صنعاء- بقلم غمدان الدقيمي:
تلقي كل جماعة من جماعات الإسلام السياسي الشيعي والسني في اليمن باللائمة على الجماعة الأخرى، في إذكاء التطرف الديني والمذهبي، وتصاعد نفوذ التنظيمات الإرهابية من قبيل “القاعدة وداعش”.
ويذهب أحمد الأمير، وهو شاب يمني في منتصف العقد الثالث من العمر، إلى أن حزب التجمع اليمني للإصلاح، الذراع المحلي لجماعة الإخوان المسلمين في اليمن، ليس سوى “مصنع لإنتاج المتطرفين في البلاد”.
يقول الأمير، الذي ينتمي لجماعة الحوثيين الشيعية الموالية لإيران، لموقع (إرفع صوتك)، “القاعدة وداعش مخرجات الإخوان المسلمين في اليمن، وبالتالي نحن نقاتلهم منذ أكثر من عام ونصف”.
استفزاز
هذه الاتهامات استفزت همام علي، وهو عضو في حزب تجمع الإصلاح، ذو المرجعية السنية، وثاني أكبر الأحزاب اليمنية تمثيلاً في البرلمان، الذي كان يقف على مسافة غير بعيدة من أحمد الامير، الذي كان يتحدث إلى صديق له في شارع الدائري غربي العاصمة صنعاء. قال همام “هذا الكلام غير صحيح”.
وأضاف لموقع (إرفع صوتك) أنها مجرد “مماحكات لتبرير الحرب التي يخوضها الحوثيون”.
واتهم الحوثيين بأنهم “أساس الإرهاب”، وقال إنّه “من الصعب إقناعهم بأن عدونا واحد، هو تنظيم القاعدة”.
وتعكس هذه التعليقات حدة الخلافات المذهبية المتصاعدة في أوساط المجتمع اليمني، ما يعقد من مهمة توحيد الجهود في جبهة الحرب ضد التنظيمات الإرهابية في البلد العربي الفقير الذي يشهد نزاعاً مستمراً منذ قرابة 19 شهراً.
استبعاد
عبد الله الأغبري، 29 عاما، يعمل مهندس ديكور في صنعاء، قال لموقع (إرفع صوتك) إن “القاعدة وداعش لا يمثلون السنة على الإطلاق”.
واستبعد الشاب السني أي بوادر اتفاق بين السنة والشيعة للحرب ضد الإرهاب، قائلاً إن “الجماعات السنية المعتدلة في اليمن تتستر على التنظيمات الإرهابية التي خرجت من رحمها، والحوثيون (الشيعة) يصنفون كل من يخالفهم في الرأي بأنه داعشي”.
وفوق ذلك يبدي الأغبري، قلقاً كبيراً من تصاعد الحرب المذهبية في البلاد، "يغذيها التدخل الاقليمي والدولي، خصوصاً من السعودية وإيران".
محبط
“كلما أمر بسيارتي من نقطة أمنية بصنعاء فيها مسلحون حوثيون أو جنود موالون للرئيس السابق، ألاحظ أنهم ينظرون إلي كإرهابي”، يقول لموقع (إرفع صوتك)، أكاديمي يمني يعمل في جامعة صنعاء، فضل عدم ذكر اسمه لأسباب تخص أمنه الشخصي.
ويعتبر الأكاديمي ذو اللحية الكثيفة، تصنيف كل سني أو صاحب لحية بأنه إرهابي “أمر محبط وخطير”، وتابع “داعش في اليمن هم نسخة من القاعدة وكلاهما موظفان لدى قيادة النظام السابق، يحركهم متى أراد وكالمثل تفعل السعودية”.
ورغم ذلك يرى الأكاديمي الخمسيني أن الحديث عن طائفة شيعية مؤثرة في اليمن “أمر مبالغ فيه”، مضيفا “بإمكانك أن تسأل أي مسلح حوثي في الشارع وستجده يجهل تماماً أمور الشيعة، لكن يوجد من الحوثيين من يمثلون الشيعة فعلاً”.
تمزيق النسيج
وفي السياق يقول طارق غيلان، 26 عاما، إن “الحرب الدائرة في اليمن هي حرب ذات بعد غير وطني، وتسببت في تمزيق النسيج الاجتماعي وتقسيم المجتمع على أساس مذهبي”.
لكن غيلان يرجع كل ما يحدث في اليمن إلى “غياب العدالة” ويعتقد أنه في حال وجود دولة النظام والقانون ستنضوي فيها كافة الجماعات المتحاربة، و“ستكون الدولة هي الجهة المخولة الوحيدة في الحرب ضد الإرهاب”.
واعتبر أنه من المعيب أن “نعطي الشيعة والسنة الصدارة ليكونوا بدلاً عن الدولة كما هو قائم حالياً”.
جبهة مشتركة
من جهته، يرى الخبير في شؤون تنظيم القاعدة سعيد عبيد الجمحي أن الحرب على القاعدة وداعش “لم توحد السنة والشيعة، لا في اليمن، ولا غيرها”.
وقال “بالرغم من أن كلا الطرفين يعلنان عداواتهما للتنظيم، إلا أن مشكلة التطرف في نظرهما مختلفة، حيث يتهم كل طرف الآخر بأنه سبب في تأجيج التطرف، بينما يستغل الإرهابيون، هذه الخلافات لتحقيق مزيد من التفكك والعداء بين الشيعة والسنة”.
وأضاف الجمحي لموقع (إرفع صوتك) “من الخطأ توجيه المسؤولية إلى أي من المذهبين، السني والشيعي، وتحميل أحدهما دون الآخر تبعات التطرف”.
وأشار إلى أنه على الرغم من أن القاعدة وداعش، ينطلقان من الفكر السني، “لكن على الواقع، نرصد أن الضحايا من السنة، أكثر بكثير من ضحايا الشيعة”.
ويعتقد الجمحي أن “هناك قوى كبرى -من غير المسلمين- عملت على تأجيج الاقتتال بين السنة والشيعة، كما لعبت مواقف الدولتين الكبيرتين، اللتين تمثلان السنة والشيعة دوراً في تعميق الخلافات بين المذهبين”، في إشارة إلى السعودية وإيران.
ويؤكد الجمحي الحاجة الملحة لقيام جبهة مشتركة لمواجهة التطرف “رغم أن هذا أمر أقرب للمستحيل”، على حد تعبيره.
*الصورة: "من الخطأ توجيه المسؤولية إلى أي من المذهبين"/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659