بقلم علي قيس:

يستمر تنظيم داعش الإرهابي بإغواء الشباب حول العالم، محاولا الإيقاع بعدد منهم لضمهم إلى صفوفه، بعد الخسارات التي مني بها في العراق وسورية مؤخرا ومقتل عدد كبير من المقاتلين معه ومناصريه.

ووصل الحال بالتنظيم إلى الاكتفاء بـ "مبايعة" إلكترونية لما يسمى بـ "الخليفة" عبر تغريدة في تويتر، ليعتبر من قام بها رقما يضاف إلى صفوفه.

كما لا تقتصر صور القتال إلى جانب مسلحيه على مشاهد حمل السلاح أو وضع الحزام الناسف، فنشر الأفكار والترويج لآرائه عبر فيسبوك أو تويتر، وكسب عناصر جديدة في سبيل توسيع قاعدته، لا يقل خطرا عن عملياته العسكرية. لذا، فإن التنظيم يحاول تضليل العالم عبر معلومات وأفكار متطرفة ينشرها في مواقع إلكترونية تابعة له.

اقرأ أيضاً:

أبرز 10 عمليات لمكافحة الإرهاب في المنطقة العربية

مغاربة ضد داعش: نحتاج إلى التوعية ونشر المعرفة

وهذا ما دفع بعدد من الشباب الناشطين والمدونين إلى تنظيم حملات وفتح صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، بهدف شن هجمات مضادة للفكر المتطرف الذي يحاول داعش نشره.

التشدد الديني: إلى العصور الوسطى... در

"تلعب المواقع الإلكترونية وبالخصوص صفحات التواصل الاجتماعي دوراً كبيراً في التأثير سواء في الرأي العام، أو في المعركة ضد داعش، وحتى في السياسة"، يقول الناشط شجاع الخفاجي، وهو صاحب صفحة "الخوة النظيفة" على فيسبوك وتويتر.

ويضيف في حديث لموقع (إرفع صوتك) أنّه قبل سنتين أو أكثر، "كان داعش يمتلك جيشا إلكترونيا جبارا ومؤثرا في مواقع التواصل، لكن منذ فترة ليست بقليلة انخفض هذا بصورة كبيرة"، معتبرا أن السبب في ذلك ليس مجرد إجراءات جديدة اتخذتها إدارات المواقع تلك في حجب عشرات الآلاف من الصفحات المحرضة على العنف والمؤيدة للجماعات الإرهابية، بل بسبب "تطوع جهات شبابية ومدنية في الحرب الإعلامية والإلكترونية ضد التنظيم، حتى اختفى تقريباً عدد مؤيدي داعش في فيسبوك وحتى في تويتر".

https://twitter.com/BROTHERSIRQ/status/783076917436092416

ويتابع صفحة "الخوة النظيفة" على  فيسبوك 323 ألف متابع، فيما يتابعها على تويتر 33 ألف متابع.

وعن ردود أفعال الموالين لداعش لما تنشره صفحته "الخوة النظيفة"، يوضح الخفاجي "كنا نرى تعليقات وتفاعلا من الدواعش في منشورات الصفحة حينما نحتفي بتحرير مدينة أو مقتل قادة منهم، وفي كل مرة يظهر فيها تعليق لأحد مؤيدي التنظيم يتكفل جمهور الصفحة بمحاورته والرد عليه، حتى وصلنا إلى اختفاء الموالين لداعش من صفحاتنا".

ويؤكد الناشط شجاع الخفاجي على أهمية دور الشباب المدون في صفحات التواصل في التوعية من مخاطر التشدد الديني، التي تجر المجتمع إلى "العصور الوسطى" بحسب وصفه.

https://www.facebook.com/BROTHERSIRQ/photos/a.654953687986910.1073741828.654946631320949/691224747693137/?type=3&theater

ويختتم الشاب حديثه عن أمل نقل صورة إيجابية إلى أهالي الموصل عن القوات المحررة من الجيش والحشد الشعبي والعشائري، وذلك لـ"تبديد انطباع سيء عن تلك القوات".

