مدونات إرفع صوتك - ليلى المطوع
مدونات إرفع صوتك - ليلى المطوع

بقلم ليلى المطوع:

لم يصل الإنسان إلى ما وصل إليه اليوم إلا بسبب قدرته الهائلة على التهيؤ والتكيف وسط محيطه و بيئته، واستخدام الموارد المتوفرة لمصلحته ومن أجل استمراره.  إن العراقيل التي تقف في وجه المرأة اليوم غير متساوية في جميع المناطق.  وتختلف من منطقة إلى اخرى بحكم العادات والتقاليد والدين والقانون وأمور أخرى.

 منذ ست سنوات، أثناء مشاركتي في أحد المنتديات، تعرفتُ على مجموعة من العضوات اللاتي كن يشتكين بسبب القوانين التي تفرضها الدولة أو العادات التي يفرضها المجتمع وتمكن ولي الأمر من فرض سيطرته إلى حد الظلم ومنعهم من الخروج للعمل، لذلك كان لا بد من البحث عن وسائل بسيطة وممكنة يمكنّهن من كسر القيد على حريتهن. كما أقول دائماً إن الأمان الاقتصادي هو أول الطرق للتحرر من سلطة الرجل. ولكن كيف لها أن تحصل على مصدر دخل يؤمنها؟

اقرأ أيضاً:

كيف يعامل داعش النساء السنيات؟

مواطنون سنّة: داعش أكبر مصيبة ابتلينا بها خلال العصر الحديث

يتوافر الإنترنيت اليوم في أغلب المنازل. ويمكن استخدامه بواسطة الهواتف واللابتوب. هذه الأدوات البسيطة التي من الممكن توظيفها لتأدية عمل بسيط. الفتيات اللاتي في المنتدى منهن من قامت ببيع المأكولات، تطهو، تصوّر، تعرضها، ثم تستلم الطلبات. أخرى قررت تصميم العبايات، ومنهن من قامت بشراء ملابس من مواقع آسيوية بسعر يساعد على بيعها والتربح منها.

اليوم لم يعد الخروج من المنزل هو الطريقة الوحيدة كي تعمل المرأة. فأنا أعرف عدداً لا بأس به من المترجمات اللواتي تعلمن اللغة من خلال دروس مجانية متوفرة على الإنترنيت، وتواصلن مع دور النشر وقمن بالترجمة، وصحافيات يعملن في المنزل من خلال إجراء حوار صحافي أو خبر أو حتى تقرير عن كتاب ما، أو صديقتي التي تعيل نفسها وابنتها من خلال التدقيق اللغوي للروايات. كل هذه الأمور من الممكن أن توفر للمرأة مبلغاً بسيطاً، وهي بدائل مؤقتة حتى تتخلص من المتسلط، أو القيود.

يجب على المرأة عدم الجلوس بين الحيطان والتذمر من حالها. ولكن عليها أن تبحث عن شيء تجيده. تستخدم كل ما حولها لأجل تغيير حياتها. ومن تضمن نفسها اقتصاديا، تستطيع التكفل بنفسها والوقوف على قدمها ثم الانتقال إلى مكان آخر إذا اقتضت الحاجة.

كما أن جلوس المرأة في المنزل بدون انتاجية على صعيد الأسرة والمجتمع يعد أمراً طبيعياً. لقد وضعها المجتمع في هذه الخانة، فلا تجد أحدهم ينعتها بعديمة المسؤولية كما يُطلق على الرجل الجالس في المنزل ولا يعمل. هذه المفاهيم الخاطئة أسست لنا جيلاً من النساء الجالسات في المنزل، بعضهن بقيود وبعضهن كسولات متذمرات.

