أربيل - بقلم متين أمين:

لعل المشكلة الأبرز التي سيواجهها العراقيون والعالم في مرحلة ما بعد داعش هي وجود جيش من الأطفال الذين تعرضوا خلال أكثر من عامين من سيطرة التنظيم على مدينتهم إلى عمليات غسيل الدماغ وزراعة الفكر المتشدد في مخيلتهم وتدريبهم على تنفيذ أعمال العنف من قبل داعش.

يرى عضو مجلس المفوضين في المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق مسرور أسود محي الدين أن كيفية التعامل مع مجموعات من الأطفال والفتيان والشباب الذين دربهم داعش ولقنهم دروسا في فكره الإرهابي يعد بحد ذاته "مشكلة كبيرة".

اقرأ أيضاً:

الإرهاب من الجنوب: كيف يهدد أمن ومستقبل الدول المغاربية؟

درس العراق وأفغانستان: خمس قواعد لبناء سليم للدولة

ويشير في حديث لموقع (إرفع صوتك) إلى أن الأعداد المتوقعة للفتيان المجندين في دولة داعش  تتراوح ما بين 600 إلى 800 فتى غالبيتهم من الأيزيديين وكذلك التركمان من مناطق تلعفر، الذين جندوا ودربوا لتنفيذ عمليات انتحارية.

ويتوقع محي الدين استخدام التنظيم لهؤلاء الأطفال أثناء بدء الهجوم على مركز مدينة الموصل خاصة في الجانب الأيمن من المدينة.

المناهج التربوية

ويتحدّث محي الدين عن المناهج التربوية التي غيرها تنظيم داعش، مشددا على أهمية أن ينتبه المختصون والمسؤولون في وزارة التربية العراقية ووزارة تربية إقليم كردستان لهذه المسألة "لأن كل مناهج داعش المدرسية غيرت العقائد التي كان هؤلاء الطلبة يؤمنون بها قبل احتلال التنظيم لمناطقهم".

تجنيد الأطفال

وبحسب معلومات دقيقة حصل عليها موقع (إرفع صوتك) من مصادر أمنية كردية عراقية مطلعة، فإن التنظيم ومنذ احتلاله مدينة الموصل في حزيران/يونيو من عام 2014، أنشأ العديد من مراكز تدريب الأطفال في مدينة الموصل العراقية وفي الرقة السورية، ودرّب هؤلاء الأطفال على عقيدته المتطرفة وفكره المتشدد وكيفية استخدام الأسلحة وتنفيذ العمليات الانتحارية وصناعة العبوات الناسفة وخوض المعارك المباشرة وتنفيذ عمليات الإعدام الجماعية على مسلحيه الهاربين من جبهات القتال وعلى مناوئيه في المناطق الخاضعة له في سورية والعراق.

وبعد انتهاء الطفل من التدريب في معسكرات التنظيم التي يشرف عليها في الغالب مسلحون أجانب، توزع قيادات التنظيم العسكرية هؤلاء الأطفال على جبهات القتال وداخل أحياء المدن وفي الجبهات الخلفية. وحسب هذه المصادر، يعمل داعش على تعويض انخفاض عدد مسلحيه بالأطفال وفي الوقت ذاته يستخدمهم كدروع بشرية في معاركه. وتتراوح الفئة العمرية للأطفال الذين جندهم داعش في الموصل ما بين ثمانية أعوام إلى 16 عاما، منهم من اختطفه التنظيم من أسرته ومنهم من تطوع في صفوف داعش رغبة منه ومن أهله الموالين للتنظيم، ومنهم من تطوع في صفوف داعش مقابل حصول أهله على مبالغ مالية من التنظيم.

مشكلة جدية

ويوضح محي الدين أنّه إذا لم تعالج هذه المشكلة بصورة جدية وعقلانية، سوف يتحول قسم كبير من هؤلاء الذين جندوا ودربوا إلى قادة في التنظيمات الإرهابية مستقبلا، أي بعد أربع أو خمس سنوات، وسيظهرون في مناطق أخرى من العالم وخاصة في مناطق الدول العربية مثل العراق وسورية. "وبالتالي يجب الالتفات إلى هذه النقطة وضرورة التحري بدقة لغرض القضاء على هؤلاء والقبض عليهم والبدء ببرامج توعوية جديدة ومن ثم لغرض احتوائهم وعدم إنخراطهم مستقبلا في التنظيمات الإرهابية".

