بقلم إلسي مِلكونيان:
جذبت مدينة الموصل على مدى العامين الماضيين (أي منذ وقوعها في قبضة داعش) انتباه الإعلاميين إليها. فأصبحت موضوعاً لأفلام target="_blank">وثائقية عدة، لم تطبع في ذاكرة المشاهد العربي والعالمي إلا صور الحروب وفظائع داعش بحق السكان.
لكن لمدينة الموصل صورة أخرى وتاريخ سطّرته الحضارات المتعاقبة التي حكمت المدينة منذ آلاف السنين.
ونلخص هنا أبرز ما يميز هذه المدينة في خمسة نقاط:
1- الموصل عبر التاريخ
أنشأت مدينة الموصل على الضفة الغربية لنهر دجلة وهي مركز محافظة نينوى وتبعد عن بغداد حوالي 400 كم وتبلغ مساحتها نحو نصف مساحة العاصمة العراقية.
وفي عصور ما قبل الميلاد، حكمها الآشوريون والفرس الساسانيون والآراميون. وأطلق عليها كل من هؤلاء أسماء مختلفة مثل "نيو أردشير" و"الحصن العبوري".
لكن هناك روايات متضاربة حول تاريخ إنشاء المدينة. منها ما يقول أنها تعود إلى القرن السادس بعد الميلاد، ولم تكن في العصور السابقة إلا جزءاً من منطقة نينوى، وروايات أخرى تقول أنها أنشأت على أطلال قلعة آشورية.
وفي سنة 634م كانت الموصل على موعد مع الجيوش العربية المسلمة، حيث نجح ربعي بن الكفل العنزي في السيطرة على المدينة. وتبع ذلك حكم الخلفاء الراشدون والأمويون والعباسيون.
وسميت مدينة الموصل بهذا الاسم لأنها تصل بين الشام وخراسان (ما يعرف بأذربيجان حالياً) وبين دجلة والفرات، بحسب الكاتب الإعلامي وعالم الرياضيات العراقي سمير بشير حديد.
2- السكان
غالبية سكان الموصل هم مسلمون عرب وينتمون إلى الطائفة السنية، ويسكن المدينة أيضاً أطياف مختلفة من ديانات وإثنيات أخرى من مسيحيين وأيزيديين وكرد وتركمان وشبك وغيرهم. واليهود من سكان المدينة القدامى وتمركزوا تحديداً في منطقة باسم "محلة اليهود".
ولا توجد إحصاءات رسمية دقيقة لعدد المسيحيين في الموصل ولكن في تموز/يوليو 2014 أعلن تنظيم داعش طرد المسيحيين من الموصل فغادرها عشرات الآلاف، حسب مجلة ذا إكونوميست البريطانية.
3- الأهمية الاقتصادية
في مدينة الموصل مواقع حيوية عدة، وأبرزها سد الموصل وهو من أهم سدود العراق لأنه يؤمن خزينا استراتيجيا من المياه ويحتوي على محطات لتوليد الكهرباء. شيد السد في عام 1983. ولكن حالياً يخشى من انهياره لأنه أقيم بالأصل على تربة قابلة للذوبان.
وتحتوي المدينة أيضاً على مطار الموصل الدولي الذي بنته بريطانيا عام 1920. لكنه بقي دون حركة ملاحة جوية بسبب حظر الطيران الذي فرض على العراق بعد عام 1990 إلى أن تم تسليمه إلى الحكومة العراقية حيث تم تطويره ليفتتح من جديد في عام 2008.
وتحتوي الموصل على حقول بطمة وفيها أنابيب تنقل النفط إلى تركيا وفيها إمكانية للتجارة البحرية بسبب موقعها على نهر دجلة.
وتم تحرير السد من قبضة داعش في منتصف 2014، لكن المطار ما يزال تحت سيطرة التنظيم، بينما تتواصل المعارك لاستعادة حقول النفط.
4- المعالم الدينية:
تحتوى الموصل على عدد من الكنائس والأديرة. ولكن قبل انطلاق عمليات تحرير الموصل بعدة أيام، قام التنظيم بإفراغ الكنائس من محتواها استعداداً لهدمها.
كما تحتوي على العديد من الجوامع والأضرحة، ومنها جامع الموصل الكبير الذي ظهر فيه أبو بكر البغدادي لأول مرة بالصوت والصورة أثناء إلقائه لخطبة الجمعة بعد عدة أيام من إعلانه "خليفة المسلمين".
5-المواقع الأثرية:
ويعتبر "متحف الموصل" ثاني متحف بعد المتحف الوطني في بغداد ويضم مقتنيات يعود تاريخها إلى آلاف السنين. بعد سقوط المدينة بيد داعش، قام التنظيم بتدمير بعض مقتنياته الأثرية وتماثيله بذريعة أنها "تحمل أفكاراً غير إسلامية".
وتأسس المتحف في عام 1952، ولكن تم توسيعه في عام 1972 ليضم آثاراً من الحقبة الآشورية والإسلامية والحضرية القديمة.
إلى جانب المتحف، هناك مدينة نمرود الأثرية من الحقبة الآشورية، جنوب الموصل، والتي تعد من أهم الاكتشافات الأثرية في القرن العشرين. ولكن الحكومة العراقية أعلنت أنها تعرضت "لتجريف" بعد سيطرة داعش عليها. فضلاً عن عشرات المواقع الأثرية الأخرى التي يصعب حصرها والتي تعرض كثير منها للهدم والتجريف من قبل داعش.
الصورة: جانب من سد الموصل/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659