العالم الافتراضي أصبح هو الواقع

ويقول مؤسس صفحة "عين الموصل"، والذي لم يكشف عن هويته، في حديث لموقع (إرفع صوتك) إن المواقع الإلكترونية أو العالم الافتراضي "لم تعد مجرد مساحة خارجة عن الواقع، بل أصبحت هي الواقع"، موضحا "لأنها النافذة الأكثر تأثيرا على الرأي العام والجماهير، لهذا يمكن القول أنها أداة تغيير فاعلة الآن".

ويرى أنه من الممكن أن يتحول الإنسان إلى متطرف بعد مشاهدته لمنشورات على فيسبوك أو تويتر أو يوتيوب، بسبب أساليب الإقناع الموجودة فيها"، مضيفا "كما يمكنه أن يتحول إلى إنسان مسالم يحارب التطرف، من خلال مشاهدة محتوى يخاطب عقله ووعيه، كل شيء اليوم يبدأ من مواقع التواصل الاجتماعي".

وتضم صفحة "عين الموصل" نحو 100 ألف متابع، كما تنشط على تويتر باللغة الإنكليزية، وتضم 4000 متابع، معظمهم من دول أجنبية، حيث يؤكد مؤسسها "خلال عامين تقريبا وأنا أحارب داعش عبر هذه الصفحة. أكثر ما لفت انتباهي أن الكثير من المتابعين يحملون آراء خاطئة حصلوا عليها من مواقع التواصل الاجتماعي، عن طبيعة الصراع في العراق"، ويواصل "وهذا بسبب تأثير آلة الاعلام المتطرف خلال العام الماضي، لكن اليوم أصبح هناك وعي بالحقائق وإن كان نسبيا".

ومع الحديث عن قرب موعد انطلاق عمليات تحرير محافظة نينوى، يضع القائمون على صفحة "عين الموصل" خطة بدأ تنفيذها قبل أسبوعين. وتتضمن توعية الناس ونشر المعلومات الصحيحة، والدفاع عن مواطني الموصل ومواكبة العمليات العسكرية، إضافة لمواكبة ما يدور وراء الكواليس حول خطط ما بعد التحرير، فضلا عن "ممارسة حرب نفسية ضد عناصر العدو".

ويتكون الفريق العامل في صفحة "عين الموصل" من مجموعتين: الأولى من داخل المدينة الموصل، ومهمتها نقل آخر المستجدات من داخل المدينة بشكل دقيق.

الثانية خارج المدينة، ومهمتها إدامة الصفحة واستلام المعلومات ونشرها.

https://www.facebook.com/MosulEyee/posts/1020944984693670

وتأسست الصفحة، في حزيران/يونيو 2014، أي بالتزامن مع احتلال داعش للموصل. وكانت تركز على نقل الأخبار باللغة الانكليزية، انطلاقا من فكرة ترى أن إيصال صوت الموصل إلى العالم في تلك المرحلة، كان أكثر أهمية من تأثيره على المجال المحلي.

*الصورة: شعار موقع تويتر/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك
الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك

بعد 23 عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، يواصل ناجون وعائلات الضحايا معركة قانونية طويلة لمساءلة السعودية التي يقولون إن مسؤوليها لعبوا دورا في التخطيط للهجمات الدامية.

وينتظر الناجون وعائلات الضحايا قرارا هاما لقاضٍ فيدرالي في نيويورك بشأن قضية اتهام السعودية بدعم خاطفي أربع طائرات شاركت بالهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون في 11 سبتمبر 2001.

وتنفي المملكة هذه المزاعم بقوة.

ويحيي مسؤولون سياسيون وعسكريون ومواطنون عاديون، الأربعاء، الذكرى الـ23 للهجمات بفعاليات خاصة في نيويورك والعاصمة واشنطن وعدد من المدن الأميركية الأخرى.

وفي جلسة استماع عقدت أمام المحكمة الجزئية في مانهاتن في نهاية يوليو الماضي، للنظر في طلب السعودية إسقاط القضية، عرض محامو الضحايا ما قالوا إنها أدلة عن شبكة الدعم التي تضم مسؤولين سعوديين عملوا في الولايات المتحدة، والتي سهلت تحركات خاطفي الطائرات التي اصطدمت ببرجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك، والبنتاغون في فيرجينيا، وسقطت واحدة في بنسلفانيا.

