الأردن – بقلم صالح قشطة:
في وقت نصّب فيه تنظيم داعش نفسه الممثل الأوحد للإسلام وحامي حماه، مدعياً فرضه للسنة التي يرى أنه من أهلها وولي أمرها، انتفض العديد من أتباع الطائفة السنية في العالم العربي لرفض ما وصفوه بالأكذوبة التي يروج لها هذا التنظيم، مؤكدين على أن الدين الإسلامي وأهل السنة براء من إرهاب داعش وافتراءاته، وأن دينهم خال من الدموية ولا يحوي رسالة تحريض وكراهية تجاه الآخر.
قبيلة بني حسن
من مدينة الزرقاء ثالث أكبر المدن الأردنية تعداداً، حاورنا في موقع (إرفع صوتك) الشاب سلطان الخلايلة الذي أخذ على عاتقه محاربة التطرف والتصدي له والحد من فرص تناميه سواء كان ذلك في مدينته أو في أي من المدن الأردنية الأخرى، خاصة وأنه ينتمي لقبيلة بني حسن، التي تعد واحدة من أعرق وأكثر قبائل الأردن تعداداً، والتي تتمركز في الزرقاء. وهي القبيلة ذاتها التي سبق وأن حاول تنظيم داعش استقطابها عبر رسالة فيديو مسجلة قوبلت بالرفض والنبذ الكلي بل والتبرؤ من أي فرد من أفراد القبيلة كان قد انضم إلى هذه التنظيمات كأبي مصعب الزرقاوي أو غيره من قادة داعش وأتباعه.
كشاب أردني مسلم وانطلاقاً من رسالة عمّان التي أطلقها الأردن، يرى الخلايلة أن داعش لا يمثل الإسلام ولا طائفة السنة. ويوضح أنّه عندما أصدر داعش الفيديو الذي خاطب به قبيلته بني حسن "فقد نصب الشخص المتحدث نفسه كما لو كان يمثل القبيلة بأكملها، وهو لا يمثل أي أحد منا".
ويرى الشاب أن داعش هو "سبب الإساءة للسنة وللدين الوسطي المعتدل الحنيف"، معبراً عن قلقه بسبب أن كل ما يقوم به التنظيم من عنف وإرهاب يؤثر على مجتمعه وعلى صورة المسلمين العامة أمام الغرب، مؤكداً أن داعش هو من صنع فكرة أنه حيثما تواجد شخص مسلم يتواجد الإرهاب، "لكن الحقيقة هي أن داعش لا يمثل إلّا نفسه، ويمثل الفكر الظلامي الذي لا يقبله أي إنسان".
التصدي لداعش
وعن جهوده بالتصدي لداعش وفكره، يقول الخلايلة إنه يعمل منذ قرابة العامين على محاربة الفكر المتطرف والإرهاب من خلال (مؤسسة سند) التي يرأسها، حيث يحرص من خلالها على خدمة المجتمع الأردني كونها تعنى بالفكر والعمل الشبابي. ويرى أهمية دوره في انتمائه لهذه القبيلة التي كان منها وما زال "رجال يخدمون وطنهم الأردن بكل شرف وبسالة".
ويوضح الخلايلة "أبو مصعب الزرقاوي ينتمي لقبيلة بني حسن، والداعشي الذي وجه رسالته لنا ما بعد حرق الطيار معاذ الكساسبة هو أيضاً من بني حسن، وكلاهما من نفس عشيرة الخلايلة التي أنتمي لها، ومبادرتنا وتجمعنا كان لنبذ فكرهم وتصرفاتهم ورسائلهم، ولنعبر كشباب من هذه القبيلة عن رفضنا لهم جملة وتفصيلاً، فالمجموعات المتطرفة تلعب بأحاسيس المواطنين ومشاعرهم.
ويشير إلى أن المتحدث من داعش حرص في رسالته أن يخاطبهم بـ"أبناء قبيلتي"، "ونحن بدورنا نوجه له رسالة أننا نحن أبناء قبيلتك نعتز بدولتنا ونعتز بقيادتنا الهاشمية ونعتز بمؤسساتنا وأركان وطننا، وسنستمر في نشاطنا وفي فكرنا وتنويرنا".
ويشير إلى أن مبادرتهم كانت بمثابة رد فعل كشباب واقتضت ضرورة التحرك تجاه هذا الأمر. "اجتمعنا وقدمنا رؤيتنا وبحثنا في دورنا كشباب من أبناء القبيلة من حيث ما يمكننا تقديمه لمحاربة هذا الفكر المتطرف ولنشر فكر الإسلام المعتدل الوسطي الذي يمثلنا، فالتطرف بات يغزو مجتمعاتنا بكافة أطيافها".
سند
ويوضح أن المدارس كانت من أهم الفئات التي التفتت لها المبادرة، حيث قدم الشباب العديد من الندوات وورشات العمل في مختلف مدارس المملكة، وكان لهم تعاون مع العديد من الجهات الرسمية المعنية بشأن مكافحة التطرف. "نحن نرى أن الهاجس لا يقتصر على الجانب الأمني والعسكري، بل هو ثقافي أيضاً، ونحن متواجدون في كل مناسبات الوطن التي تهتم بنبذ الفكر المتطرف"، يقول الخلايلة.
كما يشير الخلايلة إلى أن مؤسسته (سند) تقوم حالياً بالتحضير لمؤتمر حول الحوار من أجل نبذ الفكر المتطرف والإرهاب، الذي سيقدمون من خلاله نماذج إيجابية من الشباب التي قدمت الكثير من الأمور المميزة والمفيدة للمجتمع في الأردن. ويتابع "وأطلقنا جائزة مئة فارس التي سنكرم من خلالها مئة شاب وشابة من المبدعين في الوطن"، منوهاً إلى أن أحد محاور الجائزة متخصص بأفكار الشباب حول محاربة الفكر المتطرف.
ويختم الشاب حديثه إلى موقع (إرفع صوتك) بتأكيده على أن المجتمع يواجه غزو فكري وثقافي شرس، وأن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت تعج بالكثير من خطاب الكراهية. "هذا أمر لا يمكن إغفاله، ونحن نحاول أن نبذل جهداً أكبر في هذا الجانب عن طريق إقامة دورات للشباب تعزز فكرة أن الاختلاف شيء إيجابي وأن الجميع شركاء يجمعهم حب الوطن، وأن علينا تقبل بعضنا الآخر، وأتمنى أن نكون على قدر المسؤولية بذلك".
*الصورة: سلطان الخلايلة/إرفع صوتك
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 001202277365