وبحسب هذا المختص في مجال حقوق الإنسان فإن هؤلاء الأطفال ينبغي إدخالهم في برامج مكثفة من الدروس التوعوية والمنهجية والنفسية لغرض احتوائهم والقضاء على التهميش والتمييز والبطالة وتطوير مستوى التعليم في العراق ورفع المستوى الاقتصادي للمواطنيين والقضاء على التخلف والأمية لهذه المناطق.

أعداد كبيرة من هؤلاء الأطفال وبحسب الأشرطة المصورة التي يبثها التنظيم الإرهابي باستمرار من خلال حسابات تابعة له على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر تورط  هؤلاء الأطفال في عمليات قتل وعمليات إرهابية أخرى لداعش.

وعن كيفية التعامل مع هذه الحالات يقول محي الدين إنّ قانون مكافحة الإرهاب العراقي الصادر سنة 2005 وقانون العقوبات العراقي 311 لسنة 1969 وقانون الأحداث،= عالجوا تنفيذ الأشخاص لعمليات الإرهابية، حيث يحول المتورطون في هذه العمليات إلى المحاكم وبوجود الأدلة سيحكم عليهم بموجب قانون الأحداث.

أيزيديون لدى داعش

أما رئيس المنظمة الأيزيدية للتوثيق، حسام عبد الله، فيؤكد وجود عدد كبير من الأطفال الأيزيديين في معسكرات تدريب داعش. ويسلط الحديث على هذه المشكلة لموقع (إرفع صوتك) مشيراً إلى أن الأطفال الأيزيدين اقتيدوا أيضا من قبل التنظيم إلى معسكرات التدريب لاستخدامهم كدروع بشرية في المعارك الجارية ضمن عملية تحرير الموصل.

ويشير عبد الله إلى أن موضوع الأطفال المجندين من قبل داعش لا تتطرق له العديد من المنظمات الدولية والمانحين. ويصف عدم الاهتمام بهذه المشكلة بالقول "هناك خطورة حقيقية كوننا فيما بعد عملية تحرير الموصل سنجابه معركة جديدة وهي مواجهة الفكر المتشدد والعنف الذي زرعه داعش في أدمغة الناس المدنيين الذين خضعوا لسيطرته من ضمنهم الأطفال، حيث الأطفال هم أبسط فئة يمكن أستغلالها أثناء الحروب".

*الصورة:  مأخوذة من فيديو “الجهادي الصغير”/عن يوتيوب

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك
الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك

بعد 23 عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، يواصل ناجون وعائلات الضحايا معركة قانونية طويلة لمساءلة السعودية التي يقولون إن مسؤوليها لعبوا دورا في التخطيط للهجمات الدامية.

وينتظر الناجون وعائلات الضحايا قرارا هاما لقاضٍ فيدرالي في نيويورك بشأن قضية اتهام السعودية بدعم خاطفي أربع طائرات شاركت بالهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون في 11 سبتمبر 2001.

وتنفي المملكة هذه المزاعم بقوة.

ويحيي مسؤولون سياسيون وعسكريون ومواطنون عاديون، الأربعاء، الذكرى الـ23 للهجمات بفعاليات خاصة في نيويورك والعاصمة واشنطن وعدد من المدن الأميركية الأخرى.

وفي جلسة استماع عقدت أمام المحكمة الجزئية في مانهاتن في نهاية يوليو الماضي، للنظر في طلب السعودية إسقاط القضية، عرض محامو الضحايا ما قالوا إنها أدلة عن شبكة الدعم التي تضم مسؤولين سعوديين عملوا في الولايات المتحدة، والتي سهلت تحركات خاطفي الطائرات التي اصطدمت ببرجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك، والبنتاغون في فيرجينيا، وسقطت واحدة في بنسلفانيا.

وقال محامي المدعين، جافين سيمبسون، خلال جلسة 31 يوليو إن الشبكة السرية "أنشأتها ومولتها وأدارتها ودعمتها السعودية والمنظمات التابعة لها والدبلوماسيون داخل الولايات المتحدة".

