بقلم إلسي مِلكونيان:
"كنت أمشي في السوق، متشحة باللباس الأسود الذي فرضه علينا داعش. فلحق بي أحد رجالهم قائلاً: عودي إلى منزل محرمك فأنت ترتدين تنورة. استدرت مندهشة وسألته: كيف عرفت؟ فرد بحدة: تفحصت لباسك جيداً، والمطلوب هو الجلباب أما ارتداء التنورة فهو مشين وغير مقبول". بهذه العبارات وبنبرة حزينة تحكي أم فارس لموقع (إرفع صوتك) مقتطفات من حياتها في مدينة الموصل التي وقعت في يد التنظيم المتشدد منذ عامين.
أم فارس سيدة عراقية من المذهب السني، رغب الدواعش بتزويجها إلى مقاتل من رجالهم بعد أن فُقد زوجها. فقررت الفرار مع أخريات إلى دهوك في إقليم كردستان، حيث تعيش حالياً في مخيم للاجئين.
وتشرح السيدة العراقية قواعد اللباس الأسود اللون التي فرضها داعش على النساء (سنيات وغيرهن من المذاهب) وهي: معطف منسدل إلى الأرض وأحذية خالية من الكعب وجوارب، ولا يسمح للنساء أن يرفعن الخمار لرؤية أو تفحص ما يشترونه لأن العقاب قد يكون وخيماً.
اقرأ أيضاً:
مواطنون سنّة: داعش أكبر مصيبة ابتلينا بها خلال العصر الحديث
مواطن مصري من العريش: كل أقوال وأفعال داعش حرام
تقول أم فارس "من تتجرأ على رفع الخمار تتعرض للضرب من الظهر من قبل مراقب (شرطة) داعش. ويستقل لها سيارة الأجرة لتعود إلى منزل ولي أمرها. وفي عدم تواجد ولي الأمر (الذي قد يكون متوفياً أو مفقوداً) تكون العقوبة جلدها شخصياً".
وتتابع" لقد كرهت اللون الأسود. وكان أول ما فعلته لدى وصولي إلى مخيم النزوح هو خلع الخمار وارتداء الحجاب العصري (الملون)".
وعلى الرغم من ادعاء داعش قيامه بدور المدافع عن المذهب السني، لا تحظى السيدات السنيات بمعاملة مختلفة عن الأخريات، فهن عرضة للقتل كما الأخريات من المذاهب الأخرى، حسب أم فارس.
بانتظار المساعدة...
ويعيش آلاف الأشخاص في مخيمات دهوك هرباً من التنظيم المتشدد وبطشه بالسكان في المناطق الواقعة تحت سيطرته.
ومع غياب الأرقام الرسمية حول عدد النساء اللواتي يعشن في هذه المخيمات، توضح بخشان زنكنة، الأمينة العامة للمجلس الأعلى لشؤون المرأة في إقليم كردستان العراقي لموقع (إرفع صوتك)، أن عددهن ليس بقليل.
وتشرح زنكنة أن هناك برامج متنوعة يقوم بها المجلس، بالتنسيق مع وزارات إقليم كردستان ودعم من منظمات غير حكومية دولية ومنظمات الأمم المتحدة والمجتمع المدني للعناية بالنساء، برغم الأوضاع المالية الصعبة التي تعاني منها حكومة الإقليم منذ 2014 - بعد أن قطعت بغداد حصة الإقليم والتي تبلغ 17 في المئة - وبعد ظهور داعش.
ولا توجد دراسات موثقة عن تفاعل النساء مع برامج التمكين هذه، لكن زنكنة تقول "توجد نساء من مذاهب مختلفة في مخيمات دهوك، بعضهن كنّ مختطفات من قبل داعش. ومن خلال المشاهدات هناك قسم منهن متحمس للتعاون ومتعطش للعودة إلى الحياة الطبيعية".
وتشرح أن الجهود المبذولة تركز على قضايا العنف ضد المرأة والتي تتلخص بالحماية والوقاية والتمكين، حسب خطة وطنية عراقية، وحسب قرار مجلس الأمن 1325 الخاص بالمرأة في مناطق النزاع. وتؤكد على استمرار هذه البرامج لتساعد المرأة على القيام بدور محوري في مرحلة ما بعد دحر داعش عسكرياً، في المنزل وفي مكان العمل، بدل من أن تكون مجرد "تابع" للرجل، وهو مفهوم متأصل في المجتمع، حتى قبل ظهور داعش.
ظاهرة الخمار
وتشير زنكنة إلى بروز ظاهرة أخرى في بعض مدن الإقليم وهي ظاهرة ارتداء الخمار. حيث تعيش نازحات لديهن الإمكانية المادية على الإقامة هناك ."والخمار هو شيء غريب جداً بالنسبة للمجتمع الكردستاني"، حسب زنكنة.
وتقول المسؤولة الكردية "على الرغم من أن برامج التمكين الحالية لا تعنى بشؤون الخمار والفكر المصاحب لهذه الظاهرة، لكن هدفنا هو أن تصل المرأة المنقبة إلى مستوى من القناعة والوعي أن ليس في وجهها ما يستدعي أن تخفيه (فتتخلى عن الخمار)".
وتختم حديثها بأن تؤكد على أن البرامج الموضوعة تحتاج إلى تطوير وإمكانيات مادية أكبر لتكون أكثر فاعلية بالنسبة إلى النساء وتعود بالنفع على كافة فئات المجتمع.
*الصورة: "توجد نساء من مذاهب مختلفة في مخيمات دهوك"/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659