الجزائر – بقلم أميل عمراوي:
تشكل مظاهرات الخامس من تشرين الأول/أكتوبر 1988، أهم المحطات التي مر بها الجزائريون ضمن مسيرتهم في البحث عن حرية التعبير والرأي وكذا المشاركة السياسية والتداول على السلطة.
وبمناسبة الذكرى الـ28 للأحداث التي أودت بحياة 169 جزائريا حسب إحصاءات رسمية، وأكثر من 500 حسب منظمات حقوقية، يتساءل جزائريون حول جدية السلطة في إرساء قواعد الانفتاح السياسي فعليا بعد أن تحقق ذلك "على الورق فقط"، كما يقول المواطن سليمان مشروك من العاصمة الجزائر.
لمعرفة حقيقة التغيير الذي ينشده الجزائريون ورؤيتهم له من منظور مجتمعي، بعيدا عن الحسابات السياسية، نزلنا في موقع (إرفع صوتك) إلى الشارع وسألنا عدداً من الشباب عن مكامن النقص التي يودون لو تتغير وكيفية الوصول إلى التغيير المنشود.
نوافذ نجدة
نبيل مريمز، طالب في السنة الثالثة بكلية العلوم السياسية، يرى أن الأهداف الأساسية التي قامت لأجلها انتفاضة أكتوبر كما يسميها، لم تتحقق.
"كل ما في الأمر أنها أعطت فرصة للسلطة القائمة على تدارك نفسها وفتح نوافذ نجدة صغيرة للتعبير تفاديا لانفجار أكبر"، يقول نبيل.
ورغم أنه لم يعش تلك الأحداث، يثمن الشاب جهود مواطنيه في البحث عن التغيير سنوات طوال، ويعتبر الجزائر قاطرة الدول العربية في رحلة البحث عن التغيير، متسائلا إن كان التغيير المنشود يقتصر فعلا على فتح النشاط السياسي أمام الأحزاب و تعددية الإعلام.
"أرى أننا كنا السباقين في إثارة شرارة التغيير التي اشتعلت سنين عديدة بعد 1988، ربما كان التغيير هنا أصعب لكنه سيتحقق حتما بإرادة أبناء الشعب الصالحين، لكن ليس بالصيغة التي نراها اليوم في العراق وليبيا واليمن"، قبل أن يكمل قائلاً "التغيير في نظري فكري أولا".
من جانبه، يرى اسماعيل بن مرابطي سائق حافلة نقل الطلبة أنه لا يمكن إحداث التغيير بإشعال نار الفتنة، لكنه يتفق مع فكرة التغيير من حيث المبدأ.
الإدارة
"لا أرى أي داعٍ لإشعال نار الفتنة، ولعلي أقول لك إن الوضع الآن أفضل لو خيرتني بينه ونار الفتنة كما أراها في الوطن العربي اليوم. لا يمكن التغيير بإشعال نار الفتنة، أرى أن يكون تدريجيا، يقوده المثقفون وليس الشباب الطائش".
ويؤكد عمي اسماعيل، كما يناديه طلبة الإعلام الذين يستقلون حافلته، أنه لا بد من تغيير أسلوب معاملة الإدارة مع المواطن والتقليل من عبء البيروقراطية التي أثقلت كاهل الجزائريين.
"كل المرض في الإدارة التي تتنكر للجزائري مواطنته، لا بد من تغيير هذه النقطة لأن الإدارة المحلية أول باب للسلطة وعليها احترام المواطن حتى يحس أنه جزائري مئة بالمئة".
السنين العجاف
مجيدة حزبلاوي، موظفة في سلك التعليم، ترى أن التغيير لا يمكن أن يأتي إلا عن طريق تغيير التعاملات مع المواطن.
وتنوّه مجيدة بما تسميه استخفافا بما يتوق إليه الشعب "ما دامت السلطة تستخدم الموارد المالية لتشتري السلم الاجتماعي، لا يمكن أن ترى تغييرا هنا بالجزائر لأن الجميع يركن للسلم أوقات البقرات السمان، ها نحن دخلنا السنين العجاف كيف يتحقق لك ذلك؟".
وتقول السيدة إن ما يزعجها هو عدم أخذ مطالب التغيير بعين الجد وتخاف أن يؤدي ذلك إلى انفجار عارم لا تحمد عقباه.
تحرير الإعلام
سليم شيموني، مدير مؤسسة تربوية باسطاوالي غربي العاصمة، يرى حتمية تحرير الإعلام لتحقيق طفرة فكرية ضرورية لتحقيق تغيير سلمي وفعال في نفس الوقت.
"يمكن البدء في تحقيق التغيير بتحرير الإعلام من التبعية للسلطة وذلك بتوفير سبل التمويل للصحافة بعيدا عن موارد الدولة، لأن الإعلام المحلي يشكل النواة الأولى في نظري لأي تغيير منشود".
أما عن مكامن التغيير فيرى الرجل أن نبدأ بتوعية الشعب ثم تحضيره لتبني فكرة التغيير لأنه "لا يمكن أن نسند عملية البحث عن التغيير لشعب لا يملك الوعي"، يؤكد شيموني.
تدعيم دور الشباب
وترى نسيمة يعقوبي، طالبة في السنة الأولى ماجستير، بكلية العلوم السياسية، أن تهميش الشباب يؤدي إلى ابتعادهم عن جادة الصواب ويمكن أن يتحولوا إلى قنبلة موقوتة ضد وطنهم إن استمر الوضع على حاله.
"التغيير يبدأ بإعطاء الشباب الكلمة، لأن كلمتهم يقولونها حتما مهما طال الزمن، وأنا أفضل أن نقولها سلميا بدل أن يحدث لنا ما حدث ببلدان عربية أخرى".
وتتساءل نسيمة كيف يرتضي الحكام بالجزائر لأنفسهم أن يستقبلوا وزراء ورؤساء حكومات من بلدان أخرى أصغر منهم سنا بكثير.
"رأيت كيف استقبل حكامنا رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد الذي لا يتعدى الــ41 سنة، الصراحة لو كنت مكانهم لخجلت من نفسي".
*الصورة: طلاب في إحدى جامعات الجزائر/إرفع صوتك
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659