أربيل - بقلم متين أمين:

"داعش لا يمثلنا لأنّه تنظيم إجرامي أُسس على القتل والتدمير، ونحن نرفض هؤلاء المجرمين وأفعالهم التي تسببت بخراب المنطقة"، بهذه الكلمات بدأ الشاب عثمان الجبوري، 30 عاماً، من مدينة الموصل حديثه لموقع (إرفع صوتك)، وهو يتحسر على مدينته الخاضعة لتنظيم داعش منذ أكثر من عامين.

داعش هو المسؤول

يضيف عثمان بالقول "احنه السنة ما شفنا من التنظيم بس الخراب والقتل، ونرفض تواجده في مناطقنا".

عثمان كان شرطيا في الموصل قبل سيطرة داعش عليها في حزيران/يونيو من عام 2014، حيث اضطر إلى ترك المدينة مع عائلته خوفا من التعرض للاعتقال والقتل على يد داعش الذي قتل الكثيرين من أفراد القوات الأمنية العراقية والمواطنين في الموصل خلال المدة الماضية. لكن والدته وإخوانه ما زالوا متواجدين في المدينة التي تستعد القوات العراقية لتحريرها.

اقرأ أيضاً:

مواطن مصري من العريش: كل أقوال وأفعال داعش حرام

كيف يعامل داعش النساء السنيات؟

ويشير عثمان بأسى إلى أنّه ومنذ فترة وهو لا يعلم أي شيء عن عائلته. "لا أعلم هل ما زالوا على قيد الحياة أم قتلوا من قبل التنظيم، فهم لم يستطيعوا الخروج من المدينة".

ويتساءل عثمان حول من هو المسؤول عن تشريد الملايين من السنة في العراق؟ ويجيب في الوقت ذاته على سؤاله "داعش هو المسؤول عمّا نشهده اليوم من معاناة وتشرد وتهجير في ظل المخيمات وقلة المساعدات وفقدان العمل والأهل".

سنّة آخرون...

عثمان ليس السني الوحيد الذي يرفض أن يمثله تنظيم إرهابي كداعش والقاعدة والتنظيمات الأخرى التي احتلت المناطق العربية السنية من العراق خلال السنوات الماضية، فالعرب السنة يؤكدون دائما عن استنكارهم لهذا التنظيم الذي استباح مناطقهم.

محمد اللهيبي، 37 عاماً، مواطن عراقي آخر ينتمي إلى المذهب السني، تطوّع في صفوف قوات الحشد العشائري للمشاركة في تحرير ما تبقى من المناطق في محافظة نينوى من التنظيم.

يقول لموقع (إرفع صوتك) "بأي وجه يزعم التنظيم أنه يمثلنا نحن السنة، السنة هم أبناء هذا البلد ولا يقبلون بداعش وما شابهه أن يجعلوا عن أنفسهم ممثلين لنا".

ويتابع حديثه "لو كان السنة يعتبرون داعش ممثلا عنهم، لما تطوعوا في صفوف القوات الأمنية وحاربوا التنظيم وساهموا في تحرير مناطقهم منه. نظرتنا للتنظيم هي أنه ليس سوى مجموعة من الإرهابيين الذين سينتهون قريبا".

المكاسب والنقود

أما المواطنة سارة علي، 35 عاماً، من المذهب الشيعي وتنتمي لمحافظة ديالى، فتُقسم السنة الذين خضعوا لتنظيم داعش إلى قسمين: قسم رفضوا الحكومة العراقية في بغداد فاعتقدوا في بادئ الأمر أن سيطرة تنظيم داعش على مناطقهم هي الحل للتخلص من الحكومة، "لكن بعدما شهدوا جرائم داعش وممارساته الإرهابية، فهم بالتأكيد لن يقبلوا من الآن وصاعدا بهذا التنظيم ولا بغيره من التنظيمات الإرهابية".

