الجزائر – بقلم أميل عمراوي:

للوهلة الأولى، قد يبدو لك الشارع الجزائري غير مهتم بما يجري حوله من تحولات طالت بلدانا عربية أخرى. حيث تراه منهمكا في همومه، لا يأبه لما يجري حوله، مهتما فقط بـ"تأمين الرغيف" على حد تعبير عمي أحمد، ستيني متقاعد وجدناه يقرأ الجريدة في أحد حدائق العاصمة.

وبمجرد الحديث إليهم يتغير انطباعك. وهو ما لمسناه في موقع (إرفع صوتك)، عند الحديث لبعضهم حول عملية تحرير مدينة الموصل العراقية من أيدي تنظيم "داعش".

اقرأ أيضاً:

جهاز مكافحة الإرهاب يحرر برطلة.. والمقاومة تتصاعد داخل الموصل

سكان الموصل يشرعون بالفرار من أتون المعارك

سؤالنا لعمي أحمد مثلا عن قراءته لما يحدث في العراق خلال الساعات الأخيرة استفز فيه روح الوطنية. وقال "وجدتني أقرأ عن عمليات هدم مخابئ الإرهابيين هنا بالجزائر، لعل الإرهاب يعيش آخر أيامه بيننا".

ولم يغادر الرجل الموضوع حتى ختم بالقول "لن أترك الليلة الدعاء لأجل تحرير الموصل من مجرمي داعش الذين لا يفقهون من الدين شيئا إلا قتل الرجال وسبي النساء".

الجيش.. الشعب.. معاك يا عراق

في ساحة ديدوش مراد في قلب العاصمة الجزائر، التفت حولنا وعمي أحمد مجموعة من الشباب، لا تظهر عليهم علامات الإلمام بالموضوع. لكن وبعد سماع أحدهم لما يدور بيننا حتى بادرنا بالقول "الجيش.. الشعب.. معاك يا عراق"، وهي هتافات عهدها الشارع الجزائري حينما يتعلق الأمر بموضوع يتفق فيه الشعب والسلطة (التي يلخصها الشباب هنا في الجيش).

وأكد صابر صاحب الــ22 ربيعا، أنه لا يعرف حقيقة ما يجري في سورية والعراق، لكنه يعرف جيدا الجرائم التي يقترفها أتباع داعش.

"كثيرا ما أتصفح فيديوهات اليوتيوب التي تظهر بشاعة ما يقترفه الدواعش في حق العراقيين والسوريين".

وبحماسة الشباب ختم صابر بقوله "نحن مع العراقيين ضد هؤلاء الكفار الذين عاثوا في الأرض فسادا"، قالها صابر بعربية فصيحة متقنة، حتى أذهل عمي أحمد الذي فرح كثيرا للوعي الذي بدا على الشباب الذي كان حولنا.

وفي حدود السابعة بتوقيت الجزائر حيث غربت الشمس بالكامل، وجدنا الكثير ممن يتابع الأخبار عبر القنوات الفضائية وهو يرتشف القهوة بمقاهي العاصمة المعروفة، يتبادل الحديث حول ما يجري في الوطن العربي والعراق على وجه التحديد حيث لمسنا اهتماما خاصا بالموضوع عند عدد من الجزائريين لما لتحرير الموصل من أهمية في مسار القضاء على تنظيم داعش الذي "ضاق صدرنا من إسلامه الجديد"، يقول الساسي وهو سائق حافلة يسكن حي القصبة العتيق بأعالي العاصمة.

سنة وشيعة ضد داعش

"لا تسألني عن رأيي بما يحدث، من البديهي أن أكون مع السلطات العراقية في حربها على الإرهاب بل أنا مع كل عراقي يواجه الإرهاب مهما كانت مشاربه و أيديولوجياته".

وينصح الساسي جميع العراقيين بالالتفاف حول نفس الهدف وهو تحرير جميع التراب العراقي من همجية داعش.

