بقلم إلسي مِلكونيان:

"أشاهد مجموعة من الشباب المغاربة خاصة والعرب عامة يؤيدون داعش والأعمال الإرهابية التي يقوم بها.. فجاءتني فكرة إنشاء الصفحة لتوعية الشباب المغربي"، بهذه العبارات يصف حمزة زبادي لموقع (إرفع صوتك) قصة إنشائه لصفحة #مغاربة_ضد_داعش على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" والتي تقوم بمحاربة التنظيم على فضاء الإنترنت.

وبدأ حمزة زبادي، طالب العلوم القانونية في المغرب، بمشروعه في شهر أيلول/سبتمبر 2016، عبر مشاركة الصور والمنشورات التي تظهر التبعات السيئة للإرهاب وضرورة التصدي له. كما حاول أيضاً طرح الأسئلة لإثارة النقاشات، وليحصد عدداً أكبر من التعليقات والمشاركات:

https://www.facebook.com/Moroccansagainstdaesh/photos/a.1744461805818901.1073741828.1744441555820926/1754229171508831/?type=3&theater

وقد وصل عدد معجبي الصفحة، أثناء كتابة هذا التقرير، إلى حوالي 500 شخص. لكن الحصول على المزيد من المتابعين ليس بالأمر السهل، حسب الزبادي، معلقاً " بصفتي طالب، لا أملك الإمكانيات الكافية لتساعدني على ترويج الصفحة بشكل أوسع، وأنا افعل ما بوسعي لنشرها في العديد من المجموعات لكي يصبح لها عدد كبير من المعجبين".

اقرأ أيضاً:

أطفال متشددون… أبرز ما سيواجهه العراقيون بعد داعش في الموصل

درس العراق وأفغانستان: خمس قواعد لبناء سليم للدولة

ويحاول زبادي بجهده الفردي خلق تيار مضاد لتجنيد الشبان من الدول المغاربية عبر الإنترنت. حيث بلغ عدد المنضمين إلى التنظيم من المغرب 1500 شخص، وتونس حوالي ستة آلاف شخص والجزائر 170 شخص، حسب الإحصاءات الأخيرة.

وعلى الرغم من الجهود الحكومية في كل من تونس والمغرب والجزائر لضبط الأمور، اتخذت جماعات متشددة أخرى من الدول الأفريقية موطىء قدم وتهدد الحدود الجنوبية للدول المغاربية، ما يتطلب الكثير من الجهد لتأمين حماية هذه الحدود.

الخطر من الجنوب

وتشرح صحيفة الوول ستريت جورنال أن القارة السمراء فيها "مناطق حرب تمتد من المحيط الهندي إلى المحيط الأطلسي" وتقول أيضاً إن "الإرهاب يكاد يكتسح أفريقيا".

ويعود تفشي الإرهاب في بعض الدول الأفريقية المتاخمة للدول المغاربية إلى أسباب عدة، منها: انتشار أيديولوجيا الجهاد والراديكالية، والفوضى الأمنية وانعدام الاستقرار السياسي والاقتصادي.

ففي مالي مثلاً، ساهمت النزاعات بين السلطة المركزية والأقاليم الشمالية في ازدياد نفوذ قبائل الطوارق في الشمال، مما دعم نشاط تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، إذ أصبح عناصره يتنقلون بسهولة في منطقة الساحل وصولاً إلى ليبيا.

كما ساهمت الفوضى الأمنية والفقر في كل من الصومال ونيجريا، في بروز ”حركة الشباب” و" بوكو حرام” اللتين نفذتا العديد من الاعتداءات الدموية، وقامتا بعمليات خطف السكان وقتلهم وتشريدهم.

بينما ساهمت الفوضى الأمنية في ليبيا في دعم نشاط الحركات المتشددة في الدول الأفريقية المجاورة ومنها "تنظيم المرابطين" الذي ينشط بين شمال مالي وشمال النيجر وجنوب غرب ليبيا، ليشكل مصدر خطورة على الجزائر بسبب المواقع الحيوية التي استهدفها.