لأمنحكم مثالاً حياً ومشهورا عن امرأة استخدمت أبسط الوسائل لتحدث تغييراً هائلاً في حياتها وفي العالم أكمله: في طفولتها تخلص منها والدها هي وشقيقتها ورماها في ملجأ الأيتام، حيث تعلمت هناك الخياطة على يد الراهبات. بعد تركها للميتم عملت خياطة صباحاً ومطربة ذات صوت سيء مساءً. كانت تكافح لأجل تغيير حياتها، رغم استسلام أختها وزواجها من رجل ثري وتركها لوحدها تواجه مصيرها في محاولتها لتكون مطربة. هذه الفتاة لم تكن تعير أي اهتمام لموهبتها كخياطة. هي تريد الشهرة، اعتقاداً منها أن الشهرة ستكون من خلال الغناء. وخلال تلك المدة التي أمضتها في الجري وراء الأوهام، أصابها الافلاس. فانتقلت إلى الريف لتعيش مع شخص تعرفت عليه مؤخراً في منزله الفخم. وهناك اختلطت بشلة أصدقائه من النساء والرجال. ولأنها تعيش على نفقته، أجبرها على تسلية ضيوفه، رغم امتعاضها وشجارها معه إلا أنها كانت بحاجة إليه، خاصة مع وضعها المالي السيء. ولأنها لا تملك ملابس راقية لحضور الحفلات، كانت تصمم ملابسها وقبعاتها بالأدوات المتوفرة لديها من ملابس الرجل الذي تسكن لديه. لفتت تصاميمها أنظار النساء، وسؤالهم المستمر عن مكان العثور على تصاميمها منحها القوة والعزيمة على فتح محل في باريس لبيع القبعات. وساندها أحد الرجال. ولكن الرجل التي كانت عنده قال له “لا تضع هذه الأفكار التي لن تأخذها إلى أي مكان في عقلها”.

لم تكن هذه الفتاة إلا كوكو شانيل، التي صنعت منها أفكارها رمزاً للأناقة. لو إنها أصرت على الغناء لما كانت اليوم ذات اسم رنان كما يعرفها العالم. ولكنها بحثت عن الشي الذي تجيده ومارسته وبذلك تغيرت حياتها.

في الختام عزيزتي المرأة... مهما كانت ظروفك ومحيطك يخنقك، يجب عليك أن تحاولي تغييره. ومن يقف بينك وبين أهدافك هي نفسك فقط. ابتعدي عن اليأس، وآمني بنفسك وقدراتك. استخدمي كل الامكانيات التي حولك ولو كانت محدودة. فهناك عالم افتراضي غير محدود يوفر لك المعلومات والسبل اللازمة للنجاح. وهو طريقتك للتواصل مع العالم الخارجي. استغلي وقتك هذا لخلق فرصة الاستقلالية المادية. اعتمدي على مواهبك وطاقاتك حتى لو قلتِ أنا لا أجيد شيئا فلو فتشتي بداخلك لوجدت أنكِ تملكين موهبة وطاقة وأفكار ستذهب إلى التراب إن لم تستخدميها. استغلي فرصة وجودك على هذه الأرض ليكون لحياتك معنى وهدف.

لقد انتقل الكثير من النشاطات والتبادلات من العالم الواقعي إلى العالم الافتراضي. وبما أنك استطعتِ خلق عالم افتراضي ناجح لك، فبالتأكيد سينعكس هذا النجاح على عالمك الواقعي. وهناك أمثلة كثيرة حية على هذا النجاح. وتذكري دائما أن الطرف الذي يعيلك هو الطرف المتحكم بك. لذلك عيلي نفسك لتكوني سيدتها.

عن الكاتبة: ليلى المطوع، روائية وصحافية بحرينية، صدرت لها رواية قلبي ليس للبيع من دار الفارابي، عرفت من خلال دفاعها عن حقوق المرأة، وترجمت نصوصها لأكثر من لغة.

لمتابعة ليلى المطوع على فيسبوك إضغط هنا. وعلى تويتر إضغط هنا.

 الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن رأي الكاتب ولا تعبر بالضرورة عن رأي موقع (إرفع صوتك) أو شبكة الشرق الأوسط للإرسال، ويتم نشرها إيماناً بحرية التعبير وضرورة فتح الباب أمام نقاش جاد للأسباب التي أدت إلى انتشار التطرف والإرهاب في المنطقة.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك
الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك

بعد 23 عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، يواصل ناجون وعائلات الضحايا معركة قانونية طويلة لمساءلة السعودية التي يقولون إن مسؤوليها لعبوا دورا في التخطيط للهجمات الدامية.

وينتظر الناجون وعائلات الضحايا قرارا هاما لقاضٍ فيدرالي في نيويورك بشأن قضية اتهام السعودية بدعم خاطفي أربع طائرات شاركت بالهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون في 11 سبتمبر 2001.

وتنفي المملكة هذه المزاعم بقوة.

ويحيي مسؤولون سياسيون وعسكريون ومواطنون عاديون، الأربعاء، الذكرى الـ23 للهجمات بفعاليات خاصة في نيويورك والعاصمة واشنطن وعدد من المدن الأميركية الأخرى.