"لا بد وأن يتحد السنة والشيعة ضد داعش، نحن مسلمون وهم أعداؤنا جميعا، إنهم يسيئون للإسلام أكثر من أيٍّ كان".

من جهته، يرى حميدوش سي لخضر، أن على جميع أطياف العراق و طلائع الشعب برمتها الالتفاف حول قواتها المسلحة من جيش وشرطة لتفويت الفرصة على داعش من جهة وعلى المتربصين بوحدة الوطن من جهة أخرى .

"ألفت نظرك ونظر كل العراقيين إلى كون القوات المناهضة لداعش من العراق نفسه وهو أمر يجب تشجيعه"، قال سي لخضر.

 ويؤكد سي لخضر وهو صاحب المقهى وسط مدينة الشراقة، غربي العاصمة الجزائر، على ضرورة مواصلة مساعي إخراج عناصر داعش الإرهابية من كامل العراق قائلاً "لن تجد من يحارب تنظيم الدولة بدلا من العراقيين أنفسهم، شريطة أن يلتف الشعب حول هذا المسعى الشجاع".

وطالب يوسف مزيان، وهو معلم في الطور الابتدائي وجدناه يتابع الاخبار بمقهى سي لخضر، أهالي الموصل التعاون الكامل مع قوات الأمن ضد الإرهابيين لتحقيق جميع الأهداف المسطرة، "حتى لا يستطيع الدواعش من التخفي وسط المدنيين كعادتهم الجبانة".

كما يلفت الأستاذ إلى أن الاعلام يستعمل كلمة تحرير وهو لا يرى في العملية تحريرا لأن "الموصل محررة لكنها الآن ملطخة بهؤلاء المجرمين وبالتالي هي عملية تطهير وليس تحرير".

*الصورة: قوات عراقية في معركة الموصل/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك
الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك

بعد 23 عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، يواصل ناجون وعائلات الضحايا معركة قانونية طويلة لمساءلة السعودية التي يقولون إن مسؤوليها لعبوا دورا في التخطيط للهجمات الدامية.

وينتظر الناجون وعائلات الضحايا قرارا هاما لقاضٍ فيدرالي في نيويورك بشأن قضية اتهام السعودية بدعم خاطفي أربع طائرات شاركت بالهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون في 11 سبتمبر 2001.

وتنفي المملكة هذه المزاعم بقوة.

ويحيي مسؤولون سياسيون وعسكريون ومواطنون عاديون، الأربعاء، الذكرى الـ23 للهجمات بفعاليات خاصة في نيويورك والعاصمة واشنطن وعدد من المدن الأميركية الأخرى.

وفي جلسة استماع عقدت أمام المحكمة الجزئية في مانهاتن في نهاية يوليو الماضي، للنظر في طلب السعودية إسقاط القضية، عرض محامو الضحايا ما قالوا إنها أدلة عن شبكة الدعم التي تضم مسؤولين سعوديين عملوا في الولايات المتحدة، والتي سهلت تحركات خاطفي الطائرات التي اصطدمت ببرجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك، والبنتاغون في فيرجينيا، وسقطت واحدة في بنسلفانيا.

وقال محامي المدعين، جافين سيمبسون، خلال جلسة 31 يوليو إن الشبكة السرية "أنشأتها ومولتها وأدارتها ودعمتها السعودية والمنظمات التابعة لها والدبلوماسيون داخل الولايات المتحدة".

وبعد انتهاء الجلسة، طالب أكثر من ثلاثة آلاف شخص من عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر كلا من الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب، ونائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، بمعارضة أي اتفاق للسلام بالشرق الأوسط مع السعودية قبل أن تحاسِب الحكومة الأميركية المملكة على أي دور محتمل في هجمات عام 2001

وضمت المجموعة المسؤولة عن هجمات سبتمبر 19 شخصا من "تنظيم القاعدة"، بينهم 15 سعوديا، إلا أن الروابط المحتملة بين الحكومة السعودية والإرهابيين ظلت محل تساؤلات لسنوات.