كيف تتصدى الدول المغاربية للإرهاب؟

تبذل كل من تونس والمغرب والجزائر جهوداً حثيثة لتفكيك الخلايا الإرهابية على أراضيها وعلى الحدود فيما بينها، لكن هذه الجهود لا تبدو كافية لتأمين الحدود الجنوبية على المدى البعيد بسبب غياب التنسيق والخطة المنظمة فيما بينها.

يقول محمد بنحمو الخبير في القضايا الأمنية والاستراتيجية المغاربية في حديث لموقع (إرفع صوتك) "للأسف الشديد إن هذه التنظيمات الإرهابية تستفيد من غياب استراتيجية إقليمية (مغاربية) وموحدة.. وتمنحها الحدود المغلقة بين المغرب والجزائر فرصة إضافية للتنقل، إضافة إلى غياب الدور الفاعل للاتحاد المغاربي الذي يعيش موتا سريرياً".

ويشرح بنحمو أن التركيز على محاربة داعش فقط، يساهم في تنامي خطر الإرهاب في الجنوب، مشيراً إلى أن "التنظيمات الأخرى (في أفريقيا) كانت تعيد تنظيم هياكلها في الفترة التي كانت فيها الأضواء مسلطة على داعش.. وبهذا ستعود منطقة الساحل والصحراء الى الواجهة التي تدعم نشاط التنظيمات الإرهابية".

وبالنظر إلى المستقبل، تعتبر الحملات المضادة للإرهاب في العالم الافتراضي، مثل حملة مجموعة مغاربة ضد داعش، مهمة نظراً لتغيّر طبيعة الحرب على الإرهاب التي لم تعد مقتصرة على ساحات المعارك. لكن نتائج القتال عبر مواقع التواصل الاجتماعي تبقى "غير حاسمة".

ولضمان مستقبل أمني أفضل، يبقى السيناريو الأمثل، برأي بنحمو، في خلق خطة موحدة تجمع الدول المغاربية لتأمن حدودها الجنوبية، "وهذا لا يرتبط بمساحة الدول (كالجزائر ومساحتها أكبر من تونس والمغرب) وتقاطعاتها الحدودية، لأن جميعها تملك ذات القدرة والفعالية لمواجهة تحدي الهشاشة الأمنية الذي يهدد أمن المنطقة"، حسب بنحمو.

ساهم في إعداد هذا التقرير، الزميل زينون عبد العالي، مراسل (إرفع صوتك) في المغرب.

الصورة: أحد عناصر الدرك الجزائري في منطقة جنوب شرق الجزائر العاصمة/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك
الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك

بعد 23 عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، يواصل ناجون وعائلات الضحايا معركة قانونية طويلة لمساءلة السعودية التي يقولون إن مسؤوليها لعبوا دورا في التخطيط للهجمات الدامية.

وينتظر الناجون وعائلات الضحايا قرارا هاما لقاضٍ فيدرالي في نيويورك بشأن قضية اتهام السعودية بدعم خاطفي أربع طائرات شاركت بالهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون في 11 سبتمبر 2001.

وتنفي المملكة هذه المزاعم بقوة.

ويحيي مسؤولون سياسيون وعسكريون ومواطنون عاديون، الأربعاء، الذكرى الـ23 للهجمات بفعاليات خاصة في نيويورك والعاصمة واشنطن وعدد من المدن الأميركية الأخرى.

وفي جلسة استماع عقدت أمام المحكمة الجزئية في مانهاتن في نهاية يوليو الماضي، للنظر في طلب السعودية إسقاط القضية، عرض محامو الضحايا ما قالوا إنها أدلة عن شبكة الدعم التي تضم مسؤولين سعوديين عملوا في الولايات المتحدة، والتي سهلت تحركات خاطفي الطائرات التي اصطدمت ببرجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك، والبنتاغون في فيرجينيا، وسقطت واحدة في بنسلفانيا.

وقال محامي المدعين، جافين سيمبسون، خلال جلسة 31 يوليو إن الشبكة السرية "أنشأتها ومولتها وأدارتها ودعمتها السعودية والمنظمات التابعة لها والدبلوماسيون داخل الولايات المتحدة".

