بقلم نورة شنار:
حروب العرب وثوراتهم خلفت لنا رواسب وفضلات صارت تسمي نفسها تنظيم داعش الذي تمركز في سورية والعراق، وظهر علينا بادعاء ندائه لإقامة "دولة خلافة".
داعش يزرع الطائفية ويثير الحروب ويهدم الإنسانية. في شعاره الأسود الذي يريد أن يُلبسه لكل مسلم بعد أن يقتل زوجته أو زوجه. وكأن لسان حاله يقول: أليس في الحداد سواد؟ والعزاء سواد. وداعش سوادٌ في سواد.
فإلى أين هو ذاهب هذا التنظيم؟ هل يريد شرنقة العالم بالسواد؟!
تساءلت مراراً وبحرقة عما يفعلونه في التلذذ بتعذيب الناس وفصل أجزاء أجسادهم! فهذه هي "الدولة الإسلامية" التي تختبئ تحت غطاء معارك سورية. أهدافها وحشية جنسية تريد السبي والتلذذ في النساء، وإغراء جنودهم بالسبي وكأنهم كلاب ترمي إليهم العظام في الدنيا من سبي النساء وتغريرهم بالآخرة بالحور العين. ولكن هيهات، وأيديهم تلطخت بالدماء وكأنهم قتلوا الناس جميعاً.
لماذا لا ننكر جرائم داعش ونعطيها الحجم الذي تستحقه ونعطيها الاهتمام الذي تستحقه؟
إنكار أنهم ليسوا منا وأن نتبرأ منهم أمام العالم لا يكفي، بل علينا أن نجعل من أولوياتنا تسخير الدعاة حتى يصبح جزء من حديث المنابر كل أسبوع التوعية بخطر داعش والدعاء عليهم. وأن نوقف التبرعات المشبوهة التي تذهب عبر دعاة الفتن إلى داعش ونحن لا نعلم أننا نمدهم بالعون بدل أن نكون عليهم.
وفوق كل هذا، يجب تكثيف الحملات التي تحارب التطرف والإرهاب الأسود ويجب أن تفعّل في كل زاوية. لنبدأ أولاً من المعلم وصولاً إلى الشاشات والإعلام بدل من ترويج ما يفعله تنظيم داعش وتضخيم أعماله اليومية. التوعية أولى وأهم من نشر هدف داعش في تشهير أعمالهم الشنيعة لأن هدفنا الأول هو أن نحارب الإرهاب في كل بقعة من الأرض. فمعركة الموصل ما زالت قائمة علها تتحرر من داعش، ولا بد أن نستخدم الدواء الأقوى في التخلص من دواعش الأصل في سورية. فمحاربة داعش تعني أن ننتهي من صداع الحرب وتمدد الجرائم وتوسعها.
بدأنا تشخيص حمى العرب، حيث يحاول كثيرون طمس هويتهم في هذا العلم الأسود الذي ينادي بالحروب ونزف الدماء في بلدان العالم وجرائم التكفير التي باتت من أقوى أدوات داعش التي يتخذها في جلب المضطربين في دينهم والمتشددين في ديارهم. يستغل داعش ما يشعر به الشباب من ألم ليستدرجوهم حتى ينضموا إلى الشيطان الأسود بنجاح.
هل فكرتم أننا كنا ندعمهم ونحن لا نعلم؟ فالأموال بفعل التبرعات ذهبت إليهم وأبناؤنا ذهبوا ليجاهدوا وانضموا لهم. وبعد هذا كله، يعودون إلينا أعداءً على هيئة قنبلة موقوتة وقد تنفجر في أي لحظة. نيتنا الحسنة جعلت منا داعمين لعدونا من دون أن ندري.
كيف نبرأ من داعش ونحن لدينا دواعش يعيشون بيننا يفرحون بأعمال التنظيم ولا يقبلون الدعاء عليهم؟ وقريباً سوف تنكشف هذه الأقنعة بعد أن تصبح من التوعية أن الدعاء على مسلمين دواعش أولى من الدعاء على "كفار" مسالمين، وأولى من الدعاء على المسالمين من إخواننا الشيعة.
إن النصر قريب في الموصل. ولا تهويل في ذلك التنظيم الذي أسس لنفسه "الخلافة" الداعشية. فلا شيء يغلب العزيمة. وبعدها يصمد العرب كلهم أمام هذه الموجة من التشدد. الحرب قادمة إليهم. وأول معركة سوف نقوم بها ونحن في بلادنا هي أن ندعو الله عبر كل منبر وفي كل محافلنا الإسلامية، أن يجردها الله من ديننا وتبقى بعيدة عنا، وتتحرر كل بقعة احتلها داعش ليحارب المذاهب والاعتدال في الدين. فداعش يحمل رسالة سامّة تتفق مع أطروحات المتشددين ودعاتنا الجهلة في رفع راية الجهاد من أجل الخلافة!
والسؤال هل يستمر مسلسل الشياطين الملتحية في كوكب العرب؟
عن الكاتبة: نورة شنار، ناشطة اجتماعية سعودية ومحررة في موقع (أنثى) الإلكتروني. حاصلة على شهادة ماجستير في إدارة الأعمال. تنشر مقالاتها في صحيفة إيلاف الإلكترونية. ظهرت في عدة لقاءات تلفزيونية على قنوات عربية وخليجية مختلفة. صدر لها: كتاب (قهوتي مرة) و(تويتات من قفص المغردين) بجزأين، والذي حمل جزؤه الثاني توقيع الأمير الوليد بن طلال.
لمتابعة نورة على تويتر إضغط هنا.
الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن رأي الكاتب ولا تعبر بالضرورة عن رأي موقع (إرفع صوتك) أو شبكة الشرق الأوسط للإرسال، ويتم نشرها إيماناً بحرية التعبير وضرورة فتح الباب أمام نقاش جاد للأسباب التي أدت إلى انتشار التطرف والإرهاب في المنطقة.