صنعاء- بقلم غمدان الدقيمي:

لا يشغل بال اليمنيين اليوم سوى النزاع الدامي الذي يعصف بالبلاد منذ نحو عام نصف، وتداعياته المدمرة على أوضاعهم الاقتصادية والمعيشية والصحية ومستقبل التعايش الاجتماعي.

ويتطلع اليمنيون اليوم أكثر من أي وقت مضى، إلى تلك اللحظة التي تضع فيها الحرب أوزارها، بعد أن حصدت أكثر من 10 آلاف قتيل، وشردت نحو ثلاثة ملايين شخص من ديارهم، حسب تقديرات الأمم المتحدة.

وطغت الرغبة بوقف الحرب وإحلال السلام على ردود معظم الأشخاص الذين استطلع موقع (إرفع صوتك) آراءهم حول الأمر الذي يرغبون بتغييره في البلد المضطرب منذ أكثر من خمس سنوات.

نبذ الكراهية

يقول نذير سيف عبده، 38 عاما، “أرغب بتغيير كل شيء إلى الأفضل، أحلم بمستقبل تسوده مواطنة متساوية ونبذ الكراهية والطائفية”.

ولا يتحرج الشاب اليمني الذي يعمل في قطاع البناء، من الحديث عن أوضاعه المعيشية الصعبة بسبب تداعيات الحرب التي قذفت بملايين اليمنيين إلى دائرة الفقر، قائلاً إنه بالكاد يستطيع توفير القوت اليومي لأبنائه التسعة.

اقرأ أيضاً:

نازح من الموصل في الأردن: أريد أن أرى منزلي

سكان من الموصل: عناصر من داعش يحلقون لحاهم

“نحن العمال أكثر الفئات المتضررة من هذه الحرب التي يجب أن تتوقف”، يضيف نذير لموقع (إرفع صوتك).

وحسب الأمم المتحدة ارتفع عدد اليمنيين الذين يحتاجون إلى مساعدات إنسانية من سبعة ملايين يمني قبل إندلاع موجة الحرب الأخيرة عام 2014 إلى 21 مليون يمني، وهو ما يعادل 80 في المئة من عدد سكان البلاد البالغ 26 مليون نسمة.

ومن 14 مليون شخص يعانون انعدام الأمن الغذائي، هناك نحو سبعة ملايين شخص لا يعلمون ما إذا كانوا سيأكلون وجبة غذائية قادمة أم لا، حسب المنظمة الدولية.

ماذا تبقى

“ماذا تبقى بهذا الوطن لتغييره!؟”، يتسأل مجيب دماج، وهو موظف حكومي في صنعاء، كان ضمن الآف الشباب اليمنيين الذي شاركوا في الثورة الشعبية الضخمة التي أطاحت بالرئيس السابق علي عبد الله صالح من سدة الرئاسة في 2011، بعد 33 عاما من التشبث المستميت بالسلطة.

يقول دماج، 42 عاما، “كنا ننشد المواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية والحقوق والحريات والديموقراطية والتبادل السلمي للسلطة وسيادة القانون والدستور، لكن أحلامنا اصطدمت بثورة مضادة اكتملت تفاصيلها في 21 أيلول/ سبتمبر 2014”، في إشارة إلى اجتياح جماعة الحوثيين للعاصمة صنعاء، وإجبار الرئيس المعترف به دولياً عبد ربه منصور هادي على مغادرة البلاد إلى العاصمة السعودية الرياض.

وقاد اجتياح الحوثيين للعاصمة اليمنية بدعم من الرئيس السابق، إلى تدخل تحالف عسكري بقيادة السعودية في آذار/مارس 2015، دعماً لعودة الرئيس هادي إلى السلطة.

النظام والقانون 

أضاف دماج، لموقع (إرفع صوتك) “اليوم، يدفع اليمنيون ثمناً باهظاً، من أجل الانعتاق من نير هذا الانقلاب، لتحالف الشر الحوثي الصالحي الذي يمارس أشبع جرائم القتل والتنكيل والتخريب والتدمير، والسلب والنهب لمقدرات الوطن”.

