بقلم حسن عبّاس:
تصريحات كثيرة أُطلقت في الأيام الأخيرة حول إمكانية فرار مقاتلي داعش من الموصل وتوجههم إلى محافظة الرقة السورية. ولذلك ازداد الحديث عن ضرورة خوض معركة موازية ضد داعش في الرقة.
والأربعاء، 26 تشرين الأول/أكتوبر، أعلن وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر أن الهجوم على الرقة "سيبدأ في الأسابيع المقبلة". وفي إشارة إلى إمكانية فتح المعركة قبل انتهاء معركة الموصل قال "نعم سيحدث تداخل (بين حملتي الموصل والرقة) وهذا جزء من خطتنا ونحن مستعدون لذلك".
الرقة على جدول الأعمال
وفرضت معركة الرقّة نفسها على أجندة الدول الكبرى منذ انطلاق عملية تحرير الموصل، وهذا انعكاس لقناعة العالم بأن التهديد الإرهابي للعراق لا ينفصل عن التهديد الإرهابي لسورية، وكلاهما لا ينفصلان عن قضية الخطر الإرهابي العالمي.
اقرأ ايضاً:
رسالة تمنيت لو قرأها الشاب جابر!
يمنيون يتطلعون إلى إيقاف الحرب أولاً..
ورأى مساعد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن "الرقة أمر ضروري، فمن هذه المدينة يخطط داعش للهجمات الخارجية، وهي العاصمة الحقيقية لداعش".
من جانبه، حذّر الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند من فرار عناصر داعش من الموصل إلى الرقة. وقال "لا يمكن أن نقبل نجاحاً يسمح لأولئك الذين كانوا في الموصل أن يختفوا في مواقع أخرى حيث يمكنهم شن هجمات".
من جهة ثانية، لفت وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى أن روسيا ستتخذ إجراءات عسكرية في حال انتقال داعش من الموصل إلى سورية.
عملياً، فكرة عزل الرقة التي أشار إليها كارتر بدأت منذ 27 أيلول/سبتمبر الماضي حين شرعت طائرات التحالف الدولي ضد الإرهاب في تنفيذ ضربات جوية استهدفت جسوراً تربط ضفتي نهر الفرات داخل سورية.
ويرى مراقبون أن الهدف من قصف الجسور وطرق المواصلات يهدف إلى قطع الاتصال بين داعش في العراق وداعش في الرقة.
ارتباط الرقّة بالموصل
قبل فترة جال أشتون كارتر بين أنقرة وبغداد وأربيل محاولاً حل الأزمة بين العراق وتركيا بسبب وجود قوة عسكرية تركية داخل العراق.
وقال مصدر مطّلع على المفاوضات التي دارت بين كارتر وبين العراقيين لموقع (إرفع صوتك) إنه طلب من بغداد الموافقة على مشاركة تركيا في عملية تحرير الموصل والتوصل معها إلى تفاهم حول الدور الذي ستقوم به لأن هنالك مفاوضات دائرة مع أنقرة حول مشاركتها في عملية تحرير الرقة ويربط الأتراك بين مشاركتهم هذه وبين تأمين مصالحهم في الموصل.
وأشار إلى أن بغداد رفضت ذلك وشرح أن الرفض العراقي للمشاركة التركية مردّه إلى أن بغداد متخوّفة من أن تنفّذ القوات التركية عمليات ضد الأكراد الموالين لحزب العمال الكردستاني ما يؤدي إلى ولادة أزمة خطيرة جديدة تعصف بالاستقرار العراقي.
وبالفعل، أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أنه "إذا كان هناك خطر يهدد تركيا، فسنستخدم كل وسائلنا، بما في ذلك عملية برية للقضاء على هذا التهديد". ومن التهديدات التي تراها تركيا إمكانية تحويل قضاء سنجار إلى "جبل قنديل جديد"، أي سيطرة الأكراد المؤيدين لحزب العمال الكردستاني عليه.
