة نموذجاً لهذه التحويلات التي تتم برعاية شركة Heeryo Trading Entrprise وهي شركة صومالية وجنوب افريقية مسجلة في جوهانسبرغ وتقوم بعملياتها في العاصمة الصومالية مقاديشو. الشركة سهّلت نقل مئات الآف من الدولارات من الصومال إلى جنوب إفريقيا ومن جنوب إفريقيا إلى كينيا حيث ينتظرها الموزعون الماليون لنقلها إلى أوغندا، ويعبرون بها الحدود لتسليمها إلى فرع "داعش" في شرق الكونغو، أو تنقل إلى تنزانيا ومنها إلى فرع داعش في الموزمبيق.

 

سبق لقيادة تنظيم "داعش" المركزية في سوريا والعراق أن اعتمدت نظام الحوالة المالية أواخر 2017 لدعم "القوات الديمقراطية المتحالفة" في الكونغو عشية إعلان ولائها للتنظيم، وكان وليد أحمد زين المواطن الكيني الذي التحق والده وأخوه بالتنظيم في سوريا، قد تلقى مبالغ مالية ضخمة عبر حوالات مالية(حوالي مليون وخمسمئة ألف دولار)، من أوروبا وأمريكا والشرق الأوسط، وقام بإعادة تحويلها إلى فروع داعش في وسط وشمال إفريقيا.

وجاء في تقرير أعدته مجموعة أبحاث الكونجو بجامعة نيويورك ومؤسسة بريدجواي التي نقلت عن مصادر أمريكية ومنشق من القوات الديمقراطية المتحالفة في الكونجو أنّ  زين، الذي وصف بأنه "ميسّر مالي" دفع المال للقوات الديمقراطية المتحالفة على الأقل مرة واحدة.

 

زكاة وجزية

إلى جانب الحوالات المالية التي تتلقاها فروع داعش في وسط افريقيا، توجد أيضا أنشطة ذاتية تعتمد عليها محليا في تعزيز دخلها المالي، وتمويل عملياتها، ومنها فرض الرسوم والضرائب وجباية ما تسميه "الزكاة" من الأهالي الذين يعيشون في مناطق سيطرتها. ولأن فرعي داعش في الكونغو والموزمبيق ينشطان في مناطق يعيش فيها المسلمون والمسيحيون فإن عوائدهما في هذه الحالة تكون مضاعفة، من خلال فرض "الزكاة" على المسلمين و"الجزية" على المسيحيين.

ففي العام الماضي حذر فرع داعش في المزمبيق، عبر بيان خطي تداولته صفحات محلية، المسيحيين من عواقب عدم دفع الجزية، وخيرتهم بين الدخول في الإسلام أو دفع الجزية أو "الاستعداد لحرب لا نهاية لها" بحسب البيان.

تلجأ فروع داعش في إفريقيا إلى فرض الضرائب على السكان المحليين وابتزاز الشركات والمقاولات وفرض رسوم باهضة عليها ضمن خطة تمويلية عممتها قيادة داعش في سوريا والعراق على كل ولاياتها البعيدة، ويشكل مردودها جزءاً من ميزانيتها الضخمة. ففي الصومال مقر "مكتب الكرار" الذي يدير شؤون ولايات وسط إفريقيا ويمدها بدعم مالي سخي، يقوم فرع داعش في إقليم بونتلاند شمال الصومال بفرض رسوم شهرية على الشركات التجارية تحت التهديد بتخريب ممتلكاتها ومصالحها. وفي 2018 كانت عوائده الشهرية من هذه الرسوم حوالي  700 ألف دولار. وفي أبريل الماضي أحرق التنظيم مقاولة محلية بعدما رفض أصحابها دفع 500 ألف دولار له.

تنخرط أيضا فروع داعش في وسط أفريقيا في أنشطة تجارية مشبوهة، مثل التهريب، وتجارة الذهب والأخشاب والكاكاو وغيرها، وأكدت دراسة جامعة جورج واشنطن المشار إليها سابقاً أن هذه الأنشطة تشكل نسبة قليلة جداً مقارنة بالأموال التي تصل من الخارج، وأن عوائد تجارة الأخشاب التي يديرها فرع الكونغو لا تتجاوز 15 ألف دولار سنوياً.

تجارة السبي والرهائن

يشكل الاختطاف بغرض الفدية تقليداً مشتركاً بين الارهاب والجريمة المنظمة، غير أن فرع داعش في وسط افريقيا أضاف إلى هذا الاقتصاد الإجرامي المربح، قطاعاً مربحاً آخر وهو تجارة "السبي".

فقد كشفت مراسلات داخلية للتنظيم أن فرع داعش في الموزمبيق فرض مبالغ مالية معينة مقابل تحرير "السبايا" اللواتي يحتفظ بهن في معاقله. وهذه المعاملة تشمل فقط "السبايا" اللواتي لا يصلحن، بحسب التنظيم الإرهابي لـ"المتعة" الجنسية، كالمصابات بمرض الإيدز، أو الكبيرات في السن. وتم تخيير أهاليهن بين دفع الأموال أو إعدامهن.

ينهض اقتصاد الارهاب في جزء كبير منه على عوائد الاختطاف واحتجاز الرهائن.

لا توجد أرقام محددة عن العوائد التي يجنيها تنظيم داعش في وسط إفريقيا من اقتصاد الفدية، لكن لا شك أنها إضافة إلى أرقام الحوالات قد أحدثت طفرة في النشاطات الارهابية لفرعي داعش في شمال الموزمبيق وشرق الكونغو. حوالي 68 ألف دولار من أموال الحوالات سلمت مباشرة لأفراد في خلايا تورطت في سلسلة من الهجمات الانتحارية في أوغندا في 2021، وهجمات في رواندا والكونغو.

عزّز اقتصاد الإرهاب الذي رعاه مكتب "الكرار" في الصومال بقيادة عبد القادر مؤمن  ميزانية داعش في شرق ووسط إفريقيا، فكان يرسل بشكل دوري دفعات مالية إلى عدد من ولايات وخلايا داعش في إفريقيا والشرق الأوسط واليمن وتركيا. ووصف المكتب في رسالة له إلى أمير إدارة "الولايات" البعيدة في سوريا وضعه المالي بالقول: "الأموال التي تصلنا من مفصل الاقتصاد كافية للضروريات والكماليات"، ووافق على إرسال فائضها إلى اليمن مباشرة، وسيبحث عن وسيلة آمنة لإرسالها أيضا إلى الخليج وتركيا. وهي مفارقة لافتة أن تذهب أموال الإرهاب في زمن داعش من إفريقيا إلى الخليج بعدما كان العكس هو الشائع في العقود الماضية.