“ما نريده هو وطن خالي من الدكتاتورية والاستبداد، وطن يسود فيه النظام والقانون والدستور، وتكون مرجعية السلطة فيه للشعب وحده، والحاكم مجرد موظف لدى الدولة وخادم للشعب لا سيداً عليه، نريد يمناً بلا مسميات سلالية أو مشائخية وأن تكون الوظيفة العامة ومناصب الدولة لكل أبناء اليمن  بلا استثناء”، يؤكد دماج وهو أب لأربعة اطفال.

تعبنا

ومثل مجيب دماج، يتطلع عيبان ياسين، وهو شاب في منتصف العقد الثاني من العمر، أيضاً إلى تغير نظام الحكم في اليمن من “عائلي وقبلي إلى نظام مدني يسود فيه العدل والمساواة بين جميع المواطنين”، على حد قوله.

وأكد ياسين الذي قال إنه توقف عن عمله كمصور تلفزيوني منذ بداية الحرب في آذار 2015، عن رغبته في توافق الأطراف المتصارعة على حل سلمي للنزاع.

وقال لموقع (إرفع صوتك) “أريد أن تتوقف هذه الحرب. كفاية حرب تعبنا ومتنا من الجوع”.

الفساد

وفي السياق يقول محمد يوسف، 25 عاما، الذي تخرج حديثاً من كلية الإعلام بجامعة صنعاء، إن “كبار الساسة وتجار الحروب، أهم ما ينبغي تغييرهم وإزالتهم من المشهد اليمني”.

وهذا أيضاً ما يرغب به نبيل محمد، 27 عاما، قائلاً لموقع (إرفع صوتك) “أتمنى إقالة المسؤولين الفاسدين في السلطة”.

ويؤكد الشاب الذي يعمل نادلاً في كافتيريا، شمالي غرب صنعاء، أن تفشي الفساد كان سبباً في حرمانه من الحصول على وظيفة حكومية رغم تخرجه من كلية الشريعة بجامعة صنعاء عام 2009.

السلام

من جانبه قال لموقع (إرفع صوتك)، علي عامر، 65 عاما، بينما كان يتناول وجبة العشاء في ذات الكافتيريا، “نحن بحاجة لتغيير كل شيء بدءا بسلطات الأمر الواقع”.

يتابع عامر، وهو أب لتسعة أبناء، ويعمل حالياً سائق شاحنة لبيع المياه، بعدما فقد عمله كمقاول بناء وتشييد منذ عام 2011، “شخصياً أرغب بتعزيز السلام حتى على صعيد أسرتي”.

*الصورة: "أرغب بتعزيز السلام حتى على صعيد أسرتي"/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك
الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك

بعد 23 عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، يواصل ناجون وعائلات الضحايا معركة قانونية طويلة لمساءلة السعودية التي يقولون إن مسؤوليها لعبوا دورا في التخطيط للهجمات الدامية.

وينتظر الناجون وعائلات الضحايا قرارا هاما لقاضٍ فيدرالي في نيويورك بشأن قضية اتهام السعودية بدعم خاطفي أربع طائرات شاركت بالهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون في 11 سبتمبر 2001.

وتنفي المملكة هذه المزاعم بقوة.

ويحيي مسؤولون سياسيون وعسكريون ومواطنون عاديون، الأربعاء، الذكرى الـ23 للهجمات بفعاليات خاصة في نيويورك والعاصمة واشنطن وعدد من المدن الأميركية الأخرى.

وفي جلسة استماع عقدت أمام المحكمة الجزئية في مانهاتن في نهاية يوليو الماضي، للنظر في طلب السعودية إسقاط القضية، عرض محامو الضحايا ما قالوا إنها أدلة عن شبكة الدعم التي تضم مسؤولين سعوديين عملوا في الولايات المتحدة، والتي سهلت تحركات خاطفي الطائرات التي اصطدمت ببرجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك، والبنتاغون في فيرجينيا، وسقطت واحدة في بنسلفانيا.

وقال محامي المدعين، جافين سيمبسون، خلال جلسة 31 يوليو إن الشبكة السرية "أنشأتها ومولتها وأدارتها ودعمتها السعودية والمنظمات التابعة لها والدبلوماسيون داخل الولايات المتحدة".