وتنعكس تعقيدات معركة تحرير الموصل على التخطيط لمعركة الرقة. وأشار الخبير الاستراتيجي الأردني مأمون أبو نوار إلى أن تركيا ترى أن التطورات الأخيرة تمس بأمنها القومي وهي تسعى إلى التصدي للنفوذ الإيراني ومنع إيران من السيطرة على ممر استراتيجي نحو سورية والبحر المتوسّط.
وبرأيه، "كان من الأفضل لو جرت محاصرة الرقة وأطلقت المعركتان بالتزامن. فاحتواء داعش في الرقة والدخول إلى الموصل بعد تحصين الحدود العراقية السورية كان سيساهم في ضرب داعش بشكل أفضل".
وأضاف لموقع (إرفع صوتك) "كان الأميركيون يفكّرون بهذا السيناريو الذي يتضمّن أيضاً تدريب نحو 15 ألف مقاتل سنّي لضبط الأمن في شمال العراق بمساعدة مستشارين أميركيين"، ولكن ما حصل هو أن "الجميع استعجل إطلاق معركة الموصل".
مَن سيحرّر الرقة؟
أطراف كثيرة ترغب في لعب دور ميداني في معركة تحرير الرقة وعلى رأسها "قوات سوريا الديمقراطية" وتركيا بالتحالف مع بعض فصائل الجيش الحرّ الموالية لها.
وتحدّث أشتون كارتر عن "دور لتركيا في سقوط الرقة"، معتبراً أن لديها "مصلحة بأن تتأكد من أن الحكم المستقبلي في الرقة يعكس بشكل جيّد إرادة السكان".
لكن أنقرة على خلاف حاد مع أكراد سورية. وشهدت الأيام الماضية تصعيداً خطيراً لهذا الصراع مع شنّ تركيا ضربات جوية ضد المقاتلين الأكراد السوريين أسقطت عشرات القتلى، بحسب وكالة أنباء الأناضول الحكومية.
وتساءل أشتون كارتر "أي قوة عسكرية ستستعيد الرقة؟"، وأجاب "هذا الأمر لا يمكن أن يقوم به سوى أناس يعيشون هنا، لأننا نسعى إلى هزيمة دائمة لتنظيم داعش، ولا يمكن تحقيق هزيمة دائمة عبر قوات خارجية".
ورأى مأمون أبو نوار أن معركة الرقة ضرورة لأن "التهديد مفتوح بين العراق وسورية وسوف يعود المتطرفون المطرودون من الموصل مجدداً إلى العراق".
وعن هوية مَن سيحرر الرقة، قال "الرقة منطقة سنّية وسيتسبب دخول الأكراد إليها بمشكلة كبيرة. وأساساً، لن تسمح تركيا لهم بدخول الرقة فهي ترى أنهم توسعوا أكثر من اللازم في الفترة الأخيرة".
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن قوات تحرير الرقة يجب أن تكون قوات محلية بدون مشاركة وحدات حماية الشعب الكردية.
وبرأي أبو نوار "قد يقوم بعملية الرقة الجيش التركي ومقاتلون من الجيش السوري الحر. أما الأكراد فقد يشاركون في محاصرة مناطق وقطع خطوط إمداد ولكن بدون دخولهم إلى الرقة".
عملياً، بدأت معركة الرقة في العراق قبل أن تصل إلى سورية. فقوات الحشد الشعبي تتوجه لتحرير مدينة تلعفر التي تقع بين الموصل وبين الرقة من داعش. وبرأي أبو نوار "هنالك تركيز كبير على تلعفر، لأنها جزء من الممر الاستراتيجي لإيران".
لكنه لفت إلى أن "هنالك تسابق بين الأتراك والحشد على تلعفر. فتركيا ستقول إن في تلعفر تركمان سنّة ومن واجبها حمايتهم. وسوف يتصدّون للحشد الشعبي ما ينذر بمرحلة خطيرة".
*الصورة: عناصر في قوات الحشد الشعبي تقاتل إلى جانب القوات العراقية خلال معارك مع داعش/ وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659