وأشارت إلى أن أبناء المناطق السنية في جهود ملحوظة للتخلص من داعش، متابعة أن هناك قسم آخر كانوا من المجرمين الذين التحقوا بداعش لنيل الامتيازات وحصد غنائم الحرب أي لغرض النقود ليس أكثر. "لذا لا أعتقد من الحكمة ربط الإرهاب بالسنة فالكثير من المواطنين المرموقين والمثقفين هم من السنة ولا يقبلون أن يخضعوا لأي جهة إرهابية".

الحويجة...

المواطن سلمان العبيدي، 50 عاما، تمكن من الفرار من قضاء الحويجة (جنوب غرب محافظة كركوك) مؤخرا برفقة عائلته بعد قطعه لطريق مليء بالمخاطر من أطراف الحويجة وحتى الوصول إلى جبهات البيشمركة بالقرب من كركوك.

يروي ما يعانيه أهالي الحويجة من التنظيم، ويقول لموقع (إرفع صوتك) إن الحويجة مدينة سكانها من العرب السنة، "التنظيم ومن تعاون معه من سكان الحويجة لم يدعوا شيئا سيئا وإلا فعلوه بنا، فمنذ أكثر من عام وداعش يقتل أبناءنا ويزج بهم في سجونه. منع عنا داعش كل شيء وعزلنا عن العالم، وجوّعنا وقطع عنا الخدمات التي كانت موجودة في مدينتنا، أهالي الحويجة يعيشون في سجن كبير وحرموا من أبسط الحقوق والاحتياجات".

ويختم حديثه قائلاً "لا يوجد مواطن سني شريف واحد يعتبر داعش ممثلا له، لأننا لم نُبتلَ في هذا البلد خلال العصر الحديث بمصيبة أكبر من مصيبة داعش".

من جانبها، ترى أسماء محمد، 40 عاما، من محافظة صلاح الدين أن البعض من السنة الذين اتبعوا التنظيم لا يمكن أن يُحتسبوا على المكون السني في العراق. وتقول لموقع (إرفع صوتك) "على الرغم من أن هناك من السنة ممن تلوثت أيديهم مع داعش في المنطقة لبساطة عقولهم أو بتحريض من بعض رجال الدين من أصحاب الفكر المتشدد أو لأنهم أشرار النفوس ألا أنهم لا يمثلوننا نحن غالبية السنة، فقد اختاروا الإرهاب وسيكون مصيرهم كمصير التنظيم في الهاوية قريبا".

*الصورة:نازحون عراقيون فروا من منطقة خاضعة لداعش قرب الفلوجة/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك
الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك

بعد 23 عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، يواصل ناجون وعائلات الضحايا معركة قانونية طويلة لمساءلة السعودية التي يقولون إن مسؤوليها لعبوا دورا في التخطيط للهجمات الدامية.

وينتظر الناجون وعائلات الضحايا قرارا هاما لقاضٍ فيدرالي في نيويورك بشأن قضية اتهام السعودية بدعم خاطفي أربع طائرات شاركت بالهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون في 11 سبتمبر 2001.

وتنفي المملكة هذه المزاعم بقوة.

ويحيي مسؤولون سياسيون وعسكريون ومواطنون عاديون، الأربعاء، الذكرى الـ23 للهجمات بفعاليات خاصة في نيويورك والعاصمة واشنطن وعدد من المدن الأميركية الأخرى.

وفي جلسة استماع عقدت أمام المحكمة الجزئية في مانهاتن في نهاية يوليو الماضي، للنظر في طلب السعودية إسقاط القضية، عرض محامو الضحايا ما قالوا إنها أدلة عن شبكة الدعم التي تضم مسؤولين سعوديين عملوا في الولايات المتحدة، والتي سهلت تحركات خاطفي الطائرات التي اصطدمت ببرجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك، والبنتاغون في فيرجينيا، وسقطت واحدة في بنسلفانيا.

وقال محامي المدعين، جافين سيمبسون، خلال جلسة 31 يوليو إن الشبكة السرية "أنشأتها ومولتها وأدارتها ودعمتها السعودية والمنظمات التابعة لها والدبلوماسيون داخل الولايات المتحدة".