وفي جلسة استماع عقدت أمام المحكمة الجزئية في مانهاتن في نهاية يوليو الماضي، للنظر في طلب السعودية إسقاط القضية، عرض محامو الضحايا ما قالوا إنها أدلة عن شبكة الدعم التي تضم مسؤولين سعوديين عملوا في الولايات المتحدة، والتي سهلت تحركات خاطفي الطائرات التي اصطدمت ببرجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك، والبنتاغون في فيرجينيا، وسقطت واحدة في بنسلفانيا.

وقال محامي المدعين، جافين سيمبسون، خلال جلسة 31 يوليو إن الشبكة السرية "أنشأتها ومولتها وأدارتها ودعمتها السعودية والمنظمات التابعة لها والدبلوماسيون داخل الولايات المتحدة".

وبعد انتهاء الجلسة، طالب أكثر من ثلاثة آلاف شخص من عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر كلا من الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب، ونائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، بمعارضة أي اتفاق للسلام بالشرق الأوسط مع السعودية قبل أن تحاسِب الحكومة الأميركية المملكة على أي دور محتمل في هجمات عام 2001

وضمت المجموعة المسؤولة عن هجمات سبتمبر 19 شخصا من "تنظيم القاعدة"، بينهم 15 سعوديا، إلا أن الروابط المحتملة بين الحكومة السعودية والإرهابيين ظلت محل تساؤلات لسنوات.

ونفت السعودية أي تورط حكومي في الهجمات.

ولطالما قالت الولايات المتحدة إن الرياض لم يكن له أي دور وإن "تنظيم القاعدة" تصرف بمفرده.

وفي 2016، أصدر الكونغرس تشريع "العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي سمح لأسر ضحايا الهجمات بمقاضاة السعودية، وهو ما مهد الطريق أمام مطالبات قضائية عدة من عائلات الضحايا بالحصول على تعويضات من المملكة.

وتنتظر عائلات الضحايا قرارا من قاضي المحكمة الجزئية في مانهاتن، جورج دانيلز، بشأن ما إذا كان بالإمكان المضي قدما في القضية، وهو ما قد يفتح المجال أمام ظهور المزيد من الأدلة، وفق "سي أن أن".

وفي جلسة يوليو، اتهم محامو أهالي الضحايا مواطنين سعوديين اثنين بأنها دعما اثنين من خاطفي الطائرات، وهما نواف الحازمي وخالد المحضار، بعد وصولهما إلى جنوب كاليفورنيا عام 2000.

وقالوا إن الدبلوماسي السعودي، فهد الثميري، الذي كان يعمل في القنصلية السعودية في لوس أنجلوس، كان جهة الاتصال الرئيسية بين "تنظيم القاعدة" والخاطفين الاثنين في لوس أنجلوس، وفقا لملفات المدعين أمام المحكمة.

وقالوا إن الثميري عمل مع سعودي آخر هو عمر البيومي، في دعم الخاطفين الاثنين أثناء وجودهما في كاليفورنيا، وفقا لملفات المحكمة.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد رفعت السرية عن مذكرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) في ديسمبر 2021، كشفت عن شكوك قوية بشأن ارتباط السعودية رسميا بالخاطفين الذين نفّذوا اعتداءات 11 سبتمبر، لكنها لم تتمكن من تقديم الإثبات الذي كانت تنتظره العائلات التي تقاضي الرياض.

وكشفت المذكرة عن وجود ارتباطات بين البيومي، الذي كان حينها طالبا، ونواف الحازمي وخالد المحضار.

وساعد البيومي، الذي كان طالبا وعمل أيضا مع مقاول سعودي، الخاطفين عند وصولهما إلى البلاد، وفقا لتقرير لجنة 11 سبتمبر 2004. وذكر التقرير في ذلك الوقت أنه ساعدهما في العثور على شقة في سان دييغو وفتح حساب مصرفي ووقع على عقد إيجارهما.

وقد دعمت المعلومات التي أصدرها "أف بي آي" في وقت لاحق ادعاء المدعين بأن البيومي والثميري قاما بتنسيق شبكة الدعم في جنوب كاليفورنيا بتوجيه من مسؤولين سعوديين.

لكن تقرير عام 2004 قال إنه لم يجد أي دليل في ذلك الوقت على أن البيومي ساعد الخاطفين عن علم.

وأكدت المملكة أن البيومي كان طالبا وكان يتردد على مسجد في سان دييغو، وساعد بدون علم الخاطفين باعتبارهم قادمين جدد لا يجيدون الإنكليزية.