وقال محامي المدعين، جافين سيمبسون، خلال جلسة 31 يوليو إن الشبكة السرية "أنشأتها ومولتها وأدارتها ودعمتها السعودية والمنظمات التابعة لها والدبلوماسيون داخل الولايات المتحدة".

وبعد انتهاء الجلسة، طالب أكثر من ثلاثة آلاف شخص من عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر كلا من الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب، ونائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، بمعارضة أي اتفاق للسلام بالشرق الأوسط مع السعودية قبل أن تحاسِب الحكومة الأميركية المملكة على أي دور محتمل في هجمات عام 2001

وضمت المجموعة المسؤولة عن هجمات سبتمبر 19 شخصا من "تنظيم القاعدة"، بينهم 15 سعوديا، إلا أن الروابط المحتملة بين الحكومة السعودية والإرهابيين ظلت محل تساؤلات لسنوات.

ونفت السعودية أي تورط حكومي في الهجمات.

ولطالما قالت الولايات المتحدة إن الرياض لم يكن له أي دور وإن "تنظيم القاعدة" تصرف بمفرده.

وفي 2016، أصدر الكونغرس تشريع "العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي سمح لأسر ضحايا الهجمات بمقاضاة السعودية، وهو ما مهد الطريق أمام مطالبات قضائية عدة من عائلات الضحايا بالحصول على تعويضات من المملكة.

وتنتظر عائلات الضحايا قرارا من قاضي المحكمة الجزئية في مانهاتن، جورج دانيلز، بشأن ما إذا كان بالإمكان المضي قدما في القضية، وهو ما قد يفتح المجال أمام ظهور المزيد من الأدلة، وفق "سي أن أن".

وفي جلسة يوليو، اتهم محامو أهالي الضحايا مواطنين سعوديين اثنين بأنها دعما اثنين من خاطفي الطائرات، وهما نواف الحازمي وخالد المحضار، بعد وصولهما إلى جنوب كاليفورنيا عام 2000.

وقالوا إن الدبلوماسي السعودي، فهد الثميري، الذي كان يعمل في القنصلية السعودية في لوس أنجلوس، كان جهة الاتصال الرئيسية بين "تنظيم القاعدة" والخاطفين الاثنين في لوس أنجلوس، وفقا لملفات المدعين أمام المحكمة.

وقالوا إن الثميري عمل مع سعودي آخر هو عمر البيومي، في دعم الخاطفين الاثنين أثناء وجودهما في كاليفورنيا، وفقا لملفات المحكمة.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد رفعت السرية عن مذكرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) في ديسمبر 2021، كشفت عن شكوك قوية بشأن ارتباط السعودية رسميا بالخاطفين الذين نفّذوا اعتداءات 11 سبتمبر، لكنها لم تتمكن من تقديم الإثبات الذي كانت تنتظره العائلات التي تقاضي الرياض.

وكشفت المذكرة عن وجود ارتباطات بين البيومي، الذي كان حينها طالبا، ونواف الحازمي وخالد المحضار.

وساعد البيومي، الذي كان طالبا وعمل أيضا مع مقاول سعودي، الخاطفين عند وصولهما إلى البلاد، وفقا لتقرير لجنة 11 سبتمبر 2004. وذكر التقرير في ذلك الوقت أنه ساعدهما في العثور على شقة في سان دييغو وفتح حساب مصرفي ووقع على عقد إيجارهما.

وقد دعمت المعلومات التي أصدرها "أف بي آي" في وقت لاحق ادعاء المدعين بأن البيومي والثميري قاما بتنسيق شبكة الدعم في جنوب كاليفورنيا بتوجيه من مسؤولين سعوديين.

لكن تقرير عام 2004 قال إنه لم يجد أي دليل في ذلك الوقت على أن البيومي ساعد الخاطفين عن علم.

وأكدت المملكة أن البيومي كان طالبا وكان يتردد على مسجد في سان دييغو، وساعد بدون علم الخاطفين باعتبارهم قادمين جدد لا يجيدون الإنكليزية.

وفي جلسة الاستماع في يوليو، أثناء مناقشة اقتراح إسقاط الدعوى، ركز مايكل كيلوج، محامي السعودية، بشكل كبير على البيومي، قائلا إن أي مساعدة قدمها للخاطفين كانت "محدودة وبريئة تماما".