ونفت السعودية أي تورط حكومي في الهجمات.

ولطالما قالت الولايات المتحدة إن الرياض لم يكن له أي دور وإن "تنظيم القاعدة" تصرف بمفرده.

وفي 2016، أصدر الكونغرس تشريع "العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي سمح لأسر ضحايا الهجمات بمقاضاة السعودية، وهو ما مهد الطريق أمام مطالبات قضائية عدة من عائلات الضحايا بالحصول على تعويضات من المملكة.

وتنتظر عائلات الضحايا قرارا من قاضي المحكمة الجزئية في مانهاتن، جورج دانيلز، بشأن ما إذا كان بالإمكان المضي قدما في القضية، وهو ما قد يفتح المجال أمام ظهور المزيد من الأدلة، وفق "سي أن أن".

وفي جلسة يوليو، اتهم محامو أهالي الضحايا مواطنين سعوديين اثنين بأنها دعما اثنين من خاطفي الطائرات، وهما نواف الحازمي وخالد المحضار، بعد وصولهما إلى جنوب كاليفورنيا عام 2000.

وقالوا إن الدبلوماسي السعودي، فهد الثميري، الذي كان يعمل في القنصلية السعودية في لوس أنجلوس، كان جهة الاتصال الرئيسية بين "تنظيم القاعدة" والخاطفين الاثنين في لوس أنجلوس، وفقا لملفات المدعين أمام المحكمة.

وقالوا إن الثميري عمل مع سعودي آخر هو عمر البيومي، في دعم الخاطفين الاثنين أثناء وجودهما في كاليفورنيا، وفقا لملفات المحكمة.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد رفعت السرية عن مذكرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) في ديسمبر 2021، كشفت عن شكوك قوية بشأن ارتباط السعودية رسميا بالخاطفين الذين نفّذوا اعتداءات 11 سبتمبر، لكنها لم تتمكن من تقديم الإثبات الذي كانت تنتظره العائلات التي تقاضي الرياض.

وكشفت المذكرة عن وجود ارتباطات بين البيومي، الذي كان حينها طالبا، ونواف الحازمي وخالد المحضار.

وساعد البيومي، الذي كان طالبا وعمل أيضا مع مقاول سعودي، الخاطفين عند وصولهما إلى البلاد، وفقا لتقرير لجنة 11 سبتمبر 2004. وذكر التقرير في ذلك الوقت أنه ساعدهما في العثور على شقة في سان دييغو وفتح حساب مصرفي ووقع على عقد إيجارهما.

وقد دعمت المعلومات التي أصدرها "أف بي آي" في وقت لاحق ادعاء المدعين بأن البيومي والثميري قاما بتنسيق شبكة الدعم في جنوب كاليفورنيا بتوجيه من مسؤولين سعوديين.

لكن تقرير عام 2004 قال إنه لم يجد أي دليل في ذلك الوقت على أن البيومي ساعد الخاطفين عن علم.

وأكدت المملكة أن البيومي كان طالبا وكان يتردد على مسجد في سان دييغو، وساعد بدون علم الخاطفين باعتبارهم قادمين جدد لا يجيدون الإنكليزية.

وفي جلسة الاستماع في يوليو، أثناء مناقشة اقتراح إسقاط الدعوى، ركز مايكل كيلوج، محامي السعودية، بشكل كبير على البيومي، قائلا إن أي مساعدة قدمها للخاطفين كانت "محدودة وبريئة تماما".

وتشير الأدلة التي أعدها محامو المدعين إلى أن البيومي التقى بمسؤول دبلوماسي سعودي في القنصلية قبل لقاء الخاطفين لأول مرة في مطعم في لوس أنجلوس، بعد أسبوعين من وصولهما إلى كاليفورنيا. وساعد البيومي في تسهيل انتقال الخاطفين من لوس أنجلوس إلى سان دييغو في غضون أيام من ذلك الاجتماع.