وبعد انتهاء الجلسة، طالب أكثر من ثلاثة آلاف شخص من عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر كلا من الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب، ونائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، بمعارضة أي اتفاق للسلام بالشرق الأوسط مع السعودية قبل أن تحاسِب الحكومة الأميركية المملكة على أي دور محتمل في هجمات عام 2001

وضمت المجموعة المسؤولة عن هجمات سبتمبر 19 شخصا من "تنظيم القاعدة"، بينهم 15 سعوديا، إلا أن الروابط المحتملة بين الحكومة السعودية والإرهابيين ظلت محل تساؤلات لسنوات.

ونفت السعودية أي تورط حكومي في الهجمات.

ولطالما قالت الولايات المتحدة إن الرياض لم يكن له أي دور وإن "تنظيم القاعدة" تصرف بمفرده.

وفي 2016، أصدر الكونغرس تشريع "العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي سمح لأسر ضحايا الهجمات بمقاضاة السعودية، وهو ما مهد الطريق أمام مطالبات قضائية عدة من عائلات الضحايا بالحصول على تعويضات من المملكة.

وتنتظر عائلات الضحايا قرارا من قاضي المحكمة الجزئية في مانهاتن، جورج دانيلز، بشأن ما إذا كان بالإمكان المضي قدما في القضية، وهو ما قد يفتح المجال أمام ظهور المزيد من الأدلة، وفق "سي أن أن".

وفي جلسة يوليو، اتهم محامو أهالي الضحايا مواطنين سعوديين اثنين بأنها دعما اثنين من خاطفي الطائرات، وهما نواف الحازمي وخالد المحضار، بعد وصولهما إلى جنوب كاليفورنيا عام 2000.

وقالوا إن الدبلوماسي السعودي، فهد الثميري، الذي كان يعمل في القنصلية السعودية في لوس أنجلوس، كان جهة الاتصال الرئيسية بين "تنظيم القاعدة" والخاطفين الاثنين في لوس أنجلوس، وفقا لملفات المدعين أمام المحكمة.

وقالوا إن الثميري عمل مع سعودي آخر هو عمر البيومي، في دعم الخاطفين الاثنين أثناء وجودهما في كاليفورنيا، وفقا لملفات المحكمة.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد رفعت السرية عن مذكرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) في ديسمبر 2021، كشفت عن شكوك قوية بشأن ارتباط السعودية رسميا بالخاطفين الذين نفّذوا اعتداءات 11 سبتمبر، لكنها لم تتمكن من تقديم الإثبات الذي كانت تنتظره العائلات التي تقاضي الرياض.

وكشفت المذكرة عن وجود ارتباطات بين البيومي، الذي كان حينها طالبا، ونواف الحازمي وخالد المحضار.

وساعد البيومي، الذي كان طالبا وعمل أيضا مع مقاول سعودي، الخاطفين عند وصولهما إلى البلاد، وفقا لتقرير لجنة 11 سبتمبر 2004. وذكر التقرير في ذلك الوقت أنه ساعدهما في العثور على شقة في سان دييغو وفتح حساب مصرفي ووقع على عقد إيجارهما.

وقد دعمت المعلومات التي أصدرها "أف بي آي" في وقت لاحق ادعاء المدعين بأن البيومي والثميري قاما بتنسيق شبكة الدعم في جنوب كاليفورنيا بتوجيه من مسؤولين سعوديين.

لكن تقرير عام 2004 قال إنه لم يجد أي دليل في ذلك الوقت على أن البيومي ساعد الخاطفين عن علم.

وأكدت المملكة أن البيومي كان طالبا وكان يتردد على مسجد في سان دييغو، وساعد بدون علم الخاطفين باعتبارهم قادمين جدد لا يجيدون الإنكليزية.

وفي جلسة الاستماع في يوليو، أثناء مناقشة اقتراح إسقاط الدعوى، ركز مايكل كيلوج، محامي السعودية، بشكل كبير على البيومي، قائلا إن أي مساعدة قدمها للخاطفين كانت "محدودة وبريئة تماما".