وفي جلسة الاستماع في يوليو، أثناء مناقشة اقتراح إسقاط الدعوى، ركز مايكل كيلوج، محامي السعودية، بشكل كبير على البيومي، قائلا إن أي مساعدة قدمها للخاطفين كانت "محدودة وبريئة تماما".

وتشير الأدلة التي أعدها محامو المدعين إلى أن البيومي التقى بمسؤول دبلوماسي سعودي في القنصلية قبل لقاء الخاطفين لأول مرة في مطعم في لوس أنجلوس، بعد أسبوعين من وصولهما إلى كاليفورنيا. وساعد البيومي في تسهيل انتقال الخاطفين من لوس أنجلوس إلى سان دييغو في غضون أيام من ذلك الاجتماع.

ويقول محامو المملكة إن البيومي التقى بالخاطفين بالصدفة في مطعم حلال بالقرب من مسجد معروف وكانت اتصالاته بهما "محدودة".

وقال محامي المملكة أيضا إنه لا يوجد دليل على أن الثميري فعل أي شيء لمساعدتهما، لكن محامي عائلات 11 سبتمبر قدم نتائج مكتب التحقيقات الفيدرالي التي تفيد بأن الثميري كلف أحد المصلين في المسجد باستلام الخاطفين من المطار، وإحضارهما إليه عندما وصلا لأول مرة إلى لوس أنجلوس، في منتصف يناير 2000.

وفي إفادة عن بعد تم إجراؤها في هذه الدعوى القضائية في عام 2021، أقر البيومي بأنه ساعد الخاطفين على الاستقرار في سان دييغو بدون علم بنواياهم، وقال إنه لم يكن متورطا في الهجمات.

وتضمنت الأدلة المعروضة البيومي وهو يلتقط صورا في واشنطن العاصمة، على مدار عدة أيام في عام 1999، وقال المدعون إنها قام بالتقاط الصور بغية معرفة مداخل وخارج مبنى الكابيتول.

ولطالما اعتقد المسؤولون أن الكابيتول ربما كان الهدف الأصلي للطائرة التي تحطمت في بنسلفانيا.

من جانبهم، قال محامو المملكة ان البيومي كان مجرد سائح في إجازة عندما صور جولته في الكابيتول وزيارته لمسؤولي السفارة السعودية.

وفي الجلسة، شاهد القاضي دانييلز فيديو لجولته، ويسمع في الفيديو البيومي وهو يقول: "هؤلاء هم شياطين البيت الأبيض". ووصف محامي السعودية اللغة التي استخدمها بأنها "مؤسفة"، لكنه قال إنها أُخرجت عن سياقها. ورد القاضي بأن العبارة لا تتوافق مع سائح يزور "مبنى جميلا".

وتحدث أهالي الضحايا عن اتصالات هاتفية متكررة بين البيومي ومسؤولين سعوديين، خاصة خلال فترة مساعدته الحازمي والمحضار، وتحدثوا عن دفتر مكتوب يحتوي على معلومات اتصال لأكثر من 100 مسؤول حكومي سعودي.

وقال محامو المملكة إن وجود جهات الاتصالات هذه مرتبطة بدوره التطوعي في المسجد.

وبعد انتهاء جلسة الاستماع، أعلنت وزارة الدفاع عن صفقة إقرار بالذنب مع العقل المدبر المزعوم للهجمات، خالد شيخ محمد، واثنين آخرين من المعتقلين الآخرين معه في سجن غوانتانامو. ووافق هؤلاء على الاعتراف بالذنب بتهم التآمر مقابل الحكم عليهم بالسجن المؤبد.

وأثار إعلان صفقة الإقرار بالذنب ردود فعل قوية من أسر الضحايا بعد خروجهم من جلسة الاستماع.

وبعد يومين فقط، ألغى وزير الدفاع، لويد أوستن، صفقة الإقرار بالذنب في مذكرة مفاجئة وكتب أن "المسؤولية عن مثل هذا القرار يجب أن تقع على عاتقي".

وإلغاء الصفقة يعني إعادة "عقوبة الإعدام" لتصبح مطروحة مرة أخرى بحق هؤلاء.

لكن القضية أثارت جدلا قانونيا. ويقول محامون إن قرار أوستن غير قانوني.

ووسط هذا الجدل، تأمل أسر الضحايا أن تجلب لهم الدعوى القضائية المرفوعة على السعودية "العدالة التي كانوا يسعون إليها لأكثر من 20 عاما".