وبعد انتهاء الجلسة، طالب أكثر من ثلاثة آلاف شخص من عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر كلا من الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب، ونائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، بمعارضة أي اتفاق للسلام بالشرق الأوسط مع السعودية قبل أن تحاسِب الحكومة الأميركية المملكة على أي دور محتمل في هجمات عام 2001

وضمت المجموعة المسؤولة عن هجمات سبتمبر 19 شخصا من "تنظيم القاعدة"، بينهم 15 سعوديا، إلا أن الروابط المحتملة بين الحكومة السعودية والإرهابيين ظلت محل تساؤلات لسنوات.

ونفت السعودية أي تورط حكومي في الهجمات.

ولطالما قالت الولايات المتحدة إن الرياض لم يكن له أي دور وإن "تنظيم القاعدة" تصرف بمفرده.

وفي 2016، أصدر الكونغرس تشريع "العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي سمح لأسر ضحايا الهجمات بمقاضاة السعودية، وهو ما مهد الطريق أمام مطالبات قضائية عدة من عائلات الضحايا بالحصول على تعويضات من المملكة.

وتنتظر عائلات الضحايا قرارا من قاضي المحكمة الجزئية في مانهاتن، جورج دانيلز، بشأن ما إذا كان بالإمكان المضي قدما في القضية، وهو ما قد يفتح المجال أمام ظهور المزيد من الأدلة، وفق "سي أن أن".

وفي جلسة يوليو، اتهم محامو أهالي الضحايا مواطنين سعوديين اثنين بأنها دعما اثنين من خاطفي الطائرات، وهما نواف الحازمي وخالد المحضار، بعد وصولهما إلى جنوب كاليفورنيا عام 2000.

وقالوا إن الدبلوماسي السعودي، فهد الثميري، الذي كان يعمل في القنصلية السعودية في لوس أنجلوس، كان جهة الاتصال الرئيسية بين "تنظيم القاعدة" والخاطفين الاثنين في لوس أنجلوس، وفقا لملفات المدعين أمام المحكمة.

وقالوا إن الثميري عمل مع سعودي آخر هو عمر البيومي، في دعم الخاطفين الاثنين أثناء وجودهما في كاليفورنيا، وفقا لملفات المحكمة.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد رفعت السرية عن مذكرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) في ديسمبر 2021، كشفت عن شكوك قوية بشأن ارتباط السعودية رسميا بالخاطفين الذين نفّذوا اعتداءات 11 سبتمبر، لكنها لم تتمكن من تقديم الإثبات الذي كانت تنتظره العائلات التي تقاضي الرياض.

وكشفت المذكرة عن وجود ارتباطات بين البيومي، الذي كان حينها طالبا، ونواف الحازمي وخالد المحضار.

وساعد البيومي، الذي كان طالبا وعمل أيضا مع مقاول سعودي، الخاطفين عند وصولهما إلى البلاد، وفقا لتقرير لجنة 11 سبتمبر 2004. وذكر التقرير في ذلك الوقت أنه ساعدهما في العثور على شقة في سان دييغو وفتح حساب مصرفي ووقع على عقد إيجارهما.

وقد دعمت المعلومات التي أصدرها "أف بي آي" في وقت لاحق ادعاء المدعين بأن البيومي والثميري قاما بتنسيق شبكة الدعم في جنوب كاليفورنيا بتوجيه من مسؤولين سعوديين.

لكن تقرير عام 2004 قال إنه لم يجد أي دليل في ذلك الوقت على أن البيومي ساعد الخاطفين عن علم.

وأكدت المملكة أن البيومي كان طالبا وكان يتردد على مسجد في سان دييغو، وساعد بدون علم الخاطفين باعتبارهم قادمين جدد لا يجيدون الإنكليزية.

وفي جلسة الاستماع في يوليو، أثناء مناقشة اقتراح إسقاط الدعوى، ركز مايكل كيلوج، محامي السعودية، بشكل كبير على البيومي، قائلا إن أي مساعدة قدمها للخاطفين كانت "محدودة وبريئة تماما".