ويقول محامو المملكة إن البيومي التقى بالخاطفين بالصدفة في مطعم حلال بالقرب من مسجد معروف وكانت اتصالاته بهما "محدودة".

وقال محامي المملكة أيضا إنه لا يوجد دليل على أن الثميري فعل أي شيء لمساعدتهما، لكن محامي عائلات 11 سبتمبر قدم نتائج مكتب التحقيقات الفيدرالي التي تفيد بأن الثميري كلف أحد المصلين في المسجد باستلام الخاطفين من المطار، وإحضارهما إليه عندما وصلا لأول مرة إلى لوس أنجلوس، في منتصف يناير 2000.

وفي إفادة عن بعد تم إجراؤها في هذه الدعوى القضائية في عام 2021، أقر البيومي بأنه ساعد الخاطفين على الاستقرار في سان دييغو بدون علم بنواياهم، وقال إنه لم يكن متورطا في الهجمات.

وتضمنت الأدلة المعروضة البيومي وهو يلتقط صورا في واشنطن العاصمة، على مدار عدة أيام في عام 1999، وقال المدعون إنها قام بالتقاط الصور بغية معرفة مداخل وخارج مبنى الكابيتول.

ولطالما اعتقد المسؤولون أن الكابيتول ربما كان الهدف الأصلي للطائرة التي تحطمت في بنسلفانيا.

من جانبهم، قال محامو المملكة ان البيومي كان مجرد سائح في إجازة عندما صور جولته في الكابيتول وزيارته لمسؤولي السفارة السعودية.

وفي الجلسة، شاهد القاضي دانييلز فيديو لجولته، ويسمع في الفيديو البيومي وهو يقول: "هؤلاء هم شياطين البيت الأبيض". ووصف محامي السعودية اللغة التي استخدمها بأنها "مؤسفة"، لكنه قال إنها أُخرجت عن سياقها. ورد القاضي بأن العبارة لا تتوافق مع سائح يزور "مبنى جميلا".

وتحدث أهالي الضحايا عن اتصالات هاتفية متكررة بين البيومي ومسؤولين سعوديين، خاصة خلال فترة مساعدته الحازمي والمحضار، وتحدثوا عن دفتر مكتوب يحتوي على معلومات اتصال لأكثر من 100 مسؤول حكومي سعودي.

وقال محامو المملكة إن وجود جهات الاتصالات هذه مرتبطة بدوره التطوعي في المسجد.

وبعد انتهاء جلسة الاستماع، أعلنت وزارة الدفاع عن صفقة إقرار بالذنب مع العقل المدبر المزعوم للهجمات، خالد شيخ محمد، واثنين آخرين من المعتقلين الآخرين معه في سجن غوانتانامو. ووافق هؤلاء على الاعتراف بالذنب بتهم التآمر مقابل الحكم عليهم بالسجن المؤبد.

وأثار إعلان صفقة الإقرار بالذنب ردود فعل قوية من أسر الضحايا بعد خروجهم من جلسة الاستماع.

وبعد يومين فقط، ألغى وزير الدفاع، لويد أوستن، صفقة الإقرار بالذنب في مذكرة مفاجئة وكتب أن "المسؤولية عن مثل هذا القرار يجب أن تقع على عاتقي".

وإلغاء الصفقة يعني إعادة "عقوبة الإعدام" لتصبح مطروحة مرة أخرى بحق هؤلاء.

لكن القضية أثارت جدلا قانونيا. ويقول محامون إن قرار أوستن غير قانوني.

ووسط هذا الجدل، تأمل أسر الضحايا أن تجلب لهم الدعوى القضائية المرفوعة على السعودية "العدالة التي كانوا يسعون إليها لأكثر من 20 عاما".