وتشير الأدلة التي أعدها محامو المدعين إلى أن البيومي التقى بمسؤول دبلوماسي سعودي في القنصلية قبل لقاء الخاطفين لأول مرة في مطعم في لوس أنجلوس، بعد أسبوعين من وصولهما إلى كاليفورنيا. وساعد البيومي في تسهيل انتقال الخاطفين من لوس أنجلوس إلى سان دييغو في غضون أيام من ذلك الاجتماع.

ويقول محامو المملكة إن البيومي التقى بالخاطفين بالصدفة في مطعم حلال بالقرب من مسجد معروف وكانت اتصالاته بهما "محدودة".

وقال محامي المملكة أيضا إنه لا يوجد دليل على أن الثميري فعل أي شيء لمساعدتهما، لكن محامي عائلات 11 سبتمبر قدم نتائج مكتب التحقيقات الفيدرالي التي تفيد بأن الثميري كلف أحد المصلين في المسجد باستلام الخاطفين من المطار، وإحضارهما إليه عندما وصلا لأول مرة إلى لوس أنجلوس، في منتصف يناير 2000.

وفي إفادة عن بعد تم إجراؤها في هذه الدعوى القضائية في عام 2021، أقر البيومي بأنه ساعد الخاطفين على الاستقرار في سان دييغو بدون علم بنواياهم، وقال إنه لم يكن متورطا في الهجمات.

وتضمنت الأدلة المعروضة البيومي وهو يلتقط صورا في واشنطن العاصمة، على مدار عدة أيام في عام 1999، وقال المدعون إنها قام بالتقاط الصور بغية معرفة مداخل وخارج مبنى الكابيتول.

ولطالما اعتقد المسؤولون أن الكابيتول ربما كان الهدف الأصلي للطائرة التي تحطمت في بنسلفانيا.

من جانبهم، قال محامو المملكة ان البيومي كان مجرد سائح في إجازة عندما صور جولته في الكابيتول وزيارته لمسؤولي السفارة السعودية.

وفي الجلسة، شاهد القاضي دانييلز فيديو لجولته، ويسمع في الفيديو البيومي وهو يقول: "هؤلاء هم شياطين البيت الأبيض". ووصف محامي السعودية اللغة التي استخدمها بأنها "مؤسفة"، لكنه قال إنها أُخرجت عن سياقها. ورد القاضي بأن العبارة لا تتوافق مع سائح يزور "مبنى جميلا".

وتحدث أهالي الضحايا عن اتصالات هاتفية متكررة بين البيومي ومسؤولين سعوديين، خاصة خلال فترة مساعدته الحازمي والمحضار، وتحدثوا عن دفتر مكتوب يحتوي على معلومات اتصال لأكثر من 100 مسؤول حكومي سعودي.

وقال محامو المملكة إن وجود جهات الاتصالات هذه مرتبطة بدوره التطوعي في المسجد.

وبعد انتهاء جلسة الاستماع، أعلنت وزارة الدفاع عن صفقة إقرار بالذنب مع العقل المدبر المزعوم للهجمات، خالد شيخ محمد، واثنين آخرين من المعتقلين الآخرين معه في سجن غوانتانامو. ووافق هؤلاء على الاعتراف بالذنب بتهم التآمر مقابل الحكم عليهم بالسجن المؤبد.

وأثار إعلان صفقة الإقرار بالذنب ردود فعل قوية من أسر الضحايا بعد خروجهم من جلسة الاستماع.

وبعد يومين فقط، ألغى وزير الدفاع، لويد أوستن، صفقة الإقرار بالذنب في مذكرة مفاجئة وكتب أن "المسؤولية عن مثل هذا القرار يجب أن تقع على عاتقي".

وإلغاء الصفقة يعني إعادة "عقوبة الإعدام" لتصبح مطروحة مرة أخرى بحق هؤلاء.

لكن القضية أثارت جدلا قانونيا. ويقول محامون إن قرار أوستن غير قانوني.

ووسط هذا الجدل، تأمل أسر الضحايا أن تجلب لهم الدعوى القضائية المرفوعة على السعودية "العدالة التي كانوا يسعون إليها لأكثر من 20 عاما".