وبعد انتهاء الجلسة، طالب أكثر من ثلاثة آلاف شخص من عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر كلا من الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب، ونائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، بمعارضة أي اتفاق للسلام بالشرق الأوسط مع السعودية قبل أن تحاسِب الحكومة الأميركية المملكة على أي دور محتمل في هجمات عام 2001

وضمت المجموعة المسؤولة عن هجمات سبتمبر 19 شخصا من "تنظيم القاعدة"، بينهم 15 سعوديا، إلا أن الروابط المحتملة بين الحكومة السعودية والإرهابيين ظلت محل تساؤلات لسنوات.

ونفت السعودية أي تورط حكومي في الهجمات.

ولطالما قالت الولايات المتحدة إن الرياض لم يكن له أي دور وإن "تنظيم القاعدة" تصرف بمفرده.

وفي 2016، أصدر الكونغرس تشريع "العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي سمح لأسر ضحايا الهجمات بمقاضاة السعودية، وهو ما مهد الطريق أمام مطالبات قضائية عدة من عائلات الضحايا بالحصول على تعويضات من المملكة.

وتنتظر عائلات الضحايا قرارا من قاضي المحكمة الجزئية في مانهاتن، جورج دانيلز، بشأن ما إذا كان بالإمكان المضي قدما في القضية، وهو ما قد يفتح المجال أمام ظهور المزيد من الأدلة، وفق "سي أن أن".

وفي جلسة يوليو، اتهم محامو أهالي الضحايا مواطنين سعوديين اثنين بأنها دعما اثنين من خاطفي الطائرات، وهما نواف الحازمي وخالد المحضار، بعد وصولهما إلى جنوب كاليفورنيا عام 2000.

وقالوا إن الدبلوماسي السعودي، فهد الثميري، الذي كان يعمل في القنصلية السعودية في لوس أنجلوس، كان جهة الاتصال الرئيسية بين "تنظيم القاعدة" والخاطفين الاثنين في لوس أنجلوس، وفقا لملفات المدعين أمام المحكمة.

وقالوا إن الثميري عمل مع سعودي آخر هو عمر البيومي، في دعم الخاطفين الاثنين أثناء وجودهما في كاليفورنيا، وفقا لملفات المحكمة.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد رفعت السرية عن مذكرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) في ديسمبر 2021، كشفت عن شكوك قوية بشأن ارتباط السعودية رسميا بالخاطفين الذين نفّذوا اعتداءات 11 سبتمبر، لكنها لم تتمكن من تقديم الإثبات الذي كانت تنتظره العائلات التي تقاضي الرياض.

وكشفت المذكرة عن وجود ارتباطات بين البيومي، الذي كان حينها طالبا، ونواف الحازمي وخالد المحضار.

وساعد البيومي، الذي كان طالبا وعمل أيضا مع مقاول سعودي، الخاطفين عند وصولهما إلى البلاد، وفقا لتقرير لجنة 11 سبتمبر 2004. وذكر التقرير في ذلك الوقت أنه ساعدهما في العثور على شقة في سان دييغو وفتح حساب مصرفي ووقع على عقد إيجارهما.

وقد دعمت المعلومات التي أصدرها "أف بي آي" في وقت لاحق ادعاء المدعين بأن البيومي والثميري قاما بتنسيق شبكة الدعم في جنوب كاليفورنيا بتوجيه من مسؤولين سعوديين.

لكن تقرير عام 2004 قال إنه لم يجد أي دليل في ذلك الوقت على أن البيومي ساعد الخاطفين عن علم.

وأكدت المملكة أن البيومي كان طالبا وكان يتردد على مسجد في سان دييغو، وساعد بدون علم الخاطفين باعتبارهم قادمين جدد لا يجيدون الإنكليزية.

وفي جلسة الاستماع في يوليو، أثناء مناقشة اقتراح إسقاط الدعوى، ركز مايكل كيلوج، محامي السعودية، بشكل كبير على البيومي، قائلا إن أي مساعدة قدمها للخاطفين كانت "محدودة وبريئة تماما".