وتشير الأدلة التي أعدها محامو المدعين إلى أن البيومي التقى بمسؤول دبلوماسي سعودي في القنصلية قبل لقاء الخاطفين لأول مرة في مطعم في لوس أنجلوس، بعد أسبوعين من وصولهما إلى كاليفورنيا. وساعد البيومي في تسهيل انتقال الخاطفين من لوس أنجلوس إلى سان دييغو في غضون أيام من ذلك الاجتماع.

ويقول محامو المملكة إن البيومي التقى بالخاطفين بالصدفة في مطعم حلال بالقرب من مسجد معروف وكانت اتصالاته بهما "محدودة".

وقال محامي المملكة أيضا إنه لا يوجد دليل على أن الثميري فعل أي شيء لمساعدتهما، لكن محامي عائلات 11 سبتمبر قدم نتائج مكتب التحقيقات الفيدرالي التي تفيد بأن الثميري كلف أحد المصلين في المسجد باستلام الخاطفين من المطار، وإحضارهما إليه عندما وصلا لأول مرة إلى لوس أنجلوس، في منتصف يناير 2000.

وفي إفادة عن بعد تم إجراؤها في هذه الدعوى القضائية في عام 2021، أقر البيومي بأنه ساعد الخاطفين على الاستقرار في سان دييغو بدون علم بنواياهم، وقال إنه لم يكن متورطا في الهجمات.

وتضمنت الأدلة المعروضة البيومي وهو يلتقط صورا في واشنطن العاصمة، على مدار عدة أيام في عام 1999، وقال المدعون إنها قام بالتقاط الصور بغية معرفة مداخل وخارج مبنى الكابيتول.

ولطالما اعتقد المسؤولون أن الكابيتول ربما كان الهدف الأصلي للطائرة التي تحطمت في بنسلفانيا.

من جانبهم، قال محامو المملكة ان البيومي كان مجرد سائح في إجازة عندما صور جولته في الكابيتول وزيارته لمسؤولي السفارة السعودية.

وفي الجلسة، شاهد القاضي دانييلز فيديو لجولته، ويسمع في الفيديو البيومي وهو يقول: "هؤلاء هم شياطين البيت الأبيض". ووصف محامي السعودية اللغة التي استخدمها بأنها "مؤسفة"، لكنه قال إنها أُخرجت عن سياقها. ورد القاضي بأن العبارة لا تتوافق مع سائح يزور "مبنى جميلا".

وتحدث أهالي الضحايا عن اتصالات هاتفية متكررة بين البيومي ومسؤولين سعوديين، خاصة خلال فترة مساعدته الحازمي والمحضار، وتحدثوا عن دفتر مكتوب يحتوي على معلومات اتصال لأكثر من 100 مسؤول حكومي سعودي.

وقال محامو المملكة إن وجود جهات الاتصالات هذه مرتبطة بدوره التطوعي في المسجد.

وبعد انتهاء جلسة الاستماع، أعلنت وزارة الدفاع عن صفقة إقرار بالذنب مع العقل المدبر المزعوم للهجمات، خالد شيخ محمد، واثنين آخرين من المعتقلين الآخرين معه في سجن غوانتانامو. ووافق هؤلاء على الاعتراف بالذنب بتهم التآمر مقابل الحكم عليهم بالسجن المؤبد.

وأثار إعلان صفقة الإقرار بالذنب ردود فعل قوية من أسر الضحايا بعد خروجهم من جلسة الاستماع.

وبعد يومين فقط، ألغى وزير الدفاع، لويد أوستن، صفقة الإقرار بالذنب في مذكرة مفاجئة وكتب أن "المسؤولية عن مثل هذا القرار يجب أن تقع على عاتقي".

وإلغاء الصفقة يعني إعادة "عقوبة الإعدام" لتصبح مطروحة مرة أخرى بحق هؤلاء.

لكن القضية أثارت جدلا قانونيا. ويقول محامون إن قرار أوستن غير قانوني.

ووسط هذا الجدل، تأمل أسر الضحايا أن تجلب لهم الدعوى القضائية المرفوعة على السعودية "العدالة التي كانوا يسعون إليها لأكثر من 20 عاما".