وبعد انتهاء الجلسة، طالب أكثر من ثلاثة آلاف شخص من عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر كلا من الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب، ونائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، بمعارضة أي اتفاق للسلام بالشرق الأوسط مع السعودية قبل أن تحاسِب الحكومة الأميركية المملكة على أي دور محتمل في هجمات عام 2001

وضمت المجموعة المسؤولة عن هجمات سبتمبر 19 شخصا من "تنظيم القاعدة"، بينهم 15 سعوديا، إلا أن الروابط المحتملة بين الحكومة السعودية والإرهابيين ظلت محل تساؤلات لسنوات.

ونفت السعودية أي تورط حكومي في الهجمات.

ولطالما قالت الولايات المتحدة إن الرياض لم يكن له أي دور وإن "تنظيم القاعدة" تصرف بمفرده.

وفي 2016، أصدر الكونغرس تشريع "العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي سمح لأسر ضحايا الهجمات بمقاضاة السعودية، وهو ما مهد الطريق أمام مطالبات قضائية عدة من عائلات الضحايا بالحصول على تعويضات من المملكة.

وتنتظر عائلات الضحايا قرارا من قاضي المحكمة الجزئية في مانهاتن، جورج دانيلز، بشأن ما إذا كان بالإمكان المضي قدما في القضية، وهو ما قد يفتح المجال أمام ظهور المزيد من الأدلة، وفق "سي أن أن".

وفي جلسة يوليو، اتهم محامو أهالي الضحايا مواطنين سعوديين اثنين بأنها دعما اثنين من خاطفي الطائرات، وهما نواف الحازمي وخالد المحضار، بعد وصولهما إلى جنوب كاليفورنيا عام 2000.

وقالوا إن الدبلوماسي السعودي، فهد الثميري، الذي كان يعمل في القنصلية السعودية في لوس أنجلوس، كان جهة الاتصال الرئيسية بين "تنظيم القاعدة" والخاطفين الاثنين في لوس أنجلوس، وفقا لملفات المدعين أمام المحكمة.

وقالوا إن الثميري عمل مع سعودي آخر هو عمر البيومي، في دعم الخاطفين الاثنين أثناء وجودهما في كاليفورنيا، وفقا لملفات المحكمة.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد رفعت السرية عن مذكرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) في ديسمبر 2021، كشفت عن شكوك قوية بشأن ارتباط السعودية رسميا بالخاطفين الذين نفّذوا اعتداءات 11 سبتمبر، لكنها لم تتمكن من تقديم الإثبات الذي كانت تنتظره العائلات التي تقاضي الرياض.

وكشفت المذكرة عن وجود ارتباطات بين البيومي، الذي كان حينها طالبا، ونواف الحازمي وخالد المحضار.

وساعد البيومي، الذي كان طالبا وعمل أيضا مع مقاول سعودي، الخاطفين عند وصولهما إلى البلاد، وفقا لتقرير لجنة 11 سبتمبر 2004. وذكر التقرير في ذلك الوقت أنه ساعدهما في العثور على شقة في سان دييغو وفتح حساب مصرفي ووقع على عقد إيجارهما.

وقد دعمت المعلومات التي أصدرها "أف بي آي" في وقت لاحق ادعاء المدعين بأن البيومي والثميري قاما بتنسيق شبكة الدعم في جنوب كاليفورنيا بتوجيه من مسؤولين سعوديين.

لكن تقرير عام 2004 قال إنه لم يجد أي دليل في ذلك الوقت على أن البيومي ساعد الخاطفين عن علم.

وأكدت المملكة أن البيومي كان طالبا وكان يتردد على مسجد في سان دييغو، وساعد بدون علم الخاطفين باعتبارهم قادمين جدد لا يجيدون الإنكليزية.

وفي جلسة الاستماع في يوليو، أثناء مناقشة اقتراح إسقاط الدعوى، ركز مايكل كيلوج، محامي السعودية، بشكل كبير على البيومي، قائلا إن أي مساعدة قدمها للخاطفين كانت "محدودة وبريئة تماما".