وتشير الأدلة التي أعدها محامو المدعين إلى أن البيومي التقى بمسؤول دبلوماسي سعودي في القنصلية قبل لقاء الخاطفين لأول مرة في مطعم في لوس أنجلوس، بعد أسبوعين من وصولهما إلى كاليفورنيا. وساعد البيومي في تسهيل انتقال الخاطفين من لوس أنجلوس إلى سان دييغو في غضون أيام من ذلك الاجتماع.

ويقول محامو المملكة إن البيومي التقى بالخاطفين بالصدفة في مطعم حلال بالقرب من مسجد معروف وكانت اتصالاته بهما "محدودة".

وقال محامي المملكة أيضا إنه لا يوجد دليل على أن الثميري فعل أي شيء لمساعدتهما، لكن محامي عائلات 11 سبتمبر قدم نتائج مكتب التحقيقات الفيدرالي التي تفيد بأن الثميري كلف أحد المصلين في المسجد باستلام الخاطفين من المطار، وإحضارهما إليه عندما وصلا لأول مرة إلى لوس أنجلوس، في منتصف يناير 2000.

وفي إفادة عن بعد تم إجراؤها في هذه الدعوى القضائية في عام 2021، أقر البيومي بأنه ساعد الخاطفين على الاستقرار في سان دييغو بدون علم بنواياهم، وقال إنه لم يكن متورطا في الهجمات.

وتضمنت الأدلة المعروضة البيومي وهو يلتقط صورا في واشنطن العاصمة، على مدار عدة أيام في عام 1999، وقال المدعون إنها قام بالتقاط الصور بغية معرفة مداخل وخارج مبنى الكابيتول.

ولطالما اعتقد المسؤولون أن الكابيتول ربما كان الهدف الأصلي للطائرة التي تحطمت في بنسلفانيا.

من جانبهم، قال محامو المملكة ان البيومي كان مجرد سائح في إجازة عندما صور جولته في الكابيتول وزيارته لمسؤولي السفارة السعودية.

وفي الجلسة، شاهد القاضي دانييلز فيديو لجولته، ويسمع في الفيديو البيومي وهو يقول: "هؤلاء هم شياطين البيت الأبيض". ووصف محامي السعودية اللغة التي استخدمها بأنها "مؤسفة"، لكنه قال إنها أُخرجت عن سياقها. ورد القاضي بأن العبارة لا تتوافق مع سائح يزور "مبنى جميلا".

وتحدث أهالي الضحايا عن اتصالات هاتفية متكررة بين البيومي ومسؤولين سعوديين، خاصة خلال فترة مساعدته الحازمي والمحضار، وتحدثوا عن دفتر مكتوب يحتوي على معلومات اتصال لأكثر من 100 مسؤول حكومي سعودي.

وقال محامو المملكة إن وجود جهات الاتصالات هذه مرتبطة بدوره التطوعي في المسجد.

وبعد انتهاء جلسة الاستماع، أعلنت وزارة الدفاع عن صفقة إقرار بالذنب مع العقل المدبر المزعوم للهجمات، خالد شيخ محمد، واثنين آخرين من المعتقلين الآخرين معه في سجن غوانتانامو. ووافق هؤلاء على الاعتراف بالذنب بتهم التآمر مقابل الحكم عليهم بالسجن المؤبد.

وأثار إعلان صفقة الإقرار بالذنب ردود فعل قوية من أسر الضحايا بعد خروجهم من جلسة الاستماع.

وبعد يومين فقط، ألغى وزير الدفاع، لويد أوستن، صفقة الإقرار بالذنب في مذكرة مفاجئة وكتب أن "المسؤولية عن مثل هذا القرار يجب أن تقع على عاتقي".

وإلغاء الصفقة يعني إعادة "عقوبة الإعدام" لتصبح مطروحة مرة أخرى بحق هؤلاء.

لكن القضية أثارت جدلا قانونيا. ويقول محامون إن قرار أوستن غير قانوني.

ووسط هذا الجدل، تأمل أسر الضحايا أن تجلب لهم الدعوى القضائية المرفوعة على السعودية "العدالة التي كانوا يسعون إليها لأكثر من 20 عاما".