وتشير الأدلة التي أعدها محامو المدعين إلى أن البيومي التقى بمسؤول دبلوماسي سعودي في القنصلية قبل لقاء الخاطفين لأول مرة في مطعم في لوس أنجلوس، بعد أسبوعين من وصولهما إلى كاليفورنيا. وساعد البيومي في تسهيل انتقال الخاطفين من لوس أنجلوس إلى سان دييغو في غضون أيام من ذلك الاجتماع.

ويقول محامو المملكة إن البيومي التقى بالخاطفين بالصدفة في مطعم حلال بالقرب من مسجد معروف وكانت اتصالاته بهما "محدودة".

وقال محامي المملكة أيضا إنه لا يوجد دليل على أن الثميري فعل أي شيء لمساعدتهما، لكن محامي عائلات 11 سبتمبر قدم نتائج مكتب التحقيقات الفيدرالي التي تفيد بأن الثميري كلف أحد المصلين في المسجد باستلام الخاطفين من المطار، وإحضارهما إليه عندما وصلا لأول مرة إلى لوس أنجلوس، في منتصف يناير 2000.

وفي إفادة عن بعد تم إجراؤها في هذه الدعوى القضائية في عام 2021، أقر البيومي بأنه ساعد الخاطفين على الاستقرار في سان دييغو بدون علم بنواياهم، وقال إنه لم يكن متورطا في الهجمات.

وتضمنت الأدلة المعروضة البيومي وهو يلتقط صورا في واشنطن العاصمة، على مدار عدة أيام في عام 1999، وقال المدعون إنها قام بالتقاط الصور بغية معرفة مداخل وخارج مبنى الكابيتول.

ولطالما اعتقد المسؤولون أن الكابيتول ربما كان الهدف الأصلي للطائرة التي تحطمت في بنسلفانيا.

من جانبهم، قال محامو المملكة ان البيومي كان مجرد سائح في إجازة عندما صور جولته في الكابيتول وزيارته لمسؤولي السفارة السعودية.

وفي الجلسة، شاهد القاضي دانييلز فيديو لجولته، ويسمع في الفيديو البيومي وهو يقول: "هؤلاء هم شياطين البيت الأبيض". ووصف محامي السعودية اللغة التي استخدمها بأنها "مؤسفة"، لكنه قال إنها أُخرجت عن سياقها. ورد القاضي بأن العبارة لا تتوافق مع سائح يزور "مبنى جميلا".

وتحدث أهالي الضحايا عن اتصالات هاتفية متكررة بين البيومي ومسؤولين سعوديين، خاصة خلال فترة مساعدته الحازمي والمحضار، وتحدثوا عن دفتر مكتوب يحتوي على معلومات اتصال لأكثر من 100 مسؤول حكومي سعودي.

وقال محامو المملكة إن وجود جهات الاتصالات هذه مرتبطة بدوره التطوعي في المسجد.

وبعد انتهاء جلسة الاستماع، أعلنت وزارة الدفاع عن صفقة إقرار بالذنب مع العقل المدبر المزعوم للهجمات، خالد شيخ محمد، واثنين آخرين من المعتقلين الآخرين معه في سجن غوانتانامو. ووافق هؤلاء على الاعتراف بالذنب بتهم التآمر مقابل الحكم عليهم بالسجن المؤبد.

وأثار إعلان صفقة الإقرار بالذنب ردود فعل قوية من أسر الضحايا بعد خروجهم من جلسة الاستماع.

وبعد يومين فقط، ألغى وزير الدفاع، لويد أوستن، صفقة الإقرار بالذنب في مذكرة مفاجئة وكتب أن "المسؤولية عن مثل هذا القرار يجب أن تقع على عاتقي".

وإلغاء الصفقة يعني إعادة "عقوبة الإعدام" لتصبح مطروحة مرة أخرى بحق هؤلاء.

لكن القضية أثارت جدلا قانونيا. ويقول محامون إن قرار أوستن غير قانوني.

ووسط هذا الجدل، تأمل أسر الضحايا أن تجلب لهم الدعوى القضائية المرفوعة على السعودية "العدالة التي كانوا يسعون إليها لأكثر من 20 عاما".