وتشير الأدلة التي أعدها محامو المدعين إلى أن البيومي التقى بمسؤول دبلوماسي سعودي في القنصلية قبل لقاء الخاطفين لأول مرة في مطعم في لوس أنجلوس، بعد أسبوعين من وصولهما إلى كاليفورنيا. وساعد البيومي في تسهيل انتقال الخاطفين من لوس أنجلوس إلى سان دييغو في غضون أيام من ذلك الاجتماع.

ويقول محامو المملكة إن البيومي التقى بالخاطفين بالصدفة في مطعم حلال بالقرب من مسجد معروف وكانت اتصالاته بهما "محدودة".

وقال محامي المملكة أيضا إنه لا يوجد دليل على أن الثميري فعل أي شيء لمساعدتهما، لكن محامي عائلات 11 سبتمبر قدم نتائج مكتب التحقيقات الفيدرالي التي تفيد بأن الثميري كلف أحد المصلين في المسجد باستلام الخاطفين من المطار، وإحضارهما إليه عندما وصلا لأول مرة إلى لوس أنجلوس، في منتصف يناير 2000.

وفي إفادة عن بعد تم إجراؤها في هذه الدعوى القضائية في عام 2021، أقر البيومي بأنه ساعد الخاطفين على الاستقرار في سان دييغو بدون علم بنواياهم، وقال إنه لم يكن متورطا في الهجمات.

وتضمنت الأدلة المعروضة البيومي وهو يلتقط صورا في واشنطن العاصمة، على مدار عدة أيام في عام 1999، وقال المدعون إنها قام بالتقاط الصور بغية معرفة مداخل وخارج مبنى الكابيتول.

ولطالما اعتقد المسؤولون أن الكابيتول ربما كان الهدف الأصلي للطائرة التي تحطمت في بنسلفانيا.

من جانبهم، قال محامو المملكة ان البيومي كان مجرد سائح في إجازة عندما صور جولته في الكابيتول وزيارته لمسؤولي السفارة السعودية.

وفي الجلسة، شاهد القاضي دانييلز فيديو لجولته، ويسمع في الفيديو البيومي وهو يقول: "هؤلاء هم شياطين البيت الأبيض". ووصف محامي السعودية اللغة التي استخدمها بأنها "مؤسفة"، لكنه قال إنها أُخرجت عن سياقها. ورد القاضي بأن العبارة لا تتوافق مع سائح يزور "مبنى جميلا".

وتحدث أهالي الضحايا عن اتصالات هاتفية متكررة بين البيومي ومسؤولين سعوديين، خاصة خلال فترة مساعدته الحازمي والمحضار، وتحدثوا عن دفتر مكتوب يحتوي على معلومات اتصال لأكثر من 100 مسؤول حكومي سعودي.

وقال محامو المملكة إن وجود جهات الاتصالات هذه مرتبطة بدوره التطوعي في المسجد.

وبعد انتهاء جلسة الاستماع، أعلنت وزارة الدفاع عن صفقة إقرار بالذنب مع العقل المدبر المزعوم للهجمات، خالد شيخ محمد، واثنين آخرين من المعتقلين الآخرين معه في سجن غوانتانامو. ووافق هؤلاء على الاعتراف بالذنب بتهم التآمر مقابل الحكم عليهم بالسجن المؤبد.

وأثار إعلان صفقة الإقرار بالذنب ردود فعل قوية من أسر الضحايا بعد خروجهم من جلسة الاستماع.

وبعد يومين فقط، ألغى وزير الدفاع، لويد أوستن، صفقة الإقرار بالذنب في مذكرة مفاجئة وكتب أن "المسؤولية عن مثل هذا القرار يجب أن تقع على عاتقي".

وإلغاء الصفقة يعني إعادة "عقوبة الإعدام" لتصبح مطروحة مرة أخرى بحق هؤلاء.

لكن القضية أثارت جدلا قانونيا. ويقول محامون إن قرار أوستن غير قانوني.

ووسط هذا الجدل، تأمل أسر الضحايا أن تجلب لهم الدعوى القضائية المرفوعة على السعودية "العدالة التي كانوا يسعون إليها لأكثر من 20 عاما".