الأردن – بقلم صالح قشطة:
كلما لاحت في الأفق بوادر تحمل بشرى تحرير منطقة جديدة من المناطق التي يسيطر تنظيم داعش عليها، يزداد أمل شعوب المنطقة بأن تنتقل عدوى التحرير تلك لتشمل كل الدول التي عاث بها تنظيم داعش فساداً وإرهاباً.
ورغم هذا الأمل، تبقى هناك بعض المخاوف والتحذيرات من أن الحل العسكري في مواجهة داعش قد لا يكون كافياً وناجعاً، حيث يرى عدد من الشباب الذين التقاهم موقع (إرفع صوتك) ضرورة شن حرب فكرية واسعة بالتوازي مع الحرب العسكرية الجارية، تجتث فكر التنظيم الذي قد يبقى موجوداً ومؤثراً، حتى وإن تم القضاء على قدرات التنظيم العسكرية على الأرض.
عقيدة منحرفة
محمد جبر، وهو أربعيني يعمل في مجال الحرف اليدوية، يقول خلال حديثه إلى موقع (إرفع صوتك) إن "سر انتشار التنظيم يكمن بامتلاكهم لعقيدة منحرفة تؤمن بالدموية وتبرر الإجرام، خصوصاً أن هذه العقيدة تسيطر على الفكر بشكل أكبر من السيطرة التي يفرضها أفراد تنظيم داعش باستخدام السلاح".
اقرأ أيضاً:
لاجئون من الموصل عالقون بين داعش وأكراد سورية
داعش يحتجز 550 عائلة ويستغلها دروعا بشرية
ويرى أن هذه العقيدة لم تكن وليدة اللحظة، بل كانت نتاج فكر تم التأسيس له منذ عقود "من قبل أنظمة عربية تدعي تمثيل الإسلام، الذي تم استغلاله من قبل تياراتٍ وأحزاب سياسية استخدمت العاطفة الدينية للبسطاء للترويج لنفسها، ولخلق قاعدة شعبية تسيطر عليها فكرياً، وللأسف هذا ما قاموا بتحقيقه".
وعلى حد تعبيره فإن ما تم التأسيس له لعدة عقود، يحتاج عدة عقود أخرى للتخلص منه. ويوضح ذلك بضرورة تكثيف الجهود وتكاتفها بين جميع المؤسسات الرسمية والمدنية، التعليمية والدينية والتنموية والشبابية والإعلامية، لخلق خطاب موحد يبني فكراً إنسانياً تتبناه الأجيال القادمة بدلاً من النسخ التي تم تشويهها بالسياسة التي استغلت مبادئ الناس ودينهم.
الحل العسكري لا يكفي
أما عمر عبد الجبار، وهو شاب عشريني يعمل في إحدى مؤسسات المجتمع المدني، فيقول في حديثه إلى موقع (إرفع صوتك) إن الحل العسكري للقضاء على داعش غير كافٍ.
ويؤكد على ضرورة اتخاذ خطوات تسهل القضاء على فكره بالتزامن مع الحل العسكري، كإعادة تأهيل خطباء المساجد والمعلمين في المدارس، حتى لا يبقى الفكر منتشراً، بالإضافة إلى تعديل المناهج في الدول العربية لتكون مناهج علمية وتثقيفية لتنشئة جيل يؤمن بالتسامح وتقبل الآخر.
الاستعانة بالعلماء
هذا ما يؤيده غيث التل، وهو شاب في الثلاثين من عمره، يعمل في إحدى وكالات الأنباء المحلية الأردنية، الذي يضيف أن محاربة الفكر المتطرف يجب أن تبقى مستمرة وفعالة لعدة سنوات مقبلة.
ويقول غيث لموقع (إرفع صوتك) إنه لا بد من الاستعانة بالعلماء وأصحاب الحجة المشهود لهم بالعلم لمحاربة الفكر المتطرف العقائدي بعقيدة صحيحة وواضحة، حتى لو تم القضاء على التنظيم عسكرياً.
الوقاية خير من العلاج
وبالنسبة لبهاء فريحات، وهو شاب في مقتبل الثلاثين، يعمل في مجال الإنتاج التلفزيوني، فيقول "في حال القضاء على داعش عسكرياً، على مجتمعاتنا العمل حسب قاعدة الوقاية خير من العلاج لوأد كافة الأفكار المشابهة في مهدها".
ويشير بهاء في حديثه لموقع (إرفع صوتك) إلى ضرورة فرض رقابة صارمة على المنافذ الإلكترونية ضمن معادلة تضمن احترام الآراء وتكفل الحريات بعيداً عن انتهاك الخصوصية من جهة، على أن تكون قادرة من جهة أخرى على الكشف عن أي من احتمالات التطرف الفكري لدى أية جهة كانت، والسيطرة عليها على مستوى الأفراد والجماعات.
كما يشدد بهاء على أهمية "خلق وتعزيز جهود رسمية محلياً وإقليمياً ودولياً تحارب داعش والتطرف بشكل عام بأساليب فكرية بعيداً عن القوة العسكرية، وفرض أشكال واضحة للتعاون الدولي والإقليمي في هذا المجال من خلال اتفاقيات تمنح الصبغة الرسمية للتعاون، وتضمن توفير المناخ الملائم لتطبيق هذه الاتفاقيات ببنود تشمل كافة الجوانب وتحدد دور كل طرف".
*الصورة: هل يكفي القضاء على داعش عسكرياً؟/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659