الأردن – بقلم صالح قشطة:
بعيون تبرق بالأمل وقلوب تتطلع لنشوة الانتصار، لا تفارق أنظار الآلاف من نازحي الموصل شاشات التلفاز والهواتف المتواجدة أمامهم ترقباً للحظة إعلان مدينتهم كمنطقة محررة من تنظيم داعش الدموي الذي حولهم بإرهابه وبطشه إلى نازحين يتجرعون مرارة اللجوء وغصة فراق بلادهم حيث بيوتهم وحياتهم وذكرياتهم.
ويلتقي موقع (إرفع صوتك) بعض نازحي الموصل المتواجدين في الأردن، الذين يتحدثون عن آمالهم وتطلعاتهم حول عملية تحرير مدينتهم التي تنفذها القوات العراقية إلى جانب مجموعة من مقاتلي البيشمركة، ويتوقون لسماع خبرٍ يثلج قلوبهم التي أحرقها إرهاب تنظيم داعش.
قبل دخول داعش...
معن الساعور، خمسيني قادم من مدينة الموصل، يؤكد خلال حديثه إلى موقع (إرفع صوتك) أن الجميع كانوا يعيشون كأخوة في مدينته قبل دخول داعش، وأنه لم يكن هناك فرق بين مسيحي ومسلم، متسائلاً "حتى لو تم القضاء على داعش فهل ستعود علاقتنا إلى طبيعتها مع أهالي المنطقة بعد أن تم غسل أدمغتهم؟ هذا الهاجس لا يشعرنا بالأمان مطلقاً".
اقرأ أيضاً:
سكان من الموصل: عناصر من داعش يحلقون لحاهم
فرنسا تمدّد مهمة حاملة طائراتها الوحيدة في معركة الموصل
ويتابع النازح الذي قام أفراد داعش بالسيطرة على منزله في الموصل بعد هدمهم لجزء منه "حتى لو تم خروج داعش من الموصل، ليس هناك ما يضمن سلامتي وسلامة أبنائي، هل تضمن الحكومة العراقية لنا ذلك؟".
فقد بات الرجل يرى أن مستقبلهم لا يزال مجهولاً، وأن الوقت ليس مناسباً للعودة بعد "أفضّل أن نبقى هنا في الأردن بعيداً عن المشاكل التي سوف تواجهنا في حال عدنا إلى الموصل، فهم يصفوننا بالأقليات، رغم أننا كمسيحيين جزء أساسي من تركيبة العراق"، يقول الساعور.
"أريد أن أرى منزلي"
أما جميل خانو، وهو رجل في العقد السادس من عمره، قادم من سهل نينوى، والذي لم يتوقف خلال حديثه عن استراق النظر إلى شاشة التلفاز والتنقل بين قنواته بشكل مستمر كلما سنحت له الفرصة، فيقول لموقع (إرفع صوتك) "أتابع أخبار الموصل وعملية التحرير بكل شغف عبر شاشة التلفاز وعبر المواقع التي تقوم بتغطية عملية التحرير".
ويصف ترقبه بكل لهفة لرؤية المنطقة التي كان يعيش بها عن طريق الفيديوهات التي يتم تصويرها في المناطق المختلفة المحيطة بالموصل "أريد أن أرى منزلي وما الذي حل به بعد كل هذه الظروف".
وبصوت متألم يبحث عن الفرح كما المغلوب على أمره الذي يحاول انتقاء أحلى الأمرّين، يؤكد الرجل أنه رغم شدة سعادته بخبر تحرير الموصل لو تم على أكمل وجه، إلّا أنّه لن يغير خططه نحو الهجرة، مضيفاً "أنا مقتنع أنه لا خط رجعة لدي، لأنني لا زلت أشعر بتعب شديد لا يمكن تجاوزه بسبب السنوات الماضية التي عشتها، فقد كانت مليئة بالحروب، والصراعات كانت حتى مع جيراني، ولا أتوقع أن تعود الأمور إلى أفضل أحوالها بهذه السرعة".
وعلى حد تعبيره فإن القضاء على داعش عسكرياً لا يكفي، فهو يرى أنه من الممكن أن يتم إخراجهم من المنطقة، لكن الأهم برأيه "هو إخراج أفكار داعش التي نمت وتغلغلت في عقول أهالي الموصل، لا سيّما الجيل الجديد الذي تعرض لغسيل دماغ بالفكر الداعشي، وتغيير أفكارهم مرة أخرى لن تكون عملية سهلة".
لا يرغبون بالعودة...
كما يشير خانو إلى أبنائه الذين لا يرغبون بالعودة، رغم أنهم يشعرون بالحنين إلى وطنهم وإلى بيتهم، موضحاً "لكنهم يتطلعون إلى مستقبلهم وإلى متابعة دراستهم وتحقيق طموحاتهم وأحلامهم، ويدركون أن هذا متوفر لهم في بلاد الهجرة أكثر من وطنهم، للأسف"، مشدداً على أن تطلعهم إلى مستقبل أفضل هو دافعهم الرئيسي في متابعة إجراءات الهجرة التي يخططون لها إلى أستراليا منذ لحظة خروجهم من العراق.
ويختم خانو حديثه إلى موقع (إرفع صوتك) بقوله "أدعو الله أن يسهّل مهمة القوات العراقية في تحرير الموصل بأسرع وقت، وألا تقع أية خسائر في صفوفهم، وأن تعود الراحة إلى حياة أهالي الموصل وسهل نينوى الذين تم تهجيرهم وذاقوا الأمرّين بذلك".
*الصورة: لاجئة مسيحية من الموصل في الأردن/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659